(بين يدي الحج)
فتاوى فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله
الإدارة الشرعية
س 101: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى- هل يجوز لمن اشترك في الجمعية الشهرية أن يحج بالمال الذي أخذه منها، علماً بأنه أول من استلمها؟
فأجاب فضيلته بقوله: الجمعية أن يتفق الموظفون على أن يخصم كل واحد منهم من راتبه ألف ريال مثلاً، وتعطى للأول، وفي الشهر الثاني للثاني، وفي الشهر الثالث للثالث، وهلم جرا.
فهذا جائز ولا بأس به، فإذا صار الإنسان أول من أخذ، فمعناه أنه لزمه دين بما أخذ، ولكن لا بأس بأن يحج بهذا المال، لأنه يمكن قضاء هذا الدين، ويعرف أنه متى حلَّ هذا الدين الذي أوفاه.
س 102: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: بعض من الناس يأخذ سلفيات من الشركة التي يعمل بها يتم خصمها من راتبه بالتقسيط ليذهب إلى الحج، فما رأيكم في هذا الأمر؟
فأجاب فضيلته بقوله: الذي أراه أنه لا يفعل؟ لأن الإنسان لا يجب عليه الحج إذا كان عليه في ين. فكيف إذا استدان ليحج؟ فلا أرى أن يستدين ليحج؛ لأن الحج في هذه الحال ليس واجباً عليه. والذي ينبغي له أن يقبل رخصة الله سبحانه وتعالى وسعة رحمته، ولا يكلف نفسه ديناً، لا يدري هل يقضيه أم لا؟ ربما يموت ولا يقضيه. فيبقى في ذمته.
س 103: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: أنا طالب قد بلغت وليس لي مال خاص بي- فهل أطلب من والدي المال لأحج الآن أم أنتظر لحين تخرجي وعملي لأحج بمالي الخاص مع أن ذلك سيطول. فبماذا تنصحونني؟
فأجاب فضيلته بقوله: الحج لا يجب على الإنسان إذا لم يكن عنده مال، حتى وإن كان أبوه غنياً، ولا يلزمه أن يسأل أباه أن يعطيه ما يحج به، بل إن العلماء يقولون: لو أن أباك أعطاك مالاً لتحج به، لم يلزمك قبوله، ولك أن ترفضه وتقول: أنا لا أريد الحج، والحج ليس واجباً عليّ. وبعض العلماء يقول: إذا أعطاك إنسان- الأب أو الأخ الشقيق- مالاً لتحج به فإنه يجب عليك أن تأخذه وتحج به، أما لو أعطاك المال شخص آخر تخشى أن يمن به عليك يوماً من الدهر فإنه لا يلزمك أن تأخذه وتحج به، وهذا القول هو الصحيح.
س 104: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: إنسان أعطاه شخص مالاً ليؤدي به الفريضة، فهل يلزمه أن يقبل هذا المال ويؤدي به الفريضة؟
فأجاب فضيلته بقوله: لا يلزمه، وله أن يرده خشية المنة - أي يمن عليه الذي أعطاه مالاً يحج به- حيث لم يجب عليه الحج لعدم الاستطاعة.
أما إذا كان الذي أعطاه المال أباه أو أخاه الشقيق فهنا نقول: خذ المال وحج به؟ لأن أباك لا يمن عليك، والشقيق لا يمن عليك.
وعلى هذا نقول للأخ: انتظر حتى يغنيك الله- عز وجل- وتحج من مالك؟ ولست بآثم إذا تأخرت عن الحج.
س 105: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: لزوجتي عندي مبلغ من المال وأريد أن أؤدي الحج منه فهل يجوز لي ذلك؟
فأجاب فضيلته بقوله: إذا أذنت لك في هذا أي زوجتك بأن تحج من مالها الذي عندك لها فلا حرج عليك في هذا، ولكن إن خفت أن يكون عليك في ذلك غضاضة، وأن تمن عليك به في المستقبل وأن ترى لنفسها مرتبة فوقك من أجل هذا فلا تفعل، فإنه لا ينبغي للإنسان أن يذل نفسه لأحد إلا لله عز وجل.
