
30-08-2020, 05:11 AM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,450
الدولة :
|
|
رد: من مكارم الأخلاق في الرسالة المحمدية
وفى رواية عشر سنين عَنْ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: "خَدَمْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَشْرَ سِنِينَ فَمَا قَالَ لِي أُفٍّ قَطُّ، وَمَا قَالَ لِشَيْءٍ صَنَعْتُهُ لِمَ صَنَعْتَهُ؟ وَلَا لِشَيْءٍ تَرَكْتُهُ لِمَ تَرَكْتَهُ؟" (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ). فإذا وضعت في الحسبان هذه المدة في الخدمة، وأن الخادم غلام صغير ومظنة الخطأ منه أكثر من الكبير، أدركت ما كان عليه - صلى الله عليه وسلم - من مكارم الأخلاق وحسن المعاشرة.
وروى البخاري عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: "إن كانت الأمة من إماء أهل المدينة لتأخذ بيد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فتنطلق به حيث شاءت".
وبلغت عناية النبي - صلى الله عليه وسلم - بالأخلاق الحسنة مع خدمه وعبيده أن وصي بها - وهو على فراش الموت - خشيةَ أن تُهدَر حقوقهم، قائلاً: «الصلاةَ وما ملكت أيمانكم».
وَقَدْ طَبَّقَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَلِكَ فِي حَيَاتِهِ الْعَمَلِيَّةِ مع من يجهل بعض أحكام الدين.
ومن ذلك تعامله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ برفق مع الاعرابي الذى يبول في المسجد روى البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: (أن أعرابياً قام في طائفة المسجد النبوي - يعني: في جانب من جوانب المسجد النبوي - يتبول في حضرة رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أصحابه! فقام الصحابة وقالوا: مه مه! ماذا تصنع أيها الأعرابي الجلف؟! لم تجد مكاناً لتتبول فيه إلا في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحب الخلق يقول: لا تزرموه) ووالله لو سكت لكان فعلاً كريماً، ولكان هذا الفعل خلقاً كريماً، لكنه يقول: (لا تزرموه) يعني: دعوه يكمل بوله! والآن ماذا لو تبول طفل من أطفالنا في المسجد؟! ماذا لو دخل سفيه إلى مسجدنا في جميع كبير كهذا الجمع وتبول، أو وقف أمام الشيخ وتبول؟! ماذا لو دخل سفيه الآن فسبني وأنا أتكلم؟! ولكن صاحب الخلق يقول: (لا تزرموه) يعني: لا تقطعوا عليه بوله، وأكمل الأعرابي تبوله تماماً بطمأنينة كاملة وكأنه في خلاء بيت: (ثم نادى عليه رسول الله وقال له: إن المساجد لا تصلح لشيء من هذا، وإنما جُعلت للصلاة ولذكر الله ولقراءة القرآن، يا فلان! ائتني بدلو من الماء، فأفاضوا عليه دلواً من الماء فطهر المكان) وهكذا أنهى الإشكال كله، فانفعل الأعرابي بهذا الحلم وهذا الخلق والرفق، فدخل في الصلاة - والحديث في صحيح البخاري في كتاب الأدب - فدخل الصلاة وقال بصوت مرتفع: (اللهم ارحمني ومحمداً، ولا ترحم معنا أحداً، فقال له صاحب الخلق بخلق: لقد حجرت واسعاً!). يعني: لماذا تضيق ما وسع الله عز وجل وهو القائل سبحانه: ﴿ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ ﴾ [الأعراف: 156]؟!
ومن ذلك تعامله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ برفق مع معاوية ابن الحكم الذى تكلم و هو في الصلاة جاهلا قيرفق عليه الصلاة و السلام به وروى مسلم في صحيحه من حديث معاوية بن الحكم السلمي رضي الله عنه قال: (دخلت الصلاة خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فعطس رجل من القوم فقلت: يرحمك الله. يقول معاوية: فرماني القوم بأبصارهم، - يعني: نظروا إليه - فقلت: وا ثكل أمياه! ما شأنكم تنظرون إلي؟! يقول: فضربوا بأيديهم على أفخاذهم يصمتونني فسكت، فلما قضى النبي صلاته بأبي هو وأمي والله لم أر معلماً قبله ولا بعده أحسن منه، والله ما كهرني ولا ضربني ولا شتمني إنما قال لي: إن الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس، إنما هو التسبيح والتهليل وقراءة القرآن).
