عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 27-11-2019, 03:34 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 152,000
الدولة : Egypt
افتراضي رد: التحذير من شرب الخمر

التحذير من شرب الخمر (2)

الشيخ عبدالعزيز بن عبدالمحسن بن عبدالعزيز الدهيشي


الحمد لله الذي فضل بني آدم بالعقول على سائر المخلوقات، وجعل أرزاقهم من الطيبات وحرم عليهم المستخبثات، أحمده - سبحانه - وهو أهل الحمد ومستحقه على مختلفي اللغات، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له عالم الظواهر والخفيات، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله الذي قال عنه في محكم الآيات: ï´؟ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا ï´¾ [الأحزاب: 45] اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان..

أما بعد:
فيا عباد الله، إن الله تعالى ركب فيكم العقول، وفضلكم على سائر مخلوقاته بالطيبات من الرزق، وسخر لكم ما في الأرض جميعًا لينظر كيف تعملون، أرسل إليكم الرسول وأنزل عليه القرآن بلسانكم تبيانًا لكل شيء فاتبعوه واتقوا لعلكم ترحمون، وخلق الجنة والنار، وبين لكم الطرق المؤدية إلى كل منهما لتسلكوا أي طريق منهما تختارون، فطريق الجنة العمل بطاعة الله والابتعاد عن محارم الله وفق ما جاء في كتاب الله وفي سنة رسول الله، وطريق النار معصية الله ورسوله بالإقدام على ما نهى الله عنه ورسوله، قال تعالى: ï´؟ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ ï´¾ [النساء: 13، 14].

عباد الله، إن مما حرم الله ورسوله وتوعد عليه باللعنة والطرد والإبعاد شرب الخمر، وقد سماها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أم الخبائث ولعن شاربها وعاصرها وحاملها وبائعها، روى الإمام أحمد بسند إلى ابن عباس- رضي الله عنهما - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: (أتاني جبريل - عليه السلام - وقال: يا محمد إن الله لعن الخمر وعاصرها ومعتصرها وشاربها وحاملها والمحمولة إليه وبائعها ومبتاعها وساقيها ومستقيها)[1] وحقيقة اللعن الطرد والإبعاد عن رحمة الله، فكيف يرضى عاقل لنفسه أن يعرضها للعنة الله وإبعادها عن رحمته؟ وكيف يرضى عاقل منحه الله العقل ليميز بين الخبيث والطيب ثم يختار ما يجعله في منزلة المجانين وفي حالة أسوأ من حالة الحيوان، لا يعلم ماذا يفعل؟ وقد يعرض نفسه للهلاك الحسي والمعنوي، وقد يعتدي على غيره مما يسبب إتلاف نفسه فيقتاد منه، وقد يتقاتل هو وصاحبه الحميم الذي يرافقه على شرب الخمر ويقتل أحدهما الأخر، وقد ينشأ منه في حالة سكره طلاق زوجته من حيث لا يشعر ويفرق بينهما رغمًا عن أنفه، مع ما يوصف به عند العقلاء بالسفاهة وإسقاطه من عيون الأخيار، هذا ما يكتب عليه في الدنيا من هجران المسلمين له وإعراضهم عن السلام عليه وعيادته إذا مرض، روى عمرو بن العاص- رضي الله عنهما - قال: لا تعودوا شراب الخمر إذا مرضوا[2]، وقال البخاري: قال ابن عمر لا تُسلمُوا على شُراب الخمر[3]، وقال عبدالله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنه - عن شارب الخمر: "يجيء يوم القيامة مسودًا وجهه مزرقة عيناه مائل شقه أو قال شدقه مدليًا لسانه على صدره يقذره كل من يراه"[4].


عباد الله، قد أوجب الله على نفسه قبول توبة التائب ما لم يغرغر أي ما لم تغرغر نفسه بالخروج من جسده، ويقول - صلى الله عليه وسلم -: (كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون)، فيا من وقع في الحرام وتناوله، ها هو باب التوبة مفتوح فادخله واستغفر ربك...

والحمد لله رب العالمين


[1] مسند الإمام أحمد ح (2899).

[2] الأدب المفرد ح (529).

[3] الأدب المفرد، ح (1017).

[4] مصنف عبد الرزاق ح (17074).



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 16.82 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 16.19 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.73%)]