س 106: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: أن شخصاً اشترى بيتاً، أو أرضاً، أو سيارة تقسيطاً فهل يجوز له أداء الحج أو العمرة؟ علماً أنه بالإمكان تسديد الأقساط من راتبه دون أن يمتد لسلف أو غيره؟
فأجاب فضيلته بقوله: لا ينبغي أن يحج قبل قضاء الدين، وما يدريه فلعله لا يتمكن من أداء دينه في المستقبل لموت أو غيره؟ وأما الجواز فيجوز أن يحج إذا كان له ما يوفيه حاضراً بشرط أن يوثق المدين برهن يكفي، أو ضامن ملي.
س 107: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: إذا كان الرجل مكسبه حرام ثم حج بابنته أو ولده الفرض فهل يقبل منهما أم عليهما إعادة الحج؟
فأجاب فضيلته بقوله: إذا تيقن أن المال الذي حج به من المال المحرم، وكان عالماً بأن الحج بالمال المغصوب باطل ولم يكن ناسياً حين حج منه فالحج باطل على المشهور من المذهب، وإن اختل شرط من هذه الشروط فالحج صحيح، فلو كان المحجوج به لا يدري عن المال، أو لا يعلم أن الحج بالحرام باطل فحجه صحيح.
مع أن بعض العلماء يرى أن الحج صحيح حتى مع وجود الشروط المذكورة، والله أعلم.
س 108: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: عمن عليه قروض طويلة الأمد وهو يؤدي هذه القروض فهل له أن يتصدق وأن يحج؟
فأجاب فضيلته بقوله: من عليه قروض مؤجلة وهو واثق من نفسه إذا حل الأجل أوفى فلا بأس أن يتصدق، ولا بأس أن يحج أيضاً بما عنده من المال، لأنه لا ضرر على الغريم في هذه الحال، ولأنه لا ينتفع الغريم بما عنده من المال الآن.
س 109: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: إذا جمع شخص أموالاً كثيرة من تجارة في أشياء محرمة ثم تاب إلى الله، فهل يجوز له أن يحج من ذلك المال، أو يتصدق منه، أو يتزوج منه، أو يبني منه مسجداً لله؟
فأجاب فضيلته بقوله: كل من كسب كسباً على وجه محرم فإن هذا الكسب لا يحل له، ويجب عليه التخلص منه، وذلك بأن يرده إلى أصحابه إن كان في أصله حلالاً ولكن أخذه بطريق محرم، فإن كان محرماً فإنه يتصدق منه أو يبني به مسجداً أو ما أشبه ذلك من طرق الخير، ولكن لا بنية التقرب إلى الله لأن ذلك لا يفيده، فإن من تقرب إلى الله بكسب محرم لم يقبله الله منه، لأن الله طيب لا يقبل إلا طيباً ولا تبرأ ذمته منه أيضاً، لأنه لم يرد الخلاص بهذه الصدقة منه، ولكن على من اكتسب مالاً محرماً وتاب إلى الله عليه أن يبذله فيمن يرضى الله سبحانه وتعالى تخلصاً منه لا تقرباً به وبهذا تبرأ ذمته.
س 110: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: إدْا تبرع الكافر بدراهم لمسلم ليحج بها فهل للمسلم المحتاج أن يحج بها الفرض؟
فأجاب فضيلته بقوله: نعم له أن يحج بها الفرض والنفل، لأن الحج وقع ممن يصح منه.
س 111 سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: إنني أريد أن أحج لكن عليّ سلفة وعندي قطعة أرض أريد أن أبنيها بيتاً. هل أحج أم أعطي السلفة أم أبني البيت؟
فأجاب فضيلته بقوله: إذا كنت قد أديت الفرض وكانت هذه الحجة تطوعاً فاقض الدين أولاً، فالدين واجب، وحج التطوع ليس بواجب، والواجب مقدم على غيره، وأما إذا كان الحج فرضاً فإنه لا يجب عليك الحج أيضاً حتى تقضي دينك، لأن الله تعالى يقول: (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا) [سورة آل عمران: 197] وإذا كان عليك دين فأنت غير مستطيع، لذلك فاقض دينك أولا ثم حج.
