
04-02-2020, 10:21 PM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,500
الدولة :
|
|
رد: أحاديث صوم عاشوراء في الكتب الستة رواية ودراية
أحاديث صوم عاشوراء في الكتب الستة رواية ودراية
نايف العتيبي
ثانياً : ما انفرد به مسلم عن البخاري
1- حديث جابر بن سمرة رضي الله عنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا بصيام يوم عاشوراء ويحثنا عليه فلما فرض رمضان لم يأمرنا ولم ينهنا ولم يتعاهدنا عنده.
أخرجه مسلم في ( كتاب الصيام ح 2652) من طريق أشعث بن أبي الشعثاء عن جعفر بن أبي ثور عن جابر.
2- حديث الحكم بن الأعرج قال : انتهيت إلى ابن عباس وهو متوسد رداءه عند زمزم فقلت له : أخبرني عن صوم عاشوراء ؟ فقال : إذا رأيت هلال المحرم فاعدد وأصبح يوم التاسع صائما قلت : هكذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصومه قال : نعم.
أخرجه مسلم ( كتاب الصيام ح 2664-2665) من طريقي حاجب بن عمر ومعاوية بن عمرو عن الحكم
والترمذي ( كتاب الصوم – باب ما جاء في عاشوراء أي يوم هو ؟ ح 754) وأبو داود (كتاب الصيام – باب ما روي أن عاشوراء اليوم التاسع ح (2446
3- حديث عبدالله بن عباس رضي الله عنهما حين قيل للنبي صلى الله عليه وسلم إن يوم عاشوراء يوم تعظمه اليهود والنصارى قال : " فإذا كان العام المقبل إن شاء الله صمنا اليوم التاسع " وفي رواية " لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع "
أخرجه مسلم (كتاب الصيام ح 2266-2267) من طريقي أبي غطفان طريف المري وعبدالله بن عمير.
ومن طريق أبي غطفان أخرجه أبو داود (كتاب الصيام – باب ما روي أن عاشوراء اليوم التاسع ح 2445) ومن طريق عبدالله بن عمير أخرجه ابن ماجه )كتاب الصيام – باب صيام يوم عاشوراء ح 1736(
4- حديث غيلان بن جرير عن عبدالله بن معبد الزّماني عن أبي قتادة رضي الله عنه – في صفة صوم النبي صلى الله عليه وسلم وهو حديث طويل – قال : وسئل عن صوم يوم عاشوراء فقال : " يكفر السنة الماضية " وفي رواية " صيام يوم عاشوراء أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله "
أخرجه مسلم (كتاب الصيام ح ( 2746-2747) والترمذي (كتاب الصوم – باب ما جاء في الحث على صوم يوم عاشوراء ح 752 ( وابن ماجه (كتاب الصيام – باب صيام يوم عاشوراء ح 1738(
ثالثاً : ما انفرد به أهل السنن مما لم يخرجه صاحبا الصحيح
1- حديث حصين عن الشعبي عن محمد بن صيفي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عاشوراء: " أمنكم أحد أكل اليوم ؟ فقالوا : منا من صام ومنا من لم يصم قال: " فأتموا بقية يومكم وابعثوا إلى أهل العروض فليتموا بقية صومهم "
أخرجه النسائي ( كتاب الصيام – باب إذا طهرت الحائض أو قدم المسافر في رمضان هل يصوم بقية يومه ؟ ح 2322) وابن ماجه) كتاب الصيام – باب صوم يوم عاشوراء ح 1735 ( وهو حديث صحيح. وليس لمحمد بن صيفي رضي الله عنه في الكتب الستة سوى هذا الحديث.
2- حديث عبدالرحمن بن مسلمة عن عمه أن أسلم أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقال : " صمتم يومكم هذا ؟ " قالوا : لا قال : " فأتموا بقية صومكم واقضوه " قال أبو داود : يعني صوم عاشوراء.
