14 - ومن الفساد زعزعة الأمن فالأمن في الأوطان مطلب كل يريده ويطلبه ومن يسعى لزعزعة الأمن إنما يريد الإفساد في الأرض، وأن تعم الفوضى والشر بين عباد الله، فما يحصل في بلادنا إنما هو إرادة للإفساد في الأرض، وإنما حملهم على ذلك الحسد لهذه النعمة نعمة الأمن، ونعمة الاستقرار الذي ننعم فيه في هذه البلاد. وزعزعةَ أمن الأمّة وترويع الآمنين جريمةٌ نكراء فيها إعانة أعداء الإسلام على المسلمين، وهذا مِن أعظم الضلال والمصيبة أن يسعَى العبد في إذلال أمّتِه من غير أن يفكِّر ويتأمَّل، فكلّ هذا ضلال وفساد، ومَن سعى في إذلال الأمّة وإيقاع المصائب بينها فذاك والعياذ بالله ساعٍ في الأرض فسادًا شاء أم أبى وقدوته فرعون قال تعالى: ﴿ إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلاَ في الأرض وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مّنْهُمْ يُذَبّحُ أَبْنَاءهُمْ وَيَسْتَحْىِ نِسَاءهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ ٱلْمُفْسِدِينَ ﴾ [القصص:4]. فليحذَر المسلم أن يكونَ من أهلِ الإفساد من حيث لا يشعر، وليتدبَّر أمرَه، وليتَّق الله فيما يأتي ويذر، وليفكِّر في أيِّ أمرٍ يريده، وليعرِض ذلك على الكتاب والسنة، ليعلَم الخطأ مِن الصواب، فإنّ مَن كان الهوى يقودُه أضلَّه بغير هدى.
15 - كذلك من صور الإفساد في الأرض السعي إلى الفرقة وتحزب الناس؛ فمن نظر إلى حال الأمة الآن يجدها فرقا وأحزابا وجماعات؛ و﴿ كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ ﴾ [الروم: 32]؛ وكل يدعي لنفسه أنه المصلح، ولكن كما قال الله تعالى: ﴿ وَاللَّهُ يَعْلَمُ المُفْسِدَ مِنَ المُصْلِحِ ﴾ [سورة البقرة: الآية 220]، لذلك نهى الله عن الفرقة والتحزب، وأمر الله بالاجتماع، ونهى عن الاختلاف: ﴿ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ﴾ [الأنفال:46]، ويقول - جل وعلا -: ﴿ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ﴾ [آل عمران: 103]، فالله - عز وجل - أمر بالاجتماع ونهى عن الاختلاف، فنشر الفرقة بين الناس بسبب الْحَسَبِ، أو النَّسَبِ، فيه فساد للمجتمع، ومن يسعى إلى نشر الفرقة بين المجتمع ويسعى إلى الإفساد فيهم يجب نصحه، وإلا حذرنا منه لأنه يسعى للإفساد في الأرض.
16 - كذلك من صور الإفساد في الأرض: الدعوة إلى إفساد المرأة؛ فهناك دعوات غربية تنادي بإفساد المرأة تحت مسمى الرقي والتحضر ومسايرة العصر؛ والهدف منها إفساد المجتمع؛ فدعوة المرأة أن تعصي ربها - عز وجل -، وأن تفعل كما فعل نساء الكفر، فهذا أيضا من الإفساد في الأرض، وليحذر الإنسان من ذلك أشد الحذر، وليسع إلى كل أمر فيه خير وصلاح.