س 112: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: سائل يسكن مع أخيه منذ سبع سنوات، لم يجد منزلاً مع عائلته يستقل فيه، جاء إلى المملكة فأعطاه والد كفيله ألفي ريال ليحج فحج، ولكنه لم يعمل بعد الحج ليرد السلف، وهو متضايق نفسياً، ويفكر في الخلاص من واقعه، ولكنه يخاف الله، ثم يخشى من جعل أولاده أيتاماً. أرجو من فضيلتكم حل مشكلتي وجزاكم الله خيراً؟
فأجاب فضيلته بقوله: لا يحل لك بأي حال من الأحوال أن تعدم نفسك وتقتلها، فإن هذا لا يزيدك إلا شراً ووبالاً، ومن قتل نفسه بشيء عذب به في نار جهنم خالداً فيها مخلداً- والعياذ بالله- وعليك أن تصبر على أقدار الله، وتحتسب الأجر من الله تبارك وتعالى، وتنتظر الفرج منه سبحانه، وقد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "واعلم أن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسراً" . واسأل الله تعالى دائماً التيسير، وأن يفرج همومك، وأن يرزقك ما توفي به هذا الرجل الذي أحسن إليك وأقرضك.
وإن كان الذي ينبغي لك ألا تقترض لتحج، لأن الإنسان لا يجب عليه الحج إذا لم يجد ما يحج به، ولا ينبغي له أن يستلف ليحج فيلزم نفسه دينًا وهو في غنى عنه، وعلى صاحبك الذي أقرضك أن لا يطالبك ولا يطلبك إلا حيث يكون عندك مال تسدد به، وله في ذلك أجر عظيم. والله الموفق.
س 113: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: لقد أديت فريضة الحج في الموسم الفائت عام 1404 هـ، نيابة عن والدي المتوفى، ولكن النقود التي ذهبت بها لم تكن كلها مني، بل استلفت من أحد أصدقائي لأكمل مصاريف الحج، والسبب في ذلك أنني أعمل في مؤسسة، ولم أستطع الحصول على المبلغ الذي يكفيني، مع العلم أنه يوجد لدى المؤسسة مبلغ كبير لي فهل الحج جائز مع العلم أنني حججت عن نفسي سابقا؟
فأجاب فضيلته بقوله: الحج جائز فيما إذا استقرض الإنسان من أصحابه، إذا كان له وفاء، وهذا السائل يذكر أنه استقرض ما ينقصه من النفقة، حيث إنه له نقودًا في المؤسسة التي يعمل فيها، وعلى هذا فعمله جائز ولا بأس به.
س 114: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: إذا أراد الإنسان الحج وعليه دين فهل يجوز له الحج قبل تسديده؟
فأجاب فضيلته بقوله: والإنسان الذي عليه دين ليس بمستطيع وإذا لم يكن مستطيعاً: فالحج ليس واجباً عليه، والدين واجب عليه. والإنسان العاقل: لا يأتي بالشيء الذي ليس بواجب ويدع الشيء الواجب. بل العاقل يبدأ أولاً بالواجب ثم يأتي بغير الواجب فنقول: الدين يجب عليك أداؤه، وأما الحج فليس بفريضة عليك الآن ما دمت مدينا لا تقر على الوفاء، فاحمد الله على العافية ولا تحج، الدرهم أو الريال الذي تجعله في الحج، اجعله في قضاء الدين، لو قدر عليك: خمسمائة ألف، وأنك ستحج بخمسمائة ريال، نقول أوف شيء من الدين بخمسمائة ريال ولا تحج، أنت إذا أعطيت خمسمائة ريال من له عليك خمسمائة ألف، صار له عليك خمسمائة ألف إلا خمسمائة ريال، فنقص الدين، وهذه فائدة، نعم لو فرض أن المدين وجد من يحمله مجاناً، مثل أن يأتى إليه إنسان ويقول: حج معنا ساعدنا ونحن نقوم بنفقتك، ففي هذه الحالة حج لأنه لا يضر غرماءه شيئاً، أما إذا كان يريد أن يبذل المال فإننا نقول له: لا تحج واقض دينك، فهذا هو الأفضل لك.
س 115: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: هل يجوز للمرأة أن تسافر للحج من مال أخيها وزوجها موافق على سفرها؟
فأجاب فضيلته بقوله: نعم يجوز لها أن تحج بمال أخيها إذا وافق زوجها على السفر إلى الحج.