أخرجه أبو داود ( كتاب الصيام – باب في فضل صومه ح 2447 ( وهو من الأحاديث التي تفرد بها أبو داود عن الصحيحين. وعبدالرحمن بن مسلمة مختلف في اسمه فقيل عبدالرحمن بن سلمة وقيل عبدالرحمن بن المنهال ، ولا يعرف عمه قاله البيهقي. ونقل ابن القيم في تعليقاته على السنن تضعيف عبدالحق لهذا الحديث بذكر القضاء وهذا حق فقد جاء الأمر في الصحيح وغيره من غير الأمر بالقضاء. وفي سند الحديث اختلاف على قتادة فالأظهر أنه حديث ضعيف. ولا يعرف لعبدالرحمن بن مسلمة عن عمه في الكتب الستة سوى هذا الحديث.
3- حديث الحر بن الصياح عن هنيدة بن خالد عن امرأته قالت : حدثتني بعض نساء النبي صلى الله عليه وسلم ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصوم يوم عاشوراء وتسعا من ذي الحجة وثلاثة أيام من الشهر أول اثنين من الشهر وخميسين)
أخرجه النسائي ( كتاب الصيام – باب صوم النبي صلى الله عليه وسلم بأبي هو وأمي وذكر اختلاف الناقلين للخبر في ذلك ح 2374 – وباب كيف يصوم ثلاثة أيام من كل شهر وذكر اختلاف الناقلين للخبر في ذلك ح 2418-2420) وأبو داود ( كتاب الصيام – باب في صوم العشر ح 2437 ) وفيه (الخميس ) من غير ذكر الخميسين. وهوحديث مضطرب سنداً ومتناً.
4- حديث الحسن عن ابن عباس قال : أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بصوم عاشوراء يوم العاشر
أخرجه الترمذي ( كتاب الصوم – باب ما جاء في عاشوراء أي يوم هو ح 755) وقال : حديث ابن عباس حسن صحيح. وحمل كلام أبي عيسى على حديث ابن عباس المتقدم لهذا وهو حديث الحكم بن الأعرج عن ابن عباس المخرج في الصحيح. والحسن لم يسمع من ابن عباس نصّ عليه ابن المديني في علله وغيره فهو حديث منقطع ، ومتنه يخالف ما جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما في حديث الحكم بن الأعرج المخرج في الصحيح.
فقه الأحاديث رواية :
في هذه أحاديث فوائد جمة أذكرها من غير ترتيب :
1- أن صوم عاشوراء كان منذ القدم فقد كانت قريش تصومه في الجاهلية ( انظر سبب صومهم في فتح البارئ ) وكانت اليهود تصومه.
2- صام النبي صلى الله عليه وسلم عاشوراء قبل الهجرة وبعدها وأمر بصيامه فلما وجد اليهود يصومونه قال: ( فإذا كان العام المقبل إن شاء الله صمنا اليوم التاسع )
3- اتفق العلماء أن صوم يوم عاشوراء اليوم ليس بواجب واختلفوا في مبدأ صيامه هل كان واجباً أو مستحباً ؟ على قولين ذهب أبو حنيفة ورواية عن أحمد رجحها ابن القيم أن صومه كان واجبا ، والجمهور أنه كان مستحبا.
4- ثبت عن بعض الصحابة رضوان الله عليهم أنهم لا يصومون عاشوراء بعد فرض رمضان منهم ابن مسعود رضي الله عنه وابن عمر رضي الله عنهما فكان لا يصومه إلا أن يوافق صومه. والأحاديث دالة على بقاء استحباب صوم عاشوراء ، وقول ابن مسعود رضي الله عنه : " فلما نزل رمضان تُرك " أي وجوبه لا استحبابه.
