عرض مشاركة واحدة
  #19  
قديم 09-02-2020, 03:28 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 153,297
الدولة : Egypt
افتراضي رد: زاد العقول شرح سلم الوصول

زاد العقول شرح سلم الوصول (3/ 17)
أبي أسامة الأثري جمال بن نصر عبدالسلام




(3/ 17)




17- إضافة الفعل إلى ما يصحُّ منه تشبيهًا:
قال - تعالى -: ï´؟ فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقَامَهُ ï´¾ [الكهف: 77].
وصَفَه بالإرادة، وهي من صِفات الحيِّ تشبيهًا لِمَيْلِه للوُقُوع بإرادته.

18- إطلاق الفعل والمراد مُشارَفته ومُقارَبته وإرادته:
قال - تعالى -: ï´؟ فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ ï´¾ [الطلاق: 2]؛ أي: إذا قارَبنَ بُلوغ الأجل؛ أي: انقِضاء العدَّة.

19- القلب:
وهي إمَّا قلب إسناد؛ قال - تعالى -: ï´؟ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ ï´¾ [القصص: 76]؛ أي: لتنوء بها.
وقال - تعالى -: ï´؟ لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ ï´¾ [الرعد: 38].
أو قلب عطف؛ قال - تعالى -: ï´؟ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانْظُرْ ï´¾ [النمل: 28]؛ أي: فانظُر ثم تولَّ عنهم.
قال - تعالى -: ï´؟ ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى ï´¾ [النجم: 8]؛ أي: تدلَّى فدَنا.

20- إقامة صيغة مقام أخرى:
وهي على أقسامٍ كثيرة؛ منها:
إطلاق المصدر على الفاعل:
قال - تعالى -: ï´؟ فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي ï´¾ [الشعراء: 77].
والأصل أعداء لي.

إطلاق المصدر على المفعول:
قال - تعالى -: ï´؟ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ ï´¾ [البقرة: 255].
أي: معلومه.
قال - تعالى -: ï´؟ وَجَاؤُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ ï´¾ [يوسف: 18].
أي: مكذوب فيه؛ لأنَّ الكذب من صِفات الأقوال والأجسام.

إطلاق الفاعل والمفعول على المصدر:
قال - تعالى -: ï´؟ لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ ï´¾ [الواقعة: 2].
أي: تكذيب.

إطلاق الفاعل على المفعول:
قال - تعالى -: ï´؟ خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ ï´¾ [الطارق: 6].
أي: مدفوق.
قال - تعالى -: ï´؟ لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ ï´¾ [هود: 43].
أي: لا معصوم اليوم.

إطلاق المفعول على الفاعل:
قال - تعالى -: ï´؟ إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا ï´¾ [مريم: 61].
أي: آتيًا.
قال - تعالى -: ï´؟ حِجَابًا مَسْتُورًا ï´¾ [الإسراء: 45].
أي: ساترًا.

ثانيًا: مَن ردَّ وجود المجاز في القرآن وأقرَّ به في اللغة:
وهو قول جماعةٍ من الظاهريَّة، على رأسهم داودُ بن علي وابنه أبو بكر، وابن القاص من الشافعيَّة، وابن خويز منداد من المالكيَّة، وأبو الحسن الخرزي البغدادي الحنبلي، وأبو عبدالله بن حامد، وأبو الفضل التميمي، ومنذر بن سعيد البلوطي.
واستدلُّوا لذلك بأنَّ المجاز أخو الكذب، والقرآن مُنزَّه عنه، وأنَّ المتكلِّم لا يعدل إليه إلاَّ إذا ضاقَتْ به الحقيقة فيستَعِير، وذلك مُحالٌ على الله - تعالى.

