فالإيمان عندهم هو التصديق، أما الكفر فهو التَّكذيب، وكلُّ مَن حصَر الكفر في التَّكذيب فهو قائلٌ بقول الأشاعرة؛ دَرى أو لم يَدرِ، عَلم أو لم يعلَم؛ ولهذا مَن حصَر الكفر وقال: الكفر لا يكون إلا بالتكذيب، وما هو أبلغُ مِن التكذيب كالجحود؛ فإن الجحود تكذيبٌ وزيادة، فمن حصر الكفر في التكذيب أو بالجحود فهو قائلٌ بقول الأشاعرة؛ شعَر أو لم يَشعُر، درى أو لم يدرِ.
وهذا وقَع فيه بعض المنتسبين للسُّنة؛ جهلاً منهم، ثم كابَروا، وعاندوا، وهم لا يدرون أنهم وقَعوا في قول الأشاعرة، ثم لما نُبِّهوا أبَوْا أن يعترفوا، فحافوا حيفة حمُر الوحش، وأتوا بالتأويلات، واللَّف والدوران، ولو أنهم أقرُّوا بخطئهم لما احتاجوا لمثل هذا كله، وهذا مستقِرٌّ عند أهل العلم، وعند طلبة العلم؛ أن هذا قول الأشاعرة الذي ردَّ عليهم فيه أهلُ السُّنة.
الطائفة الثالثة: الكرَّامية؛ أتباع محمد بن كرَّام السِّجستاني، ومحمد بن كرَّام توفي عام (255ﻫ)، وهو مشبِّهٌ في باب الصفات، وهو مرجئٌ في باب الإيمان، قالت الكرَّامية: إن الإيمان هو النُّطق باللسان، فمَن قال: لا إله إلا الله، فهو مؤمن وإن لم يُصلِّ، وإن لم يؤدِّ أركان الإسلام، فما دام أنه نطَق فهو مؤمن! ولهذا فأقبَح ما يَلزم على مذهبِهم من فَسادِ اللوازم أن يكون المنافقون مؤمنين، والله تعالى حكَم على المنافقين بأنهم في الدرك الأسفل من النار.
الطائفة الرابعة: مرجئة الفقهاء: ودخل فيهم الماتوريدية أتباع أبي منصور الماتوريدي، الذين قالوا: إنَّ الإيمان نطقٌ باللسان، واعتقادٌ بالجَنان. واختلفوا في النطق؛ هل هو ركنٌ أصلي، أو ركن زائد؟ فعِند أهل العراق أتباعِ أبي حنيفة هو ركن أصلي، وعند أبي منصور الماتوريدي وأتباعه هو ركن زائد، والفرق بينهما فرقٌ يسير، لا نُطيل الكلام عليه، فأخرَجوا العمل عن الإيمان.
هذه أشهَر طوائف المرجئة، وهم موجودن في زماننا وجودًا كثيرًا؛ عامة الصوفية وعامة الأشاعرة على الصنف الثاني من أصناف الإرجاء؛ ولهذا نلاحظ الإرجاءَ عندهم في أعمالهم، فإذا أُمِرُوا بالمعروف، أو نُهُوا عن المنكر قالوا: يا هؤلاء! دعونا؛ الإيمان في القلب! وهذا مِن أثر الإرجاء؛ لأن الإيمان عندهم التصديق فقط، بلا قول ولا عمل.
بِل الأُخُوَّةُ الإِيمَانِيَّةُ ثَابِتَةٌ مَعَ الْمَعَاصِي:
المعاصي تشمل الصَّغائر والكبائر، فمَن فعل معصية أو كبيرة وهو مؤمن، تَبقى له الأخوَّة الإيمانية، والدليل:
كَمَا قَالَ - سُبْحَانَهُ - فِي آيَةِ الْقِصَاصِ: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [البقرة: 178].
