تفسير: (فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك ...)
♦ الآية: ï´؟ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ ï´¾.
♦ السورة ورقم الآية: آل عمران (159).
♦ الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي: ï´؟ فبما رحمة من الله ï´¾ أَيْ: فَبِرَحْمةٍ أَيْ: فبنعمةٍ من الله وإحسانٍ منه إليك ï´؟ لِنت لهم ï´¾ يا محمد أَيْ: سهلت أخلاقك لهم وكثر احتمالك ï´؟ ولو كنت فظاً ï´¾ غليظاً في القول ï´؟ غليظ القلب ï´¾ في الفعل ï´؟ لانْفَضُّوا ï´¾ لتفرَّقوا ï´؟ من حولك فاعف عنهم ï´¾ فيما فعلوا يومَ أُحدٍ ï´؟ واستغفر لهم ï´¾ حتى أشفعك فيهم ï´؟ وشاورهم في الأمر ï´¾ تطييباً لنفوسهم ورفعاً من أقدارهم ولتصير سنَّةً ï´؟ فإذا عزمت ï´¾ على ما تريد إمضاءه ï´؟ فتوكل على الله ï´¾ لا على المشاورة.
♦ تفسير البغوي "معالم التنزيل": قَوْلُهُ تَعَالَى: ï´؟ فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ ï´¾ أي: فبرحمة من الله، وما صلة، كقوله ï´؟ فَبِما نَقْضِهِمْ ï´¾ [المائدة: 13]، ï´؟ لِنْتَ لَهُمْ ï´¾ أَيْ: سَهُلَتْ لَهُمْ أَخْلَاقُكَ، وَكَثْرَةُ احْتِمَالِكَ، وَلَمْ تُسْرِعْ إليهم بالغضب فِيمَا كَانَ مِنْهُمْ يَوْمَ أُحُدٍ، ï´؟ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا ï´¾ يَعْنِي: جَافِيًا سَيِّئَ الْخُلُقِ قَلِيلَ الِاحْتِمَالِ، ï´؟ غَلِيظَ الْقَلْبِ ï´¾، قَالَ الْكَلْبِيُّ: فَظًّا فِي الْقَوْلِ غَلِيظَ الْقَلْبِ فِي الْفِعْلِ، ï´؟ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ï´¾، أَيْ: لَنَفَرُوا وَتَفَرَّقُوا عَنْكَ، يُقَالُ: فَضَضْتُهُمُ فَانْفَضُّوا، أَيْ: فَرَّقْتُهُمْ فَتَفَرَّقُوا ï´؟ فَاعْفُ عَنْهُمْ ï´¾، تَجَاوَزْ عَنْهُمْ مَا أَتَوْا يَوْمَ أُحُدٍ ï´؟ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ ï´¾ حَتَّى أُشَفِّعَكَ فِيهِمْ، وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ أَيِ: اسْتَخْرِجْ آرَاءَهُمْ وَاعْلَمْ مَا عِنْدَهُمْ، مِنْ قَوْلِ الْعَرَبِ: شُرْتُ الدَّابَّةَ، وَشَوَّرْتُهَا، إِذَا اسْتَخْرَجْتُ جَرْيَهَا، وَشُرْتُ الْعَسَلَ وَأَشَرْتُهُ إِذَا أَخَذْتُهُ مِنْ مَوْضِعِهِ، وَاسْتَخْرَجْتُهُ، وَاخْتَلَفُوا فِي الْمَعْنَى الذي لأجله أمر اللَّهُ تَعَالَى نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمُشَاوَرَةِ مَعَ كَمَالِ عَقْلِهِ وَجَزَالَةِ رَأْيِهِ وَنُزُولِ الْوَحْيِ عَلَيْهِ، وَوُجُوبِ طَاعَتِهِ عَلَى الْخَلْقِ فيما أحبّوا أو كرهوا، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ خَاصٌّ فِي الْمَعْنَى، أَيْ: ï´؟ وَشَاوِرْهُمْ ï´¾ فِيمَا لَيْسَ عِنْدَكَ فِيهِ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى عهد، وقال الْكَلْبِيُّ: يَعْنِي نَاظِرْهُمْ فِي لِقَاءِ الْعَدُوِّ وَمَكَايِدِ الْحَرْبِ عِنْدَ الْغَزْوِ، وَقَالَ مُقَاتِلٌ وَقَتَادَةُ: أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِمُشَاوَرَتِهِمْ تَطْيِيبًا لِقُلُوبِهِمْ، فَإِنَّ ذَلِكَ أَعْطَفُ لَهُمْ عَلَيْهِ، وَأَذْهَبُ لِأَضْغَانِهِمْ، فَإِنَّ سَادَاتِ الْعَرَبِ كَانُوا إِذَا لَمْ يُشَاوَرُوا فِي الْأَمْرِ شَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ، وَقَالَ الْحَسَنُ: قَدْ عَلِمَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنَّهُ مَا بِهِ إِلَى مُشَاوَرَتِهِمْ حَاجَةٌ وَلَكِنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَسْتَنَّ بِهِ مَنْ بَعْدَهُ، عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عَنْهَا قَالَتْ: مَا رَأَيْتُ رَجُلًا أَكْثَرَ اسْتِشَارَةً لِلرِّجَالِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ï´؟ فَإِذا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ï´¾ لَا عَلَى مُشَاوَرَتِهِمْ، أَيْ: قُمْ بِأَمْرِ اللَّهِ وَثِقْ بِهِ وَاسْتَعِنْهُ، ï´؟ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ ï´¾.
تفسير القرآن الكريم