عرض مشاركة واحدة
  #16  
قديم 18-06-2020, 04:40 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 135,861
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح زاد المستقنع في اختصار المقنع للشيخ محمد الشنقيطي

شرح زاد المستقنع في اختصار المقنع
(كتاب الطهارة)
شرح فضيلة الشيخ الدكتور
محمد بن محمد المختار بن محمد الجكني الشنقيطي
الحلقة (16)

صـــــ99 إلى صــ104


قوله رحمه الله: [وتحوّله عن مَوْضِعِه ليسْتَنْجِي في غَيْرِه]: هذه حالة خاصة تحصل لبعض الناس حيث يبقى الخارج في عضوه، ويحتاج إلى الإنتقال، والحركة ليقوى العضو على إخراج الفضله،
وهذا القيام مبني على أحد أمرين:
الأمر الأول:
ما ذكره بعض أهل العلم من أن الإنسان إذا ضعف عن إخراج الفضله فإنه لا يخلو من ثلاث حالات:
الحالة الأولى:
أن تخرج منه بالسَّلت.
والحالة الثانية:
أن تخرج بالصوت، وهو النّحْنَحةُ.
الحالة الثالثة: أن تخرج بعد التّحول، والحركة كالإنتقال من موضع قضاء الحاجة.
فبعض الناس إذا بقي الباقي في عضوه لا يستطيع إخراجه إلا بالسَّلت فيشرع له السَّلت؛ " لأن ما لا يتمُّ الواجبُ إلا به فهو واجبٌ " فشرع بأصل الشريعة.
النوع الثاني:
يكون الدافع عنده ضعيفاً فيحتاج إلى إحداث صوت، وذلك بالنحنحة، وكانوا يعرفونها من الأمور التي يُبلى به الإنسان عند قضائه لحاجته،
فيتنحنح حتى تقوى آلته على الدفع قالوا:
فيشرع له ذلك فيتنحنح.ومنهم من يخرج منه الخارج بعد حركته، فإذا إنتقل من موضع قضاء حاجته، ومشى الخطوة والخطوتين قويت الآلة على الدفع، فدفعت ما هو ثمَّ،
قالوا:
فمثل هذا بعد أن ينتهى من قضاء الحاجة يقوم إلى أقرب موضع يستنجي فيه حتى يقوى العضو على إخراج ما بقي.
الأمر الثاني: الذي من أجله ذكر العلماء القيام من الموضع إلى موضع ثانٍ ليستنجي فيه: إنه إذا قضى الحاجة على التراب كما هو الحال في القديم فإنه لا يأمن أثناء صب الماء على العضو أن يتطاير شيء من البول على البدن، أو الثوب، أو المكان،
ولذلك قالوا:
إنه يتحوّل عن موضع قضاء حاجته إلى موضع قريب حتى إذا صبّ الماء نزل على أرض طاهرة، فإذا تطاير شيء من ذلك الماء لم يدخله الوسواس هذا هو وجه الانتقال عندهم،
وهو أقوى الوجهين لكنه قد يحكم باختصاصه بحال الإستنجاء بالماء كما يفهم من قول المصنف رحمه الله بقوله:
[ليسْتَنجِي في غيره إنْ خَافَ تلوثاً] ويختص بحال خوفه من التلوث، والنجاسة.
قوله رحمه الله:
[ويُكْرهُ دُخولُه بشيءٍ فيه ذِكرُ اللهِ تعالى]: ويكره للمسلم أن يدخل الحمام،
وموضع قضاء الحاجة بشيء فيه ذكر الله مثل:
كتب التفسير، والحديث، وكتب العلم، والرسائل، وأما القرآن نفسه؛ فقد نصّوا على حرمة دخول مكان قضاء الحاجة به، واستثنوا من منع دخول مكان قضاء الحاجة بشيء فيه ذكر الله تعالى حالة الحاجة،
كما نصّ عليه المصنف رحمه الله بقوله:
[إِلا لحاجةٍ] ومن أمثلة ذلك: الدّراهم، والنقود إذا كان مكتوباً عليها إسم الله، وكان يخاف إن وضعها في الخارج أن تُسْرقَ، وكذلك إذا كانت معه كتب علم لم يجد مكاناً تصان فيه بحيث لو وضعها خارج موضع الحاجة تعرّضت لامتهان أكبر، أو يخاف أن تتلف، أو تُسرق فحينئذ لا بأس أن يدخلها معه، ثم إذا دخل نظر إلى موضع غير مكان قضاء حاجته يمكن وضعها فيه على وجه لا تُمْتهنُ فيه،
مثل:
أن يضعها على إبريق الماء، ويُبعده عنه، ويُنحّيه عن موضع قضاء حاجته، أو على مقبض الباب إن أمِنَ سقوطها، وقد دلّت الأصول الشرعية على أنه ينبغي للمسلم أن يعظِّم شعائرَ الله، (وهي كل ما أشعر الله بتعظيمه) كما في قوله سبحانه وتعالى: {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ} ولا شك في أن القرآن، وكتب التفسير، والحديث، ونحوها كلّها من شعائر الله لما فيها من آيات القرآن، وأحاديث رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهما الوحي،
والأصل فيه أن يكرَّم كما قال سبحانه وتعالى منبهاً عباده على هذا الأصل الشرعي:
{كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ * فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ * فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ * مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ} فقوله: {فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ} خبر بمعنى الإنشاء ففيه تنبيه على ما ينبغي على المسلم من إكرام الوحي.
