عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 07-09-2019, 05:38 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 152,204
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الأمل والتفاؤل بقدوم عام جديد

أمة الإيمان: وفي حوالِك الكُروب، ومعامِع الخُطوب، ومُدلهِمَّات الدُّروب تشرئِبُّ طُلَى أهل الإيمان إلى إشراقات النَّصرِ وبشائر الانبِلاج، وتتطلَّعُ إلى أرَجِ الانفِراج، وها هو واقعِنا خيرُ شاهِدِ عِيان، وأصدقُ مُنبِئٍ وبُرهان. فكم من أممٍ وانيةٍ عزَّت من بعد هُمود، ونهضَت بعد خُمود، وسادَت بعد جُحود، وها هي فُلولُ الظلم والطُّغيان في بلاد الشام تحسِبُ سُويعَات حياتها، وإن كانت في عُقر القِلاع الحَصينة المَشيدة، وخلفَ المتارِسِ الشديدة؛ فالبشائرُ تأتي بتضييق الحِصار، ونِعمَّا هي الأخبار، ï´؟ هَذَا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآبٍ ï´¾ [ص: 55].
نعم، لنا اللهُ مولانا نُؤمِّلُه
عند الرَّخاءِ وفي الشِّدَّاتِ والنُّوَبِ

ربٌّ يَغارُ ومن يطلُبه يُدرِكه
لا أرضٌ تقِيه ولا قصدٌ إلى هرَبِ


أهلَنا وإخوانَنا في فلسطين الصامِدة، بلد الأقصى الأسير! أبشِروا بالنَّصرِ الأثِير، بعد ما فُتِحَت المعابِر، وخُفِّفَ الحِصار، مما يزيدُ التفاؤُل والاستِبشار؛ فإننا نُؤمِّلُ الفرَجَ بعد الشدَّة والحرَج، واليُسرَ من بعد الضِّيقِ والعُسر، ï´؟ مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ ï´¾ [الحشر: 2]. إننا لنتفاءَلُ - بإذن الله - بانبِلاجِ صُبحِ النصر المُبين في كل مكانٍ، على الظِّرابِ والآكام، لإخواننا في بلاد الشام، وفي فلسطين، وبُورما وأراكان؛ فالنصرُ للإسلام وإن تكالَبَ اللِّئامَ، ونشَروا التدميرَ والظلمَ والإرهابَ والإجرامَ. ï´؟ إنها سُنَّةُ الله في خلقِه، لكنَّه الابتلاءُ الابتلاءُ، وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ ï´¾ [محمد: 31].
لا خيرَ في اليأسِ كلُّ الخيرِ في الأمَلِ
أصلِ الشجاعةِ والإقدامِ في الرَّجُلِ

نُعلِّلُ النفسَ بالآمالِ نرقُبُها
ما أضيَقَ العيش لولا فُسحةُ الأملِ


أمة النصر الموعود: ليكُن منكم بحُسبان أن الأملَ والتفاؤُلَ لُحمُهما وسَداهُما التطوُّرُ والتجديدُ، ونبذُ الرَّتابَةِ والنَّمَطيَّة؛ فهُما للكَسَل والخُمول نِعمَ المطيَّة، مع المُحافَظة على الأُصول والثوابِت، فبِهما يتمُّ المُرادُ - بإذن الله -. فابدأوا - رحمكم الله - مع بداية العامِ بالجدِّ والاجتِهاد، والتفاؤُل بالنَّصرِ والأمجادِ، والمغانِم الفِراد؛ فغوالِي الأماني لا تُدرَكُ بالتوانِي، وأنَّى يُدرِكُ العوالي الفَدمَ العالي؟! يقول عبدُ الله بن الزُّبير - رضي الله عنهما -: "من جاء يطلُبُ ما عند الله فإن طالبَ الله لا يخيبُ، فصدِّقُوا قولَكم بفعلٍ؛ فإن مِلاكَ القول الفِعلُ". وبعدُ، يا رعاكم الله: ليكُن منكم بحُسبان أن الزمان أنفاسٌ لا تعُود، ولو جُمِعَت له الحرسُ والبُنود، وهو وحِيُّ التقضِّي، أبِيُّ الجانبِ، بطيءُ الرُّجوع، وهو مُنقضٍ بذاته، مُنصرِمٌ بنفسه، فمن غفَلَ عنه تصرَّمَت أوقاتُه، وعظُمَ فواتُه، واشتدَّت حسَراتُه، فإذا علِمَ حقيقةَ ما ضاع طلبَ الرُّجعَى، فحِيلَ بينه وبين الاستِرجاع.
وما المرءُ إلا راكِبٌ ظهرَ عُمره
على سَفَرٍ يُفنيه باليوم والشَّهرِ

يَبيتُ ويُضحِي كلَّ يومٍ وليلةٍ
بعيدًا عن الدنيا قريبًا من القبرِ


فاللهَ اللهَ في تحقيق العقيدة والتوحيد، ولُزوم السُّنَّة والجماعة، وتحكيم الشريعة، والعناية بالشباب والأجيال، والتحلِّي بالوسطيَّة والاعتِدال، والاستِثمار الأمثَل لوسائل الاتِّصال، وتسخير وسائل الإعلام في خدمةِ الإسلام، والله - عز وجل - يقول: ï´؟ وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ ï´¾ [الحج: 40]. بارك الله ولي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآياتِ والذكرِ الحكيم، أقول قولي هذا، وأستغفرُ الله العظيمَ الجليلَ لي ولكم ولسائر المسلمين من كل خطيئةٍ وإثمٍ؛ فاستغفِروه وتوبوا إليه، إن ربي لغفورٌ رحيمٌ.
الخطبة الثانية
الحمد لله مُقدِّر الأزمان والآجال، ومُبدِع الكون على غير مِثال، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ذو الكمال والجلال والجمال، يعجَزُ عن وصفِه بليغُ البيان والمقال، وأشهد أن نبيَّنا وسيِّدَنا محمدًا عبدُ الله ورسولُه خيرُ من عبَدَ ربَّه في الغِنَى والإقلال، صَلَّى الله عليه صلاةً دائِمةً في الأسحار والآصَال، وعلى آله وصحبه خيرِ صحبٍ وآلٍ، والتابعين ومن تبِعَهم بإحسانٍ وصالحِ الأقوال والأعمال، وسلَّم تسليمًا كثيرًا. أما بعد، فيا أيها المؤمنون: اتقوا الله حقَّ التقوى؛ فإن تقواه - سبحانه - أوثقُ الوثائِق، وهي العُدَّةُ في المضائِق، وبها تُكشَفُ وجوهُ الحقائق. إخوة الإيمان: إن استِهلالَ عامٍ هجريٍّ جديدٍ يُذكِّرُنا بحدَثَيْن عظيمَيْن جليلَيْن غيَّرَا مجرى التأريخ، وكان فيهما نصرٌ وتمكينٌ، وعِزٌّ للأنبياء والمُرسلين والمُؤمنين، يبعَثان في النفس التفاؤُلَ والأملَ. وأولُ هذين الحدَثَين: يومُ عاشوراء، ذلك اليوم الذي أنجَى الله فيه موسى وقومَه، ولذلك صحَّت السُّنةُ النبوية بفضل صيامِه عن الحبيب المُصطفى - صلى الله عليه وسلم -، كما في حديث أبي قتادة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سُئِل عن صيام يوم عاشوراء، فقال: «أحتسِبُ على الله أن يُكفِّرَ السَّنةَ التي قبلَه»؛ خرَّجه مسلمٌ في "صحيحه". أما ثانيهِما: فهو هِجرةُ النبي المُصطفى - صلى الله عليه وسلم -، وإنه لحدَثٌ لو تعلَمون عظيمٌ، فيه من الفوائد والفرائد ما تحوِيه أجلاد، ولا يُوفِّيه جلَدٌ ولا اجتِهاد، وإن ذِكراها لتُشمرِجُ القلوبَ، وتزيدُ الشَّوقَ إلى النبي الحبيبِ المحبوبِ - صلى الله عليه وسلم -، وشمائله الزكيَّة، وأخلاقِه وقِيَمه السنِيَّة. ولقد كان حدَثُ الهِجرة النبويَّة أمرًا فارِقًا في تأريخ البشريَّة جمعاء، لذا جعلَه الفاروقُ عمرُ - رضي الله عنه - بدايةَ التأريخ الإسلامي، ومُستندَ الوقائع والأحداث. ألا فاتقوا الله - عباد الله -، وتفاءَلوا بالخير تجِدوه، واستفتِحوا عامَكم بمُحاسبةٍ جادَّةٍ صادقةٍ، وتوبةٍ نَصوحٍ من الزلاَّت والسيئات، وداوِموا على الأعمال الصالحات، وأكثِروا من القُرُبات والطاعات، وسجِّلوا في صحائِف عامِكم هذا ما يسُرُّكم في دُنياكم وأُخراكم، ï´؟ يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ ï´¾ [غافر: 39]. هذا، وصلُّوا وسلِّموا - رحمكم الله - على البشير النذير، والسراجِ المُنير، كما أمرَكم بذلك اللطيفُ الخبيرُ، فقال - سبحانه -: ï´؟ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ï´¾ [الأحزاب: 56]، وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: «من صلَّى عليَّ صلاةً واحدةً صلَّى الله عليه بها عشرًا».
أزكى صلاةٍ بتسليمٍ يُؤازِرُها
على نبيٍّ كريمِ الأصلِ مُختارِ

