عرض مشاركة واحدة
  #40  
قديم 21-05-2020, 03:39 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,359
الدولة : Egypt
افتراضي رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله

كانوا معنا!



راشد عبدالرحمن العسيري






يمرُّ علينا رمضان وحال الدُّنيا في تغيُّر واختلاف، وهذه حِكمة الله في خَلْقه، وسُنَّته الجارية على عباده، فكم مِن قريب وعزيز مِن الآباء والإخوان والأحباب كانوا معنا في عامٍ مضَى، وهم الآن في قُبورهم موسدون، كأنهم ما عاشُوا ولا ساروا ولا ضحِكوا، اندرستْ سيرُهم، وما بقِي منهم إلا ذِكرُهم!









أتراهم لو كانوا معنا، فما كان بوُسعهم أن يفعلوا؟ أتراهم سيضيِّعون أوقاتهم؟ أم سيعمرونها في طاعةِ خالقهم؟ أتراهم سيؤدُّون ما افترضَه الله عليهم؟ أم سيُسوِّفون أعمالَهم؟ أتراهم..؟ أتراهم..؟ أتراهم..؟






هذا حال مَن يتمنَّى أن يعود إلى الدنيا ليزيدَ حسناتِه ويمحو سيئاتِه!






ولكن ما بال مَن لاحت أمامَه الفُرص، وما زال في عمرِه متَّسَع، هل سيصحو مِن غفلته، ويعتبر بمَن مضى، ويغيِّر مِن نهجه وسيرته، أم سيبقى في غفلتِه وغيِّه، حتى يفاجئه طارِقُ الموت بلا استئذان، فهل نعتبر بمَن مضى، أم نجعل أنفسنا عبرةً لمن بعدنا؟!






فُرَص تتوالَى، ومِنح تتعاقَب، والعُمر فُرص، ولا فائدة مِن الندم على عُمر قد مضى، أو ساعة قد فاتتْ، أو فرصة قد ولَّت، إذا لم تستغلَّ في مرضاة الله.






هذا نبيُّنا - صلَّى الله عليه وسلَّم - يحضُّنا على اغتنام الفُرص، والمسارعة في اقتناصها؛ يقول - عليه الصلاة والسلام -: ((اغتنمْ خمسًا قبل خمس: شبابَك قبلَ هَرَمِك، وصحَّتَك قبل سَقَمِك، وغناءك قبل فَقرِك، وفراغَك قبل شُغلِك، وحياتَك قبل موتِك))، فُرص غالية بيَّنها النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - ويَدْعونا لاغتنامها، فإذا لم تُستغلَّ في حينها، فلا فائدةَ من التحسُّر حال انقضائها.






فما دامتْ هذه الفُرص بين أيدينا فلنستعدَّ لاغتنامها، ولنغيِّر فيها من أنفسنا، ولنستغلَّها قبل أن نندَمَ على ضياعها.






ولا أعظمَ مِن مِنح الله، ولا أطيبَ مِن التعرُّض لنفحاته وعطاياه، خاصَّة في مواسم الخيرات والبَركات، فالحكيم مَن يتعرَّض لنفحات مولاه، ويستغل مواسم الطاعاتِ ليظفرَ بأعْلى الدرجات.






وهذا رمضان قد مضَتْ أيَّامه، وتصرَّمت لياليه، وعن قريبٍ يتأذَّن بالرحيل، فهل يَسعُنا أن نلحق بأجوره، فأبوابُ الطاعات فيه أكثرُ مِن أن تُحصَى، وأنواع القُربات أكثر مِن أن تُعدَّ، فهل مِن مشمِّر، وهل مِن لاحِق بالرَّكْب، وهل مِن معمِّر لساعاته ولحظاته.






فلنُرِ الله من أنفسنا خيرًا، فرمضان فرصة ومِنحة، فهو قد يأتي مرةً أخرى، وقد لا يأتي، فقدْ يأتي رمضان ونحن تحتَ التراب سلَّمنا الروح لبارئها، وقد يأتي رمضان ونحن على الصِّيام غيرُ قادرين.






فالحمدُ لله الذي بمنِّه بلَّغَنا رمضان، ونسأله تعالى أن يُعيننا على الصِّيام والقِيام، وأن يُوفِّقنا للتَّمام، وأن يحسِن لنا الختام، وأن يجعلَنا من عتقائِه مِن النيران.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 17.72 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 17.09 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.54%)]