رؤية الهلال وثبوت الشهر
محفوظ بن ضيف الله شيحاني
يثبتُ شهر الصوم بدخول شهر الصِّيام، وذلك برؤية هلالِه ولو مِن واحدٍ عدل، أو إكمال عدَّة شعبان ثلاثين يومًا - إذا غُّمَّ بغَيمٍ أو حالَ دونه سحاب -.
فلا بُدَّ من الاعتماد على الرُّؤية البصريّة؛ كما هو مذهبُ عامَّة أهل العلم.
فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ، فَإِنْ غُبِّيَ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا عِدَّةَ شَعْبَانَ ثَلاَثِينَ».
قال الإمام النووي في "المجموع" (6/ 276): "ومن قال بحساب المنازل، فقوله مردودٌ، بقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في "الصَّحيحين: "إِنَّا أُمَّةٌ أُمِّيَّةٌ، لاَ نَكْتُبُ وَلاَ نَحْسُبُ"، الحديث، قالوا: ولأنَّ النَّاس لو كُلِّفوا بذلك ضاق عليهم؛ لأنَّه لا يعرف الحساب إلا أفرادٌ من النَّاس في البلدان الكبار"، وانظر في بسط هذه المسألة المهمة وتفصيلها: "مجموع الفتاوى"؛ لشيخ الإسلام ابن تيمية (25/ 132)، و"المجموع شرح المهذب" (6/ 270)، و"الجامع لأحكام القرآن" (2/ 292-294)، و"فقه النوازل"؛ للشيخ الدكتور بكر بن عبدالله أبو زيد (المجلد الثاني (149-176)، بحثٌ محكم بعنوان: "حكم إثبات أوائل الشهور بالحساب الفلكي").
والأحاديث في هذا الباب كثيرةٌ وفِيرة، وصحيحةٌ مشهورة.
وعن ابن عمر رضي الله عنه قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «تَرَاءَى النَّاسُ الْهِلَالَ، فَأَخْبَرْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنِّي رَأَيْتُهُ فَصَامَهُ، وَأَمَرَ النَّاسَ بِصِيَامِهِ»[1]
[1] حديث صحيح: رواه أبو داود (2342)، والدارمي (2/ 4)، وابن حبان (3447)، والحاكم (1/ 413)، وصحَّحه، ووافقه الذَّهبي، وقال ابن حزم في "المحلى": وهذا خبر صحيح، وأقرَّه الحافظ ابن حجر في "التلخيص" (2/ رقم:880)، وصححه الشيخ الألباني في "الإرواء" (رقم:908) على شرط مسلم، والله الموفق لا رب سواه.
وقد ذهبَ إلى العمل بشهادة الواحد أكثر أهل العلم، قالوا: تُقبل شهادة رجل واحد في الصِّيام، وبه يقول ابن المبارك، وأحمد، والشَّافعي في أحد أقواله، وقال النَّووي: وهو الأصحُّ.
وانظر للزيادة: "شرح مسلم للنووي" (5/ 54)، و"نيل الأوطار" (4/ 222)، و"الروضة الندية" (1/ 292).