17 - كذلك من صور الإفساد في الأرض: انتشار المعاصي والفواحش فنشر الفاحشة بين الناس، وتحبيبهم لها، وتذليل الصعوبات التي تواجهها، وتعارف الناس عليها حتى أصبحت المعاصي والفواحش شيئاً مألوفاً؛ هذا بلا شك فيه فساد البلاد والعباد؛ قال ابن القيّم رحمه الله في قوله تعالى: ﴿ وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِها ﴾ [الأعراف/ 56]؛ قال أكثر المفسّرين:" لا تفسدوا فيها بالمعاصي، والدّعاء إلى غير طاعة الله، بعد إصلاح الله لها ببعث الرّسل، وبيان الشّريعة، والدّعاء إلى طاعة الله، فإنّ عبادة غير الله والدّعوة إلى غيره والشّرك به هو أعظم فساد في الأرض، بل فساد الأرض في الحقيقة إنّما هو بالشّرك به ومخالفة أمره، فالشّرك والدّعوة إلى غير الله وإقامة معبود غيره، ومطاع متّبع غير رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، هو أعظم فساد في الأرض، ولا صلاح لها ولا لأهلها إلّا بأن يكون الله وحده هو المعبود المطاع، والدّعوة له لا لغيره، والطّاعة والاتّباع لرسوله ليس إلّا؛ ومن تدبّر أحوال العالم وجد كلّ صلاح في الأرض سببه توحيد الله وعبادته وطاعة رسوله، وكلّ شرّ في العالم وفتنة وبلاء وقحط وتسليط عدوّ وغير ذلك سببه مخالفة رسوله، والدّعوة إلى غير الله ورسوله." (فتح المجيد).
18 - كذلك من صور الإفساد في الأرض: هو ما ابتلينا به من بعض المتفيهقين الذين يروجون لأكاذيبهم على الدين وطعنهم في ثوابته فما سلم القران من تطاولهم وما سلمت السنة من قبح كلماتهم إن هؤلاء يظنون أنهم أهل العلم و أهل الإصلاح والحق أنهم ما لهم من العلم نصيب وما لهم من الإصلاح نصيب،فأي فساد بعد إضلالَ الناس وتشكيكَهم في دينهم وصرفَهم عن الطريق المستقيم قال تعالى: ﴿ قُُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُوا بِاللهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُوا عَلَى اللهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ ﴾ [الأعراف: 33].
فتأمل كيف عميت أبصارهم وكيف صمت آذانهم و كيف قست قلوبهم فأحلو الحرام و حرموا الحلال و أنكروا ما علم من الدين بالضرورة، فكذبوا على الله و كذبوا على رسوله وقد قال تعالى ﴿ وَلاَ تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلاَلٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُوا عَلَى اللهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ * مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [النحل: 116 - 117].
والإمام مالك بن أنس رحمه الله يقول: من أجاب في مسألة فينبغي قبل الجواب أن يعرض نفسه على الجنة والنار، وكيف خلاصه؟ ثم يجيب. وسئل عن مسألة فقال: لا أدري، فقيل: هي مسألة خفيفة سهلة فغضب، وقال ليس في العلم شيء خفيف.
بل هذا أبو بكر الصديق وهو من هو يقول - أي سماء تظلني وأي أرض تقلني إذا قلت ما لا أعلم - فإن كان الأمر كذلك فكيف بمن يحرفون الكلم عن مواضعه وكيف بمن يرفضون سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم وكيف بمن يفترون الكذب على الله تعالى وعلى رسوله، قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَده مِنْ النَّار ". متفق عليه.
فإن من أعظم ما ابتليت به هذه الأمة أناس دعاة على أبواب جهنم اندلقت ألسنتهم بالباطل واندلعت أصواتهم بالضلال والعياذ بالله، فكم وكم من الناس يهلكون أنفسهم ويهلكون غيرهم بسبب فتوى بغير علم، بسبب فتوى ما أنزل الله تعالى بها من سلطان.
ولقد علمتم ما ثبت عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَجُلا أَصَابَتْهُ جِرَاحَةٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَصَابَتْهُ جَنَابَةٌ فَاسْتَفْتَى فَأُمِرَ بِالْغُسْلِ فَاغْتَسَلَ فَمَاتَ، فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: " قَتَلُوهُ قَتَلَهُمُ اللَّهُ، أَلَمْ يَكُنْ شِفَاءُ الْعِيِّ السُّؤَالَ "، قَالَ عَطَاءٌ: فَبَلَغَنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ بَعْدَ ذَلِكَ، فَقَالَ: " لَوْ غَسَلَ جَسَدَهُ، وَتَرَكَ حَيْثُ أَصَابَهُ الْجِرَاحُ أَجْزَأَهُ ".المستدرك على الصحيحين.
