فضائل الصيام
الشيخ ندا أبو أحمد
الصوم لا مِثْلَ له
إنَّ من أَجَلِّ الفرائض وأسماها التي فرضها الإسلام فريضة الصوم، الذي هو أحد أركان الإسلام ومبانيه العظام، وهو من أَجَلِّ دعائم الإيمان، وهو من القُرَب الرفيعة التي تُقرِّب العبد من ربه.
وهو من الآداب الإسلامية الخالية من الرياء، البريئة من الزهو والخيلاء، حيث لا يعلم به إلا علاَّم الغيوب.
فأَنْعِم بالصوم من عبادة شرعها الله وجعلها تكفير للخطيئات، وزيادة الحسنات، ورفع للدرجات، وقمع الشهوات، وتكثير الصدقات، والبعد عن اللفحات، والفوز بالجنات، ورضا رب الأرض والسماوات.
أضف إلى هذا أن الصيام مدرسة خُلُقِية، يتدرب فيها المؤمن على خصال كثيرة، فهو جهاد للنفس ومقاومة للأهواء ونزعات الشيطان التي قد تلوح له، ويتعوَّد به الإنسان على خلق الصبر على ما قد يُحْرَم منه، وعلى الشدائد التي قد يتعرض لها، ويُعلِّم النظام والانضباط، وينمي في الإنسان عاطفة الرحمة والأخوة، والشعور بالتضامن والتعاون التي تربط المسلمين[1].
وكم للصوم من فضائل وفوائد يجهلها البعض، لذا تجدهم لا يحسنون استقبال رمضان، ولا يشحذون الهمم، ولا يشمرون عن ساعد الجد؛ وذلك لأنهم يجهلون هذه الفضائل.
وصدق القائل حيث قال: "مَن لم يعرف ثواب الأعمال؛ ثقلت عليه في جميع الأحوال".
فهيا نتعرف على ثواب وفضل الصيام؛ حتى نقدم على هذه العبادة بهمة ونشاط، ونرجو موعود الله تعالى لمَن قام بحق هذه العبادة، وأسال الله تعالى أن يتقبل منَّا ومنكم صالح الأعمال.
الصوم لا مِثْلَ له:
أخرج الإمام أحمد وابن حبان واللفظ له عن أبي أمامة - رضي الله عنه - قال:
"أنشأ رس-ول الله - ص-لى الله عليه وسلم - جيشًا فأتيته فقلت: يا رسول الله. ادع الله ليبالشهادة، قال: اللهم سلِّمهم وغنِّمهم، فغزونا، فسلمنا و غنمنا، حتى ذكر ذلك ثلاثمرات، قال: ثم أتيته، فقلت: يا رسول الله. إني أتيتك تترى ثلاث مرات أسألك أن تدعو ليبالشهادة، فقلت: اللهم سلِّمهم وغنِّمهم، فسلمنا وغنمنا يا رسول الله، فمرني بعمل أدخل بهالجنة، فقال: عليك بالصوم فإنه لا مثل له، قال: فكان أبو أمامة لا يرى في بيته الدخاننهارًا، إلا إذا نزل بهم ضيف، فإذا رأوا الدخان نهارًا عرفوا أن اعتراهم ضيف" (صحيح الترغيب والترهيب: 1/413).
وفي رواية النسائي: " عليك بالصوم، فإنه لا عدل له".
وفي حديث أخرجه ابن حبان والطبراني في "الأوسط" عَنْ عَبْدِاللهِبْنِ عُمَرَة- رَضِيَاللهعَنْهُمَا - أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "إِنَّاللهَوَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى الْمُتَسَحِّرِين" (السلسلة الصحيحة: 1654).
فإن كان الله وملائكته يصلُّون على المتسحرين والسحور عوناٌ على الصيام، فما ظنك بالصيام؟
[1] (انظر "الفقه الإسلامي وأدلته": 21/566).