عرض مشاركة واحدة
  #18  
قديم 27-06-2019, 03:27 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 162,416
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الفقه على المذاهب الأربعة ***متجدد إن شاء الله

الفقه على المذاهب الأربعة
المؤلف: عبد الرحمن بن محمد عوض الجزيري
الجزء الاول
[كتاب الطهارة]
صـــــ 79 الى صــــــــ
ـ84
الحلقة (18)


القسم الثالث:


من النواقض التي يترتب عليها الخروج من أحد السبيلين: المس باليد. وحكم هذا فيه تفصيل. وهو أنه لا يخلو إما أن يمس بها نفسه أو غيره. فإن مس غيره كان لامساً. تجري عليه أحكام اللمس المتقدمة. أما إن مس نفسه، فإن المعتاد في مثل ذلك أن الإنسان لا يلتذ بمس جزء من أجزاء بدنه. ولكن قد ورد في الحاديث ما يدل على أن من مس ذكر نفسه انتقض وضوءه. وورد في البعض الآخر أن ذلك المس لا ينقض الوضوء ولذا اختلفت المذاهب في ذلك فمن قال: إن مس ذكر الإنسان نفسه لا ينقض. استدل بأحاديث: منها ما رواه أصحاب السنن.
إلا ابن ماجة وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن رجل يمس ذكره في الصلاة فقال:

"هل هو إلا بضعة منك"، وهذا الحديث رواه ابن حبان أيضاً في "صحيحه" وقال الترمذي: إن هذا الحديث أحسن شيء يروى في هذا الباب: أما الذين قالوا: إن مس الذكر ينقض الوضوء، فقد استدلوا بأحاديث كثيرة:
منها قوله صلى الله عليه وسلم: "من مس ذكره فليتوضأ" وقد أجمع الأئمة الثلاثة على أن مس الذكر ينقض "وخالف الحنفية في ذلك فقط"، فقالوا: إنه لا ينقض، وإليك تفصيل مذهبهم (1)

(1) الحنفية قالوا: إن مس الذكر لا ينقض الوضوء، ولو كان بشهوة، سواء كان بباطن الكف، أو بباطن الأصابع، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءه رجل، كأنه بدوي، فقال: يا رسول الله، ما تقول في رجل مس ذكره في الصلاة؟ فقال: "هل هو إلا بضعة منك، أو مضغة منك؟ "، ولكنه يستحب منه الوضوء، خروجاً من خلاف العلماء، لأن العبادة المتفق عليها خير من العبادة المختلف فيها، بشرط أن لا يرتكب مكروه مذهبه.
هذا وقد حمل بعض الحنفية المس في قوله صلى الله عليه وسلم: "من مس ذكره فليتوضأ" على الوضوء اللغوي، وهو غسل اليدين، فيندب له أن يغسل يديه من المس عند إرادة الصلاة، وكذلك لا ينتقض الوضوء لمس أي جزء من أجزاء بدنه، فلو مس حلقه دبره، فإن وضوءه لا ينتقض، وكذا إذا مست المرأة قبلها، ولكن لو أدخل غصبعه أو شيئاً - كطرف حقنة - وغيبها انتقض وضوءه، لأنها تكون بمنزلة دخول شيء في الباطن، ثم خروجه، فإن أدخل بعضها، ولم يغيبه، فإن أخرجها مبتلة، أو بها رائحة انتقض وضوءه، وإلا فلا، وكذلك المرأة إذا وضعت إصبعها، أو قطنة ونحوها في قبلها، فإن خرج مبتلاً انتقض الوضوء، وإلا فلا.