س 116: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: رجل ينوي أن يحج حج الفريضة وعليه ديون كثيرة يغلب على الظن بأنه إذا استأذن من أصحابها سوف يأذنون له، هو الآن يستطيع أن يوفر تكاليف الحج من مصاريف سفر ومأكل ومشرب وغير ذلك فهل يأثم إذا لم يستأذن من أصحاب الديون؟
فأجاب فضيلته بقوله: المسألة ليست مسألة استئذان أو عدم استئذان، المسألة أن الإنسان إذا كان عليه ديون فإنه لا يجب عليه الحج أصلاً، ولا حرج عليه أن يدعه، ولا ينبغي أن يحج وتبقى الديون عليه، حتى لو أذن له أهل الديون، وقالوا: حج وأنت منا في حل. فإننا نقول: لا تحج حتى تقضي الدين، احمد ربك أن الله عز وجل لم يوجب عليك الحج إلا بالاستطاعة التامة، والمدين ليس عنده استطاعة في الواقع، لأن ذمته مشغولة فلا يحج حتى يوفي الدين، سواء أذنوا له أو لا. وهو إذا لاقى ربه وهو لم يحج لأن عليه ديوناً فإنه لا يأثم بذلك، كما أن الفقير لا تجب عليه الزكاة ولا يأثم إذا لا قى ربه وهو لم يزك كذلك من لم يستطع الحج إذا لاقى ربه وهو لم يستطع فإنه يلقى ربه غير ملوم.
س 117: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: رجل في إحدى المؤسسات وقد درجت المؤسسة على إيفاد بعض عامليها كل عام إلى الحج على نفقتها ويتم اختيار هذه المجموعة حسب كبر السن ومدة الخدمة في المؤسسة، فهل يصح هذا الحج أم لا يصح؟
فأجاب فضيلته بقوله: يصح هذا الحج، ويجوز للإنسان أن يقبل التبرع له بأداء فريضة الحج من هذا المال، ومثل هذه المسألة التي ذكرها السائل لا يكون فيها في الغالب منة، لأنه نظام الشركة يذهب فيه فلان وفلان، أما لو كان التبرع لشخص معين، فهنا قد نقول: لا ينبغي أن تقبل هذا، لأنه يخشى أن يمن به عليك يوما من الدهر، فيقول: أنا الذي أعطيتك ما تؤدي به فريضة الحج وما أشبه ذلك، وعلى كل حال فمن قبل من إنسان تبرعاً ليؤدي به الحج فلا بأس به، لكن كما قلت إذا كان من شخص معين فالأولى أن لا تقبل، وإذا كان من شركة على وجه العموم والنظام لها فلا بأس.
س 118: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: رجل يملك مبلغاً من المال ولم يؤد فريضة الحج وعنده ابن شاب ليس لديه مال ليتزوج به لأنه ما زال يدرس، وقد خاف الأب على ابنه الفتنة والانحراف، ما هو الأفضل للأب أن يحج بهذا المال أم يزوج هذا الابن الشاب؟
فأجاب فضيلته بقوله: الواجب على الأب أن يحج بهذا المال، لأن الحج فريضة عليه، وحالة الابن ليست تتعلق بذات الأب، أما لو كان الأب نفسه يحتاج إلى نكاح ويخشى على نفسه إن لم يزوج وليس في يده إلا هذه الدراهم، فهو إما أن يحج بها وإما أن يتزوج فحينئذ نقول: قدم الزواج، لأن الزواج هنا يتعلق بنفس الرجل، ولا تعجب إذا قلت: إن الأب محتاج إلى الزواج وليس عنده هذه الدراهم، لأن هذا يقع كثيراً قد يكون الرجل قوي الشهوة لم تغنه المرأة الأولى، أو تكون المرأة الأولى قد ماتت أو طلقت فيحتاج إلى زوجة أخرى.
س 119: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: امرأة كانت في حاجة فدفع لها زكاة فهل لها أن تحج منها أم لا جزاكم الله خيراً؟
فأجاب فضيلته بقوله: نعم يجوز الحج بمال الزكاة وبمال الصدقة، ويجوز لآخذ الزكاة أن يهديها إلى من لا تحل له الزكاة بشرط أن يكون حين أخذه للزكاة من أهل الزكاة أي مستحق لها، وما جاء في السؤال فهو كذلك، أي أن المرأة أخذت هذه الأموال من الزكاة والصدقات وهي أهل لذلك ثم إن الله تعالى أغناها وأرادت أن تحج بما عندها من أموال الزكاة والصدقات، فنقول: لا بأس بهذا، لأن الفقير إذا أخذ الصدقة وهو من أهلها، أو الزكاة وهو من أهلها فإنه يملكها ملكاً تاماً يتصرف فيها بما يشاء.
