عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 02-05-2020, 08:18 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 136,535
الدولة : Egypt
افتراضي رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله

بعد أن جمعنا الصيام

هل نملك حلم الوحدة؟!!



د. خاطر الشافعي



مع تعدُّد فضائل شهر رمضان الكريم، تبقى مظلته الإيمانية الراقية، تكسوا أيامنا بنفحاته الطاهرة، التي ما تلبث تضع أقدامنا على وادٍ للطهر، إلا ونقلتنا إلى عالم من الروحانيات التي بها حبانا ديننا الحنيف، وتبقى قدرة رمضان على إحياء نوازع الخير داخلنا، تؤجِّج مشاعرنا، فما نزال نستشعر قيمةً ما، إلا واستهوتنا فضائله السامية، للهرولة بأحلامنا نحو ساحات الصفاء، التي تتسع لتشمل كل الكون، حيث كل الأعضاء صائمة، لاهمَّ لها سوى الفوز بغنائم الشهر الفضيل، ويرنو العقل للسمو أكثر وأكثر، فتأخذه أحلامه إلى حيث يتمنى كمسلم، بعدما عزَّز الشهر الكريم مكارم الأخلاق لديه، وكلنا يعلم أن بقاء الأمم مرهون بسمو أخلاقها وقِيَمها، واستكانتها لسقف يحمي هويتها، ويبعث نوازع الخير داخل نفوس أبنائها، وهذا هو المُفترض أن يكون حالنا بعدما جمعنا الصيام، فهل نستطيع الآن أن نطمع بحلم أكبر يجمعنا على اختلاف الأماكن والجنسيات والنزعات الفردية، التي نجح في توطيد أركانها عدوٌ لا همَّ له منذ بداية الدعوة سوى هدم ديننا؟؟!!، فأنشأ من الحدود ما أدخل أبناء الجلدة الواحدة في عالم التأشيرات، الذي ضيَّق مفهوم العروبة، وعضَّد مفهوم الفردية، وما لهذا كان ديننا، فديننا نبراسٌ للعالمين، ولكننا اخترنا الهرولة - بل واستسغناها - نحو ثقافات الغير، التي دبَّت معاولها في جسد أمتنا، فضاقت الرؤى، وانحسرت الأحلام، وانحصرت الآمال انحصار المبادئ والقِيَم التي من أجلها جاهد رسول الله - صلى الله عليه وسلَّم - وصحابته الأتقياء الأنقياء، الذين كان يؤرِّقهم (تعثُّر دابَّة) في أي بقعة من بقاع المسلمين، فهل يا تُرى - بعدما صار حالنا لا يحرِّك ساكناً ل (تعثُّر مسلم) - نستطيع الحلم بالوحدة؟! وهل نستطيع إحياء مفهوم (الأمة الإسلامية) كهدف نجتمع عليه كما جمعنا الصيام في الشهر الكريم؟!.

لن يُطيل المرء التفكير، ليقع على الأرض خجلاً، ويتوارى عن الأعين من تقصيرٍ وإهمال، وبعدٍ عن الدين وسعي حثيث نحو مفاهيم ليست من ديننا، وليس بينها وبين ثوابتنا قيد أنملةٍ من توازن، بعدما تنازلنا عن خير لواءٍ يجمعنا (لواء الدين)، وأبهى صورةٍ رسمها لنا الشرع بكمال لا يقترب من رُقيِّه إلا ذو العقل اللبيب والفكر الراجح المستنير، الذي يعتز يثوابت دينه وجمال وأصالة هويته، التي جعلت للجماعة فيها القامة والقيمة، وما انحازت أبداً لفرقةٍ أو خلاف، ووالله لولم يجمعنا الدين فلن ترى (وحدتنا) أبداً النور، إذ أنه الحبل المتين وصراط الحق المستقيم.

متى يأتي الوقت الذي أستطيع فيه كمسلم التجول في شتى بقاع أرضي العربية وأمتي الإسلامية بلا تأشيرة رسمها الغرب حدوداً تفصلنا أملاً في إضعاف الدين؟!! (وأنى لهم ذلك)، ولننظر هل نجحت خططهم؟!!، وهل قلَّت مثلاً (المساجد)، وهل قلَّ مثلاً عدد المسلمين؟!!، وهل نقص عدد (المصاحف)؟؟!!!، وتساؤلاتٍ شتى تخبرنا إجاباتها أنَّ للدين ربٌّ يحميه مهما حاول العدو ومهما كان تقصيرنا، وتبقى أزمتنا (أزمة هويَّة) و(استحضار حكمة وجودنا)، وأننا (أصحاب رسالة).

متي يأتي الوقت الذي أستطيع فيه أن أصلي الفجر في (الأزهر الشريف)، والظهر في (المسجد الأقصى)، والعصر في (المسجد الأموي)، والمغرب في (المسجد النبوي)، والعشاء في (بيت الله الحرام)؟؟!!.

قد تسافر بنا أحلامنا بعيداً جداً عن حدود الممكن والمعقول!!!

ولكن هل نجح من نجح إلا بولادة حلم؟!!

وهل ارتقى من ارتقى إلا بالإيمان بفكرة رقيُّه؟!!!

متى أستطيع الخروج من نطاق (التضييق والتمييز) بين أبناء الأمة الواحدة الذي رسمه لنا أعداء ديننا؟!!، وسرنا نحن على نهجهم نقوِّي الحدود التي رسموها لنا لتفصلنا!!!

لنتأمل كيف يجمعنا الدين في كل الفرائض، و(لنخجل) مما آل إليه حالنا!!!

ï´؟ فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا غڑ فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا غڑ لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ غڑ ذَظ°لِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَظ°كِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ï´¾ [الروم: 30].

نعم (ذلك الدين القيِّم)!!!

إنه طوق النجاة ومفتاح السعادة في الدنيا والآخرة.

اللَّهم أصلح أحوالنا، إنك على كل شيء قدير، وبالإجابة جدير.

وصلِّ اللَّهم وسلِّم على الحبيب المصطفى وآله وصحبه ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 18.02 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 17.39 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.49%)]