أَخُوه هم أولياء الدَّم، فجعل أولياء الدَّم إخوانًا للقاتل، مع أن القاتل أتى بأعظمِ الذنوب بعد الشِّرك بالله، ولنتأمَّل في قوله تعالى: ﴿ وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا ﴾؛ أي: ماكثًا فيها مكثًا طويلاً، ولهذا لم يَقُل: أبدًا، ﴿ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا ﴾ [النساء: 93]؛ خمسةُ أنواع من الوعيد، واحدةٌ منها تَكفي أن يكون ذلك كبيرة؛ ولهذا عُدَّ قتلُ المؤمن ظلمًا وعدوانًا أقبحَ ذنبٍ بعد الشرك بالله.
فأقبحُ ذنب بعد الشرك بالله قتل النفس المؤمنة المعصومة، وأقبح أنواع الذنوب من قتل النفس المعصومة قتل المؤمن، وأقبح أنواع قتل المؤمن أن يَقتل ذا رَحِم، وأقبح أنواع قتل ذي الرَّحم أن يقتل أبوَيه، وأعظم ذنب من قتل الأبوين قتل الأم، وهذا تدرُّج بأعظم الذنوب بعد الشرك بالله تعالى.
قال: "فالأخوة الإيمانية ثابتة لمن أتى هذا الذنب"؛ لأن الله تعالى قال: ﴿ فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [البقرة: 178] فعدَّ القاتل أخًا لأولياء المقتول، وقال تعالى:
وَقَالَ: ﴿ وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا ﴾:
فعد الطائفتين من المؤمنين.
﴿ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى ﴾:
تعدت، وظلمت، وبغت.
﴿ فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ ﴾:
حتى ترجع فتترك عنها هذه الكبيرة.
﴿ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ﴾ [الحجرات: 9]:
أي: احكموا بالعدل. فالقاسطون هم العادلون.
﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ ﴾ [الحجرات: 10]:
جعَل الطائفةَ المقاتلة للأخرى إخوةً لها، فأبقى بينهما الأخوَّة الإيمانيَّة.
وَلا يَسْلِبُونَ الْفَاسِقَ الْمِلِّيَّ اسْمَ الإِيمَان بِالْكُلِّيَّةِ:
ذكَر أهل السُّنة أنهم لا يَسلبون الفاسق المليَّ اسمَ الإيمان، والفاسق المليُّ عند أهل السنة هو المؤمن الذي على الملة لكنَّه أتى ذنبًا، فسَق به فصار عاصيًا، أو فاسقًا، ولا يسلبون الفاسق المليَّ اسم الإيمان بالكلية، فصاحب الذنب عند أهل السنَّة لا يَكفُر، ولا يقال: إنه غير مؤمن. وإنما يُقال: مؤمنٌ بإيمانه، فاسقٌ بكبيرته، أو عاصٍ بمعصيته. أو قالوا: مؤمنٌ ناقص الإيمان. والنقص جاء مِن هذه الكبيرة التي أتاها، والإيمان من التوحيد الذي عنده.
وَلا يُخَلِّدُونَهُ فِي النَّارِ كَمَا تَقُولُ الْمُعْتَزِلَة:
أي: إنهم في الدنيا لا يسلبونه اسم الإيمان، فلا يقولون: هو غير مؤمن. إنما يقولون: مؤمن ضعيفُ الإيمان، ناقص الإيمان. مؤمن بإيمانه، فاسق بذنبه وكبيرته.
