عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 12-03-2020, 04:03 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 165,340
الدولة : Egypt
افتراضي رد: أسباب اختيارنا لمعتقد أهل السنة والجماعة


وفي القرآن الكريم إشارة إلى ذلك من خلال ذكره لأصول معبودات شتى: من عباد الأصنام وعباد الأحجار وعباد الإنسان والملائكة والجان و... حتى أهل الجحود والإلحاد الذين يقولون: إننا لا نعبد معبوداً فهم كاذبون؛ ذلك أنهم يعبدون هواهم كما في التنزيل: ï´؟ أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ ï´¾ [28] وفي قوله:ï´؟ أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ ï´¾ [29] إذاً فلابد للبشر من عقيدة ولابد لكل إنسان من معتقد يعتقده سواء كان على حق أو على باطل فإن كانت على باطل ما زادته إلا تيهاً على تيه وحيرة على حيرة، أما إن كانت على حق كعقيدة الإسلام فإنها تأخذ بيده إلى شاطئ الأمان وبر السلامة وهي في حقه بلسم شفاء وبالنسبة إليه هو أحوج إليها من غيرها كاحتياجه الطعام والماء والهواء؛ ولذا فإن " العقيدة الإسلامية ضرورية للإنسان ضرورة الماء والهواء؛إذ هو بدون العقيدة ضائع تائه يفقد ذاته ووجوده "[30] وهذه العقيدة الصحيحة الحقة لا ُيوصل إليها بالعقل إذ العقل له مدىً لا يجاوزه " وفي أي حال من الأحوال العقل مثل العين سواءً بسواء كما أن العين لا تبصر إلا في الضوء والنور فإن العقل لا يدرك إلا على ضوء الشرع الإلهي ونور وحيه تعالى إلى أنبيائه ورسله "[31] مما يؤكد " أن دعوى العقل في إمكانه الاستقلال بهداية الإنسان إلى ما يصلحه ويسعده دعوى باطلة ساقطة لا وزن لها ولا واقع؛ وذلك لأننا رأينا الكثير من الأمم والشعوب لما فقدت هداية الوحي الإلهي لم تُغْنِ عنها هداية العقول شيئاً فضلت وهلكت ومما قاله القرآن في هذا الموضوع قوله تعالى من سورة الأحقاف:ï´؟ وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيمَا إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعًا وَأَبْصَارًا وَأَفْئِدَةً فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلَا أَبْصَارُهُمْ وَلَا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِذْ كَانُوا يَجْحَدُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ï´¾ [32] وذلك لأن العقول لا تهدي إلى معرفة كل ما ينفع الإنسان في حياتيه ليأخذ به ولا إلى معرفة كل ما يضر الإنسان في حياتيه كلتيهما فيتجنبه "[33] وهذا لا يعرف إلا من قبل الوحي أما العقل المجرد فآخره عجزٌ كما قال بعض الشعراء توضيحاً لذلك فقال ونعم ما قال:






" لا يعرف اللهَ إلا اللهُ فاعتقدوا

والدينُ دينانِ: إيمانٌ وإشراكُ




و للعقول حدودٌ لا تجاوزها

و العجز عن دَرَكِ الإدراكِ إدراكُ."[34]














فتبين مما تقدم مدى احتياج البشر للعقيدة مع التأكيد على أن العقيدة لا يخلوا منها إنسان وأن العقيدة الجامعة لخيري الدارين هي عقيدة الإنسان.









6- أنه منهج قام على قواعد راسخة وثابتة بثبات أصله: فمعتقد أهل السنة والجماعة لم يقم على هوىً ولا شهوة ولا شبهة بل إنه قام على أصول راسخة ثابتة جعلت له أصولاً متماسكة تمثلت فيما يلي:




أ- اعتماده على القرآن الكريم: حيث يفسر القرآن بالقرآن ولا يلغي النصوص بل إنه يجمع بينها ولا يضرب بآيات القرآن بعضها البعض فلا يأتي آتٍ لآية تنزيه ويضرب بها كل الآيات المثبتة للأسماء والصفات بدعوى التنزيه لكن يجمع بينهما فيقال: إن الله - تعالى- لا يشبه صفات المخلوقين وهذا لا يمنع أن له أسماءً وصفات تليق بجلاله وهكذا الآيات التي فيها مشاورة في الحكم لا تعني إلغاء حكم قائم بل مشاورة في كيفية تطبيقه والانقياد له وفي الأمور الدنيوية أو التي ليس فيها نص كخطط المعارك والغزوات يتم التشاور للوصول إلى النصر فحال الذي يحاول أن يضرب بعض الآيات ببعض كحال من يستدل بجزء الكلام على النهي عن الصلاة فيقول: الصلاة غير واجبة؛ لأن الله قال ï´؟ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ ï´¾ [35]، وقال: ï´؟ فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ ï´¾ [36] ولو أكمل لعلم بأن الأولى إكمالها: ï´؟ وَأَنْتُمْ سُكَارَى ï´¾ والثانية ï´؟ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ ï´¾ [الماعون: 5] وفاعل مثل هذا الشيء أو القائل به يقال له: ما دمت مؤمناً بالقرآن فالقرآن يقول: ï´؟ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ ï´¾ [37]؛ لذلك كان منهج أهل السنة والجماعة وسط في احتكامه وفهمه واستدلاله بالقرآن الكريم.









