تفسير: (إلا الذين يصلون إلى قوم بينكم وبينهم ميثاق ...)
♦ الآية: ï´؟ إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ أَوْ جَاءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَنْ يُقَاتِلُوكُمْ أَوْ يُقَاتِلُوا قَوْمَهُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقَاتَلُوكُمْ فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلًا ï´¾.
♦ السورة ورقم الآية: النساء (90).
♦ الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي: ï´؟ إلاَّ الذين يصلون ï´¾ أَيْ: فاقتلوهم حيث وجدتموهم إلاَّ الذين يتصلون ويلتجئون ï´؟ إلى قوم بينكم وبينهم ميثاق ï´¾ فيدخلون فيهم بالحلف والجوار ï´؟ أو جاؤوكم حصرت صدورهم ï´¾ يعني: أو يتصلون بقوم جاؤوكم وقد ضاقت صدورهم بقتالكم وهم بنو مدلجٍ كانوا صلحا للنبي صلى الله عليه وسلم وهذا بيان أنَّ مَن انضمَّ إلى قومٍ ذوي عهد مع النبي صلى الله عليه وسلم فله مثلُ حكمهم في حقن الدم والمال ثمَّ نُسخ هذا كلُّه بآية السَّيف ثمَّ ذكر الله تعالى مِنَّته بكفِّ بأس المعاهدين فقال: ï´؟ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لسلطهم عليكم فلقاتلوكم ï´¾ يعني: إن ضيق صدوركم عن قتالهم إنَّما هو لقذف الله تعالى الرُّعب في قلوبهم ولو قوَّى الله تعالى قلوبهم على قتالكم لقاتلوكم ï´؟ فإن اعتزلوكم ï´¾ أَيْ: في الحرب ï´؟ وألقوا إليكم السلم ï´¾ أَي: الصُّلح ï´؟ فَمَا جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلا ï´¾ في قتالهم وسفك دمائهم.
♦ تفسير البغوي "معالم التنزيل": ï´؟ إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلى قَوْمٍ ï´¾ وَهَذَا الِاسْتِثْنَاءُ يَرْجِعُ إِلَى الْقَتْلِ، لَا إِلَى الْمُوَالَاةِ، لِأَنَّ مُوَالَاةَ الْكُفَّارِ وَالْمُنَافِقِينَ لَا تَجُوزُ بِحَالٍ، وَمَعْنَى يَصِلُونَ أَيْ: يَنْتَسِبُونَ إِلَيْهِمْ وَيَتَّصِلُونَ بِهِمْ وَيَدْخُلُونَ فيهم بالحلف والجوار، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عنهما: يريد يلجؤون إِلَى قَوْمٍ، ï´؟ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ ï´¾ أَيْ: عَهْدٌ، وَهُمُ الْأَسْلَمِيُّونَ، وَذَلِكَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَادَعَ هِلَالَ بْنَ عُوَيْمِرٍ الْأَسْلَمِيَّ قَبْلَ خُرُوجِهِ إِلَى مَكَّةَ عَلَى أَنْ لَا يُعِينَهُ وَلَا يُعِينَ عَلَيْهِ، وَمَنْ وَصَلَ إِلَى هِلَالٍ مِنْ قَوْمِهِ وَغَيْرِهِمْ وَلَجَأَ إِلَيْهِ فَلَهُمْ مِنَ الْجِوَارِ مِثْلَ مَا لِهِلَالٍ، وَقَالَ الضَّحَّاكُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَرَادَ بِالْقَوْمِ الَّذِينَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ بَنِي بَكْرِ بْنِ زَيْدِ بْنِ مَنَاةَ كَانُوا فِي الصُّلْحِ وَالْهُدْنَةِ، وَقَالَ مُقَاتِلٌ: هُمْ خُزَاعَةُ، وَقَوْلُهُ: أَوْ جاؤُوكُمْ أي: يتصلون بقوم جاؤوكم، ï´؟ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ ï´¾ أَيْ: ضَاقَتْ صُدُورُهُمْ، قَرَأَ الْحَسَنُ وَيَعْقُوبُ (حَصِرَةً) مَنْصُوبَةً مُنَوَّنَةً أَيْ: ضَيِّقَةً صُدُورُهُمْ، يَعْنِي القوم الذين جاؤوكم وَهُمْ بَنُو مُدْلَجٍ، كَانُوا عَاهَدُوا أَنْ لَا يُقَاتِلُوا الْمُسْلِمِينَ وَعَاهَدُوا قُرَيْشًا أَنْ لَا يُقَاتِلُوهُمْ، حَصِرَتْ: ضَاقَتْ صُدُورُهُمْ، ï´؟ أَنْ يُقاتِلُوكُمْ ï´¾ أَيْ: عَنْ قِتَالِكُمْ لِلْعَهْدِ الَّذِي بَيْنَكُمْ ï´؟ أَوْ يُقاتِلُوا قَوْمَهُمْ ï´¾، يَعْنِي: مَنْ أَمِنَ مِنْهُمْ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ أَنَّهُمْ لَا يُقَاتِلُونَكُمْ مَعَ قَوْمِهِمْ وَلَا يُقَاتِلُونَ قَوْمَهُمْ مَعَكُمْ، يَعْنِي قُرَيْشًا قَدْ ضَاقَتْ صُدُورُهُمْ لِذَلِكَ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: أَوْ بِمَعْنَى الْوَاوِ، كَأَنَّهُ يَقُولُ: إِلَى قَوْمٍ بينكم وبينهم ميثاق أو جاؤوكم حصرت صدورهم، أو: قد حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ عَنْ قِتَالِكُمْ وَالْقِتَالِ مَعَكُمْ، وَهُمْ قَوْمُ هِلَالٍ الأَسْلَمِيُّونَ وَبَنُو بَكْرٍ، نَهَى اللَّهُ سُبْحَانَهُ عَنْ قِتَالٍ هَؤُلَاءِ الْمُرْتَدِّينَ إِذَا اتَّصَلُوا بِأَهْلِ عَهْدٍ لِلْمُسْلِمِينَ، لِأَنَّ مَنِ انْضَمَّ إِلَى قَوْمٍ ذَوِي عَهْدٍ فَلَهُ حُكْمُهُمْ فِي حَقْنِ الدَّمِ. قَوْلُهُ تَعَالَى: ï´؟ وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقاتَلُوكُمْ ï´¾، يَذْكُرُ مِنَّتَهُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ بِكَفِّ بَأْسِ الْمُعَاهِدِينَ، يَقُولُ: إِنَّ ضَيِّقَ صُدُورِهِمْ عَنْ قِتَالِكُمْ لِمَا أَلْقَى اللَّهُ فِي قُلُوبِهِمْ مِنَ الرُّعْبِ وَكَفَّهُمْ عَنْ قِتَالِكُمْ، وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقَاتَلُوكُمْ مَعَ قَوْمِهِمْ، ï´؟ فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ ï´¾ أَيْ: اعْتَزَلُوا قِتَالَكُمْ، ï´؟ فَلَمْ يُقاتِلُوكُمْ ï´¾، وَمَنِ اتَّصَلَ بِهِمْ، وَيُقَالُ: يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ يُقَاتِلُوكُمْ مَعَ قَوْمِهِمْ، ï´؟ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ ï´¾، أَيْ: الصُّلْحَ فَانْقَادُوا وَاسْتَسْلَمُواï´؟ فَما جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلًا ï´¾ أي: طريقا بالقتل والقتال.
تفسير القرآن الكريم