المالكية قالوا: ينتقض الوضوء بمس الذكر بشروط: أن يمس ذكر نفسه المتصل به. فلو مسذكره غيره، كان لامساً، يجري عليه حكمه؛ وأن يكون بالغاً، ولو خنثى، فلا ينتقض وضوء الصبي بذلك المس؛ وأن يكون المس بدون حائل؛ وأن يكون المس بباطن الكف، أو جنبه؛ أو بباطن الأصابع، أو جنبها، أو برأس الإصبع، ولو كانت زائدة إن ساوت إحدى الأصابع الأصلية في الإحساس، والتصرف، فلا ينتقض إذا مسه بعضو آخر من أعضاء بدنه، كفخذه أو ذراعه، كما لا ينتقض إذا مسه بعود، أو من فوق حائل، وينتقض الوضوء بالمس المستكمل للشروط المذكورة، سواء التذ أولاً، وسواء كان عمداً أو نسياناً، ولا ينتقض بمس امرأة فرجها، ولو أدخلت فيه إصبعها. ولو التذت؛ ولا ينتقض بمس حلقة الدبر. ولا بإدخال إصبعه فيه على الراجح، وإن كان حراماً، إذا كان لغير حاجة، ولا ينتقض بمس موضع الجب - أي قطع الذكر - ولا بمس الخصيتين، ولا العانة، ولو تلذذ؛ أما مس دبر غيره، أو فرج امرأة؛ فإنه لمس يجري عليه حكم الملامسة.
الشافعية قالوا: ينتقض الوضوء بمس الذكر المتصل والمنفصل. إذا لم يتجزأ بعد الانفصال. فلا ينطلق عليه الاسم وينتقض بمس محل القطع، وإنما ينتقض ذلك المس بشروط منها عدم الحائل؛ ومنها أن يكون المس بباطن الكف أو الأصابع وباطن الكف أو الأصابع - هو ما يستتر عند انطباقهما بعضهما على بعض، مع ضغط خفيف - فلا ينتقض بالمس بحرف الكف، وأطراف الأصابع، وما بينهما.
هذا، والشافعية كالحنابلة لا يخصون المس بمس الشخص ذكر نفسه، وإنما يقولون: إن المس يتناول مس ذكر الغير، فلذا قالوا: إن مس الذكر ينقض الوضوء، سواء كان ذكر نفسه، أو ذكر غيره، ولو كان ذكر صغير، أو ميت، وإنما ينتقض وضوء الماء دون الممسوس، وكذا ينتقض وضوء المرأة إذا مست قبلها، كما ينتقض وضوء من مسه طبعاً، وحلقة الدبر لها حكيم الفرج عندهم: بخلاف الخصية، والعانة، فلا نقض بمسهما.
الحنابلة قالوا: ينتقض الوضوء بكل خارج نجس من سائر البدن، غير القبل والدبر، المتقدم حكمه، بشرط أن يكون كثيراً، والكثرة والقلة تعتبر في حق كل إنسان بحسبه، بمعنى أنه يراعى في تقدير ذلك حالة الجسم قوة وضعفاً، ونحافة وضخامة، فلو خرج دم مثلاً من نحيف، وكان كثيراً بالنسبة إلى جسده نقض، وإلا فلا، ومن ذلك القيء عندهم) .
****************************
القسم الرابع من النواقض بسبب الخارج من السبيلين: هو ما يخرج من بدن الإنسان من غير القبل، أو الدبر، كالقيح الذي يخرج من الدمل، أو الدم الذي يخرج بسبب ذلك، أو بسبب جرح، أو نحو ذلك، وكل نجس ينقض الوضوء؛ على تفصيل في المذاهب.وينتقض (1) الوضوء بالردة. فإذا ارتد المتوضئ عن دين الإسلام. انتقض وضوءه وقد


(1) الحنفية قالوا: إن الوضوء لا ينتقض بالردة، وإن كانت الردة محبطة لكثير من الأعمال الدينية، والتصرفات المالية، ونحو ذلك، مما بيناه في "الجزء الرابع" من هذا الكتاب فليرجع إليها من يشاء.