5- فيه موالاة المؤمنين فعاشوراء يوم نجّى الله فيه موسى وقومه فصامه موسى شكراً فصامه النبي صلى الله عليه وسلم. وفيه دليل على أن العمل شكر قال تعالى ( اعملوا آل داود شكراً) ولا يكون شكراً إلا بموافقة السنة ، وقد أورد ابن حجر الهيثمي رحمه الله وتبعه غير واحد في أن صوم النبي صلى الله عليه وسلم لعاشوراء فيه ارتباط بالحوادث العظيمة ففيه دليل على مشروعية الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم وهذا من غرائب الاستدلال ذكرته للتعجب لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصوم الاثنين لأنه يوم ولد فيه وبعث فيه وداوم على ذلك فالعجب من مخالفة السنة بالصيام إلى الاحتفال الذي لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم ولا أحد من الصحابة والتابعين ولا أحد من أهل القرون المفضلة. يُنظر ( اقتضاء الصراط المستقيم في مخالفة أصحاب الجحيم ) لأبي العباس ابن تيمية الحفيد فهو كتاب نافع في بابه.
6- اختلف أهل العلم في عاشوراء هل هو اليوم التاسع أو العاشر ؟ وسبب الاختلاف أن قوله صلى الله عليه وسلم ( لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع ) هل هو نقل لعاشوراء من العاشر إلى التاسع أو المعنى صيام التاسع مع العاشر ؟ الأظهر الثاني، وهو قول أكثر أهل العلم أن عاشوراء هو اليوم العاشر وذهب ابن حزم رحمه الله أن عاشوراء هو اليوم التاسع فقال في المحلى : " ونستحب صوم يوم عاشوراء وهو اليوم التاسع فإن صام العاشر فهو حسن " واستدل بحديث الحكم بن الأعرج وقول ابن عباس رضي الله عنهما : اعدد تسعا وأصبح يوم التاسع صائما ؛ وتأول قول ابن عباس رضي الله عنهما فقيل أراد بيان السنة فذكر له التاسع لأن العاشر معلوم وقيل هذا مأخوذ من إظماء الإبل فكانوا يوردون اليوم العاشر ويقولون وردنا تسعا وقيل غير ذلك.
7- عاشوراء على وزن فاعولاء وهذا الوزن قليل في لغة العرب. وكان يوماً تستر فيه الكعبة في الجاهلية. وقد ذكر ابن حجر رحمه الله في الفتح أن الكعبة كانت في زمانه تستر يوم النحر. وفي زماننا اليوم تستر الكعبة يوم عرفة.
8- صوم الحادي عشر جاء فيه حديث ابن أبي ليلى عن داود بن علي عن أبيه عن جده عبدالله بن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " خالفوا اليهود صوموا يوما قبله أويوما بعده " رواه أحمد وغيره ولا يصح فيه ابن أبي ليلى سيء ضعيف. وصوم التاسع والعاشر والحادي عشر لا أعرف فيه حديثا. والأفضل هو صوم التاسع والعاشر.
9- ضعف بعض المتأخرين حديث أبي قتادة رضي الله عنه المخرج في صحيح مسلم في فضل صومه وهذا من الغرائب ولا أعرف أحداً من الحفاظ المتقدمين تكلم فيه.
ومن الفوائد مما لها علاقة بالباب مما لم يأت فيما سبق من الأحاديث :
1- هل يكره إفراد عاشوراء بالصيام ؟ فيه خلاف والأظهر أنه لا يكره.
2- إذا وافق عاشوراء يوم السبت فهل يصام ؟ من صحح حديث ( لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم ..) الحديث منع من صيامه ، وأكثر الحفاظ والمحدثين على أنه حديث غير صحيح وعليه فلا بأس بصيامه.
3- جمهور أهل العلم أن تكفير صوم عاشوراء خاص بصغائر الذنوب فإن قيل صوم عرفة يكفر سنتين سنة ماضية وسنة مستقبلة فما فائدة صوم يوم عاشوراء ؟ أورد هذا ابن القيم في أوائل كتابه ( الجواب الكافي ) في سياق حديثه عن المغترين وأجاب عنه فليرجع إليه.
