
03-02-2020, 11:16 PM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 165,340
الدولة :
|
|
رد: عقود الجوهر للآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر
ثم اعلم أنه فرض على كل مسلم ومسلمة أن يأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر خاصة ما يتعلق بترك الواجبات، أو فعل المحرمات، قدر استطاعته فعن أبي سعيد الخدري - رَضي الله عنه - قال سمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ ) رواه مسلم[42] ورواه النسائي[43] بلفظ (مَنْ رَأَى مُنْكَرًا فَغَيَّرَهُ بِيَدِهِ فَقَدْ بَرِئَ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يُغَيِّرَهُ بِيَدِهِ، فَغَيَّرَهُ بِلِسَانِهِ فَقَدْ بَرِئَ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يُغَيِّرَهُ بِلِسَانِهِ، فَغَيَّرَهُ بِقَلْبِهِ فَقَدْ بَرِئَ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ ) قال شيخنا العلامة ابن عثيمين -رحمه الله تعالى-: " إن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولى جميع الأمة إذا رأت منكراً أن تغيره، ولا يحتاج أن نقول: لابد أن يكون عنده وظيفة، فإذا قال أحد: مَن الذي أمرك أو ولاك ؟ يقول له ؟ النبي صلى الله عليه وسلم لقوله "مَنْ رَأَى مِنْكُمْ". " ا.هـ[44] وقد أمر بذلك النبي –صلى الله عليه وسلم- أصحابه أمرا عاما كما في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ( إِيَّاكُمْ وَالجُلُوسَ بِالطُّرُقَاتِ) فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا لَنَا مِنْ مَجَالِسِنَا بُدٌّ نَتَحَدَّثُ فِيهَا. فَقَالَ: ( إِذْ أَبَيْتُمْ إِلَّا المَجْلِسَ فَأَعْطُوا الطَّرِيقَ حَقَّهُ ) قَالُوا: وَمَا حَقُّ الطَّرِيقِ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ: (غَضُّ البَصَرِ وَكَفُّ الأَذَى وَرَدُّ السَّلاَمِ وَالأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنِ المُنْكَرِ)[45] وقال السفاريني -رحمه الله تعالى- مبينا معنى التغيير باللسان: " بأن تعظه وتذكره بالله وأليم عقابه وتوبخه وتعنفه مع لين وإغلاظ بحسب ما يقتضيه الحال، وقد يحصل المقصود في بعض المحال بالرفق والسياسة بأزيد وأتم مما يحصل بالعنف والرياسة، كأن يقول لمن رآه متكشفا في نحو حمام: استر سترك الله " ا.هـ[46] وقال النووي -رحمه الله تعالى-: " من كره بقلبه ولم يستطع إنكارا بيد ولا لسان فقد برى من الإثم، وأدى وظيفتهُ، ومن أنكر بحسب طاقته فقد سلم من هذه المعصية، ومن رضي بفعلهم وتابعهم، فهو العاصي "ا.هـ[47] وقال ابن رجب الحنبلي -رحمه الله تعالى-: " فدلت هذه الأحاديث كلها على وجوب إنكار المنكر بحسب القدرة عليه، وأما إنكاره بالقلب لا بد منه، فمن لم ينكر قلبه المنكر، دل على ذهاب الإيمان من قلبه... لأن الرضا بالخطايا من أقبح المحرمات، ويفوت به إنكار الخطيئة بالقلب، وهو فرض على كل مسلم، لا يسقط، عن أحد في حال من الأحوال "ا.هـ[48] عن عبدالله بن مسعود -رضي الله عنه - أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (مَا مِنْ نَبِيٍّ بَعَثَهُ اللهُ فِي أُمَّةٍ قَبْلِي إِلَّا كَانَ لَهُ مِنْ أُمَّتِهِ حَوَارِيُّونَ وَأَصْحَابٌ يَأْخُذُونَ بِسُنَّتِهِ وَيَقْتَدُونَ بِأَمْرِهِ ثُمَّ إِنَّهَا تَخْلُفُ مِنْ بَعْدِهِمْ خُلُوفٌ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ وَيَفْعَلُونَ مَا لَا يُؤْمَرُونَ فَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِيَدِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ وَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِلِسَانِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ وَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِقَلْبِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ وَلَيْسَ وَرَاءَ ذَلِكَ مِنَ الْإِيمَانِ حَبَّةُ خَرْدَلٍ )[49] قال شيخ الإسلام - رحمه الله تعالى -: " مراده أنه لم يبق بعد هذا الإنكار ما يدخل في الإيمان حتى يفعله المؤمن؛ بل الإنكار بالقلب آخر حدود الإيمان، ليس مراده أن من لم ينكر ذلك لم يكن معه من الإيمان حبة خردل: ولهذا قال: " وَلَيْسَ وَرَاءَ ذَلِكَ " فجعل المؤمنين ثلاث طبقات، وكل منهم فعل الإيمان الذي يجب عليه لكن الأول لما كان أقدرهم كان الذي يجب عليه أكمل مما يجب على الثاني، وكان ما يجب على الثاني أكمل مما يجب على الآخر، وعلم بذلك أن الناس يتفاضلون في الإيمان الواجب عليهم بحسب استطاعتهم مع بلوغ الخطاب إليهم كلهم "ا.هـ[50] وهنا أنبه على أنه لا يُنكر إلا ما هو منكر ظاهرا قال شيخنا ابن عثيمين -رحمه الله تعالى-: " لابد أن يكون المنكر منكراً لدى الجميع، فإن كان من الأمور الخلافية فإنه لا ينكر على من يرى أنه ليس بمنكر، إلا إذا كان الخلاف ضعيفاً لا قيمة له، فإنه ينكر على الفاعل "ا.هـ[51] و قال الإمام القرافي المالكي -رحمه الله تعالى- : " قال بعض العلماء لا يشترط في النهي عن المنكر أن يكون الملابس له عاصيا بل يشترط أن يكون ملابسا لمفسدة واجبة الدفع أو تاركا لمصلحة واجبة الحصول "ا.هـ[52].
وعلى الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر أن يكون أمره ونهيه لله تعالى، وفقا لهدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم - بالرفق واللين والحلم والصبر، وإرادة الخير للناس قال تعالى ï´؟ ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ï´¾ (فصلت 125) وقال تعالى ï´؟ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ï´¾ ( آل عمران 159) قال الإمام أحمد – رحمه الله تعالى: " يأمر بالرفق والخضوع، فإن أسمعوه ما يكره لا يغضب فيكون يريد أن ينتصر "ا.هـ[53] كما لا يحل لأحد أن يتجسس على مَن ستر نفسه ولم يُجاهر بالذنب قال تعالى ï´؟ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا ï´¾ (الحجرات 12) وعن معاوية بن أبي سفيان - رضي الله عنهما - قال: سمعت رسول الله – صلى الله عليه وسلم - يقول: ï´؟ إِنَّكَ إِذَا اتَّبَعْتَ عَوْرَاتِ النَّاسِ أَفْسَدْتَهُمْ أَوْ كِدْتَ أَنْ تُفْسِدَهُمْ ï´¾ رواه أبو داود (4888) وأبو يعلى (7389) وصححه ابن حبان (5760) وعن زيد بن وهب قال: أتي ابن مسعود - رضي الله عنه - فقيل له: هذا فلان تقطر لحيته خمرا، فقال عبد الله: " إِنَّا قَدْ نُهِينَا عَنِ التَّجَسُّسِ وَلَكِنْ إِنْ يَظْهَرْ لَنَا شَيْءٌ نَأْخُذْ بِهِ" رواه ابن أبي شيبة (26568) وأبو داود (4890) ومما يلزم قبل الأمر والنهي ما ذكره الشيخ تقي الدين ابن تيمية - رحمه الله تعالى-: " لا بد من العلم بالمعروف والمنكر والتمييز بينهما، ولا بد من العلم بحال المأمور والمنهي، ومن الصلاح أن يأتي بالأمر والنهي بالصراط المستقيم، وهو أقرب الطرق إلى حصول المقصود، ولابد في ذلك من الرفق كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم – ( ما كان الرفق في شيء إلا زانه ولا كان العنف في شيء إلا شانه )[54] وقال: (إِنَّ اللهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ فِي الأَمْرِ كُلِّهِ وَيُعْطِي عَلَى الرِّفْقِ مَا لَا يُعْطِي عَلَى الْعُنْفِ )[55] ولا بد أيضا أن يكون حليما صبورا على الأذى؛ فإنه لا بد أن يحصل له أذى؛ فإن لم يحلم ويصبر كان ما يفسد أكثر مما يصلح. كما قال لقمان لابنه: ï´؟ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ï´¾ (لقمان17) ولهذا أمر الله الرسل - وهم أئمة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر - بالصبر كقوله لخاتم الرسل؛ بل ذلك مقرون بتبليغ الرسالة. فإنه أول ما أرسل أنزلت عليه سورة ï´؟ يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ ï´¾ بعد أن أنزلت عليه سورة (اقرأ ) التي بها نبئ فقال: ï´؟ يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (1) قُمْ فَأَنْذِرْ (2) وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ (3) وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ (4) وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ (5) وَلَا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ (6) وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ ï´¾ (المدثر7) فافتتح آيات الإرسال إلى الخلق بالأمر بالنذارة وختمها بالأمر بالصبر، ونفس الإنذار أمر بالمعروف ونهي عن المنكر، فعلم أنه يجب بعد ذلك الصبر وقال: ï´؟ وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا ï´¾ وقال تعالى: ï´؟ وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا ï´¾ (المزمل10) ï´؟ فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ ï´¾ (الأحقاف35) ï´؟ فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ ï´¾ (القلم48) ï´؟ وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ ï´¾ (النحل127) ï´؟ وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ï´¾ (هود115) فلا بد من هذه الثلاثة: العلم والرفق والصبر، العلم قبل الأمر والنهي، والرفق معه، والصبر بعده، وإن كان كل من الثلاثة مستصحبا في هذه الأحوال، وهذا كما جاء في الأثر عن بعض السلف ورووه مرفوعا ذكره القاضي أبو يعلى في المعتمد: " لا يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر إلا من كان فقيها فيما يأمر به، فقيها فيما ينهى عنه، رفيقا فيما يأمر به، رفيقا فيما ينهى عنه، حليما فيما يأمر به حليما فيما ينهى عنه " ا.هـ[56].
وأقول مذكرًا أولئك الذين لا همَّ لهم سوى الدفاع عن المنكرات بمقالات تنشر عبر الشبكة العنكبوتية وتويتر والفيسبوك وغيرها، وهم لم يشهدوا ذلك المنكر، ولم يحضروه: بأنهم هم ومَن عمله سواء في الإثم والوزر فعن العرس بن عميرة الكندي -رضي الله عنه- عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: ( إِذَا عُمِلَتِ الْخَطِيئَةُ فِي الْأَرْضِ كَانَ مَنْ شَهِدَهَا فَكَرِهَهَا - وَقَالَ مَرَّةً: أَنْكَرَهَا - كَانَ كَمَنْ غَابَ عَنْهَا وَمَنْ غَابَ عَنْهَا فَرَضِيَهَا كَانَ كَمَنْ شَهِدَهَا )[57] ولابن القيم -رحمه الله تعالى- كلام يحكي حال المعترضين على شرع الله تعالى وأمره بنشر المنكرات من شبهات أو شهوات: " أهل هذا الاعتراض ثلاثة أنواع:
أحدها: المعترضون عليه بآرائهم وأقيستهم، المتضمنة تحليل ما حرم الله -سبحانه وتعالى-، وتحريم ما أباحه، وإسقاط ما أوجبه، وإيجاب ما أسقطه، وإبطال ما صححه، وتصحيح ما أبطله، واعتبار ما ألغاه، وإلغاء ما اعتبره، وتقييد ما أطلقه، وإطلاق ما قيده. وهذه هي الآراء والأقيسة التي اتفق السلف قاطبة على ذمها، والتحذير منها وصاحوا على أصحابها من أقطار الأرض وحذروا منهم، ونفروا عنهم.
النوع الثاني: الاعتراض على حقائق الإيمان والشرع بالأذواق والمواجيد والخيالات، والكشوفات الباطلة الشيطانية، المتضمنة شرع دين لم يأذن به الله، وإبطال دينه الذي شرعه على لسان رسوله، والتعوض عن حقائق الإيمان بخدع الشيطان وحظوظ النفوس الجاهلة، والعجب أن أربابها ينكرون على أهل الحظوظ، وكل ما هم فيه فحظ، ولكن حظهم متضمن مخالفة مراد الله، والإعراض عن دينه، واعتقاد أنه قربة إلى الله. فأين هذا من حظوظ أصحاب الشهوات، المعترفين بذمها، المستغفرين منها، المقرين بنقصهم وعيبهم، وأنها منافية للدين ؟ وهؤلاء في حظوظ اتخذوها دينا، وقدموها على شرع الله ودينه، واغتالوا بها القلوب، واقتطعوها عن طريق الله، فتولد من معقول أولئك، وآراء الآخرين وأقيستهم الباطلة، وأذواق هؤلاء خراب العالم، وفساد الوجود، وهدم قواعد الدين، وتفاقم الأمر وكاد لولا أن الله ضمن أنه لا يزال يقوم به من يحفظه، ويبين معالمه، ويحميه من كيد من يكيد.