19 - كذلك من صور الإفساد في الأرض: التعدي على الأموال الخاصّة والعامّة: سواء بسرقة منه أو بإتلافه،فإتلافه وإهلاكه فساد،و سرقته واكله فساد، ولهذا قال الله عز وجل عن إخوة يوسف عليه السلام: ﴿ قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُمْ مَا جِئْنَا لِنُفْسِدَ فِي الْأَرْضِ وَمَا كُنَّا سَارِقِينَ ﴾ [يوسف: 73].
فإلي كل من اتلف و دمر وسرق الأموال العامة أو الخاصة ولم يبالى بفعله تدبر هذا المصير بعد جهاد في سبيل الله، تدبر هذا المصير بعد شهادة فى سبيل الله فيما ثبت عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ خَيْبَرَ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ: عَامَ خَيْبَرَ، فَلَمْ نَغْنَمْ إِلا الأَمْوَالَ، وَالْمَتَاعَ، وَالثِّيَابَ، فَأَهْدَى رَجُلٌ مِنْ بَنِي الضُّبَيْبِ، يُقَالُ لَهُ: رِفَاعَةُ بْنُ زَيْدٍ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غُلامًا أَسْوَدَ، يُقَالُ لَهُ: مِدْعَمٌ، فَتَوَجَّهَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى وَادِي الْقُرَى، حَتَّى إِذَا كَانُوا بِوَادِي الْقُرَى بَيْنَمَا مِدْعَمٌ يَحُطُّ رَحْلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذْ جَاءَهُ سَهْمٌ، فَأَصَابَهُ، فَقَتَلَهُ، فَقَالَ النَّاسُ: هَنِيئًا لَهُ الْجَنَّةُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " كَلا، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنَّ الشَّمْلَةَ الَّتِي أَخَذَ يَوْمَ خَيْبَرَ مِنَ الْمَغَانِمِ، لَمْ تُصِبْهَا الْمَقَاسِمُ، لَتَشْتَعِلُ عَلَيْهِ نَارًا "، فَلَمَّا سَمِعَ النَّاسُ ذَلِكَ، جَاءَ رَجُلٌ بِشِرَاكٍ أَوْ بِشِرَاكَيْنِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " شِرَاكٌ أَوْ شِرَاكَانِ مِنْ نَارٍ ".النسائي - قال الألباني صحيح.
ورحم الله الصحابة الأطهار الأخيار، فأنظر كيف كان حال من تعلموا من رسول الله وصاروا على طريقه ولم يميلوا إلى طرق الحرام إذ ﻛﺎﻥ ﻣﻌﻴﻘﻴﺐ ﻋﻠﻰ ﺑﻴﺖ ﻣﺎﻝ ﻋﻤﺮ، ﻓﻜﻨﺲ ﺑﻴﺖ ﺍﻟﻤﺎﻝ ﻳﻮﻣًﺎ، ﻓﻮﺟﺪ ﻓﻴﻪ ﺩﺭﻫﻤًﺎ، ﻓﺪﻓﻌﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﺑﻦ ﻟﻌﻤﺮ، ﻗﺎﻝ ﻣﻌﻴﻘﻴﺐ: ﺛﻢ ﺍﻧﺼﺮﻓﺖُ ﺇﻟﻰ ﺑﻴﺘﻲ، ﻓﺈﺫﺍ ﺭﺳﻮﻝ ﻋﻤﺮ ﻗﺪ ﺟﺎﺀﻧﻲ ﻳﺪﻋﻮﻧﻲ، ﻓﺠﺌﺖ، ﻓﺈﺫﺍ ﺍﻟﺪﺭﻫﻢ ﻓﻲ ﻳﺪﻩ، ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻲ":ﻭﻳﺤﻚ ﻳﺎ ﻣﻌﻴﻘﻴﺐ، ﺃﻭﺟﺪﺕَ ﻋﻠﻲَّ ﻓﻲ ﻧﻔﺴﻚ ﺷﻴﺌًﺎ؟ ﻗﺎﻝ: ﻗﻠﺖُ: ﻣﺎ ﺫﺍﻙ ﻳﺎ ﺃﻣﻴﺮ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ؟ ﻗﺎﻝ":ﺃﺭﺩﺕَ ﺃﻥ ﺗﺨﺎﺻﻤﻨﻲ ﺃﻣﺔ صلى الله عليه وسلم ﻣﺤﻤﺪ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺪﺭﻫﻢ.