محمدٍ خيرِ مبعوثٍ وعِترتِه
وصحبِه خيرِ أصحابٍ وأنصارِ


اللهم ارضَ عن الخلفاء الراشدين: أبي بكرٍ، وعمر، وعثمانَ، وعليٍّ، وعن سائر الصحابةِ والتابعين، وعن الطاهرات أمهات المؤمنين، وعن التابعين ومن تبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعنَّا معهم برحمتك يا أرحمَ الراحمين. اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، وأذِلَّ الشركَ والمُشركين، ودمِّر أعداءَ الدين، واجعل هذا البلدَ آمنًا مُطمئنًّا، سخاءً رخاءً، وسائرَ بلاد المُسلمين. اللهم آمِنَّا في أوطاننا، اللهم آمِنَّا في أوطاننا، وأصلِح أئمَّتَنا ووُلاةَ أمورنا، وأيِّد بالحق إمامَنا ووليَّ أمرنا، اللهم وفِّقه لما تحبُّ وترضى، وخُذ بناصيتِه للبرِّ والتقوى، وأسبِغ عليه لِباسَ الصحةِ والعافيةِ، وارزُقه البِطانةَ الصالحةَ التي تدُلُّه على الخير وتُعينُه عليه، اللهم وفِّقه ونائِبَه وإخوانَه وأعوانَه إلى ما فيه عِزُّ الإسلام وصلاحُ المسلمين، وإلى ما فيه الخيرُ للبلاد والعباد. اللهم وفِّق جميعَ وُلاة المُسلمين لتحكيم شرعِك، واتباع سُنَّة نبيِّك - صلى الله عليه وسلم -، اللهم اجعَلهم نُصرةً لعبادك المُؤمنين يا حي يا قيوم، يا ذا الجلال والإكرام. يا حي يا قيوم، يا حي يا قيوم، برحمتك نستغيثُ، فلا تكِلنا إلى أنفُسنا طرفةَ عينٍِ، وأصلِح لنا شأنَنا كلَّه. اللهم انصُر إخوانَنا المُجاهدين في سبيلك في كل مكانٍ، اللهم انصُرهم في فلسطين، اللهم انصُرهم في فلسطين، اللهم انصُرهم في فلسطين على الصَّهايِنة المُعتدين المُحتلِّين، اللهم أنقِذ المسجدَ الأقصى، اللهم أنقِذ المسجدَ الأقصى، اللهم أنقِذ المسجدَ الأقصى من عُدوان المُعتدين يا حي يا قيوم، يا ذا الجلال والإكرام. اللهم كُن لإخواننا في سوريا، اللهم كُن لإخواننا في سوريا، اللهم احقِن دماءَهم، اللهم احقِن دماءَهم، اللهم احقِن دماءَهم، اللهم كُن لإخواننا في بُورما وفي كل مكان يا ذا الجلال والإكرام، يا ذا الطَّولِ والإنعام. اللهم إنا نسألُك من الخير كلِّه عاجِلِه وآجِلِه، ما علِمنا منه وما لم نعلَم، ونعوذُ بك من الشرِّ كلِّه ما علِمنا منه وما لم نعلَم. اللهم فرِّج همَّ المهمومين من المُسلمين، ونفِّس كربَ المكروبين، وارفع الضُّرَّ عن المُتضرِّرين، والبأساءَ عن البائسين المُضطهَدين يا ذا الجلال والإكرام. ï´؟ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ï´¾ [البقرة: 201]. اللهم أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغني ونحن الفقراء، أنزِل علينا الغيثَ ولا تجعلنا من القانِطين، اللهم أغِثنا، اللهم أغِثنا، اللهم أغِثنا، اللهم إنا خلقٌ من خلقِك فلا تمنَع عنَّا بذنُوبِنا فضلَك. اللهم إنا نستغفِرُك إنك كنتَ غفَّارًا، فأرسِلِ السماءَ علينا مِدرارًا. ربَّنا تقبَّل منا إنك أنت السميعُ العليمُ، وتُب علينا إنك أنت التوَّابُ الرحيم، واغفِر لنا ولوالدينا ووالدِيهم وجميع المُسلمين والمسلمات، الأحياءِ منهم والأموات، إنك سميعٌ قريبٌ مُجيبُ الدعوات. وآخرُ دعوانا أن الحمدُ لله ربِّ العالمين.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 24.60 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 23.97 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.55%)]