تفسير: (وما قدروا الله حق قدره إذ قالوا ما أنزل الله على بشر من شيء)
♦ الآية: ï´؟ وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا وَعُلِّمْتُمْ مَا لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَلَا آبَاؤُكُمْ قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ ï´¾.
♦ السورة ورقم الآية: الأنعام (91).
♦ الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي: ï´؟ وما قدروا الله حق قدره ï´¾ ما عظَّموا الله حقَّ عظمته وما وصفوه حقَّ صفته ï´؟ إِذْ قَالُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ من شيء ï´¾ وذلك أن ليهود أنكروا إنزال الله عزَّ وجل من السَّماء كتابًا إنكارًا للقرآن ï´؟ قل ï´¾ لهم يا محمد: ï´؟ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى ï´¾ يعني: التَّوراة ï´؟ تجعلونه قراطيس ï´¾ مكتوبة وتودعونه إيَّاها ï´؟ تبدونها ï´¾ يعني: القراطيس يبدون ما يحبُّون ويكتمون صفة محمَّد صلى الله عليه وسلم ï´؟ وَعُلِّمْتُمْ مَا لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَلا آبَاؤُكُمْ ï´¾ في التَّوراة فضيَّعتموه ولم تنتفعوا به ï´؟ قل الله ï´¾ أي: الله أنزله ï´؟ ثُمَّ ذَرْهُمْ في خوضهم ï´¾ إفكهم وحديثهم الباطل ï´؟ يلعبون ï´¾ يعملون ما لا يُجدي عليهم.
♦ تفسير البغوي "معالم التنزيل": ï´؟ وَما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ ï´¾، أَيْ: مَا عَظَّمُوهُ حَقَّ عَظَمَتِهِ، وَقِيلَ: مَا وَصَفُوهُ حَقَّ وصفه، ï´؟ إِذْ قالُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ ï´¾، قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: جَاءَ رَجُلٌ مِنَ الْيَهُودِ يُقَالُ لَهُ مَالِكُ بْنُ الصَّيْفِ يُخَاصِمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَكَّةَ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلّم: «أنشدك بالله الَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى أَمَا تَجِدُ فِي التَّوْرَاةِ أَنَّ اللَّهَ يُبْغِضُ الْحَبْرَ السَّمِينَ»، وَكَانَ حبرا سمينا فغضب، فقال: وَاللَّهِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ.
وَقَالَ السُّدِّيُّ: نَزَلَتْ فِي فِنْحَاصَ بْنِ عَازُورَاءَ، وَهُوَ قَائِلٌ هَذِهِ الْمَقَالَةِ. وَفِي الْقِصَّةِ أَنَّ مَالِكَ بْنَ الصَّيْفِ لَمَّا سَمِعَتِ الْيَهُودُ مِنْهُ تِلْكَ الْمَقَالَةَ عَتَبُوا عَلَيْهِ، وَقَالُوا: أَلَيْسَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى، فَلِمَ قَلَتْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ؟ قال: فَقَالَ مَالِكُ بْنُ الصَّيْفِ: أَغْضَبَنِي مُحَمَّدٌ فَقُلْتُ ذَلِكَ، فَقَالُوا لَهُ: وَأَنْتَ إِذَا غَضِبَتْ تَقُولُ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ فَنَزَعُوهُ مِنَ الْحَبْرِيَّةِ، وَجَعَلُوا مَكَانَهُ كَعْبَ بْنَ الأشرف. وقال ابن عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: قَالَتِ الْيَهُودُ: يَا مُحَمَّدُ أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ كِتَابًا، قَالَ: نَعَمْ، قَالُوا: وَاللَّهِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ كِتَابًا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: وَما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قالُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: قُلْ، لَهُمْ، ï´؟ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتابَ الَّذِي جاءَ بِهِ مُوسى نُورًا وَهُدىً لِلنَّاسِ ï´¾، يَعْنِي: التَّوْرَاةَ، ï´؟ تَجْعَلُونَهُ قَراطِيسَ تُبْدُونَها وَتُخْفُونَ كَثِيرًا ï´¾، أَيْ تَكْتُبُونَ عَنْهُ دَفَاتِرَ وَكُتُبًا مُقَطَّعَةً تُبْدُونَهَا، أَيْ: تُبْدُونَ مَا تُحِبُّونَ وَتُخْفُونَ كَثِيرًا مِنْ نَعْتِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلّم وآية الرجم. وَقَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ وَأَبُو عَمْرٍو (يَجْعَلُونَهُ) وَيُبْدُونَهَا وَيُخْفُونَهَا بِالْيَاءِ جَمِيعًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: وَما قَدَرُوا اللَّهَ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِالتَّاءِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتابَ الَّذِي جاءَ بِهِ مُوسى، وَقَوْلُهُ: ï´؟ وَعُلِّمْتُمْ مَا لَمْ تَعْلَمُوا ï´¾، الْأَكْثَرُونَ عَلَى أَنَّهَا خِطَابٌ لِلْيَهُودِ، يَقُولُ: عُلِّمْتُمْ عَلَى لِسَانِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا،ï´؟ أَنْتُمْ وَلا آباؤُكُمْ ï´¾ ، قَالَ الْحَسَنُ: جُعِلَ لَهُمْ عِلْمُ مَا جَاءَ بِهِ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَضَيَّعُوهُ وَلَمْ يَنْتَفِعُوا بِهِ، وَقَالَ مُجَاهِدٌ: هَذَا خِطَابٌ لِلْمُسْلِمِينَ يُذَكِّرُهُمُ النِّعْمَةَ فِيمَا عَلَّمَهُمْ عَلَى لِسَانِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ï´؟ قُلِ اللَّهُ ï´¾، هَذَا رَاجِعٌ إِلَى قَوْلِهِ: قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتابَ الَّذِي جاءَ بِهِ مُوسى، فَإِنْ أَجَابُوكَ وَإِلَّا فَقُلْ أَنْتَ: اللَّهُ، أَيْ: قُلْ أَنْزَلَهُ اللَّهُ، ï´؟ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ ï´¾.
تفسير القرآن الكريم