الشافعية قالوا: الردة لا تنقض الوضوء إذا ارتد وهو صحيح من مرض السلس ونحوه، أما المريض بالسلس، فإن وضوءه ينتقض بالردة، وذلك لأن طهارته ضعيفة
****************************** ***
يقع ذلك كثيراً من الجهلة الذين يستولي عليهم الغضب الشديد فيسبون الدّين. وينطقون بكلمات مكفرة، بدون مبالاة، ثم يندمون بعد ذلك، فهؤلاء ينتقض وضوءهم إذا كانوا متوضئين، ولا يخفى أن هذا بعض عقوبات الردة الهينة، إذ لو علم الناس أن الردة تحبط الأعمال وتبطلها، لضبطوا أنفسهم، وحفظوا ألسنتهم من النطق بكلمات تضر كثيراً، ولا تنفع في شيء ما.ولا ينتقض الوضوء بالقهقهة (1) في الصلاة، ولا بأكل لحم جزور - جمل أو قعود - ولا بتغسيل الميت (2)وكذا لا ينتقض الوضوء بالشك (3) في الحدث، ولذلك صورتان: الصورة الأولى: أن يتوضأ بيقين، ثم يشك، هل أحدثت بعد ذلك الوضوء أو لا، وهذا الشك لا ينقض وضوءه، لأنه شك في حصول الحدث بعد الوضوء، والشك لا يزيل يقين الطهارة؛ الصورة الثانية: أن يتوضأ بيقين، ويحدث بيقين، ولكنه يشك، هل توضأ قبل الحدث، فيكون وضوءه قد انتقض بالحدث، أو توضأ بعد الحدث، فيكون وضوءه باقياً، وتحت هذه الصورة أمران: الأول: أن


(1) الحنفية قالوا: القهقهة في الصلاة تنقض الوضوء وقد وردت في ذلك أحاديث: منها ما رواه الطبراني عن أبي موسى، قال: بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بالناس، إذ دخل رجل فتردى في حفرة كانت في المسجد - وكان في بصره ضرر - فضحك كثير من القوم، وهم في الصلاة، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم من ضحك أن يعيد الوضوء، ويعيد الصلاة، والقهقهة، بخلاف ما إذا ضحك بصوت يسمعه هو وحده، ولا يسمعه من بجواره فإن وضوءه لا ينتقض بذلك بل تبطل به الصلاة، وإنما ينتقض الوضوء بالقهقهة إذا كان المصلي بالغاً، ذكراً كان، أو امرأة، عامداً كان أو ناسياً؛ أما إذا كان صبياً، فإن وضوءه لا ينتقض بالقهقهة، ويشترط أيضاً أن تقع القهقهة في صلاة ذات ركوع وسجود، فإن كان في سجود تلاوة ونحوه، وقهقهة بطل سجوده، ولم ينتقض.
وإذا تعمد الخروج من الصلاة بالقهقهة بدل السلام انتقض وضوءه، وصحت صلاته، لأن الخروج من الصلاة يحصل عندهم بغير السلام، كما سيأتي، ومع هذا فإنه يكون قد أساء الأدب حال مناجاة ربه، وترك واجب السلام، كما ستعرفه في "كتاب الصلاة"
(2) الحنابلة قالوا: ينتقض الوضوء بأكل لحم الجزور، وبتغسيل الميت) .
(3) المالكية قالوا: ينتقض الوضوء بالشك في الحدث، أو سببه، كأنه يشك بعد تحقق الوضوء، هل خرج منه ريح، أو مس ذكره مثلاً أولا، أو شك بعد تحقق الناقض هل توضأ أو لا، أوشك بعد تحقق الناقض، والوضوء هل السابق الناقض، أو الوضوء، فكل ذلك ينقض الوضوء، لأن الذمة لا تبرأ إلا باليقين، والشاك لا يقين عنده
***********************

يتذكر قبل ذلك الوضوء والحدث الذي شك فيهما، ولم يدر أيهما حصل أولاً، فإن تذكر أنه كان محدثاً قبل ذلك، اعتبر متوضئاً، لأنه ثبت أنه توضأ بعد الحدث الأول بيقين، وشك في أنه أحدث ثانياً أو لا، قد عرفت أن الشك عند الحنفية لا يضر، مثال ذلك أن يتوضأ بعد الظهر بيقين، ويحدث بيقين، ولكنه يشك في هل الحدث الناقض وقع أولاً، فيكون الوضوء باقياً، أو الوضوء حصل أولاً، فيكون الوضوء منتقضاً بالحدث، وفي هذه الحالة ينظر إلى ما كان عليه قبل الظهر، فإن تذكر أنه كان محدثاً قبل الظهر، فإنه يعتبر متطهراً بعده، وذلك لأنه تيقن الحدث الأول الواقع منه قبل الظهر، هل وقع قبل الوضوء، أو بعده؟ والشك لا يرفع الحدث فيكون متوضئاً؛ الأمر الثاني: أن يتذكر أنه كان متوضئاً قبل الظهر، ثم توضأ بعده وأحدث، وفي هذه الحالة تفصيل، وهو إن كان من عادته تجديد الوضوء (1) فإنه يعتبر بعد الفجر محدثاً بيقين، لأنه كان متوضئاً قبله بيقين، ثم جدد الوضوء بعده، وأحدث، ولا يدري أيهما السابق فلا يعتبر شاكاً في نقض الوضوء، لأنه كان متوضئاً أولاً بيقين، ثم أحدث بيقين، ووضوءه الثاني يعتبر تجديداً للوضوء الأول الذي وقع بعد الحدث بيقين، فلا يكون تجديد الوضوء رفعاً للحدث المتيقن، أما إذا لم يكن من عادته الوضوء، فإنه يعتبر متطهراً، لأن طهارته الثانية ترفع الحدث المشكوك فيه.هذا كله إذا شك في الوضوء بعد تمامه، أما إذا شك أثناء الوضوء في عضو، فإن عليه أن يعيد تطهير العضو الذي شك فيه.ولا يخفى أن هذه الدقائق العلمية، ذكرناها لما عساها أن ينتفع بها طلبة العلم، أما العامة فليس من الضروري أن يعرفوا مثل هذه الدقائق إلا في الأحوال الضرورية، كما إذا كان شخص في جهة يقل فيها الماء أو كان يصعب عليه إعادة الوضوء لكبر، أو ضعف، أو برد، وكان في حالة لا يباح له فيها التيمم: أو نحو ذلك، فلم يقصر العلماء في بيان حكم من الأحكام، سواء كان ينتفع به الجمهر، أو بعضهم.


(1) الحنابلة قالوا: يعمل بضد حالته الأولى، ولو كان من عادته تجديد الوضوء) .
*************************
[مباحث الاستنجاء، وآداب قضاء الحاجة]قد عرفت مما قدمناه لك في نواقض الوضوء، أن الوضوء ينتقض بالبول، والغائط، والمذي والودي باتفاق، ولا يكفي في خروج شيء من هذه مجرد الوضوء مع تلوث أحد المخرجين به، بل لا بد من تجفيف المحل الذي خرج منه ذلك الأذى وتنظيفه، فلهذا كان من الحسن أن نضع هذا المبحث عقب نواقض الوضوء، لأنه جزء منها، وأركان الاستنجاء أربعة: مستنج، وهو الشخص ومستنجى منه، وهو الخارج النجس الذي يلوث القبل أو الدبر؛ ومستنجى به، وهو الماء أو الحجر ومستنجى فيه، وهو القبل أو الدبر، فهذه هي الأركان التي لا يتحقق الاستنجاء إلا بتحققها.وظاهر أن ههنا أمرين: أحدهما: الاستنجاء، ثانيهما: قضاء الحاجة، فأما الاستنجاء، فإنه يتعلق به أمران: الأول: تعريفه، الثاني: حكمه، وأما قضاء الحاجة من بول أو غائط، فإنه يتعلق به ثلاثة أمور: أحدها: حكمه، ثانيها: بيان الأماكن التي لا يجوز للإنسان أن يقضي فيها حاجته، ثالثها: بيان الأحوال التي ينهى عن قضاء الحاجة عندها، وإليك بيانها على هذا الترتيب.[تعريف الاستنجاء]الاستنجاء هو عبارة عن إزالة الخارج من أحد السبيلين - القبل، أو الدبر - عن المحل الذي خرج منه، إما بالماء وإما بالأحجار؛ ونحوها. ويقال له: الاستطابة، كما يقال الاستجمار على أن الاستجمار مختص بالأحجار التي يزيل بها الإنسان النجاسة من المخرج، مأخوذ من الجمار، والجمار هي الحصى الصغار، وسمي الاستنجاء استطابة، لأنه يترتب عليه أن النفس تطيب وتستريح بإزالة الخبث، وسمي استنجاء لأن الاستنجاء مأخوذ من نجوت الشجرة إذا قطعتها، فهو يقطع الخبث من على المحل، والأصل في الاستنجاء أن يكون بالماء، فقد كان الاستنجاء بالماء فقط مشروعاً في الأمم التي من قبلنا، روي أن أول من استنجى بالماء هو سيدنا إبراهيم عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام، ولكن سماحة الدينالإسلامي، وسهولته قد قضت بإباحة الاستنجاء بالأحجار ونحوها. من كل ما لا يضر. مما سيأتي بيانه في "كيفية الاستنجاء".[حكم الاستنجاء]الاستنجاء بالمعنى الذي ذكرناه فرض (1) فيجب الاستنجاء من كل نجس، ولو نادراً كدم، وودي ومذي. ولا بد من انقطاع الخارج قبل الاستنجاء. وإلا بطل الاستنجاء "شافعي. حنبلي".

