المعرض عن الإسلام باختياره
محمد بن علي بن جميل المطري
مَنْ أَمْكَنَهُ معرفةُ الإسلامِ، فترَكَهُ، وأعرَضَ عنه باختيارِهِ: فذلكَ كافرٌ؛ ولو كانَ جاهلًا على الحقيقةِ؛ لأنَّه جاهلٌ جَهْلًا يُمْكنُهُ رفعُهُ فلم يَرْفَعْهُ.
ولذا قال اللهُ عن المُشرِكِينَ: ﴿ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ فَهُمْ مُعْرِضُونَ ﴾ [الأنبياء:24]، فذكَرَ أنَّهم جُهَّالٌ لكنْ باختيارِهِمْ.
وقال: ﴿ وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ ﴾ [الأحقاف:3]، وعَدَمُ علمِ الإنسانِ بتفاصيلِ الحَقِّ بسببِ إعراضِهِ عندَ سماعِهِ للحقِّ: ليسَ بِعُذْرٍ؛ وهذا أكثَرُ ضَلَالِ الأُمَمِ؛ لأنَّهم يَسْمَعُونَ طَرَفَ الحقِّ، ثمَّ يُعْرِضُونَ – مُتجاهِلِينَ - عَنْ تفاصيلِهِ.
فعَدَمُ الِاكتراثِ بِالبَرَاهِينِ الكونيَّةِ والشرعيَّةِ خَصْلةٌ لأكثَرِ الكُفَّارِ؛ قال تعالى: ﴿ وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ ﴾ [يوسف:105]، وقال: ﴿ بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَنْ ذِكْرِهِمْ مُعْرِضُونَ ﴾ [المؤمنون:71].
فالإعراضُ مَعَ طَرَفٍ مِنْ عِلْمٍ: لا يُسْقِطُ حقوقَ الناسِ فيما بينهم؛ فكيفَ يُسْقِطُ حقَّ اللهِ تعالى؟!
ويُخْطِئُ الإنسانُ بِظَنِّهِ أنَّ إعراضَهُ عن تفاصيلِ الحقَّ، وتَرْكَهُ لها وراءَ ظهرِهِ: يُعْفِيهِ من تَبِعاتِهَا.
وسَبَبُ الإعراضِ: إمَّا كِبْرٌ، أو لهوٌ واستمتاعٌ، أو كسل واستخفاف.