تفسير: (ولئن أتيت الذين أوتوا الكتاب بكل آية ما تبعوا قبلتك)
تفسير القرآن الكريم
♦ الآية: ﴿ وَلَئِنْ   أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ مَا تَبِعُوا   قِبْلَتَكَ وَمَا أَنْتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ وَمَا بَعْضُهُمْ   بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ مِنْ بَعْدِ   مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ ﴾.
♦ السورة ورقم الآية: سورة البقرة (145).
♦ الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي: ﴿ ولئن أتيت الذين أوتوا الكتاب ﴾ يعني: اليهود والنَّصارى ﴿ بكلِّ آية ﴾ (دلالةٍ ومعجزةٍ) ﴿ ما تبعوا قبلتك ﴾ لأنَّهم مُعاندون جاحدون نبوَّتك مع العلم بها ﴿ وَمَا أَنْتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ ﴾ حسمَ بهذا أطماع اليهود في رجوع النبي صلى الله عليه وسلم إلى قبلتهم لأنَّهم كانوا يطمعون في ذلك ﴿ وما بعضهم بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ   ﴾ أخبر أنَّهم - وإنِ اتَّفقوا في التَّظاهر على النَّبيِّ صلى الله عليه   وسلم - مُختلفون فيما بينهم فلا اليهود تتبع قِبلة النَّصارى ولا  النَّصارى  تتبع قِبلة اليهود ﴿ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ ﴾ أَيْ: صلَّيت إلى قِبلتهم ﴿ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ ﴾ أنَّ قِبلة الله الكعبة ﴿ إِنَّكَ إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ ﴾ أيْ: إِنَّك إذاً مثلهم والخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم فِي الظَّاهر وهو فِي المعنى لأُمَّته.
♦ تفسير البغوي "معالم التنزيل": قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿  وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ ﴾، يَعْنِي: الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى، قَالُوا: ائْتِنَا بِآيَةٍ على ما تقول، قال اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ بِكُلِّ آيَةٍ ﴾: مُعْجِزَةٍ، ﴿ مَا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ ﴾، يَعْنِي: الْكَعْبَةَ، ﴿ وَما أَنْتَ بِتابِعٍ قِبْلَتَهُمْ وَما بَعْضُهُمْ بِتابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ   ﴾، لِأَنَّ الْيَهُودَ تَسْتَقْبِلُ بَيْتَ الْمَقْدِسِ وَهُوَ   الْمَغْرِبُ، وَالنَّصَارَى تَسْتَقْبِلُ الْمَشْرِقَ، وَقِبْلَةُ   الْمُسْلِمِينَ الْكَعْبَةُ، أَخْبَرَنَا أَبُو عُثْمَانَ سَعِيدُ بْنُ   إِسْمَاعِيلَ الضَّبِّيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الْجَبَّارِ   بْنُ محمد الجراحي، أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ   أَحْمَدَ الْمَحْبُوبِيُّ أَخْبَرَنَا أَبُو عِيسَى مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى   التِّرْمِذِيُّ، أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ بَكْرٍ الْمَرْوَزِيُّ   أَخْبَرَنَا الْمُعَلَّى بْنُ مَنْصُورٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الله بن جعفر   المخرميّ، عَنْ عُثْمَانَ الْأَخْنَسِيِّ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ   أَبِي هُرَيْرَةَ: عَنِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ   قال: «ما بين المشرق والمغرب قبلة»، وَأَرَادَ بِهِ فِي حَقِّ أَهْلِ   الْمَشْرِقِ وَأَرَادَ بِالْمُشْرِقِ: مَشْرِقَ الشِّتَاءِ في أقصر يوم من   السَّنَةِ، وَبِالْمَغْرِبِ: مَغْرِبَ الصَّيْفِ فِي أَطْوَلِ يَوْمٍ مِنَ   السَّنَةِ، فَمَنْ جَعَلَ مَغْرِبَ الصَّيْفِ فِي هَذَا الوقت عن يمينه   ومشرق الشتاء عن يَسَارِهِ كَانَ وَجْهُهُ إِلَى الْقِبْلَةِ. ﴿ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ ﴾: مُرَادَهُمُ، الْخِطَابُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالْمُرَادُ بِهِ الْأُمَّةُ، ﴿ مِنْ بَعْدِ مَا جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ ﴾، من الْحَقِّ فِي الْقِبْلَةِ، ﴿ إِنَّكَ إِذاً لَمِنَ الظَّالِمِينَ ﴾.