وفي الآخرة لا يُخلِّدونه في النار كما تقوله المعتزلة والخوارج، فالمعتزلة في الدُّنيا يَسلبونه اسمَ الإيمان، فيسمونه بالفاسق الملي على اصطلاح المعتزلة، وهو مَن كان في منزلة بين المنزلتين، والمنزلة بين المنزلتين هي أولُ بِدعِ المعتزلة، فأوَّلُ بدعة ابتدعتها المعتزلة القول: بين المنزلتين؛ وذلك أنه دخل رجل البصرة، فإذا بجامعها - وكان مخاضُ الناس وقيلُهم وقالُهم في ذلك الزمان عن أصحاب الذنوب، أما مخاضهم الآن في زماننا عن: فلانٌ حزبيٌّ أو غيرُ حزبي، مبتدعٌ أو غيرُ مبتدع، إخواني أو غير إخواني، تبليغي، أو سلَفي... هذا هو مخاض أكثرِ الناس في زماننا، مخاضهم في زمن الحسَن البصري، في أواخر عهد الصحابة رضي الله عنهم وأول التابعين - فلان مؤمن أو غير مؤمن، مِن جَرَّاء ما دخل من الفتن - الحسن البصري، فدخَل رجلٌ مع طلابه، فقال: صاحبُ الذَّنب يا إمام! أمؤمنٌ أم كافر؟ فتَطفَّل واصل بن عطاء، فقال: أنا أقول: إنه ليس بمؤمن، ولا بكافر - والمسؤول هو الحسن البصري، وهذا أجاب جوابًا تطفليًّا - فتطاول على شيخه، وعلى هذا السَّائل، فقال: أنا أقول لا مؤمن ولا كافر. ثم اعتزل هو وعمرُو بن عُبيد حلقةَ الحسن في جامع البصرة، فصاروا في ناحية، فسمَّاهم الناس معتزلة؛ أي: إنهم اعتزلوا حلقة إمام أهل السُّنة - إمام المسلمين في زمانه - بهذه البدعة، أنهم سمَّوه لا مؤمن ولا كافر؛ في منزلة بين المنزلتين، وهذه أول بدعهم.
وأيضًا الخوارج - في اسمه في الدنيا - يَسلبونه اسمَ الإيمان، فيسمون الفاسق المليَّ في منزلةٍ بين المنزلتين، أما الخوارج فسموه في الدنيا كافرًا.
بَلِ الْفَاسِقُ يَدْخُلُ فِي اسْمِ الإِيمَانِ الْمُطْلَقِ؛ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ ﴾ [النساء: 92]:
لو أنَّ هذا صاحب الرقبة مؤمن لكنَّه يَسرق، أو يزني، أو يشرب الخمر، أو يأكل الرِّبى؛ فإنه يصح إعتاقه حتى عند هؤلاء المعتزلة، ومما يُناسب ذِكرُه أن المعتزلة أكثرهم في القرن الثالث على مذهب الإمام أبي حنيفة؛ يُمضون أن هذا مؤمن فيُعتق، خلافًا لمذهبهم في الأصول، يخالفونه في مذهبه في الفقهيات والعملية.
وَقَدْ لا يَدْخُلُ فِي اسْمِ الإِيمَانِ الْمُطْلَقِ؛ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا ﴾ [الأنفال: 2].
عندنا إيمانٌ مطلَق، وعندنا مطلقُ الإيمان، ومطلق الإيمان هو الإيمانُ العامُّ الذي يَشمل كاملَ الإيمان، وضعيفَ الإيمان، والمؤمنَ الفاسق، والمؤمنَ العاصيَ، أمَّا الإيمان المطلقُ فهو الإيمان الكامل، وقد لا يدخل صاحبُ الكبيرة عند أهل السُّنة في اسم الإيمان المطلق (الكامل)، كما في قوله تعالى: ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا ﴾ [الأنفال: 2]؛ فإن المؤمنين في هذه الآية هم المؤمنون إيمانًا كاملاً، أصحاب الإيمان المطلق الكامل، ولا يُدخِل أهلُ السنة صاحبَ الذنب في الإيمان الكامل؛ فقد نقَص إيمانُه بكبيرته وذنبه، ولا يُدخِلونه في الإيمان الكامل الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم:
وَقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: ((لا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلا يُسْرِقُ السَّارِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلا يَشْرَبُ الْخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلا يَنْتَهِبُ نَهْبَةً ذَاتَ شَرَفٍ يَرْفَعُ النَّاسُ إِلَيْهِ فِيهَا أَبْصَارَهُمْ حِينَ يَنْتَهِبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ))[7]:
أي: إنَّه في هذه الكبائر يُنْفَى عنه الإيمانُ المطلق، الإيمانُ الكامل، ولا يُنفى عنه أصلُ الإيمان عند أهل السُّنة، أما عند الوعيدية فإنَّهم يَنفون عنه أصل الإيمان، أما المرجئة فيعدون هذا كامل الإيمان وإيمانه مطلق؛ لأن الإيمان عندهم لا يؤثِّر فيه الذنوب، ولا يؤثر فيه تَركُ العمل.
