عرض مشاركة واحدة
  #402  
قديم 13-04-2020, 05:07 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 162,561
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير السعدى ___متجدد إن شاء الله

الحلقة (401)
تفسير السعدى
سورة القصص
من الأية(38) الى الأية(45)
عبد الرحمن بن ناصر السعدي

تفسير سورة القصص



" وقال فرعون يا أيها الملأ ما علمت لكم من إله غيري فأوقد لي يا هامان على الطين فاجعل لي صرحا لعلي أطلع إلى إله موسى وإني لأظنه من الكاذبين " (38)
" وَقَالَ فِرْعَوْنُ " متجرئا على ربه, ومموها على قومه السفهاء, ضعفاء العقول: " يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي " أي: أنا وحدي, إلهكم ومعبودكم.
ولو كان ثَمَّ إله غيري, لعلمته.
فانظر إلى هذا الورع التام من فرعون, حيث لم يقل " ما لكم من إله غيري " .
وهذا, لأنه عندهم, العالم الفاضل, الذي مهما قال, فهو الحق, ومهما أمر, أطاعوه.
فلما قال هذه المقالة, التي قد تحتمل أن ثَمَّ إلها غيره, أراد أن يحقق النفي, الذي جعل فيه ذلك الاحتمال, فقال لـ " هامان " : " فَأَوْقِدْ لِي يَاهَامَانُ عَلَى الطِّينِ " ليجعل له لبنا من فخار.
" فَاجْعَلْ لِي صَرْحًا " أي: بناء عاليا " لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ " .
ولكن سنحقق هذا الظن, ونريكم كذب موسى.
فانظر هذه الجراءة العظيمة, على اللّه, التي ما بلغها آدمي.
كذب موسى, وادَّعى أنه اللّه, ونفى أن يكون له علم بالإله الحق, وفعل الأسباب, ليتوصل إلى إله موسى, وكل هذا ترويج.
ولكن العجب من هؤلاء الملأ, الذين يزعمون أنهم كبار المملكة, المدبرون لشئونها, كيف لعب هذا الرجل بعقولهم, واستخف أحلامهم, وهذا لفسقهم, الذي صار صفة راسخة فيهم.
فسد دينهم, ثم تبع ذلك, فساد عقولهم, فنسألك اللهم, الثبات على الإيمان, وأن لا تزيغ قلوبنا, بعد إذ هديتنا, وأن تهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب.

" واستكبر هو وجنوده في الأرض بغير الحق وظنوا أنهم إلينا لا يرجعون " (39)
قال تعالى: " وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ " استكبروا على عباد اللّه, وساموهم سوء العذاب, واستكبروا على رسل اللّه, وما جاءوهم به من الآيات.
فكذبوها, وزعموا أن ما هم عليه, أعلى منها وأفضل.
" وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لَا يُرْجَعُونَ " فلذلك تجرأوا.
وإلا فلو علموا, وظنوا أنهم يرجعون إلى اللّه, لما كان منهم ما كان.


" فأخذناه وجنوده فنبذناهم في اليم فانظر كيف كان عاقبة الظالمين " (40)
" فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ " عندما استمر عنادهم وبغيهم " فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ " كانت شر العواقب وأخسرها عاقبة, أعقبتها العقوبة الدنيوية المستمرة, المتصلة بالعقوبة الأخروية.
" وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار ويوم القيامة لا ينصرون " (41)
" وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ " أي جعلنا فرعون وملأه, من الأئمة, الذين يقتدي بهم, ويمشي خلفهم إلى دار الخزي والشقاء.
" وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يُنْصَرُونَ " من عذاب اللّه, فهم أضعف شيء, عن دفعه عن أنفسهم, وليس لهم من دون اللّه, من ولي ولا نصير.

" وأتبعناهم في هذه الدنيا لعنة ويوم القيامة هم من المقبوحين " (42)

" وَأَتْبَعْنَاهُمْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً " أي: وأتبعناهم, زيادة في عقوبتهم وخزيهم, في الدنيا لعنة, يلعنون, ولهم عقد الخلق, الثناء القبيح, والمقت والذم.
وهذا أمر مشاهد, فهم أئمة الملعونين في الدنيا, ومقدمتهم.
" وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ هُمْ مِنَ الْمَقْبُوحِينَ " المبعدين, المستقذرة أفعالهم.
الذين اجتمع عليهم مقت اللّه, ومقت خلقه, ومقت أنفسهم.

" ولقد آتينا موسى الكتاب من بعد ما أهلكنا القرون الأولى بصائر للناس وهدى ورحمة لعلهم يتذكرون " (43)
" وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ " وهو التوراة " مِنْ بَعْدِ مَا أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الْأُولَى " الذين كان خاتمتهم, في الإهلاك العام, فرعون وجنوده.
وهذا دليل على أنه بعد نزول التوراة, انقطع الهلاك العام, وشرع جهاد الكفار بالسيف.
" بَصَائِرَ لِلنَّاسِ " أي: كتاب اللّه, الذي أنزله على موسى, فيه بصائر للناس, أي: أمور يبصرون بها, ما ينفعهم, وما يضرهم, فتقوم الحجة على العاصي, وينتفع بها المؤمن, فتكون رحمة في حقه, وهداية إلى الصراط المستقيم, ولهذا قال: " وَهُدًى وَرَحْمَةً لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ " .
ولما قص اللّه على رسوله, ما قص من هذه الأخبار الغيبية, نبه العباد, على أن هذا خبر إلهي محض, ليس للرسول, طريق إلى علمه, إلا من جهة الوحي, ولهذا قال:

" وما كنت بجانب الغربي إذ قضينا إلى موسى الأمر وما كنت من الشاهدين "(44)
" وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ " أي: بجانب الطور الغربي " إِذْ قَضَيْنَا إِلَى مُوسَى الْأَمْرَ وَمَا كُنْتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ " على ذلك, حتى يقال: إنه وصل إليك من هذا الطريق.
" ولكنا أنشأنا قرونا فتطاول عليهم العمر وما كنت ثاويا في أهل مدين تتلو عليهم آياتنا ولكنا كنا مرسلين "(45)
" وَلَكِنَّا أَنْشَأْنَا قُرُونًا فَتَطَاوَلَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ " فاندرس العلم, ونسيت آياته.
فبعثناك في وقت اشتدت الحاجة إليك, وإلى ما علمناك, وأوحينا إليك.
" وَمَا كُنْتَ ثَاوِيًا " أي: مقيما " فِي أَهْلِ مَدْيَنَ تَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا " أي: تعلمهم, وتتعلم منهم, حتى أخبرت بما أخبرت, من شأن موسى في مدين.
" وَلَكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ " أي: ولكن ذلك الخبر, الذي جئت به عن موسى, أثر من آثار إرسالنا إياك, وَوَحْيٌ لا سبيل لك إلى علمه, بدون إرسالنا.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 30.97 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 30.34 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.03%)]