(1) الحنفية قالوا: حكم الاستنجاء أو ما يقوم مقامه من الاستجمار. هو أنه سنة مؤكدة للرجال والنساء. بحيث لو تركها المكلف فقد أتى بالمكروه على الراجح. كما هو الشأن في السنة المؤكدة: وإنما يكون الاستنجاء بالماء أو الاستجمار بالأحجار الصغيرة ونحوها سنة مؤكدة. إذا لم يتجاوز الخارج نفس المخرج، والمخرج عندهم هو المحل الذي خرج منه الأذى، وما حوله من مجمع حلقة الدبر الذي ينطبق عند القيام ولا يظهر منه شيء. وطرف الإحليل الكائن حول الثقب الذي يخرج منه البول، لا فرق في ذلك بين أن يكون الخارج معتاداً، أو غير معتاد، كدم وقيح، ونحوهما، فإذا جاوزت النجاسة المخرج المذكور. فإنه ينظر فيها فإن زادت على قدر الدرهم، فإن إزالتها تكون فرضاً، ويتعين في إزالتها الماء. لأنها تكون من باب إزالة النجاسة لا من باب الاستنجاء، وإزالة النجاسة يفترض فيها الماء. ومثل ذلك ما أصاب طرف الإحليل - رأسه - من البول. فإن زاد على قدر الدرهم افترض غسله بالماء فلا يكفي في إزالته الأحجار ونحوها، على الصحيح، وكذا ما أصاب جلدة إحليل الأقلف - الذي لم يختن (يطاهر - من البول: فإنه إذا زاد على قدر الدرهم يفترض غسله. ولا يكفي مسحه بالأحجار ونحوها على أن هذا عند الصاحبين. أما عند محمد رضي الله عنه فإن النجاسة إذا تجاوزت المخرج، يجب غسلها سواء كانت تزيد على قدر الدرهم. أو لا. وظاهر أنه في هذه الحالة يلزم غسل كل ما على المخرج. لأن النجاسة تنتشر بغسل ما زاد عليه. وهذا هو الأحوط. وإن كان الراجح ما ذهب إليه الصاحبان على أن مثل هذا إنما يكون له أثر ظاهر في بعض الأحوال دون بعض ففي الجهات التي يكثر فيها الماء كما في المصر. فإن الأحوط طبعاً هو الغسل والتنظيف. لما في ذلك من إزالة الأقذار.
وقطع الرائحة الكريهة، أما في الجهات التي يقل فيها الماء كالصحراء. فإن رأي الصاحبين يكون له أثر ظاهر. وكذا إذا كان الإنسان يتعسر عليه استعمال الماء.
