تفضيل اللغة العربية شرعا
 	        الشيخ علي مختار آل علي 
    
   		 	 	             
                                                              الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول  الله ، أما بعد ؛
  فقد اختلف أهل العلم في تفضيل بعض اللغات  على بعض ، فذهب ابن حزم في  الإحكام إلى أنه لا تفاضل بين اللغات ، وذهب جماعة من  العلماء إلى أن  اللغة العربية هي أفضل اللغات ؛ لأن الله اختارها لسيد المرسلين ،  وأنزل  بها القرآن المبين ، والقول الثاني هو الصواب . والله أعلم 
  وأما جنس العرب ؛ فنعم هو أفضل الأجناس ؛  وهذه عقيدة أهل السنة  والجماعة ، قال الإمام الألباني رحمه الله في السلسلة الضعيفة  (1/303) عند  كلامه على حديث: إذا ذلت العرب ذل الإسلام ، قال:
  و الحق أنه ضعيف كما رمز له السيوطي ، و لولا أن في معناه ما يدل على  بطلانه  لاقتصرنا على تضعيفه ، ذلك لأن الإسلام لا يرتبط عزه بالعرب فقط بل  قد يعزه الله  بغيرهم من المؤمنين ؛ كما وقع ذلك زمن الدولة العثمانية لا  سيما في أوائل أمرها فقد  أعز الله بهم الإسلام حتى امتد سلطانه إلى أواسط  أوروبا ، ثم لما أخذوا يحيدون عن  الشريعة إلى القوانين الأوروبية يستبدلون  الأدنى بالذي هو خير ؛ تقلص سلطانهم عن  تلك البلاد و غيرها ، حتى لقد زال  عن بلادهم أيضا! فلم يبق فيها من المظاهر التي  تدل على إسلامهم إلا الشيء  اليسير ! فذل بذلك المسلمون جميعا بعد عزهم ، ودخل  الكفار بلادهم ، و  استذلوهم إلا قليلا منها ، و هذه و إن سلمت من استعمارهم إياها  ظاهرا ؛  فهي تستعمرها بالخفاء ، تحت ستار المشاريع الكثيرة كالاقتصاد و نحوه ! فثبت   أن الإسلام يعز و يذل بعز أهله و ذله سواء كانوا عربا أو عجما ، " و لا  فضل لعربي  على عجمي إلا بالتقوى " ، فاللهم أعز المسلمين و ألهمهم الرجوع  إلى كتابك و سنة  نبيك حتى تعز بهم الإسلام .
  بيد  أن ذلك لا ينافي أن يكون جنس العرب  أفضل من جنس سائر الأمم ، بل هذا هو  الذي أؤمن به ، وأعتقده ، و أدين الله به - و  إن كنت ألبانيا فإني مسلم و  لله الحمد - ذلك لأن ما ذكرته من أفضلية جنس العرب هو  الذي عليه أهل السنة  و الجماعة ، و يدل عليه مجموعة من الأحاديث الواردة في هذا  الباب منها  قوله صلى الله عليه وسلم : " إن الله اصطفى من ولد إبراهيم إسماعيل ،   واصطفى من ولد إسماعيل بني كنانة ، و اصطفى من بني كنانة قريشا ، و اصطفى  من قريش  بني هاشم ، و اصطفاني من بني هاشم "......... و لكن هذا ينبغي ألا  يحمل العربي على  الافتخار بجنسه ؛ لأنه من أمور الجاهلية التي أبطلها  نبينا محمد العربي صلى الله  عليه وسلم على ما سبق بيانه ، كما ينبغي أن لا  نجهل السبب الذي به استحق العرب  الأفضلية ، و هو ما اختصوا به في عقولهم و  ألسنتهم و أخلاقهم و أعمالهم ، الأمر  الذي أهلهم لأن يكونوا حملة الدعوة  الإسلامية إلى الأمم الأخرى ، فإنه إذا عرف  العربي هذا و حافظ عليه أمكنه  أن يكون مثل سلفه عضوا صالحا في حمل الدعوة الإسلامية  ، أما إذا هو تجرد  من ذلك فليس له من الفضل شيء ، بل الأعجمي الذي تخلق بالأخلاق  الإسلامية  هو خير منه دون شك و لا ريب ، إذ الفضل الحقيقي إنما هو اتباع ما بعث به   محمد صلى الله عليه وسلم من الإيمان و العلم ، فكل من كان فيه أمكن ، كان  أفضل ، و  الفضل إنما هو بالأسماء المحددة في الكتاب و السنة ، مثل :  الإسلام ، و الإيمان ، و  البر ، و التقوى ، و العلم ، و العمل الصالح ، و  الإحسان و نحو ذلك ، لا بمجرد كون  الإنسان عربيا أو أعجميا ، كما قال شيخ  الإسلام ابن تيمية رحمه الله ، و إلى هذا  أشار صلى الله عليه وسلم بقوله :  " من بطأ به عمله لم يسرع به نسبه " رواه مسلم ، و  لهذا قال
  الشاعر العربي :
  لسنا و إن أحسابنا كرمـــــت    يوما على  الأحساب نتكل 
  نبني كما كانت أوائلــــــنا تبني    و  نفعل مثل ما فعلـوا. 
  و جملة القول : إن فضل العرب إنما هو  لمزايا تحققت فيهم فإذا ذهبت بسبب إهمالهم
  لإسلامهم ذهب فضلهم ، و من أخذ بها من  الأعاجم كان خيرا منهم ، " لا فضل لعربي
  على أعجمي إلا بالتقوى " ، و من هنا يظهر  ضلال من يدعو إلى العروبة و هو لا
  يتصف بشيء من خصائصها المفضلة ، بل هو  أوروبي قلبا و قالبا !
  قلت : مما تقدم يتبين لك ضابط التفضيل .  والله أعلم .