النوع الثالث: الاعتراض على ذلك بالسياسات الجائرة، التي لأرباب الولايات التي قدموها على حكم الله ورسوله، وحكموا بها بين عباده، وعطلوا لها وبها شرعه وعدله وحدوده.
فقال الأولون: إذا تعارض العقل والنقل أيهما يقدم ؟ قدمنا العقل.
وقال الآخرون: إذا تعارض الأثر والقياس: قدمنا القياس.
وقال أصحاب الذوق والكشف والوجد: إذا تعارض الذوق والوجد والكشف وظاهر الشرع: قدمنا الذوق والوجد والكشف.
وقال أصحاب السياسة: إذا تعارضت السياسة والشرع، قدمنا السياسة.
فجعلت كل طائفة قبالة دين الله وشرعه طاغوتا يتحاكمون إليه.
فهؤلاء يقولون: لكم النقل ولنا العقل. والآخرون يقولون: أنتم أصحاب آثار وأخبار ونحن أصحاب أقيسة وآراء وأفكار. وأولئك يقولون: أنتم أرباب الظاهر، ونحن أهل الحقائق. والآخرون يقولون: لكم الشرع ولنا السياسة. فيا لها من بلية، عمت فأعمت، ورزية رمت فأصمت، وفتنة دعت القلوب فأجابها كل قلب مفتون، وأهوية عصفت فصمت منها الآذان، وعميت منها العيون. عطلت لها - والله - معالم الأحكام، كما نفيت لها صفات ذي الجلال والإكرام، واستند كل قوم إلى ظلم وظلمات آرائهم، وحكموا على الله وبين عباده بمقالاتهم الفاسدة وأهوائهم، وصار لأجلها الوحي عرضة لكل تحريف وتأويل، والدين وقفا على كل إفساد وتبديل "ا.هـ[58] ولله در هذا الإمام الذي فصَّل حال القوم أتقن وأجاد، أما أنت أيها القارئ فأنزل هذا الكلام على ما يُكتب هنا وهناك ترى أن مَن ضل في هذا الزمان له سلف ممن سبق أسأل الله تعالى أن يرينا الحق حقا ويرزقنا اتباعه والباطل باطلا ويعيننا على اجتنابه، اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان واجعلنا من الراشدين، واستر اللهم عوراتنا وآمن روعاتنا، والله تعالى أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
[1] مدارج السالكين 1/157
[2] تفسير السعدي /167
[3] رواه أبو داود (4031) من حديث ابن عمر رضي الله عنهما وسنده حسن كما قال الحافظ ابن حجر في الفتح 10/271
[4] التيسير بشرح الجامع الصغير 1/434
[5] بهجة قلوب الأبرار للسعدي/146
[6] قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله تعالى: " إن بعض العلماء عدّه ركناً سادساً من أركان الإسلام , والصحيح أنه ليس ركناً سادساً، لكنه من أهم الواجبات وأفرض الفروض " ا.هـ شرح رياض الصالحين 2/451
[7] زاد المسير 1/312
[8] تفسير ابن كثير 2/91
[9] تفسير النسفي 1/280 وقال السمين الحلبي -رحمه الله تعالى-: " قوله تعالى: (وَلْتَكُن مِّنْكُمْ أُمَّةٌ): يجوزُ أَنْ تكونَ التامةَ أي: وَلْتُوجد منكم أمةٌ، فتكون ((أمة)) فاعلاً، و ((يَدْعُون)) جملةٌ في محلِّ رفعٍ صفةً لأمة، و ((منكم)) متعلِّقٌ بتكن على أنها تبعيضيةٌ، ويجوز أن يكونَ ((منكم)) متعلقاً بمحذوفٍ على أنه حالٌ من ((أمة)) إذ كان يجوز جَعْلُه صفةً لها لو تأخّر عنها، ويجوز أن تكون ((مِنْ)) للبيان لأن المُبَيَّن وإنْ تأخَّر لفظاً فهو مُقَدَّمٌ رتبةً، ويجوزُ أَنْ تكونَ الناقصةَ فأمه اسمها و ((يَدْعُون)) خبرها، و ((منكم)) متعلِّقٌ: إمَّا بالكون، وإمَّا بمحذوف على الحال من ((أمة)) . ويجوزُ أن يكونَ ((منكم)) هو الخبرَ و ((يَدْعُون)) صفةً لأمة، وفيه بُعدٌ. "ا.هـ الدر المصون 3/339 وقال محمد رشيد رضا رحمه الله تعالى : " وقد اختلفت المفسرون في قوله - تعالى -: منكم هل معناه: بعضكم، أم " من " بيانية؟ ذهب مفسرنا (الجلال) إلى الأول ; لأن ذلك فرض كفاية، وسبقه إليه الكشاف وغيره.
