عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 19-02-2020, 10:07 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,313
الدولة : Egypt
افتراضي المكروه في الفقه

المكروه في الفقه






خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني



المَكْرُوهُ: مَا يثاب تاركه امتثالًا، وَلَا يعَاقَبُ فَاعِلهُ وَإِنْ كَانَ مَلُومًا. هذا تعريف المكروه؛ من حيث حكمُه، وثمرتُه العائدةُ على المكلف. ويمكن القول: المكروه هو ما نهى الشارع عن فعله ليس على سبيل الحتم والإلزام، بحيث يثاب تاركه امتثالًا، ولا يعاقب فاعله. والمكروه لُغَةً: ضدُّ المحبوب[1]، ومنه قول الله تعالى: ﴿ كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا ﴾ [الإسراء: 38].


صيغ المكروه:
من الصيغ التي تفيد الكراهة[2]:
الأولى: لفظ (كره)، وما يُشتَقُّ منها.
مثال: قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((إِنَّ اللهَ كَرِهَ لَكُمْ ثَلَاثًا: قِيلَ وَقَالَ، وَإِضَاعَةَ المَالِ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ))[3].


الثانية: لفظ النهي: (لا تفعل)، إذا اقترَنت بها قرينة تَصرِفها عن التحريم إلى الكراهة.
مثال: قول الله تعالى: ﴿ لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ ﴾ [المائدة: 101]، فالنهي عن السؤال للكراهة، والقرينة الصارفة من التحريم إلى الكراهة هي آخر الآية؛ حيث قال تعالى: ﴿ وَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللَّهُ عَنْهَا ﴾ [المائدة: 101].


الثالثة: ذكر الثواب على الترك مع عدم دليل يدل على التحريم:
مثال: قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((أَنَا زَعِيمٌ بِبَيْتٍ فِي رَبَضِ الْجَنَّةِ[4] لِمَنْ تَرَكَ الْمِرَاءَ وَإِنْ كَانَ مُحِقًّا، وَبِبَيْتٍ فِي وَسَطِ الْجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الْكَذِبَ، وَإِنْ كَانَ مَازِحًا وَبِبَيْتٍ فِي أَعْلَى الْجَنَّةِ لِمَنْ حَسَّنَ خُلُقَهُ))[5].


الرابعة: ترك النبي صلى الله عليه وسلم الفعل تنزُّهًا مع عدم الدليل على التحريم:
مثال: قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((لَا آكُلُ مُتَّكِئًا))[6].


المكروه عند العلماء:
المكروه قد يطلقُ على الحرامِ عند كثيرٍ من العلماء المتقدمين[7]، وأما عند الحنفية فينقسم المكروه إلى قسمين[8]:
القسم الأول: المكروه كراهة تحريم:
مثال [1]: لبس الحريرِ والذهبِ للرجال.
مثال [2]: البيع على البيع.
مثال [3]: الخِطبة على الخِطبة.


وحكمه: إلى الحرام أقرب.
ويسمى هذا القسم عند الجمهور بالحرام.


القسم الثاني: المكروه كراهة تنزيه، هو ما نهى الشارع عن فعله نهيًّا غير جازم.
وحكمه: إلى الحِل أقرب.
ويسمى هذا القسم عند الجمهور بالمكروه.

[1] انظر: لسان العرب، مادة «كره».

[2] انظر: الجامع لمسائل أصول الفقه، صـ (45-46)، والواضح في أصول الفقه، صـ (34).

[3] متفق عليه: رواه البخاري (1477)، ومسلم (593)، عن المغيرة رضي الله عنه.

[4] ربض الجنة:ما حولها خارجا عنها، تشبيهًا بالأبنية التي تكون حول المدن وتحت القلاع؛ [انظر: النهاية في غريب الحديث (2 /185)].

[5] حسن: رواه أبو داود (4800)، عن أبي أمامة رضي الله عنه، وحسنه الألباني.

[6] صحيح: رواه البخاري (5398)، عن أبي جحيفة رضي الله عنه.

[7] انظر: شرح الكوكب المنير (1 /409).

[8] انظر: روضة الناظر (1 /206)، والتعريفات، صـ (228)، والتوضيح في حل غوامض التنقيح، للمحبوبي (2 /252-253)، وشرح الكوكب المنير (1 /418-419).










__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 21.84 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 21.22 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.87%)]