تفسير: (بئسما اشتروا به أنفسهم أن يكفروا بما أنزل الله)
تفسير القرآن الكريم
♦ الآية: ﴿ بِئْسَمَا   اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ   بَغْيًا أَنْ يُنَزِّلَ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ   عِبَادِهِ فَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ   مُهِينٌ ﴾.
♦ السورة ورقم الآية: سورة البقرة (90).
♦ الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي: قوله: ﴿ بئسما اشتروا به أنفسهم ﴾ أَيْ: بئس ما باعوا به حظَّ أنفسهم من الثَّواب بالكفر بالقرآن ﴿ بغياً ﴾ أَيْ: حسداً ﴿ أن ينزل الله ﴾ أَيْ: إنزال اللَّهُ ﴿ مِنْ فَضْلِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عباده ﴾ وذلك أنَّ كفر اليهود لم يكن من شك ولا اشتباهٍ وإنَّما كان حسداً حيث صارت النُّبوَّة في ولد إسماعيل عليه السَّلام ﴿ فباءوا ﴾ فانصرفوا احتملوا ﴿ بغضب  ﴾ من الله عليهم لأجل تضييعهم التَّوراة ﴿ على غضب ﴾ لكفرهم بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم والقرآن.
♦ تفسير البغوي "معالم التنزيل": ﴿ بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ   ﴾، بِئْسَ وَنِعْمَ فِعْلَانِ مَاضِيَانِ وُضِعَا لِلْمَدْحِ وَالذَّمِّ،   لَا يَتَصَرَّفَانِ تَصَرُّفَ الْأَفْعَالِ، مَعْنَاهُ: بِئْسَ الَّذِي   اخْتَارُوا لِأَنْفُسِهِمْ حِينَ اسْتَبْدَلُوا الْبَاطِلَ بِالْحَقِّ،   وَقِيلَ: الِاشْتِرَاءُ هَاهُنَا بِمَعْنَى الْبَيْعِ، وَالْمَعْنَى:   بِئْسَ مَا بَاعُوا بِهِ حَظَّ أَنْفُسِهِمْ، أَيْ حِينَ اخْتَارُوا   الْكفْرَ وَبَذَلُوا أَنْفُسَهُمْ لِلنَّارِ، ﴿ أَنْ يَكْفُرُوا بِما أَنْزَلَ اللَّهُ ﴾، يَعْنِي: الْقُرْآنَ، ﴿ بَغْياً   ﴾، أَيْ: حَسَدًا، وَأَصْلُ الْبَغْيِ: الفساد، يقال: بَغَى الْجُرْحُ   إِذَا فَسَدَ، وَالْبَغْيُ: الظُّلْمُ، وَأَصْلُهُ الطَّلَبُ، وَالْبَاغِي   طَالِبُ الظُّلْمِ وَالْحَاسِدُ يَظْلِمُ الْمَحْسُودَ جَهْدَهُ طَلَبًا   لِإِزَالَةِ نِعْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى عَنْهُ، أَ﴿ نْ يُنَزِّلَ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ ﴾، أَيِ: النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ، ﴿ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ   ﴾: مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَرَأَ أهل مكة والبصرة   «ينزل» وبابه بالتخفيف، إلا في «سبحان» فِي مَوْضِعَيْنِ: ﴿ وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ ﴾ [الإسراء: 82] ﴿ وحَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنا كِتاباً نَقْرَؤُهُ ﴾ [الْإِسْرَاءِ: 93] فَإِنَّ ابْنَ كَثِيرٍ يُشَدِّدُهُمَا، وَشَدَّدَ الْبَصْرِيُّونَ فِي الْأَنْعَامِ ﴿ عَلى أَنْ يُنَزِّلَ آيَةً ﴾ [الْأَنْعَامِ: 37]، زَادَ يَعْقُوبُ تَشْدِيدَ بِما يُنَزِّلُ فِي النحل، وافق حَمْزَةَ وَالْكِسَائِيَّ فِي تَخْفِيفِ ﴿ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ ﴾ [لقمان: 34] في سورة لقمان وحمعسق، وَالْآخَرُونَ يُشَدِّدُونَ الْكُلَّ وَلَمْ يَخْتَلِفُوا فِي تَشْدِيدِ وَما ﴿ نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ ﴾ [الحجر: 21] في الحجر، ﴿ فَباؤُ ﴾: رجعوا ﴿ بِغَضَبٍ عَلى غَضَبٍ   ﴾، أي: مع غَضَبٍ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٌ: الْغَضَبُ   الْأَوَّلُ بِتَضْيِيعِهِمُ التَّوْرَاةَ وَتَبْدِيلِهِمْ لها،   وَالثَّانِي: بِكُفْرِهِمْ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ   وَالْقُرْآنِ، وَقَالَ قَتَادَةُ: الأول بكفرهم بعيسى والإنجيل،   وَالثَّانِي بِكُفْرِهِمْ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ   وَالْقُرْآنِ، وَقَالَ السُّدِّيُّ: الْأَوَّلُ بِعِبَادَةِ الْعِجْلِ،   وَالثَّانِي بِالْكُفْرِ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ﴿   وَلِلْكافِرِينَ ﴾: الْجَاحِدِينَ بِنُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ النَّاسِ كُلِّهِمْ، ﴿ عَذابٌ مُهِينٌ ﴾: مُخْزٍ يُهَانُونَ فيه.