20 - كذلك من صور الإفساد في الأرض تخريب وتدمير المنشآت العامة: فإن من يقوم بذلك من حرق المنشآت العامة وإتلاف الأشجار والحدائق يعد من أشد صور الفساد والإفساد في الأرض؛ وقد نكل الله بهؤلاء في قوله: ﴿ إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾ [المائدة: 33].
21 - كذلك من صور الإفساد في الأرض: فساد المؤسسات الرسمية؛ فلو نظرت إلى كل وزارة أو مؤسسة تجد فيها فساداً من نوعٍ خاصٍ؛ فمثلاً فساد التعليم يكون بالغش وتربية أجيال قائمة على الجهل والغش؛ هؤلاء يتخرجون؛ منهم الأطباء؛ ومنهم المهندسون؛ ومنهم المحاسبون؛ ومنهم المدرسون....إلخ؛ فكيف يصلحون المجتمع وهم في الأصل جاهلون؟!! ﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ * أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ ﴾ [البقرة: 11؛ 12].
ولو نظرت إلى الصحة لوجدت فسادا؛ يتمثل في إهمال الأطباء للمرضى وعدم العناية بهم؛ ورداءة الأجهزة الطبية؛ وسوء الخدمة؛ وقد تسبب ذلك في إزهاق أروح بريئة مسكينة فقيرة؛ وكلكم تعلمون ذلك وتعايشونه!! وقس على ذلك كل مؤسسات الدولة!!
والعامل المشترك في الفساد بين هذه المؤسسات هو: الإهمال والتقصير، والتعدِّي على لوازم العمل، وعدم الإتقان، وعدم الانضباط والالتزام بنظم العمل، والمحسوبية وعدم تكافؤ الفرص، وبخس العامل حقوقه.
22 - كذلك من صور الإفساد في الأرض الفساد المالي: كانتشار السرقة والاختلاس والرشوة، والتربُّح من الوظيفة، واستغلال الجاه والسلطان والربا، والقمار ومنع الزكاة، وصور خيانة الأمانة في المعاملات المالية؛ والإنفاق في الحرام؛ فقد يملك الإنسان ويفسده بإنفاقه في الحرام والمهلكات والمخدرات والمسكرات؛ فعن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «أمسكوا عليكم أموالكم ولا تفسدوها؛ فإنّه من أعمر عمرى فهي للّذي أعمرها - حيّا وميّتا - ولعقبه» (مسلم) والعمرى: يقال: أعمرتك هذه الدار - مثلا - أو جعلتها لك عمرك أو حياتك، أو ما عشت؛ فيلزمه الحفاظ عليها ولعقبه بعده.
23 - كذلك من صور الإفساد في الأرض فساد القلوب: فالقلوب مملوءة بالحقد والحسد والضغينة والبغضاء؛ وهذا بلا شك يؤدي إلى فساد الجسد كله؛ فعن النّعمان بن بشير - رضي الله عنهما - قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «الحلال بيّن، والحرام بيّن، وبينهما مشبّهات لا يعلمها كثير من النّاس. فمن اتّقى المشبّهات استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشّبهات كراع يرعى حول الحمى يوشك أن يواقعه. ألا وإنّ لكلّ ملك حمى، ألا إنّ حمى الله في أرضه محارمه، ألا وإنّ في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كلّه، وإذا فسدت فسد الجسد كلّه، ألا وهي القلب» (البخاري ومسلم)؛ ومن رحمة الله بنا أن أخفى علينا أمراض القلوب؛ فلو أن القلوب انكشفت ورأى كل إنسان ما يضمره الآخر له من حقد وعداوة وأمراض؛ ما دفن أحدٌ أحداً؛ وقد جاء في الأثر: لو تكاشفتم ما تدافنتم!!