وَيَقُولُونَ: هُوَ مُؤْمِنٌ نَاقِصُ الإِيمَانِ، أَوْ مُؤْمِنٌ بِإِيمَانِهِ فَاسِقٌ بِكَبِيرَتِهِ؛ فَلا يُعْطَى الاسْمَ الْمُطْلَقَ، وَلا يُسْلَبُ مُطْلَقَ الاسْمِ بِكَبِيرَتِهِ:
هذا قولُ أهل السُّنة والجماعة في أنه لا يُسلب الإيمانَ الكامل، ولا يُسلب مطلقَ الإيمان؛ أي: مجرَّدَ اسم الإيمان.
أما أدلة أهل السنة والجماعة على أن الإيمان يَزيد وينقص فكثيرة جدًّا في القرآن والسنة، وفي الآثار السلفيَّة، وأدلة أهل السنة على إدخال العمل في الإيمان كثيرة جدًّا؛ منها قوله تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ﴾ [البقرة: 277]؛ فإنَّ عطف العمل على الإيمان مِن باب عطف البعض على الكل؛ عطف الخاصِّ على العام، وهذا يَعني مُطلَقَ الجمع، خلافًا لمن أخرج العمل عن الإيمان بأن جعل الواو للمغايرة، فالواو هنا لمطلق الجمع؛ كما قال تعالى: ﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ﴾ [آل عمران: 110]؛ لا شكَّ - بإجماع المسلمين - أنَّ الأمر بالمعروف والنهيَ عن المنكر مِن الإيمان بالله.
وقال تعالى لما حوَّل القِبلة في آخر الآيات: ﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴾ [البقرة: 143]، والمراد بإيمانكم بالاتفاق الصلاة، فيمن صلَّوا ستةَ عشَر شهرًا إلى بيت المقدس، ثم تحولت القبلة وماتوا قبل تحوليها؛ فإن الله لا يُضيع صلاتَه؛ حيث قال - متفضلاً ممتنًّا -: ﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴾ [البقرة: 143]، فسمى الصلاةَ إيمانًا مع أن الصلاة عمل، إلا أنه وللأسف خيض فيها في الأزمان المتأخرة، ووقف لها علماؤنا - كالشيخ ابن باز، والشيوخ أعضاء اللجنة الدائمة - موقفًا ثابتًا، فما تزحزَحوا، وأبانوا فيها غلط الغالطين، وأصدروا فيهم البيانات؛ لعلهم أن يرجعوا، فمن رجع منهم فقد أصاب، ومن كابر فإنما فضح نفسه، ودل على مخالفته مذهب أهل السنة في هذا الأصل.
ولكنه لما أُخِذ العلم عن غير أهله، وتُلُقِّي عن غير أصحابه أصبح مخاضُ الناس المتعالمين: هل العمل شرطُ كمال، أو شرط صحَّة؟ وهل العمل مِن الإيمان أو ليس من الإيمان؟ فلو أن هؤلاء حَفِظوا هذه العقيدة، وتلقَّوها كما تلقاها العلماء عن أشياخهم لَما طرَأ هذا الطارئُ على قلوبهم، لكن هؤلاء علومهم من الكتب ومن الصحف لا مِن ثَنيِ الرُّكَب عندَ أهل العلم، ومن كان شيخه كتابه كان خطؤه أكثر من صوابه؛ يَفهم الشيء على غير معناه، ويظنه حقًّا وهو على غير معناه!
[1] رواه البخاري (5787)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
[2] رواه أحمد (2/ 164، 190)، وأبو داود (3580)، والترمذي (1337)، من حديث عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما.
[3] رواه البخاري (6016)، من حديث أبي شريح الخزاعي رضي الله عنه.
[4] رواه البخاري (2475)، ومسلم (57).
[5] رواه مسلم (102)، من حديث أبي هريرة.
[6] رواه البخاري (7070، 7071)، ومسلم (98، 100)، من حديث عبدالله بن عمر، وأبي موسى.
[7] تقدم تخريجه.