س 120: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: هل يجوز لي أن أحج بمال والدي، علماً بأني لا أملك مالا؟
فأجاب فضيلته بقول: نعم يجوز للإنسان أن يحج بما يتبرع به أبوه، أو أخوه، أو ابنه، أو أحد من إخوانه الذين لا يلحقه منهم منة، فإن كان يخشى أن يلحقه منهم منة فإن الأولى أن لا يحج بشيء من ماله، لأن المنان يقطع عنق صاحبه بمنته عليه، كلما حصلت مناسبة قال: أنا الذي حججت بك. أنا الذي فعلت. فإذا أمن الإنسان من المنة عليه في المستقبل فلا حرج عليه أن يقبل من أحد من أقاربه، أو أصحابه أن يتبرع له بما يحج به.
س 121: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: رجل يعمل في شركة بالمملكة وصاحب هذه الشركة يقيم مخيمات للحج كل عام ويحج هذا الرجل وزوجته على نفقة صاحب العمل رغم أن حالته المادية ميسرة فهل يجوز هذا الحج أم لابد أن يكون الحج على نفقتنا أرجو الإفادة؟
فأجاب فضيلته بقوله: إذا أذن صاحب الشركة فإنه جائز.
س 122: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: امرأة تقول: إني حائرة جذا أديت فريضة الحج والحمد لله، ولكن الذي يحيرني ويوسوس لي بنقصان حجي، أنني لم أدفع للحملة أي تكاليف مالية، حيث قام بدفع ذلك أحد المحسنين، لأن راتب زوجي كان قليلاً وكنت أملك قليلاً من الذهب، وأخشى أن تكون حجتي ناقصة، لأني لم أقم ببيع هذا الذهب ودفعه لتلك الحملة؟
فأجاب فضيلته بقوله: أقول: الحج إن شاء الله ليس بناقص، وأرجو الله أن يكودن مقبولاً، ولا يلزمها أدن تبيع ذهبها لتحج، فأقول لهذه المرأة: اطمئني حجك صحيح مبرىء للذمة، وقد سقط عنك.
س 123: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: عمن عليه دين غير حال ويريد الحج فهل يحج؟
فأجاب فضيلته بقوله: لا حرج على الإنسان أن يحج وعليه دين إذا كان لم يحل، ولكننا نقول: الحج لا يجب عليك حتى تقضي الدين تيسيراً من الله عز وجل، فنقول للإنسان: أقض دينك أولاً، ثم حج ثانياً. والإنسان لو مات في هذا الحال فإنه لا إثم عليه.
س 124: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: أنا امرأة تزوجت قبل خمس عشرة سنة ولم أحج لظروف ويسر الله عز وجل لي في هذا السنة جاءتني صدقة مبلغ من المال وأنا لا أملك أجرة الحج، وهذا المبلغ من رجل معروف بالربا، والناس يعرفون ذلك عنه، فله بنوك ربوية، السؤال يا فضيلة الشيخ: هل أحج علماً بأنني لا أعلم عن هذا المال الذي أخذته هل هو من الربا أم من الحلال؟
وماذا أعمل علماً بأن أخي سوف يكون محرماً لي؟
فأجاب فضيلته بقوله: لا حرج على الإنسان إذا تصدق عليه أحد من المرابين أن يحج بما تصدق به عليه، ولا حرج عليه أن يقبل ما أهدي إليه، لأن ذنب الربا على صاحبه. أما الذي أخذه بطريق شرعي: بطريق الهبة، بطريق الصدقة. والدليل على هذا أن الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم قبل الهدية من اليهود، وأكل طعام اليهود، واشترى من اليهود، مع أن اليهود معروفون بالربا وأكل السحت، نعم لو فرضنا أن شخصاً سرق شاة من غنم رجل، وجاء وأهداها إليه، فهنا تحرم لأنك تعرف أن هذه الشاة ليس ملكا له، أما إذا كان يتعامل بالربا فإثمه على نفسه، ومن أخذ منه بطريق شرعي فهو مباح له، فنقول لهذه المرأة: لا حرج عليك أن تحجي بالمال الذي أعطاك إياه من كان معروفًا بالربا.
