
09-02-2020, 03:29 AM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 153,388
الدولة :
|
|
رد: زاد العقول شرح سلم الوصول
زاد العقول شرح سلم الوصول (4/ 17)
أبي أسامة الأثري جمال بن نصر عبدالسلام
(4/ 17)
مبحث الأمر
26- حَقِيقَةُ الْأَمْرِ اقْتِضَاءُ الْفِعْلِ 
مِمَّنْ يَكُونُ دُونَهُ بِالْقَوْلِ 
معاني المفردات:
حقيقة: الحقيقة هي الشيء الثابت المتيقَّن.
اقتِضاء: طلب.
دونه: تحته.
الشرح الإجمالي:
عرَّف الناظم الأمرَ بأنَّه: طلَب الفِعل بالقَوْل ممَّن دُونَه على سبيل الوُجوب.
المباحث التي يشتَمِل عليها البيت:
المبحث الأوَّل: تعريف الأمر:
عرَّف الناظم الأمرَ بأنَّه طلَب الفعل بالقول من الأعلى للأدنى على سبيل الوجوب.
فوافَق تعريف صاحب الأصل.
قلت: قد وقَع اختِلافٌ في تعريف الأمر عند الأصوليِّين في جزئيَّة الآمِر به.
ذهَب الرازي، والآمدي، والباجي، وابن الحاجب، والشنقيطي إلى اشتِراط الاستِعلاء فيه.
وذهَب المعتزلة، وأبو إسحاق الشيرازي، وابن الصباغ، والسمعاني، إلى أنَّ شرطه العلو فقط.
وذهَب القشيري، والقاضي عبدالوهَّاب أنَّه يُشتَرَط فيه العلوُّ والاستعلاء معًا.
والاستِعلاء: كونُ الأمر على سبيل الغِلظَة.
والعلوُّ: شرَف الآمِر، وعلوُّ مَنزِلته في نفس الأمر.
وقيل: لا يُشتَرط فيه علوٌّ ولا استِعلاء، وهذا مَذهَب المتكلِّمين، واختارَه غيرُ واحدٍ من مُتأخِّري الأصوليِّين.
قلتُ: والصواب أنْ يُشتَرط فيه الاستِعلاء.
تتمَّات البحث:
التتمَّة الأولى:
طلَب الفعل إنْ كان من الأدنى للأعلى يُسمَّى دعاء.
وإنْ كان من النِّدِّ لمثلِه يُسمَّى الْتِماسًا.
وإنْ كان من الأعلى للأدنى يُسمَّى أمرًا.
قال الأخضري:
أَمْرٌ مَعَ اسْتِعْلاَ وَعَكْسُهُ دُعَا 
وَفِي التَّسَاوِي فَالْتِمَاسٌ وَقَعَا 
التتمَّة الثانية:
في اشتِراط القول في الأمر:
قال العلاَّمة: محمد بن صالح العُثَيمين - رحمه الله - في "شرح نظم الورقات" ص 64: "(بالقول) خرَج به الإشارةُ والكتابةُ، فلو أشرت إلى الشخص؛ يعنى: "اجلس" كما فعَل النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - حين صلَّى قاعدًا فصلَّوا قيامًا خلفه، فأشار إليهم أن اجلِسُوا، هذا ليس أمرًا؛ لأنَّه ليس بقول.
وكذلك الكتابة؛ كتبت إلى رجلٍ آمُره أنْ يذهب إلى مكانٍ ما، خاصَّة إذا كان عندي جماعةٌ لا أحبُّ أنْ يسمعوا كلامي "فكتبت" إليه: اذهب إلى كذا وكذا.
هذا لا يُسمَّى أمرًا؛ لأنَّه استدعاء فعلٍ بالكتابة، وليس بالقول.
وفي هذا نظر؛ في مسألة الكتابة نظر؛ وذلك لأنَّ الكتابة لا تحتَمِل سِوَى المكتوب بخلاف الإشارة.
ويدلُّ لهذا أنَّ التوراة نزَلتْ مكتوبةً: ï´؟ وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الْأَلْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ ï´¾ [الأعراف: 145]، وكتَب الله - عزَّ وجلَّ - التوراةَ بيَدِه، فهل نقول: إنَّ الأوامر في التوراة ليسَتْ أمرًا؟ لا، لا نقول: إنها ليست أمرًا، بل نقول: هي أمر، فما كان بالكتابة فهو أمر"؛ ا.هـ.
قال الناظم:
27- وَيَقْتَضِي الْوُجُوبَ حَيْثُ أُطْلِقَا 
لاَ الْفَوْرَ وَالتَّكْرَارَ فِيمَا حُقِّقَا 
28- إِلاَّ لِصَارِفٍ وَلِلْإِبَاحَهْ 
وَغَيْرِهَا لَقَدْ أَتَى صَرَاحَهْ 
معاني المفردات:
الوجوب: الإلزام.
حققا: أُحكما.
لصارف: دليل قاضٍ بعدم الوجوب.
المباحث التي تشتَمِل عليها الأبيات:
1- أنَّ الأمر لا يقتَضِي الفوريَّة.
2- أنَّ الأمر لا يقتَضِي التكرار إلاَّ إذا دَلَّ على ذلك دليلٌ.
المبحث الأول: الأمر لا يقتَضِي الفوريَّة:
قلت: وهذا فيه تفصيل:
فالأمرُ لا يكون إلاَّ لتحصيل خير.
قال - تعالى -: ï´؟ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ ï´¾ [البقرة: 148].
وقال - تعالى -: ï´؟ وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ ï´¾ [آل عمران: 133].
ومع أنَّ إثم التَّرك لا يقَع إلاَّ بخروج الوقت، إلاَّ أنَّ الثَّواب يزيد في أوَّل الوقت وينقص في آخره.
المبحث الثاني: الأمر لا يقتضي التكرار إلا إذا دل على ذلك دليل:
يعنى: ما دلَّ الدليل على قصْد التكرار كلَّما حلَّت العلامة الوضعيَّة الخاصَّة به؛ كما هو الحال في الصَّلوات الخمس، وصوم رمضان، والزكاة.
وقد اختَلَف أهل الأصول في ذلك على أربعة أقوال:
1- أنَّه لا يقتَضِي التكرار.
2- أنَّه يقتضيه.
3- إنْ عُلِّق على شرطٍ اقتَضاه، وإلاَّ فلا.
4- إنْ كُرِّر لفظ الصِّيغة اقتَضَى التكرار، وإلاَّ فلا.
قلت: والصواب أنَّ الأمر لا يفيد التكرار إلاَّ إذا عُلِّق بشرط.
كما في قول الله - تعالى -: ï´؟ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ï´¾ [البقرة: 185].
وكقول القائل: كلَّما جاءَك زيد فأعطِه درهمًا.
قال الناظم:
29- فَالْأَمْرُ لِلْمَشْرُوطِ لِلشَّرْطِ اقْتَضَى 
كَالطُّهْرِ وَالصَّلاَةِ فَادْرِ الِاقْتِضَا 
معاني المفردات:
اقتضى: لزم.
فادرِ: فاعلم.
المعنى الإجمالي:
قال الناظم: والأمر بإيجاد الفعل أمرٌ به وبما به يتمُّ؛ كالأمر بالصلاة فإنَّه أمرٌ بالطهارة المُشتَرَطة لها.
يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|