والحاصل أن الحنفية يقولون إن إزالة ما على نفس المخرج سواء كان معتاداً كبول وغائط أو غير معتاد كمذي وودي ودم ونحو ذلك سنة مؤكدة سواء أزيل بالماء. أو بغيره؛ ويقال لهذا: استنجاء، أو استجمار؛ أو استطابة؛ أما ما زاد على نفس المخرج، فإن إزالته فرض، ولا يسمى استنجاء، بل هو من باب إزالة النجاسة، وهل يشترط في كون إزالته فرضاً بالماء، أن يزيد على قدرالدرهم، كما هو الشأن في حكم إزالة النجاسة، أو ههنا لا يشترط ذلك؟ خلاف بين محمد والصاحبين، فمحمد يقول: يجب غسله في هذه الحالة بالماء. وإن لم يبلغ الدرهم، والصاحبان يقولان: لا يجب الماء إلا إذا زاد المتجاوز عن الدرهم، ولا فرق في هذا الحكم بين الرجل، والمرأة إلا في الاستبراء؛ وهو - إخراج ما بقي في المخرج من بول، أو غائط، حتى غلب على ظنه أنه لم يبق في المحل شيء - فإن الاستبراء بهذا المعنى لا يجب على المرأة، وإنما الذي يجب عليها، هو أنها تصبر زمناً يسيراً بعد فراغها من البول أو الغائط، ثم تستنجي، أو تستجمر، أو تجمع بين الأمرين.
هذا وإذا استجمر، وبقي أثر النجاسة، ثم عرقت مقعدته، وأصاب عرقها ثوبه، فإن الثوب بتنجس، وإن زاد على قدر الدرهم، بخلاف ما إذا نزل المستجمر في ماء قليل - كالمغطس الصغير فإنه ينجسه، وبهذا تعلم أن حقيقة الاستنجاء - وهي إزالة ما على نفس المخرج فقط - لا تكون فرضاً لأن إزالة ما زاد على ذلك يكون من باب إزالة النجاسة، على أن الاستنجاء قد يكون مستحباً فقط، وهو ما إذا بال ولم يتغوط، فإنه يستحب له أن يغسل المحل الذي نزل منه البول، إلا إذا انتشر البول وجاوز محله، فإنه يجب غسله من باب إزالة النجاسة، وقد يكون الاستنجاء بدعة، كما إذا استنجى من خروج ريح.
هذا، ويقدر الدرهم في النجاسة الجامدة بعشرين قيراطاً، وفي المائعة بملء مقر الكف. أما القيراط فهو ما كان زنة خمس شعيرات غير مقشورة، والمعروف في زماننا أن زنة القيراط يساوي - خروبة - وهي بذرة من بذور الخروب المتوسطة التي زنتها أربع قمحات من القمح البلدي، والدرهم يساوي ستة عشر خروبة؛ ولا يخفي أن الإنسان يستطيع أن يقدر ذلك تقديراً تقريبياً، بحيث يفعل الأحوط.
المالكية قالوا: الأصل في الاستنجاء ونحوه أن يكون مندوباً، فيندب لقاضي الحاجة أن يزيل ما على المخرج بماء، أو حجر، إلا أنهم قالوا: تجب إزالته بالماء في أمور: منها في بول المرأة سواء كانت بكراً أو ثيباً، فيجب عليها أن تغسل كل ما ظهر من فرجها حال جلوسها، سواء تعدى المحل الخارج منه إلى جهة المقعد أو لا، إلا أنه إن تعدى المحل، وأصبح ذلك لازماً، بحيث يأتي كل يوم مرة فأ: ثر، فإنه يكون سلساً يعفى عنه، ومنها أن ينتشر الخارج على المحل انتشاراً كثيراً، بحيث يزيد على ما جرت العادة بتلويثه، كأن يصل الغائط إلى الألية، ويعم البول معظم الحشفة وفي هذه الحالة يجب غسل الكل بالماء، بحيث لا يصح الاقتصار على غسل ما جاوز المعتاد؛ ومنها المذي إذا خرج بلذة معتادة، ويجب عندهم غسل الذكر كله بنية على المعتمد، فإذا غسله كله من غير نية، وصلى، فصلاته صحيحة على المعتمد، وإذا غسل بعضه بنية، وصلى، فبعضهم يقول: تصح، وبعضهم يقول: لا، ومنها المني في الحالة التي لا يجب فيها الغسل من الجنابة، ولذلك صورتان: الأولى: أن يكون في مكان ليس فيه ماء يكفي للغسل، وفي هذه الحالة يكون فرضه التيمم، ولكن يجب عليه أن يزيل المني من عضو التناسل بالماء، ولا يجب عليه غسل الذكر كله، ومثل ذلك ما إذا كان من مريضاًالدرهم، كما هو الشأن في حكم إزالة النجاسة، أو ههنا لا يشترط ذلك؟ خلاف بين محمد والصاحبين، فمحمد يقول: يجب غسله في هذه الحالة بالماء. وإن لم يبلغ الدرهم، والصاحبان يقولان: لا يجب الماء إلا إذا زاد المتجاوز عن الدرهم، ولا فرق في هذا الحكم بين الرجل، والمرأة إلا في الاستبراء؛ وهو - إخراج ما بقي في المخرج من بول، أو غائط، حتى غلب على ظنه أنه لم يبق في المحل شيء - فإن الاستبراء بهذا المعنى لا يجب على المرأة، وإنما الذي يجب عليها، هو أنها تصبر زمناً يسيراً بعد فراغها من البول أو الغائط، ثم تستنجي، أو تستجمر، أو تجمع بين الأمرين.