وَقَدْ طَبَّقَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَلِكَ فِي حَيَاتِهِ الْعَمَلِيَّةِ مع أعداءه حتى دخل معظمهم في الإسلام.
ومن ذلك إسلام ثمامة بن أثال وبيان جميل خلقه صلى الله عليه وسلم معه روى البخاري ومسلم رضوان الله ورحمته عليهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: (بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم خيلاً قبل نجد، فجاءت برجل يقال له: ثمامة بن أثال سيد أهل اليمامة، فربط الصحابة ثمامة بن أثال في سارية - أي: في عمود من أعمدة المسجد النبوي - فدخل النبي صلى الله عليه وسلم المسجد فوجد ثمامة مربوطاً في سارية من سواري المسجد فعرفه - لأن ثمامة كان سيداً في قومه - فأقبل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال له: ماذا عندك يا ثمامة؟ قال: عندي خير يا محمد! إن تقتل تقل ذا دم! - يعني: إن قتلتني قتلت رجلاً له مكانته في قبيلته، ولن تفرط قبيلتي في دمي وفي الأخذ بثأري - إن تقتل تقتل ذا دم وإن تُنْعِم تنعم على شاكر - يعني: فإن أطلقتني سأعترف لك بهذا الجميل وسأشكره لك ما حييت - وإن كنت تريد مالاً فسل تعط من المال ما شئت، فتركه صاحب الخلق الكريم صلى الله عليه وسلم، وفي اليوم الثاني دخل النبي صلى الله عليه وسلم المسجد فأقبل على ثمامة فقال له: ماذا عندك يا ثمامة قال: عندي ما قلت لك يا محمد! إن تقتل تقتل ذا دم، وإن تنعم تنعم على شاكر، وإن كنت تريد المال فسل تعط من المال ما شئت، فتركه صاحب الخلق الكريم صلى الله عليه وسلم، وفي اليوم الثالث دخل النبي صلى الله عليه وسلم المسجد فأقبل على ثمامة فقال: ماذا عندك يا ثمامة قال: عندي ما قلت لك يا محمد! إن تقتل تقتل ذا دم وإن تنعم تنعم على شاكر، وإن كنت تريد المال فسل تعط من المال ما شئت، فقال المصطفى: أطلقوا ثمامة.. أطلقوا ثمامة لا نريد فدية ولا مالاً، بل ولا نلزمه بالإسلام، ولا نكرهه على الإيمان أطلقوا ثمامة فانطلق ثمامة. بعد أن فكوا قيده وانطلق إلى أقرب نخل إلى جوار المسجد النبوي فاغتسل، ثم عاد مرة أخرى إلى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أنك رسول الله). أخي الحبيب! تدبر معي قول ثمامة: يا رسول الله! والله ما كان على وجه الأرض وجه أبغض إلي من وجهك، فأصبح وجهك الآن أحب الوجوه كلها إلي، والله ما كان على الأرض دين أبغض إلي من دينك، فأصبح دينُك أحبَّ الدين كله إلي، والله ما كان على الأرض بلدٌ أبغض إلي من بلدك فأصبح بلدك أحبَّ البلاد كلها إلي! ثم قال: يا رسول! الله لقد أخذتني خيلك وأنا أريد العمرة، وقد كانوا يعتمرون ويحجون إلى البيت وهم على الكفر