24 - كذلك من صور الإفساد في الأرض: الفساد الإداري؛ وذلك بتقديم ذوي الحسب أو الثقة أو صاحب المصلحة على الكفاءات في شتى مجالات المجتمع؛ وهذا بلا شك يؤدي إلى فساد القوم؛ وقد سُئل الإمام علي بن أبي طالب، ما يفسد أمر القوم يا أمير المؤمنين؟ قال: ثلاثة. وضع الصغير مكان الكبير؛ وضع الجاهل مكان العالم؛ وضع التابع في القيادة..
25 - ولا ننسى أبدا اشد صور الإفساد و أقبح ألوانه وهو الإهمال فإن من الأمراض الاجتماعية التي أصابت حياتنا مرض الإهمال والتسيب واللامبالاة وهو يعني التقصير في الأعمال والتهاون في أدائها وعدم إتقانها.
كل ذلك إفساد بغير إصلاح، وإن ادّعوا أنهم مُصلحون فقد كذبهم الله. (أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض أم نجعل المتقين كالفجار)؟ لا يستويان.
محاربة الفساد:
ينبغي - أيها الأخوة - أن نتعاون جميعاً على محاربة الفساد، وأن نجعله قضية اجتماعية، فلا نجاةَ للعباد إلا إذا حارَبوا الفساد، سواء اعتقاديّ أو فكريّ أو عمليّ، بكل صوره فقد قال تعالى ﴿ فَلَوْلاَ كَانَ مِنَ ٱلْقُرُونِ مِن قَبْلِكُمْ أُوْلُواْ بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ ٱلْفَسَادِ فِى ٱلأرْضِ إِلاَّ قَلِيلاً مّمَّنْ أَنجَيْنَا مِنْهُمْ ﴾ [هود116].
ولذلك دعانا الإسلام إلى محاربة الفساد ومواجهته، وعدم السّكوت عنه أو تبريره، فالتصدي له فيه نجاة للمجتمع كله، وإهماله وعدم التصدي له فيه الهلكة للمجتمع كله فإن البلاء إذا نزل يعم الصالح والطالح، قال (صلى الله عليه وسلم): " مَثَلُ الْقَائِمِ عَلَى حُدُودِ اللَّهِ وَالْوَاقِعِ فِيهَا كَمَثَلِ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا عَلَى سَفِينَةٍ فَأَصَابَ بَعْضُهُمْ أَعْلَاهَا وَبَعْضُهُمْ أَسْفَلَهَا) يعنى فكان قوم في أعلاها وقوم في أسفلها) فَكَانَ الَّذِينَ فِي أَسْفَلِهَا إِذَا اسْتَقَوْا مِنْ الْمَاءِ مَرُّوا عَلَى مَنْ فَوْقَهُمْ (يعنى فكان الذين في أسفلها إذا أرادوا الماء مروا على الذين في أعلاها،) فَقَالُوا لَوْ أَنَّا خَرَقْنَا فِي نَصِيبِنَا خَرْقًا وَلَمْ نُؤْذِ مَنْ فَوْقَنَا فَإِنْ يَتْرُكُوهُمْ وَمَا أَرَادُوا هَلَكُوا جَمِيعًا وَإِنْ أَخَذُوا عَلَى أَيْدِيهِمْ نَجَوْا وَنَجَوْا جَمِيعًا " البخاري.