قوله رحمه الله:
[ورَفْعُ ثَوبِه قَبلَ دُنوهِ مِنَ الأَرْضِ]: مراده أنه ينبغي على المكلف إذا أراد أن يقضي حاجته أن يرفع ثوبه إذا دنى من الأرض،
وهذا مبني على الأصل الشرعي الموجب لمنع كشف العورة ووجوب حفظها كما في الحديث الصحيح من قوله عليه الصلاة والسلام:
[إِحْفَظْ عَورَتَكَ] وقد جاز له كشفها لقضاء الحاجة، فلا يكشفها إلا مقارباً لذلك، وذلك عند دنوه من الأرض، ولأن ذلك أبلغ في الاستتار، فإذا رفع ثوبه قبل الدّنو من الأرض كان ذلك مكروهاً له، لا محرماً.
قوله رحمه الله: [وكلامُه فِيهِ]: أي ولا يتكلم فيه،
والضمير في قوله:
[فيه] عائد إلى الموضع الذي يقضي فيه حاجته،
والنهي عن ذلك ورد فيه حديث عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال:
[لا يذهبُ الرّجلانِ يَضْربانِ الغائطَ يُكلّم أحدُهمَا صَاحِبَه، فإن الله يَمقُتُ ذَلِكَ] ولو صحّ هذا الحديث لكان موجباً للتحريم، لأن مقْتَ الفعل دالّ على مَقْتَ الفاعل، والفعل الموجب للمقت محرم شرعاً.والكلام أثناء قضاء الحاجة إعتبره المصنف رحمه الله مكروهاً لا محرماً، وهو عند بعض أهل العلم رحمهم الله من خوارم المروءة، فمن فعله سقطت مرؤته، ورُدّتْ شَهادُته، ولا شك في أن الحياء مانع من فعل ذلك،
وقد قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كما في الصحيح:
[إِن مما أَدْركَ النّاسُ مِنْ كَلامِ النُّبوةِ الأُولى إِذَا لَمْ تَسْتَحِ فَاصْنَع ما شِئْتَ]، وتستثنى الحالات التي توجد فيها ضرورة،
أو حاجة للكلام فمثال الضرورة: أن يخشى على إنسان الهلاك، ويكون في حال قضاء حاجته، فيصيح لإنقاذه، وإعلام الغير بحاله،
ومثال الحاجة:
أن يترك صبياً فيخشى ذهابه، وضياعه، فيكلمه حتى يكون ذلك سبباً في بقائه، وعدم ذهابه، ونحو ذلك مما تدعو الحاجة إليه.
وقوله رحمه الله: [وكلامه فيه] فيه فائدة حيث إن الحكم بكراهية الكلام متعلق بحال وجود الإنسان في موضع قضاء الحاجة بغضِّ النّظر عن كونه يقضي حاجته، أو لا، وعليه فبمجرد دخوله للموضع يمتنع من الكلام.
قوله رحمه الله: [وبَولُهُ في شَقٍ، ونحوه] أي ويكره أن يبول في شَقٍّ،
والشَّقُ:
واحد الشُّقوق، وهو الصَّدْع في الأرض، وقوله [ونحوه] أي نحو الشق من الفتحات مثل: الثُّقْبِ، وقد علّل بعض الشّراح ذلك بكونها مساكن للجنِّ، فإذا بال فيها آذاهم فيؤذونه، وذكروا في ذلك قصة موت سعد إبن عبادة رضي الله عنه وفي سندها كلام. ومن أهل العلم من علّل ذلك بأن الهوامَّ، والحشرات تكون غالباً في هذه المواضع، فإذا بال فيها خرجت عليه، فما كان منها مؤذياً كالحيّات، والثّعابين يؤذيه، وربما يتسبب في موته، وعلى الأقل ربما خرج عليه أثناء البول فيقطع بوله فيُزْرِمَه فيضره ذلك في جسده كما هو معروف عند الأطباء، ولو خرجت الحشرات الصغيرة تنجست بالبول، فربما سعت إلى قدميه، وجسده، أو ثوبه فتَلوَّثَ بالنجاسة، ومن هنا نبّه المصنف رحمه الله على عدم البول في هذه المواضع، والتَّنبيه على ذلك موافق لأصول الشريعة.
قوله رحمه الله:
[ومسُّ فَرْجِهِ بِيَمينِه] أي: ويكره أن يمسَّ الفرج باليمين، والصحيح: أن ذلك محرم لما ثبت في الصحيحين من حديث أبي قتادة رضي الله عنه أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: [لا يُمْسِكَنَّ أحدُكمْ ذَكَرَهُ بيمينِه وهُو يَبُولُ، ولا يَتَمسحُ من الخلاءِ بِيَمينِه]، والنهي يقتضي التحريم، ومثله حديث سلمان الفارسي رضي الله عنه، وهو صحيح.عبّر المصنف رحمه الله بالفرج ليدل على شموله للقبل، والدبر سواء كان من المرأة، أو الرجل، فلا يجوز لمسه بيمينه.والتعبير باللّمس يدلُّ على أنّ محل ذلك أن يباشر الفرج بيده دون وجود حائل،
ومفهومه:
أنه إذا وجد الحائل فلا بأس، وهو أحد الوجهين عند أهل العلم رحمهم الله.والنهي عن مسِّ الفرج باليمين، وتحريمه محلّه إذا لم توجد حاجة، أو ضرورة،
فإن وجدت فلا حرج مثل: أن يكون ذلك لتعذر اللّمس بالشمال كمن كانت يده اليسرى مشلولة، أو مقطوعة، أو بها علّة تمنع مباشرتها، والحكم بالمنع لا يختص بالإنسان نفسه بل يشمل غيره، فلا يجوز للمرأة أن تلمس ذكر صبيّها باليمين، وهكذا الطبيب، بل يقع اللّمس عند وجود الموجب للترخيص لهم به بغير اليد اليمنى منهم،
ويكون تعبير النصِّ في الأحاديث الناهية عن إمساك الإنسان لذكره في قوله:
[أحدُكُمْ ذَكَرَهُ] قد خرج مخرج الغالب؛ لأن الغالب أن يمسك الإنسان ذكر نفسه،
والقاعدة في الأصول:
[أن النصَّ إذا خَرَج مخرَجَ الغَالبِ لم يُعْتَبرْ مَفهُومُه].
قوله رحمه الله: [واسْتِنْجَاؤه، واسْتِجْمارُه بها]: أي ويكره إستنجاؤه، واستجماره بها أي بيده اليمنى، وقد قدمنا أن الصحيح أن هذا محرم لورود النهي الدّال على ذلك.والمراد باستنجائه باليمين أن يصبَّ الماء على فرجه قُبلاً كان، أو دبراً رجلاً كان، أو إمرأة ثمّ يلمسه بها أثناء الإستنجاء لطلب حصول النقاء.
والحكم فيه كما تقدم في لمس الفرج أنه لا يجوز عموماً سواء إستنجى لنفسه، أو إستنجى لغيره كغسل فرج الصبيِّ، والصَّبية، والعاجز، والمشلول، ونحوهم، فلا يجوز أن يكون ذلك باليمين.
وأما الإستجمار باليمين فهو أن يأخذ الأحجار، والمناديل التي يريد أن يستجمر بها بيده اليمنى، وينظف بها المكان، صحيح أن المباشرة للفرج كانت بالحجر، والمنديل لكن الشّرع نهاه أن يفعل ذلك بيمينه؛
كما في الصحيح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال:
[ولا يَسْتَطِبْ بِيَمينهِ]، وظاهر النهي التحريم.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 23.83 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 23.21 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.63%)]