عرض مشاركة واحدة
  #317  
قديم 23-01-2020, 02:46 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 164,147
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير السعدى ___متجدد إن شاء الله

الحلقة (316)
تفسير السعدى
سورة طه
من الأية(81) الى الأية(89)
عبد الرحمن بن ناصر السعدي

تفسير سورة طه

" كلوا من طيبات ما رزقناكم ولا تطغوا فيه فيحل عليكم غضبي ومن يحلل عليه غضبي فقد هوى " (81)
" كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ " .
أي: واشكروه على ما أسدى إليكم من النعم " وَلَا تَطْغَوْا فِيهِ " .
أي: في رزقه, فتستعملوه في معاصيه, وتبطروا النعمة.
فإنكم إن فعلتم ذلك, حل عليكم غضبي أي: غضبت عليكم, ثم عذبتكم.
" وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَى " أي: ردى وهلك, وخاب وخسر, لأنه عدم الرضا والإحسان, وحل عليه الغضب والخسران.

" وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى " (82)
ومع هذا, فالتوبة معروضة, ولو عمل العبد ما عمل من المعاصي, ولهذا قال: " وَإِنِّي لَغَفَّارٌ " أي: كثير المغفرة والرحمة, لمن تاب من الكفر, والبدعة, والفسوق, وآمن بالله وملائكته, وكتبه, ورسله, واليوم الآخر, وعمل صالحا من أعمال القلب والبدن, وأقوال اللسان.
" ثُمَّ اهْتَدَى " أي: سلك الصراط المستقيم, وتابع الرسول الكريم, واقتدى بالدين القويم.
فهذا يغفر الله أوزاره, ويعفو عما تقدم من ذنبه وإصراره, لأنه أتى بالسبب الأكبر, للمغفرة والرحمة, بل الأسباب كلها منحصرة في هذه الأشياء فإن التوبة تجب ما قبلها, والإيمان والإسلام, يهدم ما قبله, والعمل الصالح, الذي هو الحسنات, يذهب السيئات, وسلوك طرق الهداية بجميع أنواعها, من تعلم علم, وتدبر آية أو حديث, حتى يتبين له معنى من المعاني يهتدي به, ودعوة إلى دين الحق, ورد بدعة, أو كفر, أو ضلالة, وجهاد, وهجرة, وغير ذلك من جزئيات الهداية, كلها مكفرات للذنوب محصلات لغاية المطلوب.

" وما أعجلك عن قومك يا موسى "(83)
كان الله تعالى, قد واعد موسى, أن يأتيه, لينزل عليه التوراة ثلاثين ليلة, فأتمها بعشر.
فلما تم الميقات, بادر موسى عليه السلام إلى الحضور للموعد, شوقا لربه, وحرصا على موعوده.
فقال الله له: " وَمَا أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يَا مُوسَى " أي: ما الذي قدمك عليهم؟ ولم لم تصبر حتى تقدم أنت وهم؟ قال: " هُمْ أُولَاءِ عَلَى أَثَرِي " أي: قريبا مني.
وسيصلون في أثري.
والذي عجلني إليك.
يا رب.
الطلب لقربك.
والمسارعة في رضاك.
والشوق إليك.

" قال فإنا قد فتنا قومك من بعدك وأضلهم السامري " (85)
فقال الله له: " فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ " أي: بعبادتهم للعجل, ابتليناهم, واختبرناهم, فلم يصبروا.
وحين وصلت إليهم المحنة, كفروا " وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ " .
" فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلًا جَسَدًا " وصاغه فصار " لَهُ خُوَارٌ فَقَالُوا " لهم " هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى " فنسيه موسى, فافتتن به بنو إسرائيل, فعبدوه, ونهاهم هارون فلم ينتهوا.

" فرجع موسى إلى قومه غضبان أسفا قال يا قوم ألم يعدكم ربكم وعدا حسنا أفطال عليكم العهد أم أردتم أن يحل عليكم غضب من ربكم فأخلفتم موعدي " (86)
فلما رجع موسى إلى قومه وهو غضبان أسف, أي ممتلئ غيظا وحنقا وغما, قال لهم موبخا ومقبحا لفعلهم: " يَا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْدًا حَسَنًا " وذلك بإنزال التوراة.
" أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ " أي: المدة, فتطاولتم غيبتي وهي مدة قصيرة؟ هذا قول كثير من المفسرين.
ويحتمل أن معناه: أفطال عليكم عهد النبوة والرسالة, فلم يكن لكم علم ولا أثر, واندرست آثارها, فلم تقفوا منها على خبر, فانمحت آثارها, لبعد العهد بها, فعبدتم غير الله, لغلبة الجهل, وعدم العلم بآثار الرسالة؟ أي: ليس الأمر كذلك, بل النبوة بين أظهركم, والعلم قائم, والعذر غير مقبول؟ أم أردتم بفعلكم, أن يحل عليكم غضب من ربكم؟ أي: فتعرضتم لأسبابه واقتحمتم موجب عذابه, وهذا هو الواقع.
" فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِي " حين أمرتكم بالاستقامة, ووصيت بكم هارون, فلم ترقبوا غائبا, ولم تحترموا حاضرا.

" قالوا ما أخلفنا موعدك بملكنا ولكنا حملنا أوزارا من زينة القوم فقذفناها فكذلك ألقى السامري " (87)
أي: قالوا له: ما فعلنا الذي فعلنا عن تعمد منا, وملك منا لأنفسنا.
ولكن السبب الداعي لذلك, أننا تأثمنا من زينة القوم التي عندنا.
وكانوا فيما يذكرون, استعاروا حليا كثيرا من القبط, فخرجوا وهو معهم.
وألقوه, وجمعوه حين ذهب موسى, ليراجعوه فيه, إذا رجع.

" فأخرج لهم عجلا جسدا له خوار فقالوا هذا إلهكم وإله موسى فنسي "(88)
وكان السامري قد بصر يوم الغرق بأثر الرسول, فسولت له نفسه أن يأخذ قبضة من أثره, وأنه إذا ألقاها على شيء حيي, فتنة وامتحانا.
فألقاها على ذلك العجل الذي صاغه بصورة عجل, فتحرك العجل, وصار له خوار وصوت, وقالوا: إن موسى ذهب يطلب ربه, وهو هاهنا, فنسيه.
وهذا من بلادتهم, وسخافة عقولهم, حيث رأوا هذا العجل الغريب الذي صار له خوار, بعد أن كان جمادا, فظنوه إله الأرض والسماوات.

" أفلا يرون ألا يرجع إليهم قولا ولا يملك لهم ضرا ولا نفعا "(89)
" أَفَلَا يَرَوْنَ " أن العجل " أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلًا " أي: لا يتكلم ويراجعهم ويراجعونه, ولا يملك لهم ضرا ولا نفعا.
فالعبادة للكمال والكلام والفعال, لا يستحق أن يعبد وهو أنقص من عابديه.
فإنهم يتكلمون ويقدرون على بعض الأشياء, من النفع والدفع, بإقدار الله لهم.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 30.74 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 30.11 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.04%)]