وقد قال صلى الله عليه وسلم " إِنَّ اللهَ لَا يُعَذِّبُ الْعَامَّةَ بِعَمَلِ الْخَاصَّةِ، حَتَّى يَرَوْا الْمُنْكَرَ بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِمْ، وَهُمْ قَادِرُونَ عَلَى أَنْ يُنْكِرُوهُ فَلَا يُنْكِرُوهُ، فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ، عَذَّبَ اللهُ الْخَاصَّةَ وَالْعَامَّةَ" أخرجه أحمد في المسند.
ويذكر القرآن العظيم أن الأمم السالفة لَـمَّا فقدت الإصلاح ورفضت المصلحين، ونشرت الفساد وقربت المفسدين، عاقبهم الله رب العالمين بأن سلط عليهم آلام الهلاك، وسوء العذاب بما كسبت أيديهم. قال أحكم الحاكمين: ﴿ فَلَوْلا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِن قَبْلِكُمْ أُوْلُوا بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الأَرْضِ إلاَّ قَلِيلاً مِّمَّنْ أَنجَيْنَا مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ وَكَانُوا مُجْرِمِينَ * وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ ﴾ [هود: 116 - 117].
وها هو الرسول يضرب لنا أروع الأمثلة في الإصلاح ومحاربة الفساد، فعَنْ عَائِشَةَ - رضي الله عنها -: قالت: (إِنَّ قُرَيْشاً أَهَمَّهُمْ شَأْنُ الْمَرْأَةِ الْمَخْزُومِيَّةِ الَّتِي سَرَقَتْ، فَقَالُوا: مَنْ يُكَلِّمِ فِيهَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ فَقَالُوا: وَمَنْ يَجْتَرِئُ عَلَيْهِ إِلاَّ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ حِبُّ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَكَلَّمَهُ أُسَامَةُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَتَشْفَعُ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ»، ثُمَّ قَامَ، فَاخْتَطَبَ، فَقَالَ: «أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّمَا هَلَكَ الَّذِينَ كَانُوا مِنْ قَبْلِكُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ، وَإِذَا سَرَقَ الضَّعِيفُ أَقَامُوا عَلَيْهِ الْحَدَّ، وَأَيْمُ اللَّهِ لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا».
ولما مر على بائع الطعام فوجده قد اظهر الجيد من بضاعته وأخفى الرديء في الأسفل كما في صحيح مسلم انه صلى الله عليه وسلم مَرَّ عَلَى صُبْرَةِ طَعَامٍ فَأَدْخَلَ يَدَهُ فِيهَا، فَنَالَتْ أَصَابِعُهُ بَلَلًا، فَقَالَ: " مَا هَذَا يَا صَاحِبَ الطَّعَامِ؟ "، قَالَ: أَصَابَتْهُ السَّمَاءُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: " أَفَلَا جَعَلْتَهُ فَوْقَ الطَّعَامِ كَيْ يَرَاهُ النَّاسُ، مَنْ غَشَّ، فَلَيْسَ مِنِّي "
ولما استعمل رجلا على صدقة كما ورد عن أَبى حُمَيْدٍ السَّاعِدِيُّ، قَالَ: " اسْتَعْمَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا مِنْ بَنِي أَسْدٍ، يُقَالُ لَهُ ابْنُ الْلتببِيَّةِ عَلَى صَدَقَةٍ، فَلَمَّا قَدِمَ، قَالَ: هَذَا لَكُمْ وَهَذَا أُهْدِيَ لِي، فَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمِنْبَرِ، قَالَ سُفْيَانُ أَيْضًا: فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: " مَا بَالُ الْعَامِلِ نَبْعَثُهُ فَيَأْتِي، يَقُولُ: هَذَا لَكَ وَهَذَا لِي، فَهَلَّا جَلَسَ فِي بَيْتِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ فَيَنْظُرُ أَيُهْدَى لَهُ أَمْ لَا، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يَأْتِي بِشَيْءٍ إِلَّا جَاءَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَحْمِلُهُ عَلَى رَقَبَتِهِ، إِنْ كَانَ بَعِيرًا لَهُ رُغَاءٌ، أَوْ بَقَرَةً لَهَا خُوَارٌ، أَوْ شَاةً تَيْعَرُ، ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى رَأَيْنَا عُفْرَتَيْ إِبْطَيْهِ، أَلَا هَلْ بَلَّغْتُ ثَلَاثًا " البخارى.
