[abdelmalik]

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لاحظوا كلام الله في الحديث القدسي ( لا تفكروا في ذاتي فتهلكوا)، فقد يكون المقصود به الهلاك في الدنيا او في الآخرة او هما معا، على العموم في جميع الحالات فإن التفكر في ذات الله يجعل الشياطين تتقوى على الانسان وعلى عقله لأنه فتح لها مجالا واسعا، وهنا يكون قد خسر الدنيا لكونه جعل الشيطان يستحوذ على تفكيره ويتحكم في تصرفاته، وعليه سيخسر الآخرة ايضا لأن تلك الشياطين ستحاول ان تبعده عن منهج الله. فكما قلت سابقا الشياطين تحضر عند ممارسة البدع والشركيات أكثر من حضورها عند ارتكاب المعاصي، وحتى إن حضرت بشكل مماثل فان تاثيرها لا يكون بمثل قوة تاثيرها عند تلك الممارسات التي ما انزل الله بها من سلطان. اعطيكم مثلا ان ارتكب شخص ما الزنا والعياذ بالله رغم أنها كبيرة لكن المرء بمجرد الندم والتوبة إلى الله وكثرة الاستغفار يضعف تاثير الشياطين عليه، عكس من كان يمارس البدع والشركيات فحتى وان تاب ورجع إلى الحق فانه يحتاج إلى مجاهدة كبيرة والالتجاء الكلي الى الله حتى يحميه ويبعد عنه التأثير الخطير لوسوسة الشياطين التي استجلبها لنفسه وجعلها تتحكم في عقله بسبب ممارسته لتلك البدع والشركيات، خاصة وأنه من اهم شروط التأمل التركيز الشديد، وهنا مكمن الخطر لانه يجب على الصوفي التركيز على ذات الله مما يسمح للشياطين بالتلاعب بعقله وهنا يتجلى الهلاك الذي اشار إليه الله عز وجل في الحديث القدسي، وذلك لكونه يفتح الباب على مصراعيه على الشياطين ويسمح لها بالتحكم بأفكاره وخيالاته، واصلا من الشروط المهمة التي تسمح للصوفي بولوج تلك العوالم هي ان يتقن فن التركيز اثناء تامله، هذا شرط اساسي وضروري جدا للتمكن من زيارة تلك العوالم. وبالمناسبة ليس شرطا أن يتمكن الصوفي فعلا من دخول تلك العوالم وإنما قد تكون عبارة فقط عن أوهام وخيالات، لأن الصوفي اثناء تامله وتركيزه فتح بوابة للشياطين وسمح لها برضاه ان تسيطر على عقله وتتحكم في أفكاره، وبالتالي تجعله يتخيل مثلا أنه متواجد في عالم آخر او انه يسبح في عالم الملكوت، وهذا واحد من معاني إشارة الله عز جل في الحديث القدسي الى الهلاك والله اعلم