الموضوع: أعظم نعيم
عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 31-07-2019, 06:43 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 165,510
الدولة : Egypt
افتراضي رد: أعظم نعيم

فيقول عندي موعد قد آن أن
أعطيكموه برحمتي وحناني

فيرونه من بعد كشف حجابه
جهرًا روى ذا مسلم ببيان

وإذ رآه المؤمنون نسوا الذي
هم فيه مما نالت العينان

فإذا توارى عنهمُ عادوا إلى
لذاتهم من سائر الألوان

فلهمْ نعيم عند رؤيته سوى
هذا النعيم فحبذا الأمران

أو ما سمعت سؤال أعرف خلقه
بجلاله المبعوث بالقرآن

شوقًا إليه ولذةَ النظر التي
بجلال وجه الرب ذي السلطان

فالشوق لذة روحه في هذه ال
دنيا ويوم قيامة الأبدان

تلتذّ بالنظر الذي فازت به
دون الجوارح هذه العينان

والله ما في هذه الدنيا ألذ
من اشتياق العبد للرحمن

وكذاك رؤية وجهه سبحانه
هي أكمل اللذات للإنسان

عباد الله!
إن لأهل الجنة موعدًا كلَّ جمعة يرون فيه ربهم، يقول ابن مسعود - رضي الله عنه -: " إن الله يبرز لأهل الجنة في كل جمعة في كثيب من كافور أبيض " رواه الدارقطني وصححه شيخ الإسلام. وأفضلهم منزلة من يُكرم برؤية ربه مرتين كلَّ يوم، كما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " إِنَّ أَدْنَى أَهْلِ الْجَنَّةِ مَنْزِلَةً لَمَنْ يَنْظُرُ فِي مُلْكِهِ أَلْفَ سَنَةٍ، وَإِنَّ أَفْضَلَهُمْ مَنْزِلَةً لَمَنْ يَنْظُرُ فِي وَجْهِ رَبِّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - فِي كُلِّ يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ " رواه الطبري وصححه الحاكم.

الخطبة الثانية

أيها المؤمنون!
إن للظفر برؤية الله - تعالى - سبلًا أبانها الوحي المصون، فمن رام إدراك ذاك النعيم فليسلك تلك السبل. وأجلّ هذه السبل توحيد الله وطلب الوسيلة إليه بالعمل الصالح، كما قال جل شأنه: ï´؟ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا ï´¾ [الكهف: 110]، قال عبدالله بن المبارك: " من أراد النظر إلى وجه خالقه، فليعمل صالحًا، ولا يشرك به أحدًا ". وحين يعبد العبد ربه بمقام الإحسان؛ بأن يعبد الله كأنه يراه فإن لم يكن يراه فإنه يراه، ويحسن إلى عباده بكف الشر عنهم وبذل الخير لهم؛ فإنه موعود بالنظر إلى ربه، كما قال سبحانه: ï´؟ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ ï´¾ [يونس: 26]. وشدة الحرص على صلاتي الفجر والعصر وسيلة للفوز بتلك النظرة، قال جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ - رضي الله عنه -: " كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-، فَنَظَرَ إِلَى القَمَرِ لَيْلَةً - يَعْنِي البَدْرَ -، فَقَالَ: «إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ، كَمَا تَرَوْنَ هَذَا القَمَرَ، لاَ تُضَامُّونَ فِي رُؤْيَتِهِ، فَإِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ لاَ تُغْلَبُوا عَلَى صَلاَةٍ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا فَافْعَلُوا»، ثُمَّ قَرَأَ: ï´؟ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الغُرُوبِ ï´¾ [ق: 39]، قَالَ إِسْمَاعِيلُ - أحد رواة الحديث -: «افْعَلُوا؛ لاَ تَفُوتَنَّكُمْ» رواه البخاري. والتبكير إلى صلاة الجمعة من سبل إدارك ذاك النعيم، قال عبدالله بن مسعود - رضي الله عنه -: " «سَارِعُوا إِلَى الْجُمُعَةِ؛ فَإِنَّ اللَّهَ - عَزَّ وَجَلَّ - يَبْرُزُ لِأَهْلِ الْجَنَّةِ فِي كُلِّ يَوْمِ جُمُعَةٍ فِي الْكُثُبِ مِنْ كَافُورٍ أَبْيَضَ، فَيَكُونُونَ فِي الدُّنُوِّ مِنْهُ عَلَى قَدْرِ مُسَارَعَتِهِمْ فِي الدُّنْيَا إِلَى الْجُمُعَةِ، فَيُحْدِثُ لَهُمْ مِنَ الْكَرَامَةِ شَيْئًا لَمْ يَكُونُوا رَأَوْهُ فِيمَا خَلَا»، وكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ لَا يَسْبِقُهُ أَحَدٌ إِلَى الْجُمُعَةِ - رواه الدارقطني وصححه شيخ الإسلام، وقال: " مثل هذا لا يقال بالرأي، وإنما يقال بالتوقيف " -. والجؤار إلى الكريم - سبحانه - بطلب ذاك النعيم من أعظم سبل دَرَكه؛ فقد كان ذا هِجّيرى النبي - صلى الله عليه وسلم - في دعائه؛ فقد كان من عظيم سؤله: " وَأَسْأَلُكَ لَذَّةَ النَّظَرِ إِلَى وَجْهِكَ، وَالشَّوْقَ إِلَى لِقَائِكَ فِي غَيْرِ ضَرَّاءَ مُضِرَّةٍ، وَلَا فِتْنَةٍ مُضِلَّةٍ " رواه النسائي وصححه الحاكم.

أيها الأحبة!
إن من سمت نفسه بطلب رؤية وجه الله - سبحانه -، وكَلَفَتْ روحه بالاشتياق إليه؛ تنزّه عمّا قد يحول بينه وبين ذاك النعيم، ولم يسلم قياده لضلال عقيدة تنفي رؤية وجه الله أو تحرفه عن حقيقته، ولم يعد أسيرًا لنظرة محرمة قد تحرمه لذة النظر إلى ربه جزاءً من جنس ما عمل.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 20.03 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 19.40 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.13%)]