الموضوع: اليتيم
عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 09-08-2020, 02:40 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 152,120
الدولة : Egypt
افتراضي اليتيم

اليتيم


د. محمد بن عبدالله بن إبراهيم السحيم






الحمد لله البر الرحيم، الرؤوف الكريم، عمّنا بخيره العظيم، وهدانا صراطه المستقيم، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له ذو السلطان القديم، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله أوفى صلاة وأزكى تسليم.

أما بعد، فاتقوا الله - عباد الله - .﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ ﴾ [البقرة: 278].

أيها المؤمنون!
جاء الإسلام بمنهج إقامة مجتمع ذي قوة ولحمة، وطوّقه بآصرة مودة مرحمية تكافلية؛ ترعى الحق، وتصون الحرمة، وتجبر الكسر، وترفد الضعيف، كما قال الله - تعالى -: ﴿ وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ﴾ [التوبة: 71]، وقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: « ترى المؤمنين في تراحمهم وتوادهم وتعاطفهم، كمثل الجسد، إذا اشتكى عضو تداعى له سائر جسده بالسهر والحمى » رواه البخاري. هذا، وإن أجلى صور تلك الآصرة رعي حق الضعيف الذي لا حول له ولا طول في تحصيل حقه وكف الأذى عنه؛ فللضعيف في الإسلام وزن وقيمة، يقوى بها ذلك الضعيف، ويقوى بها من يقوم بأمره. وذاك ما استفتح به الخليفة الراشد أبو بكر الصديق – رضي الله عنه – منهج سياسته رعيّته مطلع خلافته إذ خطب فيهم قائلاً: "إن أقواكم عندي الضعيف حتى آخذ له بحقه، وإن أضعفكم عندي القوي حتى آخذ الحق منه" رواه ابن سعد. وما ذاك إلا لعلمه أن طهارة المجتمع من السوء لا تقوم إلا بذلك النَّصَف، كما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " إن الله لا يقدس أمة لا يعطون الضعيف منهم حقه" رواه الطبراني وصححه الألباني. هذا وإن من الضعفة الذين شدد الإسلام أمرهم يتيماً مات أبوه ولما يبلغ الحلم، فذاق مرارة فقده، ولوعة فراقه؛ فكان اليتم قرين البكاء، بل ومضرب المثل فيه، كما قالت العرب في مثلها السائر: "لا تعلِّم اليتيم البكاء" و "أبكى من يتيم"!

أيها المسلمون!
اليتم شجن سكن قلب ذاك الصغير؛ فكبر همه، وتفاقم حزنه؛ حتى ترحل من قلبه سلوة الطفولة إلا أن يجد راحماً! ترجم لواعج اليتم يتيم ناجى أمه قائلاً:
قال الصغير ودمعه مدرار
أماه أشعر أنني أنهار

الماء أشربه ليبرد غلتي
فكأنما تبريده إسعار

رجلاي خانتني فليس تُقِلُّني
فبقيت مأسوراً ولا أسوار

ها هم رفاقي في الطريق تواثبوا
في خفة فكأنهم أطيار

وحدي بقيت أنا أجرّع غصة
في غصة وبعينيَ استعبار

أماه أين أبي فما حلّت بنا
إذ كان يعمر بيتَنا أضرار

أماه أين أبي وأين حنانه
قد كان نهراً دونه أنهار

لا زلت أذكر كم حبوتُ لحجره
فتلقّفنَّ يداه والأبصار

لا زلت أذكر كيف أضحى راكباً
لي صدرُه وبوجهه استبشار

كم دغدغت خدي يداه وملؤها
حب وعطف غامر فوار

وكأن في رأسي نعومةَ كفه
لم تمحها الأيام والإعصار

يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 18.91 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 18.28 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.32%)]