ب- اتباعه للسنة النبوية المشرفة: إذ هي شارحة الكتاب والحاكمة عليه بتوضيح المقصود من كثير من الأحكام فعند قراءة السنة لم نجد حديثاً صحيحاً واحداً يقول: إن معنى بعض الآيات يخالف باطنه ظاهره.









أو العكس بل السنة تقدم القرآن وعلى هذا مشى الصحابة وتابعوهم تصديقاً عملاً وحكماً بالسنة وعدم معارضتها عمداً وعدم ضرب بعضها ببعض أو ضربها بالقرآن بل حمل جيل الصحابة القرآن والسنة ونشروهما وفهموهما على أحسن الأوجه فهل من أتى بعدهم أعلم منهم؟ أم أنهم خانوا الأمانة فلم يتفوهوا بالحق؟ أم جهلهم منعهم من تبليغ الحق؟! بل إن الذي عملوه هو فهمهم بأن القرآن والسنة مشكاتهما واحدة.









جـ - أن معتنقي ذلك المنهج لم يضعوا ألفاظا مخترعة مبتكرة لا يعرفها العرب أو أنها تحتمل النقص أو قابله للخطأ والصواب مثل: (العَرَض - الجَوْهَر - الجِسْم) فلم يثبت عن واحد من سلف هذه الأمة أنه تفوه بمثل تلك المصطلحات في حق الله تعالى أو أعمل عقله في الدخول في أمور الغيب.









د- أنه راعى قواعد الاستدلال الصحيحة فلم يَجْمَعْ بين مُتَفَرِّقَيْنِ ولم يُفَرِّقْ بين مُجْتَمِعَيْنِ: ولا ضرب بعض الأدلة ببعض وأن هذا المنهج ما أجملت أحكامه في موضع فصلت في آخر وكذلك هذا المنهج تعامل مع الإنسان ككيان مستقل بفطرة وعقل وروح وجسد وحياة اجتماعية وجبلة غريزية فراعى كل الأمور المتعلقة به ولو كان هذا المنهج على غير هدىً من الله لحدث فيه خلل كبير كما في التنزيل: ï´؟ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا ï´¾ [38] ولكنه منهج جعل الوحي أساسه وهذا الوحي محفوظ من قبل الله تعالى فلذلك كل أحكامه متعاضدة وليست متناقضة إذ هي من حكيم حميد.









لهذا وغيره كان اختيارنا لعقيدة أهل السنة والجماعة =الفرقة الناجية المنصورة إلى قيام الساعة فهي أهل السنة وباقي الفرق أهل القبلة وشتان ما بين الانتساب إلى أهل السنة والجماعة وبين الانتساب إلى أهل القبلة فقط.









والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين كلما ذكره الذاكرون، أو غفل عن ذكره الغافلون.








[1] - ويتضمن الإيمان بالله تعالى أموراً أربعة: أ- الإيمان بوجود الله تعالى. ب - الإيمان بربوبية الله تعالى. جـ - الإيمان بألوهية الله تعالى. د - الإيمان بأسماء الله تعالى وصفاته. ينظر شرح أصول الإيمان للشيخ ابن عثيمين، ص 15، منهاج المسلم للشيخ أبي بكر الجزائري، ص 11، مختصر الفقه الإسلامي للشيخ محمد التويجري، ص 37.
وعند التحقيق: ثلاثة أمور؛ لأن وجود الله تعالى يندرج فيها وكذلك أيضاً الإرادي القصدي التعبدي العلمي المعرفي الخبري، لكن اشتهر بين أهل السنة والجماعة التفصيل بالثلاثة: الربوبية والألوهية والأسماء والصفات.



[2] - سورة البقرة الآية (177).




[3] - سورة البقرة الآية (285).




[4] - سورة النساء الآية (136).




[5] - سورة القمر الآية (49).




