
11-02-2020, 01:31 AM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 153,511
الدولة :
|
|
رد: زاد العقول شرح سلم الوصول
زاد العقول شرح سلم الوصول (7/ 17)
أبي أسامة الأثري جمال بن نصر عبدالسلام
العام وألفاظ العموم
33- مَا عَمَّ شَيْئَيْنِ فَصَاعِدًا فَعَامْ  أَلْفَاظُهُ أَرْبَعَةٌ عَلَى الدَّوَامْ  34- مَنْفِيُّ "لاَ" وَالْمُبْهَمَاتُ تُورَدُ  كَذَا الْمُحَلَّى جَمْعُهُ وَالْمُفْرَدُ 
معاني المفردات:
ما عمَّ: ما شَمِل.
منفي "لا"؛ أي: ما وقع عليه النَّفي بـ: "لا".
المبهمات: جمع المبهم، وهو الغامض الذي لم يتحدَّد المقصود منه.
المحلَّى: يعني المسبوق بـ"أل".
المعنى الإجمالي:
قال الناظم: العامُّ ما شمل شيئين فأكثر.
وألفاظه أربعة:
النَّكرة في سياق النهي.
النكرة في سياق النَّفي.
والأسماء المُبْهَمة.
والجمع والمُفْرَد المُحَلَّيان بـ: "أل".
المباحث التي تشتمل عليها الأبيات:
1- تعريف العام.
2- ألفاظ العموم.
المبحث الأول:
تعريف العام:
قال الجويني في "الورقات" ص 12:
"تعريف العام:
العامُّ هو ما عمَّ شيئين فصاعدًا، من قوله: عَممْت زيدًا وعَمرًا بالعطاء، وعممْت جميع الناس بالعطاء"؛ اهـ.
قلت: وفاتَه في التعريف ما يلي:
1- أنَّه عرف العام بأنه "ما عم"، والأَولى أن يأتي في التعريف بشيء من غير جِنْس المُعَرَّف به؛ حتى يُزيل الإبهام، فقوله: "العام ما عمَّ"، لا يبيِّن معنى العام، فكان لا بُدَّ أن يفسِّر معنى ما عم.
2- أنه فاته ثلاثةُ قيود في التعريف تميِّزه عن غيره:
فالتعريف الأمثل:
أنه ما شمل شيئين فصاعدًا، بِحَسَب وَضْعٍ واحد، دَفْعة، بلا حَصْر.
فلفظ "زوج"، و"شفع" مثلاً تدلُّ على الاثنين، وليسا من ألفاظ العموم.
ولفظ "رجل" نَكِرة في سياق الإثبات، فهو مُسْتغرق، ولكن استغراقه بدلي، لا دفعة واحدة.
ولفظ "عشر" وإن كان يعمُّ أكثر من شيئين فصاعدًا، إلا أنه لا يصحُّ أن يعتبر عامًّا؛ لأنَّه محصور باللفظ.
ولفظ "العين" لا يُعدُّ عامًّا رغم شموله: الماء الجاري، الباصرة، والجاسوس؛ لأنَّه لم يوضع وضعًا واحدًا لهم، بل وُضِعَ لكل واحد منهم على حِدَة، فيُسمَّى: "مشتركًا".
المبحث الثاني:
ألفاظ العموم:
ذكَر الناظم تبعًا لصاحب الأصل أنَّ ألفاظ العموم أربعة:
1- منفي "لا":
قلتُ: يعني من النَّكِرات، كما قال الجويني - رحمه الله - في "الورقات" ص 12: "و"لا" في النكرات"؛ اهـ.
قلت: وفيها فوائد على صاحب الأصل، وعلى النَّاظم:
أ- قال العلاَّمة محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله - في "شرح نظم الورقات" ص 89:
"قوله: "لفظ لا للنكرات" أتى بالمِثال؛ لأنَّ "لا" للنفي، والنكرات هو المنفي.
وعلى هذا: فكلُّ نكرة دخَلَها النَّفي فهي للعموم.
ولهذا قال العلماء: النَّكرة بعد النفي للعموم، كلُّ نكرة في سياق النفي فهي للعموم"؛ اهـ.
ب- عمَّمَ الناظم ذلك، فقال: "منفيُّ لا"، وليس كلُّ منفي لـ: "لا" يعمُّ، وإنما يعمُّ إذا كان المنفيُّ نكرة كما سيأتي في التتمَّات - إن شاء الله.
جـ- عبَّر المصنِّفُ والنَّاظم بـ"لا" على سبيل المثال، وإلاَّ فكلُّ حرف يصحُّ النفي به يدخل نفس المدخل، كـ"لن"، و"ليس"... ونحو ذلك.
عن عائشة - رضي الله عنها - أنها كانت تقول: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((لن يُدْخِل الجنَّةَ أحدًا عمَلُه))، قالوا: ولا أنتَ يا رسول الله؟ قال: ((ولا أنا، إلاَّ أن يتغمَّدني الله منه برحمة))؛ متفق عليه[1].