وقال بعضهم بالثاني، قالوا: والمعنى: ولتكونوا أمة تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر، قال الأستاذ الإمام: والظاهر أن الكلام على حد " ليكن لي منك صديق " فالأمر عام، ويدل على العموم قوله - تعالى -: والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر [103: 1 - 3] فإن التواصي هو الأمر والنهي، وقوله - عز وجل -: لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون [5: 78، 79] وما قص الله علينا شيئا من أخبار الأمم السالفة إلا لنعتبر به " ا.هـ تفسير المنار 4/23
[10] مجموع الفتاوى 3/267
[11] موارد الظمآن لدروس الزمان 2/124
[12] أحكام القرآن 2/282
[13] مختصر التحفة الأثني عشرية /12
[14] درء تعارض العقل والنقل 5/383
[15] الصواعق المرسلة 2/509
[16] التذكرة الحمدونية 4/108 غرر الخصائص الواضحة 1/590الشعر والشعراء 2/668عيون الأخبار 2/35
[17] تفسير الرازي 23/230
[18] تفسير ابن كثير 5/426
[19] رواه ابن المبارك في الزهد (584) وأبو داود في الزهد (66) والبيهقي في الشعب (7847) ونحوه عند الحاكم (207) وصححه على شرط الشيخين .
[20] رواه مسلم (58) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه .
[21] رواه النسائي في الكبرى (11171) والبزار (3626) وحسنه الألباني في صحيح الجامع (2557).
[22] شعب الإيمان 10/54
[23] تفسير القشيري 2/45
[24] مجموع فتاوى ابن باز 3/265
[25] رواه ابن جرير في التفسير 5/672
[26] الكشاف 1/400
[27] تفسير القرطبي 4/173
[28] الاستقامة 2/203 مجموع الفتاوى 23/128
[29] تفسير القاسمي 2/385
[30] موارد الظمآن لدروس الزمان 2/132
[31] فتح القدير 2/75
[32] رواه الإمام أحمد(23301) والترمذي (2169) وحسنه .
[33] مرقاة المفاتيح 2/2211 وانظر: التيسير بشرح الجامع الصغير 2/289 وفيض القدير 5/260
[34] قال النووي رحمه الله تعالى: " معناه المنكر لها، القائم في دفعها وإزالتها، والمراد بالحدود ما نهى الله عنه " ا.هـ رياض الصالحين /106
[35] رواه البخاري (2493) .
[36] إرشاد الساري 4/288
[37] رواه البخاري (3346) ومسلم ( 2880)
[38] النهاية في غريب الحديث 2/6
[39] تفسير ابن عطية 3/214
[40] رواه أحمد ( 1 ) وأبو داود (4338) والترمذي (2168) والنسائي في الكبرى (11092) وصححه ابن حبان (304).
[41] جامع العلوم والحكم 2/255 لوامع الأنوار البهية 2/429 غذاء الألباب 1/227
[42] صحيح مسلم (78)
[43] سنن النسائي (5009)
[44] شرح رياض الصالحين 1/334
[45] رواه البخاري (6229)
[46] لوامع الأنوار 2/428
[47] رياض الصالحين /107
[48] جامع العلوم والحكم 2/245 غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب 1/227
[49] رواه مسلم (80)
[50] مجموع الفتاوى 7/428 غذاء الألباب 1/228
[51] شرح رياض الصالحين 1/335
[52] الذخيرة 13/304
[53] لوامع الأنوار البهية 2/428 الآداب الشرعية لابن مفلح 1/156
[54] رواه مسلم (2594) بلفظ (إِنَّ الرِّفْقَ لَا يَكُونُ فِي شَيْءٍ إِلَّا زَانَهُ، وَلَا يُنْزَعُ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا شَانَهُ ) من حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها .
[55] روى البخاري صدره(6927) ورواه مسلم عدا (فِي الأَمْرِ كُلِّهِ) (2165) ورقم (2593) من حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها .
[56] مجموع الفتاوى 28/136
[57] رواه أبو داود (4345) والطبراني في المعجم الكبير 17/139 رقم (345) وحسنه الألباني في صحيح الجامع (689)
[58] مدراج السالكين 2/69
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|