ثالثًا: مَن قال بردِّ المجاز مطلقًا:
وخُلاصة قولهم: أنَّ تقسيم الكلام إلى حقيقة ومجاز اصطِلاحٌ حادث بعد انقِضاء القرون الثلاثة الأولى المشهود لهم بالخيريَّة، فلم يتكلَّم به أحدٌ من الصحابة، ولا التابعين لهم بإحسان، ولا أحد من المشهود لهم بالعلم من الأئمَّة الأعلام، ومَصابِيح الهدى؛ كمالك بن أنس، وسفيان الثوري، والأوزاعي، وأبي حنيفة، وإسحاق بن راهويه، والشافعي، وأحمد، وغيرهم.
ولم يتكلَّم به أحدٌ من أئمَّة اللغة كالخليل بن أحمد الفراهيدي، وسيبويه، وأبي عمرو بن العلاء، وغيرهم.
وإنما هو اصطِلاحٌ حادثٌ بعد انقِضاء القرون الثلاثة الأولى، وأنَّ أوَّل مَن تكلَّم به أبو عُبَيدة معمر بن المثنى، في كتابه "مجاز القرآن"، وأبو عُبَيدة من أهل الاعتِزال كما هو معلومٌ، ولم يكن مقصده فيه صرف اللفظ عن ظاهره، وإنما كان مقصده مجرَّد تفسير الآيات.
ولم يوجد هذا التقسيم في كلام أحدٍ من أهل الفقه، أو الأصول، أو التفسير، أو الحديث، وغيرهم، قبل كلام أبي عُبَيدة به.
فهذا الإمام الشافعي أوَّل مَن جرَّد الكلام في أصول الفقه، لم يُقسِّم هذا التقسيم، ولا تكلَّم بلفظ المجاز، وكذلك محمد بن الحسن له في المسائل المبنيَّة على العربيَّة كلامٌ معروفٌ في: "الجامع الكبير" وغيره، ولم يتكلَّم بلفظ "المجاز".
وكذلك سائر الأئمَّة الأُوَل، ولم يوجد لفظ المجاز في كلام الإمام أحمد إلاَّ وكان مقصده منه ما يجوز في اللغة، كأنْ يقول الواحد العظيم الذي له أعوان: نحن فعلنا كذا، ونفعل كذا، ونحو ذلك.
ولم يَرِدْ عن أحمد - رحمه الله - مُطلقًا أنَّه استَخدَم المجاز في ما استُعمِل من الألفاظ في غير ما وُضِع له.
وخُلاصة القول في هذه المسألة أنَّ الصواب فيها مع أصحاب القول الثالث القائلين بردِّ المجاز مُطلقًا، وممَّن قال به شيخُ الإسلام ابن تيميَّة، الذي انتَصَر له في غير مَوضِع من مجموع فَتاواه، بل وله رسالة مستقلَّة في ذلك اسمها: "الحقيقة والمجاز" تقع ضمن "مجموع الفتاوى" في 20/ 400-497.
وتَبِعَه تلميذُه ابن قيِّم الجوزيَّة الذي استَوفَى هذه المسألة بحثًا في كتبه، ويَكفِي أنَّه ردَّه من أكثر من خمسين وجهًا في كتابه القيِّم: "الصواعق المرسلة".

وقال بذلك غيرُ واحدٍ من عُلَماء زماننا، منهم:
1- العلامة الشنقيطي - رحمه الله -:
وذلك في غير مَوضِعٍ من كتبه، فله أبحاثٌ جيدة في:
"المذكرة في أصول الفقه" ردَّ فيها كلامَ ابن قدامة الذي قال به في كتابه "روضة الناظر".
"أضواء البيان".
وله رسالة مستقلَّة في هذا الموضوع، سماها: "منع جواز المجاز في المنزل للتعبُّد والإعجاز".

2- العلاَّمة عبدالرحمن بن ناصر السعدي:
حيث قال في رسالته المسماة: "رسالة لطيفة جامعة في أصول الفقه المهمة" ص 17: "والأصل في الكلام الحقيقة، فلا يعدل به إلى المجاز - إن قلنا به - إلاَّ إذا تعذَّرت الحقيقة"؛ ا.هـ.

3- العلاَّمة محمد بن صالح العُثَيمين:
الذي ذكَر ذلك في غير موضعٍ من كتبه.
قال في "الأصول من علم الأصول" ص 27: "تقسيم الكلام إلى حقيقةٍ ومجازٍ هو المشهور عند أكثر المتأخِّرين في القرآن وغيره.
وقال بعض أهل العلم: لا مجاز في القرآن.
وقال آخَرون: لا مجاز في القرآن ولا في غيره.
وبه قال أبو إسحاق الإسفراييني، ومن المتأخِّرين محمد الأمين الشنقيطي، وقد بيَّن شيخ الإسلام ابن تيميَّة وتلميذُه ابن القيم أنَّه اصطلاحٌ حادث بعد انقِضاء القُرُون الثلاثة المفضَّلة، ونصَرَه بأدلَّة قويَّة كثيرة تُبيِّن لِمَن اطَّلَع عليها أنَّ هذا القول هو الصواب"؛ ا.هـ.
وراجع أيضًا "شرح نظم الورقات" ص 54.
وراجع أيضًا "شرح الأصول من علم الأصول"، ص 118.
ولأصحاب هذا القول ردودٌ قويَّة على مُخالِفيهم، سأذكُر طرفًا منها بحسب ما يَتَّسِع المقام - إنْ شاء الله.

