[ابوالوليد المسلم]

التطوع بالصلاة نصف النهار

أ. د. مصطفى حلمي

اختلفت أقاويل العلماء في حكم الصلاة عند استواء الشمس في كبد السماء، وقد ذهب مالك وأصحابه إلى عدم اعتبار وقت استواء الشمس وسط السماء وقت منع للصلاة، ولا وقت كراهة، ولا في وقت الجمعة ولا غيره[1]؛ لاتصال عمل أهل المدينة بالصلاة نصف النهار.


جاء في المدونة: "... وقال مالك: لا أكره الصلاة نصف النهار إذا استوت الشمس في وسط السماء، لا في يوم جمعة ولا في غيره، قال: ولا أعرف هذا النهي، قال: وما أدركت أهل الفضل والعباد إلا وهم يُهجِّرون ويصلون نصف النهار في تلك الساعة"[2].


وقد صرح ابن عبدالبر باعتماد مالك على عمل أهل المدينة في جواز الصلاة وقت الزوال، فقال: "... لأنه عمل معمول به في المدينة، لا ينكِره منكِر، ومثل هذا العمل عنده أقوى من خبر الواحد؛ فلذلك صار إليه وعوَّل عليه"[3].

مذهب غير المالكية:
قال ابن القيم في الزاد: "اختلف الناس في كراهة الصلاة نصف النهار على ثلاثة أقوال، أحدها: أنه ليس وقت كراهةٍ بحالٍ، وهو مذهب مالكٍ، الثاني: أنه وقت كراهةٍ في يوم الجمعة وغيرها، وهو مذهب أبي حنيفة، والمشهور من مذهب أحمد، والثالث أنه وقت كراهةٍ إلا يوم الجمعة، فليس بوقت كراهةٍ، وهذا مذهب الشافعي"[4].



[1]انظر التمهيد لابن عبدالبر، ت: مصطفى بن أحمد العلوي ومحمد عبدالكبير البكري، نشر مؤسسة قرطبة، (4/ 17 الشاملة).

[2]المدونة الكبرى للإمام مالك بن أنس، ت: زكريا عميرات، دار الكتب العلمية بيروت - لبنان (1/ 195 الشاملة).

[3]الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار لابن عبدالبر، تحقيق سالم محمد عطا - محمد علي معوض، دار الكتب العلمية (1/ 107 الشاملة).

[4]زاد المعاد في هَدْي خير العباد، شمس الدين ابن قيم الجوزية (1/ 365 الشاملة).