والشرك. كان أحدهم يلبي فيقول: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، فإذا سمع النبي صلى الله عليه وسلم هذا الكلمات يقول: قط قط. يعني: قد اكتفيتم قفوا عند هذا القدر ولا تزيدوا، ثم يزيدون قائلين لبيك اللهم لبيك، لا شريك لك لبيك، إلا شريكاً هو لك تملكه وما ملك! ولو تدبر أحدهم في الإضافة بتعقل لوجد أن هذا الإله المعبود من دون الله لا يملك لنفسه شيئاً. ولو تدبر أحدهم بتعقل لعلم أن هذه الآلهة لا تضر ولا تنفع، ورحم الله من رأى يوماً على صنمه بولاً فنظر حواليه فوجد ثعلباً يلعب بالقرب من معبوده، فعلم أن الذي فعل هذه الفعلة الشنعاء هو هذا الثعلب، فنظر إلى إلهه والنجاسة تنساح عليه، وتفكر وتدبر في الأمر وقال بعقل راجح راشد: رب يبول الثُعلبان أو الثَعلبان - واللغتان صحيحتان كما قال ابن منظور في لسان العرب - ربٌ يبول الثُعلبان برأسه لقد ذل من بالت عليه الثعالب فلو كان رباً كان يمنع نفسه فلا خير في رب نأته المطالب برئت من الأصنام في الأرض كلها وآمنت بالله الذي هو غالب يقول ثمامة: (لقد أخذتني خيلك يا رسول الله! وأنا أريد العمرة فماذا ترى أن أصنع؟ فبشره رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمره أن يعتمر).قال الحافظ ابن حجر: فبشره رسول الله صلى الله عليه وسلم، أي: بالجنة أو بخيري الدنيا والآخرة، أو بمحو سيئاته. يا له من فضل (وأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يعتمر، فأقبل ثمامة إلى مكة ملبياً، فكان ثمامة هو أول من جهر بالتلبية في مكة، فأخذته قريش وقالوا: من هذا الذي اجترأ علينا - أي: جهر بالتلبية بين أظهرنا - من هذا الذي يردد الكلمات التي يعلمها محمد - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه؟! فأخذوه وضربوه ضرباً شديداً حتى قال قائلهم: دعوه إنه فلان فأنتم تحتاجون الميرة من اليمامة فجلس ثمامة وهو يقول: والله لا تصل إليكم بعد اليوم حبة حنطة إلا أن يأذن فيها رسول الله) هذا لفظ مسلم والحديث في الصحيحين. وفي رواية ابن إسحاق بسند صحيح: (لما جهر ثمامة بالتلبية وأقبل عليه المشركون فضربوه، وقال أبو سفيان: ألا تعرفون الرجل؟ إنه ثمامة سيد أهل اليمامة، دعوه فأنتم تحتاجون إلى الحنطة - أي: القمح - والميرة من اليمامة، فلما جلس ثمامة قال: والله لا تصل إليكم بعد اليوم حبة حنطة إلا أن يأذن فيها رسول الله). أقول: من أول لحظة دخل فيها ثمامة الإسلام جعل ووضع كل طاقاته ووجاهته ومكانته وقدراته وإمكانياته في خدمة الدين، عرف الإسلام فوضع كل ما يملك من قدرات وطاقات في خدمة دينه الذي اعتنقه، وأنار الله قلبه به، وبالفعل أدى العمرة.
