عرض مشاركة واحدة
  #315  
قديم 23-01-2020, 02:46 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 162,470
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير السعدى ___متجدد إن شاء الله

الحلقة (314)
تفسير السعدى
سورة طه
من الأية(61) الى الأية(70)
عبد الرحمن بن ناصر السعدي

تفسير سورة طه

" قال لهم موسى ويلكم لا تفتروا على الله كذبا فيسحتكم بعذاب وقد خاب من افترى " (61)
" وَيْلَكُمْ لَا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذَابٍ " أي: لا تنصروا ما أنتم عليه من الباطل بسحركم وتغالبون الحق, وتفترون على الله الكذب فيستأصلكم بعذاب من عنده, ويخيب سعيكم وافتراؤكم, فلا تدركون ما تطلبون من النصر والجاه عند فرعون وملائه, ولا تسلموا من عذاب الله.
" فتنازعوا أمرهم بينهم وأسروا النجوى " (62)
وكلام الحق لا بد أن يؤثر في القلوب, لا جرم, ارتفع الخصام والنزاع بين السحرة, لما سمعوا كلام موسى, وارتبكوا.
ولعل من جملة نزاعهم, الاشتباه في موسى, هل هو على الحق أم لا؟ ولكن هم إلى الآن, ما تم أمرهم, ليقضي الله أمرا كان مفعولا, " لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَا مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ " .
فحينئذ أسروا فيما بينهم النجوى, وأنهم ينفقون على مقالة واحدة, لينجحوا في مقالهم وفعالهم, وليتمسك الناس بدينهم.

" قالوا إن هذان لساحران يريدان أن يخرجاكم من أرضكم بسحرهما ويذهبا بطريقتكم المثلى " (63)
والنجوى التي أسروها وفسرها, بقوله: " قَالُوا إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ يُرِيدَانِ أَنْ يُخْرِجَاكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِمَا " كمقالة فرعون السابقة.
فإما أن يكون ذلك توافقا من فرعون والسحرة على هذه المقالة من غير قصد.
وإما أن يكون تلقينا منه لهم مقالته, التي صمم عليها, وأظهرها للناس.
وزادوا على قول فرعون أن قالوا: " وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَى " أي: طريقة السحر حسدكم عليها, وأراد أن يظهر عليكم, ليكون له الفخر والصيت والشهرة, ويكون هو المقصود بهذا العلم, الذي شغلتم زمانكم فيه ويذهب عنكم ما كنتم تأكلون بسببه, وما يتبع ذلك من الرياسة.
وهذا حض من بعضهم على بعض, على الاجتهاد في مغالبته, ولهذا قالوا:

" فأجمعوا كيدكم ثم ائتوا صفا وقد أفلح اليوم من استعلى " (64)
" فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ " أي: أظهروه دفعة واحدة, متظاهرين متساعدين فيه, متناصرين, متفقا رأيكم وكلمتكم.
" ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا " ليكون أمكن لعملكم, وأهيب لكم في القلوب, ولئلا يشرك بعضكم بعض مقدوره من العمل.
واعلموا أن من أفلح اليوم ونجح وغلب غيره, فإنه المفلح الفائز, فهذا يوم له ما بعده من الأيام.

" قالوا يا موسى إما أن تلقي وإما أن نكون أول من ألقى " (65)
فما أصلبهم في باطلهم, وأشدهم فيه, حيث أتوا بكل سبب, ووسيلة وممكن, ومكيدة يكيدون بها الحق.
ويأبى الله إلا أن يتم نوره, ويظهر الحق على الباطل.
فلما تمت مكيدتهم, وانحصر قصدهم, ولم يبق إلا العمل " قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ " عصاك " وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى " .
خيروه, موهمين أنهم على جزم من ظهورهم عليه, بأي حالة كانت.

" قال بل ألقوا فإذا حبالهم وعصيهم يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى "(66)
فقال لهم موسى: " بَلْ أَلْقُوا " فألقوا حبالهم وعصيهم.
" فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ " أي: إلى موسى " مِنْ سِحْرِهِمْ " البليغ " أَنَّهَا تَسْعَى " فلما خيل إلى موسى ذلك.
" فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى " كما هو مقتضى الطبيعة البشرية, وإلا فهو جازم بوعد الله ونصره.

" قلنا لا تخف إنك أنت الأعلى " (68)
" قُلْنَا " له تثبيتا وتطمينا: " لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلَى " عليهم, أي ستعلو عليهم وتقهرهم, ويذلوا لك ويخضعوا.
" وألق ما في يمينك تلقف ما صنعوا إنما صنعوا كيد ساحر ولا يفلح الساحر حيث أتى " (69)
" وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ " أي: عصاك " تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى " أي: كيدهم ومكرهم, ليس بمثمر لهم, ولا ناجح فإنه من كيد السحرة, الذين يموهون على الناس, ويلبسون الباطل ويخيلون أنهم على الحق.
فألقى موسى عصاه, فتلقفت ما صنعوا كله, وأكلته, والناس ينظرون لذلك الصنيع.
فعلم السحرة علما يقينا, أن هذا ليس بسحر, وأنه من الله, فبادروا للإيمان.

" فألقي السحرة سجدا قالوا آمنا برب هارون وموسى " (70)
" فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّدًا قَالُوا آمَنَّا " برب العاليمن, " رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ " .
فوقع الحق وظهر وسطع, وبطل السحر والمكر والكيد, في ذلك المجمع العظيم.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 30.31 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 29.68 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.07%)]