هذا وإذا استجمر، وبقي أثر النجاسة، ثم عرقت مقعدته، وأصاب عرقها ثوبه، فإن الثوب بتنجس، وإن زاد على قدر الدرهم، بخلاف ما إذا نزل المستجمر في ماء قليل - كالمغطس الصغير فإنه ينجسه، وبهذا تعلم أن حقيقة الاستنجاء - وهي إزالة ما على نفس المخرج فقط - لا تكون فرضاً لأن إزالة ما زاد على ذلك يكون من باب إزالة النجاسة، على أن الاستنجاء قد يكون مستحباً فقط، وهو ما إذا بال ولم يتغوط، فإنه يستحب له أن يغسل المحل الذي نزل منه البول، إلا إذا انتشر البول وجاوز محله، فإنه يجب غسله من باب إزالة النجاسة، وقد يكون الاستنجاء بدعة، كما إذا استنجى من خروج ريح.
هذا، ويقدر الدرهم في النجاسة الجامدة بعشرين قيراطاً، وفي المائعة بملء مقر الكف. أما القيراط فهو ما كان زنة خمس شعيرات غير مقشورة، والمعروف في زماننا أن زنة القيراط يساوي - خروبة - وهي بذرة من بذور الخروب المتوسطة التي زنتها أربع قمحات من القمح البلدي، والدرهم يساوي ستة عشر خروبة؛ ولا يخفي أن الإنسان يستطيع أن يقدر ذلك تقديراً تقريبياً، بحيث يفعل الأحوط.
المالكية قالوا: الأصل في الاستنجاء ونحوه أن يكون مندوباً، فيندب لقاضي الحاجة أن يزيل ما على المخرج بماء، أو حجر، إلا أنهم قالوا: تجب إزالته بالماء في أمور: منها في بول المرأة سواء كانت بكراً أو ثيباً، فيجب عليها أن تغسل كل ما ظهر من فرجها حال جلوسها، سواء تعدى المحل الخارج منه إلى جهة المقعد أو لا، إلا أنه إن تعدى المحل، وأصبح ذلك لازماً، بحيث يأتي كل يوم مرة فأ: ثر، فإنه يكون سلساً يعفى عنه، ومنها أن ينتشر الخارج على المحل انتشاراً كثيراً، بحيث يزيد على ما جرت العادة بتلويثه، كأن يصل الغائط إلى الألية، ويعم البول معظم الحشفة وفي هذه الحالة يجب غسل الكل بالماء، بحيث لا يصح الاقتصار على غسل ما جاوز المعتاد؛ ومنها المذي إذا خرج بلذة معتادة، ويجب عندهم غسل الذكر كله بنية على المعتمد، فإذا غسله كله من غير نية، وصلى، فصلاته صحيحة على المعتمد، وإذا غسل بعضه بنية، وصلى، فبعضهم يقول: تصح، وبعضهم يقول: لا، ومنها المني في الحالة التي لا يجب فيها الغسل من الجنابة، ولذلك صورتان: الأولى: أن يكون في مكان ليس فيه ماء يكفي للغسل، وفي هذه الحالة يكون فرضه التيمم، ولكن يجب عليه أن يزيل المني من عضو التناسل بالماء، ولا يجب عليه غسل الذكر كله، ومثل ذلك ما إذا كان من مريضاً
**********************

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 34.20 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 33.57 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.84%)]