تفسير: (خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم والله سميع عليم)
♦ الآية: ï´؟ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ï´¾.
♦ السورة ورقم الآية: التوبة (103).
♦ الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي: ï´؟ خذ من أموالهم صدقة ï´¾ فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلث أموالهم وكانت كفَّارةً للذُّنوب التي أصابوها وهو قوله: ï´؟ تطهرهم ï´¾ يعني: هذه الصَّدقة تطهِّرهم من الذُّنوب ï´؟ وتزكيهم بها ï´¾ أَيْ: ترفعهم أنت يا محمَّدُ بهذه الصَّدقة من منازل المنافقين ï´؟ وصل عليهم ï´¾ ادع لهم ï´؟ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ ï´¾ إنَّ دعواتك ممَّا تسكن نفوسهم إليه بأن قد تاب الله عليهم ï´؟ والله سميع ï´¾ لقولهم ï´؟ عليم ï´¾ بندامتهم فلمَّا نزلت توبة هؤلاء قال الذين لم يتوبوا من المتخلِّفين: هؤلاء كانوا بالأمس معنا لا يُكلَّمون ولا يُجالسون فما لهم؟ وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم لمَّا رجع إلى المدينة نهى المؤمنين عن مكالمة المنافقين ومجالستهم.
♦ تفسير البغوي "معالم التنزيل": فَلَمَّا أُطْلِقُوا قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذِهِ أَمْوَالُنَا الَّتِي خَلَّفَتْنَا عَنْكَ فَتَصَدَّقْ بِهَا وَطَهِّرْنَا وَاسْتَغْفِرْ لَنَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا أُمِرْتُ أَنْ آخُذَ مِنْ أَمْوَالِكُمْ شَيْئًا»، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: ï´؟ خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً ï´¾ [التوبة: 103] الآية. واختلفوا في عدد هَؤُلَاءِ التَّائِبِينَ: فَرُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ قَالَ: كَانُوا عَشَرَةً مِنْهُمْ أَبُو لُبَابَةَ. وَرَوَى عَطِيَّةُ عَنْهُ: أَنَّهُمْ كَانُوا خَمْسَةً أَحَدُهُمْ أَبُو لُبَابَةَ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ: كَانُوا ثَمَانِيَةً. وَقَالَ الضَّحَّاكُ وَقَتَادَةُ: كَانُوا سَبْعَةً. وَقَالُوا جَمِيعًا: أَحَدُهُمْ أَبُو لُبَابَةَ. وَقَالَ قَوْمٌ: نَزَلَتْ فِي أَبِي لُبَابَةَ خَاصَّةً. وَاخْتَلَفُوا فِي ذَنْبِهِ، قَالَ مُجَاهِدٌ: نَزَلَتْ فِي أَبِي لُبَابَةَ حِينَ قَالَ لِقُرَيْظَةَ: إِنْ نَزَلْتُمْ عَلَى حُكْمِهِ فَهُوَ الذَّبْحُ وَأَشَارَ بيده إِلَى حَلْقِهِ. وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: نَزَلَتْ فِي تَخَلُّفِهِ عَنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ فَرَبْطَ نَفْسَهُ بِسَارِيَةٍ، وَقَالَ: وَاللَّهِ لَا أَحِلُّ نَفْسِي وَلَا أَذُوقُ طَعَامًا وَلَا شَرَابًا حَتَّى أَمُوتَ أَوْ يَتُوبَ اللَّهُ عَلَيَّ، فَمَكَثَ سَبْعَةَ أَيَّامٍ لَا يَذُوقُ طَعَامًا وَلَا شَرَابًا حَتَّى خَرَّ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ، فَقِيلَ لَهُ: قَدْ تِيْبَ عَلَيْكَ، فَقَالَ: وَاللَّهِ لَا أَحِلُّ نَفْسِي حَتَّى يَكُونَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ الَّذِي يَحِلُّنِي، فَجَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحَلَّهُ بِيَدِهِ، ثُمَّ قَالَ أَبُو لُبَابَةَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ مِنْ تَوْبَتِي أَنْ أَهْجُرَ دَارَ قَوْمِي الَّتِي أَصَبْتُ فِيهَا الذَّنْبَ، وَأَنْ أَنْخَلِعَ مِنْ مَالِي كُلِّهِ صَدَقَةً إِلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِهِ، قَالَ: يَجْزِيكَ يَا أَبَا لُبَابَةَ الثُّلْثُ. قَالُوا جَمِيعًا: فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُلْثَ أَمْوَالِهِمْ، وَتَرَكَ الثُّلْثَيْنِ. لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ، وَلَمْ يَقِلْ: خُذْ أَمْوَالَهُمْ. قَالَ الْحَسَنُ وَقَتَادَةُ: هَؤُلَاءِ سِوَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خلّفوا. قَوْلُهُ تَعَالَى: ï´؟ خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ ï´¾، بِهَا مِنْ ذُنُوبِهِمْ، ï´؟ وَتُزَكِّيهِمْ بِها ï´¾، أَيْ: تَرْفَعُهُمْ مِنْ مَنَازِلِ الْمُنَافِقِينَ إِلَى مَنَازِلِ الْمُخْلِصِينَ. وَقِيلَ: تُنَمِّي أَمْوَالَهُمْ، ï´؟ وَصَلِّ عَلَيْهِمْ ï´¾، أَيِ: ادْعُ لَهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ. وَقِيلَ: هُوَ قَوْلُ السَّاعِي لِلْمُصَّدِّقِ إِذَا أَخَذَ الصَّدَقَةَ مِنْهُ: آجَرَكَ اللَّهُ فِيمَا أَعْطَيْتَ وَبَارَكَ لَكَ فِيمَا أَبْقَيْتَ. وَالصَّلَاةُ فِي اللُّغَةِ: الدُّعَاءُ. ï´؟ إِنَّ صَلاتَكَ ï´¾ قَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ: صَلاتَكَ عَلَى التَّوْحِيدِ وَنَصْبِ التَّاءِ هَاهُنَا، وَفِي سُورَةِ هُودٍ: ï´؟ أَصَلاتُكَ ï´¾ [هود: 87]، وَفِي سُورَةِ الْمُؤْمِنِينَ: (عَلَى صَلَاتِهِمْ)، كُلُّهُنَّ عَلَى التَّوْحِيدِ، وَافَقَهُمَا حَفْصٌ هَاهُنَا وَفِي سُورَةِ هُودٍ، وَقَرَأَ الآخرون بالجمع فيهنّ وكسر التاء هاهنا وفي سورة المؤمنين، ولا خلاف في التي في الأنعام: ï´؟ وَهُمْ عَلى صَلاتِهِمْ يُحافِظُونَ ï´¾ [الأنعام: 92]، والتي في المعارج: ï´؟ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ دائِمُونَ ï´¾ [المعارج: 23]، إنهما جميعا على التوحيد. ï´؟ سَكَنٌ لَهُمْ ï´¾، أَيْ: إِنَّ دُعَاءَكَ رَحْمَةٌ لَهُمْ، قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ. وَقِيلَ: طُمَأْنِينَةٌ لَهُمْ وَسُكُونٌ لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ قَبِلَ مِنْهُمْ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: تَثْبِيتٌ لِقُلُوبِهِمْ. ï´؟ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ï´¾، وَاخْتَلَفُوا فِي وُجُوبِ الدُّعَاءِ عَلَى الإمام عند أخذ الصدقة، فقال بَعْضُهُمْ: يَجِبُ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يُسْتَحَبُّ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَجِبُ فِي صَدَقَةِ الْفَرْضِ وَيَسْتَحِبُّ فِي صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ. وَقِيلَ: يَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ وَيُسْتَحَبُّ للفقير أن يدعو للمعطي. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ أَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النَّعِيمِيُّ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ ثنا آدم بن أبي إياس ثنا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي أَوْفَى وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ الشَّجَرَةِ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَتَاهُ قوم بِصَدَقَةٍ قَالَ: «اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِمْ»، فَأَتَاهُ أَبِي بِصَدَقَتِهِ فَقَالَ: «اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى آلِ أَبِي أَوْفَى». وَقَالَ ابْنُ كَيْسَانِ: لَيْسَ هَذَا فِي صَدَقَةِ الْفَرْضِ إِنَّمَا هُوَ لصدقة كَفَّارَةِ الْيَمِينِ. وَقَالَ عِكْرِمَةُ: هِيَ صَدَقَةُ الْفَرْضِ، فَلَمَّا نَزَلَتْ تَوْبَةُ هَؤُلَاءِ قَالَ الَّذِينَ لَمَّ يَتُوبُوا مِنَ الْمُتَخَلِّفِينَ: هَؤُلَاءِ كَانُوا مَعَنَا بالأمس لا يكالمون ولا يجالسون، فما لهم؟ وَذَلِكَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلّم لما رجع إلى المدينة نهى المؤمنين عن مكالمة المنافقين ومجالستهم؟
تفسير القرآن الكريم