ومن هذه الرُّدود:
1- أنَّه اصطلاحٌ حادِثٌ بعد القرون الثلاثة الأولى، فأمرٌ يَفُوتُ على أهل القرون الخيريَّة في العلم والعمل، ولا يتلفَّظ به أحدٌ منهم كيف يُنسَب إلى الصحَّة؟!
2- أنَّ أوَّل مَن لهج به وتبنَّاه هم المعتزلة وأذيالهم الذين سلَكُوا كلَّ مسلكٍ لتَعطِيل صِفات الله - عزَّ وجلَّ - وممَّا لا يَخفَى أنَّ المجاز أصلٌ في هذا التعطيل.
فإنَّ من المتَّفَق عليه عندهم أنَّ المجاز يجوز نفيُه، فلو قال قائل: رأيت أسدًا يُحارِب في الميدان، جازَ أنْ نقول: لم يرَ أسدًا، وإنما رأى إنسانًا يُحارِب.
وبتَطبِيق هذا المثال على صِفات الله - عزَّ وجلَّ - جازَ تعطيلُها من أوَّلها إلى آخِرها.
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((ينزل ربُّنا - تبارك وتعالى - كلَّ ليلةٍ إلى السَّماء الدُّنيا حين يَبقَى ثلثُ الليل الآخر، فيقول: مَن يدعوني فأستجيب له؟ مَن يسألني فأعطيه؟ مَن يستغفرني فأغفر له؟))؛ متفق عليه[4].
فالنزول عندهم مجازٌ؛ إذًا جاز أنْ ننفيه؛ إذًا لا نُزول على الحقيقة.
3- لازِمُ القول بالمجاز أنَّ الكلام وُضِع أوَّلاً، ثم نقل بعد ذلك إلى معنى آخر، وهذا معناه: أنَّ اللغات اصطلاحيَّة، وهذا الكلام لم يقل به أحدٌ قبل أبي هاشم الجبائي - من رؤوس المعتزلة.
وقد دحَض ذلك كلَّه شيخُ الإسلام ابن تيميَّة، فقال في "مجموع الفتاوى" 7/ 90 (بتصرف): "إنَّ هذا التقسيم يستَلزِم أنْ يكون اللفظ قد وُضِع أولاً لمعنى، ثم بعد ذلك قد يُستَعمَل في موضوعه، وقد لا يُستَعمل في موضوعه، وهذا كلُّه إنما يصحُّ لو ثبَت أنَّ الألفاظ العربيَّة وُضِعتْ أوَّلاً لمعانٍ ثم بعد ذلك استُعمِلت فيها، فيكون لها وضعٌ مُتقدِّم على الاستِعمال، وهذا إنما يصحُّ على القول بأنَّ اللُّغات اصطلاحيَّة، وهذا القول لا نَعرِف أحدًا من المسلمين قالَه قبل أبي هاشم الجبائي.
فإنَّه لا يمكن لأحدٍ النَّقلُ عن العرب أو أمَّة غيرهم أنَّه اجتَمَع جماعةٌ منهم فوضَعُوا جميعَ الأسماء الموجودة في اللغة، ثم استَعمَلوها بعد هذا الوضع، إلاَّ أنْ يُقال: إنَّ الله يُلهِم الحيوان من الأصوات ما يعرف به بعضها مُراد بعض، وكذلك الآدَميُّون؛ فالمولود يَسمَع مَن يُربِّيه يَنطِق باللفظ ويُشِير إلى المعنى، فصار يَعلَم أنَّ هذا اللفظ يُستَعمَل في ذلك المعنى، وهكذا حتى يعرف لغة القوم الذين نشَأ فيهم دون أنْ يصطَلِحوا على وَضْعٍ مُتقدِّم.
فعلم أنَّ الله ألهَمَ النَّوع الإنساني التعبيرَ عمَّا يُرِيده ويتصوَّره بلفظه، وأنَّ أوَّل مَن علم ذلك آدَم، وأبناؤه علموا كما علم، وإن اختَلفَت اللغات، فهذا الإلهام كافٍ في النُّطق باللُّغات من غير مُواضَعة، وهذا قد يُسمَّى: "توفيقًا"، فمَن ادَّعى وضعًا مُتقدِّمًا فقد قال ما لا علمَ له به، وإنما المعلومُ هو الاستعمال"؛ ا.هـ.

(راجع: "معالم أصول الفقه").


يتبع





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 26.82 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 26.19 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.34%)]