س 125: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: ما صحة ما ينسب إليكم من أن الرجل إذا كان عليه دين فاستأذن من صاحب الدين في الحج فلا حرج عليه؟
فأجاب فضيلته بقوله: هذا غير صحيح، والذي عليه الدين يجب أن يقضي الدين أولاً حتى لو أذن له الدائن أن يحج، فإنه لا يجب عليه الحج، لأنه إذا أذن له أن يحج هل يسقط الدين؟ لا يسقط إذا ليس في الإذن فائدة ولكن لو كان الإنسان عليه دين يسير، ويعلم أنه إذا جاء الراتب في نهاية شهر ذي الحجة فسوف يوفيه فحينئذ لا بأس، لأنه واثق من نفسه، أما الديون الكثيرة فمن الأولى أن يقضيها قبل أن يحج.
س 126: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: كنت مخصصاً مبلغًا من المال للحج وعليّ دين، ولكن هذا الدين مفتوح التسديد من قبل المدين، وفي هذا الشهر صرفت الفلوس على اعتبار أني سأعوضها قبل الحج، ولكن لم يتيسر لي المبلغ الآن مع العلم بأني لم أفرط، فهل ما فعلته من التفريط، وهل هناك فرق بين الدين الذي للوالد أو الوالدة أو الأجنبي؟
فأجاب فضيلته بقوله: نقول للأخ: الحج ليس فرضاً عليك. وأي إنسان عليه دين فالحج ليس فرضاً عليه، وليطمئن ويسترح باله، وليعلم أنه لو واجه ربه فإنه لا يعاقب، لأن الدين وفاءه أهم من الحج، فعلى الإنسان أن يحمد وبه على الرخصة وعلى التوسعة، فمثلاً لو كان الإنسان عنده ألف ريال يمكن أن يحج بها، لكن عليه ألف ريال، فنقول له: أوفي بها وحج بعد، لأن الحج الآن ليس فرضاً عليك، لقول الله تعالى: (مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا) [سورة آل عمران: 197] والإنسان يريد أن يبرىء ذمته من الناس، فاقبل رخصة الله، والله تعالى أكرم من الدائن، فالدائن سيؤذيك ويقول: أعطيني، لكن الله رخص لك وأذن لك أن لا تحج، ولم يفرض عليك الحج، فلماذا تذهب تحج وتدع الدين الذي عليك؟ إذا مات الإنسان والدين عليه من يوفيه، ليس عنده مال؟ ثم إذا كان عنده مال فإن بعض الورثة- والعياذ بالله- ظلمة لا يبالون ببقاء الدين في ذمة الميت؟ وقد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن نفس المدين معلقة بدينه حتى يقضى عنه فالمسألة خطيرة، ولهذا نقول لإخواننا الذين عليهم دين: إن الحج ليس فرضاً عليكم أصلاً، لأنكم لا تستطيعون، والله تعالى إنما فرض الحج على من استطاع إليه سبيلا، أرأيت الفقير هل عليه زكاة؟! ولو لاقى ربه على هذه الحال أيعاقب؟ لا، كذلك الذي عليه الدين فإنه ليس عليه الحج حتى يؤدي الدين، لكن لو فرض الإنسان أن عليه لكنه مؤجل ويحل مثلاً بعد شهرين، وهو موظف واثق أنه بعد الشهرين سوف يوفي، وبيده الآن مال، فيحج لأن هذا ليس عليه ضرر.
لو قال قائل: أنا عليَّ دين حال، وصاحب الدين أذن لي أن أحج، فهل يجب عليَّ أن أحج؟
فالجواب: لا يجب عليك الحج؟ لأنه وإن أذن لك فإنه لن يسقط شيئًا من دينك.
فإذا قال المدين: أنا أريد أن أصاحب رفقة مجاناً هل يلزمه الحج. لا يلزمه الحج، لأن هؤلاء الرفقة يمنون عليه في المستقبل، يقولون: نحن حججنا بك. هل هذا جزاؤنا مثلاً.