4- لماذا كان صوم يوم عرفة يكفر سنتين وصوم عاشوراء يكفر سنة ؟ قال بعض العلماء لأن صوم عرفة من شريعة محمد صلى الله عليه وسلم وصوم عاشوراء من شريعة موسى عليه السلام.
5- أحدث الناس في يوم عاشوراء أعمالاً لا أصل لها فمنهم من يحتفل به احتفالا حتى يعرف بـ " يوم زمزم " إذ كل من يرى ذلك اليوم فإنه يرش عليه بالماء رجاء البركة كما يرش على المتاع وغيره كما يحدث في بعض مناطق المغرب وهي في طريقها للاندثار وفي الليل احتفال خاص وعلى النقيض فإن الرافضة جعلوه مأتماً ويقولون أحاديث صوم عاشوراء من وضع بني أمية وهذا من العجائب. ومن نظم بعضهم في أعمال يوم عاشوراء :
صُم صَلِّ صِل زُرْ عالمًا ثم اغتسل ** رأس اليتيم امسح تصدَّق واكتحل
وسِّع على العيـال قلم ظفـرًا*** وسـورة الإخلاص قل ألفًا تَصِل
ولا يصح من هذا الأعمال يوم عاشوراء إلا الصيام نصّ عليه ابن القيم في المنار المنيف.
وأما حديث ( من وسع على عياله يوم عاشوراء وسع الله عليه سائر سنته ) فحديث منكر ، وإنما هو بلاغ محمد بن المنتشر عن أبيه.
وهناك مسائل مشكلة في صوم عاشوراء منها أن النبي صلى الله عليه وسلم قدم المدينة فوجد اليهود يصومونه ومقدمه إنما كان في ربيع الأول فكيف ذلك ؟ وحديث ابن عباس " لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع " أنه لم يعلم بصيام اليهود إلا قبل موته بسنة وقد قدم المدينة وهو يصومونه ؟ أجاب عن هذه الإشكالات وغيرها ابن القيم في زاد المعاد ( 2/63-73)
6- العلة من صوم عاشوراء هو مخالفة اليهود كما جاء في صحيح مسلم من حديث وكيع عن ابن أبي ذئب عن القاسم بن عباس عن عبدالله بن عمير عن ابن عباس رضي الله عنها ، وقد أخرجه ابن ماجه من حديث أحمد يونس عن ابن أبي ذئب به وزاد " مخافة أن يفوته عاشوراء " أي أن العلة من صيام التاسع هو الاحتياط لعاشوراء ، وَ وكيع أحفظ من أحمد بن يونس فهذه زيادة شاذة. وهنا مسألة تترتب على هذا وهي أن اليهود اليوم لا يوافق صيام عاشوراء لصيامنا فعاشوراء عندهم يسمونه اليوم الكبير ( Yom Kippur ) وهو اليوم العاشر من شهر تشرى (Tishra ) وهو الشهر السابع من تقويم اليهود ويوافق صيام عاشوراء بالتقويم الميلادي تارة شهر سبتمبر وتارة شهر أكتوبر وهو يتغير بينهما سنويا فهل يقال بزوال سنية صوم التاسع مع مشروعية صيامه ؟ هذا محل بحث وتأمل.
7- حديث أبي قتادة رضي الله عنه المخرج في صحيح مسلم في فضل صوم يوم عاشوراء يعرف بـ " مسلسل عاشوراء " فهو حديث مسلسل بالتحديث يوم عاشوراء فلا يحدث به مسلسلا بشرطه إلا ذلك اليوم. وقد تكلم في تسلسله وأوله كان في مجلس أملاه المنذري في فضل صوم عاشوراء ، وقد طبع ثم تتابع المسلسل إلى يومنا.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|