ينبغي ألا نجامل أحداً إذا رأينا مفسداً يستغل الوظيفة أو المؤسسة يحتال، يرتشي، أو يجامل، أو يسرق، أو يفعل أي صورة من صور الفساد أن نبلغ عنه معذرة إلى الله - سبحانه - حتى لا ينزل بنا العذاب فعندما نسكت عن المفسدين ولا نبلغ عنهم ولا ننهاهم، ولا نرفع أمرهم ونتركهم ونسكت عنهم ونجاملهم؛ فإن البلاء سينزل بنا جميعاً فإن رأينا مفسداً، حتى لو كان من أكبر المسؤولين، فينبغي أن نبلغ عنه بعد أن نتثبت ونتأكد أنه مفسد في وظيفته، أو أنه مفسد في مؤسسته، أو أنه مفسد في مسؤوليته، فنكون ممن أمر بالمعروف ونهى عن المنكر، والنبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من رأى منكم منكراً فليغيره بيده؛ فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان".
فينبغي علينا أن نحارب الفساد سراً وجهراً بجميع الصور وبجميع الوسائل، وأن لا نجامل، وأن نعد هذه كارثة ومصيبة؛ إذا نزل البلاء فإنه يعم الصالح والطالح. وَقَدْ قَالَتْ أم المؤمنين زَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: “ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنَهْلِكُ وَفِينَا الصَّالِحُونَ؟ قَالَ: نَعَمْ إِذَا كَثُرَ الْخَبَثُ “؛ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
عقاب المفسدين في الدنيا:
الإفساد في الأرض له ضرر عظيم على البلاد والعباد، وحتى على الحيوانات، والبر والبحر؛ والطيور والدواب؛ فكلٌ يتضرر من إفساد العباد في الأرض، قال أبو هريرة رضي الله عنه:" والذي نفسي بيده إن الحبارى لتموت هزلا في وكرها بظلم الظالم " (القرطبي) والحبارى: نوعٌ من الطيور. وقال مجاهد رحمه الله: إن البهائم تلعن عصاة بني آدم إذا اشتد القحط - وأمسك المطر، وتقول: هذا بشؤم معصية ابن آدم وفساده في الأرض. وقال عكرمة رحمه الله: إن دواب الأرض وهوامها، حتي الخنافس والعقارب يلعنون المفسد ويقولون: مُنعنا القطر بذنوب بني آدم. لذلك تفرح الطيور والدواب والشجر بموت العبد الفاسد الفاجر؛ فقد قال صلى الله عليه وسلم: "إذا مات العبد الفاجر استراح منه العباد والبلاد والشجر والدواب." (مسلم).
منع القطر من السماء وظهور القحط والجدب والهلاك وظهور الأمراض المستحدثة التي لم تكن موجودة قبل ذلك عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا) قَالَ: أَقْبَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللهِ (صَلَّى الله عَليْهِ وسَلَّمَ) فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ خَمْسٌ إِذَا ابْتُلِيتُمْ بِهِنَّ، وَأَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ تُدْرِكُوهُنَّ: لَمْ تَظْهَرِ الْفَاحِشَةُ فِي قَوْمٍ قَطُّ، حَتَّى يُعْلِنُوا بِهَا، إِلاَّ فَشَا فِيهِمُ الطَّاعُونُ، وَالأَوْجَاعُ الَّتِي لَمْ تَكُنْ مَضَتْ فِي أَسْلاَفِهِمُ الَّذِينَ مَضَوْا، وَلَمْ يَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ، إِلاَّ أُخِذُوا بِالسِّنِينَ، وَشِدَّةِ الْمَؤُونَةِ، وَجَوْرِ السُّلْطَانِ عَلَيْهِمْ، وَلَمْ يَمْنَعُوا زَكَاةَ أَمْوَالِهِمْ، إِلاَّ مُنِعُوا الْقَطْرَ مِنَ السَّمَاءِ، وَلَوْلاَ الْبَهَائِمُ لَمْ يُمْطَرُوا، وَلَمْ يَنْقُضُوا عَهْدَ اللهِ، وَعَهْدَ رَسُولِهِ، إِلاَّ سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ غَيْرِهِمْ، فَأَخَذُوا بَعْضَ مَا فِي أَيْدِيهِمْ، وَمَا لَمْ تَحْكُمْ أَئِمَّتُهُمْ بِكِتَابِ اللهِ، وَيَتَخَيَّرُوا مِمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ، إِلاَّ جَعَلَ اللَّهُ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ.) سنن ابن ماجه.
