قال النووي الشافعي رحمه الله (ت676هـ) في المنهاج (وهو عمدة في مذهب الشافعية) :"ويحرم نظر فحل بالغ إلى عورة حرة كبيرة أجنبية وكذا وجهها وكفها عند خوف الفتنة (قال الرملي في شرحه : إجماعاً) وكذا عند الأمن على الصحيح ".
قال ابن شهاب الدين الرملي رحمه الله (ت1004هـ) في شرحه لكلام النووي السابق :" و وجهه الإمام (وهو الجويني) : باتفاق المسلمين على منع النساء أن يخرجن سافرات الوجوه، وبأن النظر مظنة الفتنة، و محرك للشهوة.. وحيث قيل بالتحريم وهو الراجح : حرم النظر إلى المنتقبة التي لا يبين منها غير عينيها و محاجرها كما بحثه الأذرعي، و لاسيما إذا كانت جميلة، فكم في المحاجر من خناجر "اهـ (نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج في الفقه على مذهب الشافعي 6/187ـ188).
قال ابن حجر الهيتمي الشافعي (تـ974هـ) وهو يرى استحباب ستر المرأة وجهها ولا يرى الوجوب إلا أنه قال :"مَنْ تَحَقَّقَتْ نَظَرَ أَجْنَبِيٍّ لَهَا يَلْزَمُهَا سَتْرُ وَجْهِهَا عَنْهُ وَإِلَّا كَانَتْ مُعِينَةً لَهُ عَلَى حَرَامٍ فَتَأْثَمُ"اهـ. (تحفة المحتاج في شرح المنهاج 7/193).
وعليه فإن كشف أكثر النساء اليوم لوجوههن أمر محرم باتفاق العلماء ؛ لكونها كاشفة عن مقدمة الرأس والشعر، أو لأنها قد وضعت زينة في وجهها أويديها ؛ كالكحل أو الحمرة في الوجه، أو الخاتم أو الحناء في اليد.
فمحل الخلاف إذاً بين العلماء هو الوجه واليدين فقط، إذا لم يكن فيهما زينة، ولم يكن في كشفهما فتنة، ولم يكن الخمار زينة في نفسه. واختلفوا على قولين : الوجوب والاستحباب. فالقائلون بأن وجه المرأة عورة قالوا بوجوب التغطية، والقائلون بأن وجه المرأة ليس بعورة قالوا يستحب تغطيته.
ولم يقل أحد من أهل العلم إن المرأة يجب عليها كشف وجهها، أو أنه الأفضل إلا المنافقين، ودعاة الفتنة، ومرضى القلوب، الذين يريدون الدخول من خلاف العلماء إلى الدعوة إلى التبرج والسفور وعلمنة المجتمعات المسلمة وإفسادها.