ومن ذلك حلمه صلى الله عليه وسلم مع زَيْدِ بْنِ سَعْنَةَ روى البيهقي في دلائل النبوة والطبراني عن عبد الله بن سلام بسند رجاله ثقات قَالَ: إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمَّا أَرَادَ هُدَى زَيْدِ بْنِ سَعْنَةَ - وهو الحبر الكبير من أحبار يهود - قَالَ زَيْدُ بْنُ سَعْنَةَ مَا مِنْ عَلَامَاتِ النُّبُوَّةِ شَيْءٌ إِلَّا وَقَدْ عَرَفْتُهَا فِي وَجْهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ نَظَرْتُ إِلَيْهِ إِلَّا اثْنَتَيْنِ لَمْ أُخْبَرْهُمَا مِنْهُ: يَسْبِقُ حِلْمُهُ جَهْلَهُ، وَلَا يَزِيدُهُ شِدَّةُ الْجَهْلِ عَلَيْهِ إِلَّا حِلْمًا، فَكُنْتُ أَتَلَطَّفُ لَهُ لِأَنْ أُخَالِطَهُ فَأَعْرِفَ حِلْمَهُ مِنْ جَهْلِهِ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا مِنَ الْحُجُرَاتِ وَمَعَهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فَأَتَاهُ رَجُلٌ عَلَى رَاحِلَتِهِ كَالْبَدَوِيِّ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ بُصْرَى قَرْيَةُ بَنِي فُلَانٍ قَدْ أَسْلَمُوا وَدَخَلُوا فِي الْإِسْلَامِ وَكُنْتُ حَدَّثْتُهُمْ إِنْ أَسْلَمُوا أَتَاهُمُ الرِّزْقُ رَغَدًا وَقَدْ أَصَابَتْهُمْ سَنَةٌ وَشِدَّةٌ وَمَحُوطٌ مِنَ الْغَيْثِ فَأَنَا أَخْشَى يَا رَسُولَ اللهِ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ الْإِسْلَامِ طَمَعًا كَمَا دَخَلُوا فِيهِ طَمَعًا، فَإِنْ رَأَيْتَ أَنْ تُرْسِلَ إِلَيْهِمْ بِشَيْءٍ تُعِينَهُمْ بِهِ فَعَلْتَ، فَنَظَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى عَلِيًّ وسأله ((هل عندنا شىءٌ من المال؟)).فقال على بن أبى طالب: لا والله يا رسول الله لقد نفذ المال كله. قَالَ زَيْدُ بْنُ سَعْنَةَ: فَدَنَوْتُ مِنْهُ فَقُلْتُ: يَا مُحَمَّدُ، هَلْ لَكَ أَنْ تُبِيعَنِي تَمْرًا مَعْلُومًا مِنْ حَائِطِ بَنِي فُلَانٍ إِلَى أَجَلِ كَذَا وَكَذَا؟ فَقَالَ: «لَا يَا يَهُودِيُّ، وَلَكِنِّي أُبِيعُكَ تَمْرًا مَعْلُومًا إِلَى أَجَلِ كَذَا وَكَذَا وَلَا أُسَمِّي حَائِطَ بَنِي فُلَانٍ»، قُلْتُ: نَعَمْ، فَبَايَعَنِي فَأَعْطَيْتُهُ ثَمَانِينَ مِثْقَالًا مِنْ ذَهَبٍ فِي تَمْرٍ مَعْلُومٍ إِلَى أَجَلِ كَذَا وَكَذَا، يقول زيد بن سعنه: فأخذها النبي كلها وأعطاها لهذا الأعرابي وَقَالَ: « اذهب إلى قومك فأغثهم بهذا المال ».فانطلق الأعرابي بالمال كله،قَالَ زَيْدُ بْنُ سَعْنَةَ: فَلَمَّا كَانَ قِبَلَ مَحِلِّ الْأَجَلِ بِيَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ وَخَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى جِنَازَةٍ وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ فِي نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ فَلَمَّا صَلَّى عَلَى الْجِنَازَةِ دَنَا مِنْ جِدَارٍ لِيَجْلِسَ إِلَيْهِ فَأَتَيْتُهُ فَأَخَذْتُ بِمَجَامِعِ قَمِيصِهِ وَرِدَائِهِ وَنَظَرْتُ إِلَيْهِ بِوَجْهٍ غَلِيظٍ وهز الحبر اليهودي رسول الله صلى الله عليه وسلمهزاً عنيفاً وهو يقول له: أَدِّ ما عليك من حق ومن دَيْنٍ يا محمد! فَوَاللهِ مَا عَلِمْتُكُمْ يا بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ إلا مُطلاً في أداء الحقوق وسداد الديون، وَلَقَدْ كَانَ لِي بِمُمَاطَلَتِكُمْ عِلْمٌ قَالَ: فَنَظَرْتُ إِلَى عُمَرَ، وَإِذَا عَيْنَاهُ تَدُورَانِ فِي وَجْهٍ كَالْفَلَكِ الْمُسْتَدِيرِ، ثُمَّ رَمَانِي بِبَصَرِهِ فَقَالَ: يَا عَدُوَّ اللهِ، أَتَقُولُ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَسْمَعُ، وتفعل برسول الله صلى الله عليه وسلمما أرى؟!! فَوَ الَّذِي بَعَثَهُ بِالْحَقِّ لَوْلَا أنى أخشى فَوْتَهُ وغضبه لَضَرَبْتُ رَأْسَكَ بِسَيْفِي هذا يقول زيد بن سعنه: وأنا أنظر إلى النبي صلى الله عليه وسلموَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْظُرُ إِلَى عُمَرَ فِي سُكُونٍ وَتُؤَدَةٍ وَتَبَسُّمٍ، ثُمَّ قَالَ: «يَا عُمَرُ، لقد كنت أَنَا وَهُوَ أَحْوَجَ إِلَى غَيْرِ هَذَا؛ يا عمر لقد كان من الواجب عليك أَنْ تَأْمُرَنِي بِحُسْنِ الْأَدَاءِ وَتَأْمُرَهُ بِحُسْنِ الطلب، فبهت الحبر أمام هذه الأخلاق السامية، وأمام هذه الروح الوضيئة العالية من الحبيب المصطفى بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم.أتدرون ماذا قال الحبيب صاحب الأخلاق العظيمة؟التفت الحبيب إلى عمر رضى الله عنه وقال (اذْهَبْ بِهِ يَا عُمَرُ، فَأَعْطِهِ حَقَّهُ وَزِدْهُ عِشْرِينَ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ جزاء ما روعته!! ». قَالَ زَيْدٌ: فَذَهَبَ بِي عُمَرُ فَأَعْطَانِي حَقِّي وَزَادَنِي عِشْرِينَ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، فَقُلْتُ: مَا هَذِهِ الزِّيَادَةُ يَا عُمَرُ؟ فَقَالَ: أَمَرَنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أُزِيدَكَها جزاء ما روعتك!!.
فالتفت الحبر اليهودي إلى عمر وقال: ألا أَتَعْرِفُنِي يَا عُمَرُ؟ قَالَ: لَا، فَمَنْ أَنْتَ؟ قُلْتُ: أَنَا زَيْدُ بْنُ سَعْنَةَ، قَالَ عمر: حبر اليهود؟! قال: نعم.فالتفت إليه عمر و قَالَ: فَمَا دَعَاكَ إِلَى أَنْ فَعَلْتَ بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا فَعَلْتَ وَقُلْتَ لَهُ مَا قُلْتَ؟
فقال زيد: والله يا ابن الخطاب ما من شيء من عَلَامَاتِ النُّبُوَّةِ إِلَّا وَقَدْ عَرَفْتُهُ فِي وَجْهِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ نَظَرْتُ إِلَيْهِ ولكنني لم أختبر فيه خصلتين من خصال النبوة.فقال عمر: وما هما؟قال حبر اليهود: الأولى: يَسْبِقُ حِلْمُهُ جَهْلَهُ، والثانية: لَا تُزِيدُهُ شِدَّةُ الْجَهْلِ عَلَيْهِ إِلَّا حِلْمًا أمـا وقد عرفتها اليوم في رسول الله فَأُشْهِدُكَ يَا عُمَرُ أَنِّي: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم. قَدْ رَضِيتُ بِاللهِ رَبًّا وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا وَبِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَبِيًّا، وَأُشْهِدُكَ أَنَّ شَطْرَ مَالِي - فَإِنِّي أَكْثَرُهُمْ مَالًا - صَدَقَةٌ عَلَى أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لِي: عُمَرُ أَوْ عَلَى بَعْضِهِمْ، فَرَجَعَ عُمَرُ وَزَيْدٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ زَيْدٌ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَآمَنَ بِهِ وَصَدَّقَهُ وَتَابَعَهُ وَشَهِدَ مَعَهُ مَشَاهِدَ كَثِيرَةً. تُوُفِّيَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ مُقْبِلًا غَيْرَ مُدْبِرٍ رَحِمَ اللهُ زَيْدًا.
يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|