ثانيا: إذا قدر أن الرفقة من أهله ولا يمكن أن يمنوا عليه يوماً من الدهر، قلنا: ننظر إذا كان هذا المدين صاحب عمل ويحصل في أيام الحج، أجرة تنفع الدائنين، لكن لو ذهب يحج لم يحصل أجرة نقول له: تحج، فمثلاً لو قدرنا أن هذا الرجل يوميته ثلاثمائة ريال وهو سيحج في خلال عشرة أيام، فيفقد ثلاثة آلاف، وهذه تنفع الدائن، فنقول: لا تحج أما لو كان الرجل عاطلاً عن العمل ولو ذهب يحج لم يتعطل ولم يضر صاحب الدين، فحينئذ نقول: إذا وفق الله لك قوماً يحملونك مجاناً ولا يخشى من منتهم في المستقبل فتوكل على الله.
ولا فرق بين الدين الذي للوالد، أو للوالدة، أو الأجنبي، فالذمة مشغولة.
س 127: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: من دفع نفقة شخص لم يؤد الحج وهي فريضة فهل له مثل أجره وهل هو أفضل من أن ينيب من يحج عنه.
فأجاب فضيلته بقوله: نعم إن شاء الله له مثل أجر حجه، يعنى أجر حج فريضة، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من جهز غازياً فقد غزا" والحج نوع من الجهاد، وإعطاء هذا الفقير ليحج حج الفريضة أفضل من كونه يعطي الدراهم لشخص يحج عنه حجة نافلة، لأنه سيأتي أجر فريضة إلى أخيه لأداء ركن من أركان الإسلام عنه.
س 128: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: رجل لديه أبناء ذكور وإناث مكلفون وليس لديهم الاستطاعة المالية، فهل يلزم والدهم أن ينفق عليهم ما يكفيهم لأداء الحج؟ أم ينتظرون حتى يكون لديهم الاستطاعة بأنفسهم؟
فأجاب فضيلته بقوله: لا يلزم الوالد أن يحج بأولاده ولو كان عنده مال كثير، لأن هذا دين، فإن تحقق فيهم الشرط وهو الاستطاعة بأنفسهم وجب عليهم، لكن إن تطوع الأب وحج بهم فهذا طيب، وله أجر بلا شك، ولا يجب وربما نقول: يجب فيما لو حج ببعضهم وترك الآخرين. فنقول: يجب أن تحج بالآخرين، بناءً على وجوب العدل. فإذا سمح الآخرون وقالوا: يا والدنا إن شئت فحج بنا، وإن شئت فلا تحج. سقط عنه الوجوب.
س 129: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى: يطالبني البنك العقاري بأقساط كثيرة لم أسددها، وقد جاء تعميم جديد بأنه يمكن للشخص أن يسدد الأقساط الحاضرة، والباقي يؤجل إلى آخر الأقساط فهل أسدد الحاضر وأحج؟
فأجاب فضيلته بقوله: جزاهم الله خيراً هذا طيب وهو نظام جيد، فأقول: سدد الآن ما تستطيع مما مضى، ولكن لا تستدن من أحد لتسدد، لأن هذا الذي يستدين يكون كالمستجير من الرمضاء بالنار، فأد ما عليك بما تقدر عليه، وأبق الباقي إلى أجله، وإن كان في ظنك أنك ستوفي فحج ولا بأس، وإلا فلا تضيق على نفسك.
س 130: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: هل يجوز للإنسان أن يحج وهو عليه دين، وذلك الدين عبارة عن صبرة في البيت ولم يجد صاحب الصبرة فماذا يعمل؟ وهل يحج وهذا الدين في ذمته؟
فأجاب فضيلته بقوله: هذا يحج لأن صاحب الدين مجهول، ولكني أرى للأخ أن يذهب للقاضي ويعرض عليه المسألة، ويقول: ماذا أفعل بهذه الصبرة؟ أأجعلها في بيت المال؟
أأتصدق بها على الفقراء؟ أأجعلها في المساجد؟ حتى يبرىء ذمته منها وهو حي ولا يتهاون، فالأيام تمشي والأزمان تمضي، فلعل أجله قريب، فلينظر إلى نفسه قبل رمسه، وليذهب إلى القاضي غدا قبل اليوم الذي يليه ليخلص نفسه.
يتبع