بإفسادهم يحرمون محبة الله تعالى ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ ﴾ [القصص: 77] ومن حرم محبة الله شقي في الدنيا والآخرة.
لن يفلح لهم عمل قال تعالى ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ ﴾ [يونس: 81].
يقام عليهم حد الحرابة قال تعالى: ﴿ إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَٰلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾ [المائدة:33]، هذه العقوبة الشديدة للمفسدين في الأرض بجميع صور الفساد.
عقاب المفسدين في الآخرة:
لَهُمُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ ٱلْمِهَادُ..
قال تعالى: ﴿ وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِى ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا وَيُشْهِدُ ٱللَّهَ عَلَىٰ مَا فِى قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ ٱلْخِصَامِ * وَإِذَا تَوَلَّىٰ سَعَىٰ فِى ٱلأرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ ٱلْحَرْثَ وَٱلنَّسْلَ وَٱللَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلْفَسَادَ * وَإِذَا قِيلَ لَهُ ٱتَّقِ ٱللَّهَ أَخَذَتْهُ ٱلْعِزَّةُ بِٱلإثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ ٱلْمِهَادُ ﴾ [البقرة:204 - 206].
ولَهُمُ ٱللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوء ٱلدَّارِ..
قال تعالى: ﴿ وَٱلَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ ٱللَّهِ مِن بَعْدِ مِيثَـٰقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ ٱللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِى ٱلأرْضِ أُوْلَـئِكَ لَهُمُ ٱللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوء ٱلدَّارِ ﴾ [الرعد:25].
عاقبة من ابتعد عن الفساد:
جعل الله العاقبة الحسنى لمن ابتعد عن الفساد وكان أميناً مخلصاً في هذه الحياة الدنيا، يقول الله سبحانه: ﴿ تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [القصص:83]، فالذين ابتعدوا عن الفساد بجميع صوره هم الذين لهم الدرجات العلى في الجنة، نسأل الله ألا يحرمنا ذلك.
المراجع:
♦ الفساد والمفسدون سليمان بن حمد العودة
♦ الفساد آثاره وكيفية مكافحته صالح بن حميد
♦ وهل أتاك نبأ المفسدين؟عاصم محمد الخضيري
♦ الإفساد في الأرض الشيخ عبد الله بن ناصر الزاحم
♦ الإفساد في الأرض عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
♦ خطر الفساد على البلاد د.عبد الرحمن بن أحمد علوش مدخلي
♦ تحذير العباد من السعي بالفساد عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ
♦ خطبة بعنوان: ظاهرة الفساد وعلاجها في الإسلام د / خالد بدير بدوي
♦ بين المصلحين والمفسدين (2) شؤم المفسدين - مشكولة - إبراهيم بن محمد الحقيل
♦ بين رهط اليوم ورهط الأمس.. إن الله لا يصلح عمل المفسدين الكاتب: خميس النقيب
♦ خطبة الجمعة محاربة الفساد والإهمال مطلب شرعي وواجب وطني للشيخ محمد حسن داود