فلمَّا أطلق رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - لفظ: "أحد" في سياق النفي بـ: "لن" فهمت عائشة - رضي الله عنها - أنَّ لفظ "أحد" يعمُّ الكُلَّ، بما فيهم رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم.
• ومثال المنفي من النكرات بـ: "لا":
عن أبي موسى - رضي الله عنه - أن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((لا نِكَاح إلا بولي))؛ أخرجه أبو داود[2].
2- مبهمات الأسماء:
أجمَلَها الناظم، ومثَّل الجويني لبعضها، فقال في: "الورقات" ص 12:
"والأسماء المبهمة: كـ "مَن" فيمن يَعْقِل، و"ما" فيما لا يعقل، و"أي" في الجميع، و"أين" في المكان، و"متى" في الزمان، و"ما" في الاستفهام والجزاء وغيره"؛ اهـ.
قلتُ: وإليك أمثلة على ما ذكَر صاحب الأصل:
• مثال "مَن" في العاقل:
قال تعالى: ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا ﴾ [الطلاق: 2].
• ومثال: "ما" في غير العاقل:
قال تعالى: ﴿ مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ ﴾ [النحل: 96].
• ومثال: "أي" في السؤال عن الجميع:
وقد تكون: شرطية، أو استفهامية، أو موصولة.
قال تعالى: ﴿ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا ﴾ [التوبة: 124].
وإذا اتصلت "أي" بـ"ما" كانت تأكيدًا لها.
عن جرير - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((أَيُّما عبْدٍ أبَقَ فقد بَرِئت منه الذِّمَّة))؛ أخرجه مسلم[3].
ومثال "أين" في المكان: قال تعالى: ﴿ فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ ﴾ [التكوير: 26].
ومثال "متى" في السؤال عن الزمان: قال تعالى: ﴿ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ ﴾ [البقرة: 214].
ومثال "ما" في الجزاء: قال تعالى: ﴿ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ ﴾ [البقرة: 197].
3- المفرد المحلى بـ"أل":
قال تعالى: ﴿ وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ ﴾ [العصر: 1 - 2].
4- الجمع المحلي بـ"أل":
قال تعالى: ﴿ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ ﴾ [المؤمنون: 1].
تتمَّات البحث:
التتمَّة الأولى:
يُؤْخَذ على الناظم أنه قال: "منفيُّ لا" ولم يُخصِّصها بالنَّكِرات، بما يُشْعِر أن كل منفي لـ"لا" يعم.
التتمة الثانية:
أنه خصص من النفي "المنفي بلا" بالعموم.
فإنْ قيل: إنَّه تبع صاحب الأصل في ذلك، قلتُ: صاحب الأصل مثَّلَ بها، أما المغربي فحصَرَها في ذلك لَمَّا قال:
أَلْفَاظُهُ أَرْبَعَةٌ عَلَى الدَّوَامْ
وقد سبق أن بينَّا أن النكرة في سياق النفي تعم أيًّا مَاكان هذا النفي.
التتمة الثالثة:
فات النَّاظمَ ذِكْرُ اشتقاق العام.
قال الجويني - رحمه الله - في "الورقات" ص 12: "من قوله: عَممت زيدًا بالعطاء وعممت جميع الناس بالعطاء"؛ اهـ.
وقد نظَمَه العمريطي في "نظم الورقات" فقال:
مِنْ قَوْلِهِمْ عَمَمْتُهُمْ بِمَا مَعِي  وَلْتَنْحَصِرْ أَلْفَاظُهُ فِي أَرْبَعِ 
الرابعة:
فات الناظم أن يفصل مُبْهَمات الأسماء كما فعل صاحب الأصل.
وقد نظمها العمريطي في "نظم الورقات" فقال:
وَكُلُّ مُبْهَمٍ مِنَ الأَسْمَاءِ  مِنْ ذَاكَ مَا لِلشَّرْطِ مِنْ جَزَاءِ  وَلَفْظُ مَنْ فِي عَاقِلٍ وَلَفْظُ مَا  فِي غَيْرِهِ وَلَفْظُ أَيٍّ فِيهِمَا  وَلَفْظُ أَيْنَ وَهْوَ لِلْمَكَانِ  كَذَا مَتَى الْمَوْضُوعُ لِلزَّمَانِ 
التتمَّة الخامسة:
فات الناظم أن يذكر أن الأفعال لا عموم لها.
وكان الجوينيُّ - رحمه الله - قد ذكر ذلك في "الورقات" ص 12:
"والعموم من صفات النُّطق، ولا تجوز دعوى العموم في غيره من الفعل وما يجري مجراه"؛ اهـ.
وقد نظم العمريطي ذلك في "نظم الورقات" فقال:
ثُمَّ العُمُومُ أُبْطِلَتْ دَعْوَاهُ 
فِي الفِعْلِ بَلْ وَمَا جَرَى مُجْرَاهُ 
يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|