[6] - أخرجه الإمام أحمد في مسنده،جـ1ص51،الإمام مسلم في صحيحه:كتاب الإيمان باب بيان الإسلام والإيمان والإحسان ووجوب الإيمان بإثبات قدر الله سبحانه وتعالى وبيان الدليل على التبري ممن لا يؤمن بالقدر وإغلاظ القول في حقه،جـ1ص36 ورواه الإمام البخاري مختصراً من رواية أبي هريرة رضي الله عنه في صحيحه في كتاب الإيمان باب سؤال جبريل النبي عن الإيمان والإسلام والإحسان وعلم الساعة وبيان النبي له،جـ1ص27 والحديث ثابت في سنن أبي داود،كتاب السنة باب في القدر،جـ4ص223 والترمذي، في سننه كتاب الإيمان باب ما جاء في وصف جبريل للنبي الإيمان والإسلام،جـ5ص6 والنَّسائي في السنن الصغرى كتاب الإيمان وشرائعه باب نعت الإسلام،جـ8ص97 وفي الكبرى، كتاب الإيمان وشرائعه باب نعت الإسلام،جـ6ص528،وابن ماجَهْ في سننه باب في الإيمان،جـ1ص24، الحديث ثابت في صحيح ابن خزيمة في كتاب المناسك باب فرض الحج على من استطاع إليه سبيلاً،جـ4ص127، ورواه ابن حبان في صحيحه، كتاب الإيمان باب فرض الإيمان، جـ 1ص389 كما رواه البيهقي في سننه الكبرى في كتاب الحج باب إثبات فرض الحج على من استطاع إليه سبيلا ًوكان حراً بالغاً عاقلاً مسلماً،جـ4ص324.




[7] - الإمام ابن مَنْدَهْ، كتاب الإيمان، تحقيق د. علي الفقيهي، جـ 1 ص 1131 رقم (7).



[8] - الأستاذ محمد قطب، ركائز الإيمان، ص 7.



[9] - ينظر كتاب الإيمان للإمام ابن مَنْدَهْ، جـ 1، ص 116،حيث بوب على ذلك باباً في كتاب الإيمان وهو الباب الأول بقوله: ذكر ما يدل على أن الإيمان الذي أمر الله - عز وجل - عباده أن يعتقدوه ما سأل جبريلُ عليه السلام رسولَ الله e ليعلم أصحابه أمر دينهم.




[10] - سورة آل عمران /19.




[11] - سورة آل عمران /85




[12] - سورة النحل /36




[13] سورة الأنبياء/25




[14] - سورة المائدة /48




[15] - رواه البخاري، الإمام ابن حجر العسقلاني، فتح الباري بشرح صحيح البخاري، تحقيق طه عبد الرؤوف سعد، (10/240 - 241 فتح)، رقم (3442 - 3443)،، ومسلم (4/1837) رقم (2365).




[16] - الأبناء ثلاثة:

• إذا كان الإخوة لأب واحد وأمهات شتى = عَلَّات=لأب.

• إذا كانوا لأم واحدة وآباء شتى= أبناء أخْياف =لأم.

• إذا كانوا لنفس الأب ولنفس الأم=أعْيان =أشقاء.




[17] - نفسه.




[18] - شيخ الإسلام ابن تيمية، اقتضاء الصراط المستقيم، تحقيق د. ناصر عبد الكريم العقل، جـ2 ص379.




[19] - رواه البخاري (10/517 - 518 فتح) رقم (3650) ومسلم (4/1962 - 1964) رقم (2533 - 2535).




[20] - مجموع الفتاوى للإمام ابن تيميَّة،جـ3ص141.




[21] - هذا الحديث القدسي (((ضعيف))) من جهة الإسناد ولم يصححه أحد ممن يُعتد به من أهل العلم المُعَوَّل عليهم،ولفظ الحديث:" يَقُول الله تَعَالَى: إِنِّي وَالْإِنْس وَالْجِنّ فِي نبأ عَظِيم، أخلق، ويعبد غَيْرِي؟ وأرزق ويشكر غَيْرِي".
رواه البيهقي في الشعب والحكيم الترمذي في كتابه: نوادر الأصولالأصل:189) ورواه الحاكم في تاريخه والطبراني في معجم الشاميين وعنه ابن عساكر ورواه الديلمي في مسند الفردوس والحديث ضعفه المُناوي و الألباني وما صححه أحد ممن يعتد به.



[22] - سورة الزمر/29



[23] - سورة الأنبياء/22



[24] - سورة النحل/51



[25] - سورة الملك/14



[26] - سورة طه/114



[27] - الشيخ أبو بكر جابر الجزائري، منهاج المسلم، ص14.



[28] - سورة الفرقان الآية (43).



[29] - سورة الجاثية الآية (23).



[30] - د. عمر سليمان الأشقر،العقيدة في الله، ص 15.



[31] - الشيخ أبو بكر جابر الجزائري،عقيدة المؤمن،ص 28.



[32] - سورة الأحقاف الآية (26 ).



[33] - الشيخ أبو بكر جابر الجزائري،عقيدة المؤمن،ص 27 - 28.



[34] - ذكر ذلك الشيخ محمد نووي، سلم المناجاة على سفينة الصلاة، ص 5.



[35] - سورة النساء/43



[36] - سورة الماعون/4



[37] - سورة البقرة /لآية (85).



[38] - سورة النساء الآية (82).






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 36.24 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 35.62 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.73%)]