عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 01-09-2020, 03:31 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 167,388
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح حائية ابن أبي داود

شرح حائية ابن أبي داود(6)
د. طالب بن عمر بن حيدرة الكثيري



(الدرس السادس)



وقل خير قول في الصحابة كلهم ♦♦♦ ولاتك طعّاناً تعيب وتجرحُ
قوله رحمه الله "وقل": أي بلسانك معتقدا ًبجنانك.
قوله "خير قولٍ": وذلك بذكر محاسنهم، والترضي عنهم، والكف عن مساوئهم، والذب عنهم.

قوله "في الصحابة": جمع صحابي، وهو من لقي النبي صلى الله عليه وسلم مؤمناً به ومات على الإسلام، ذكره الحافظ رحمه الله في الإصابة وفي النزهة، قال شيخ الإسلام رحمه الله في الصارم: " سواء في ذلك قليل الصحبة وكثيرها "، وذكر أبو زرعة الرازي رحمه الله أن عددهم يزيد على مائة ألف، لكن ذكر الذهبي رحمه الله أن الذين رووا الأحاديث منهم لم يبلغوا ألفين.

قوله " كلهم ": لقوله تعالى: ﴿ وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ﴾ [التوبة: 100]، وقوله تعالى: ﴿ وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى ﴾ [النساء: 95]، وفي الصحيحين من حديث عمران بن حصين رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " خير الناس قرني "، وقد نقل ابن عبد البر في مقدمة الاستيعاب إجماع أهل العلم على أن الصحابة كلهم عدول.

قوله " ولا تكُ طعاناً ": الطعن هو الوقوع في الأعراض بغيبة أو مذمة أو مسبة، قال صلى الله عليه وسلم: " لا تسبوا أصحابي"؛ كما في الصحيحين من حديث أبي سعيد، فهذه لهم خاصة، وقال صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين: "سباب المسلم فسوق وقتاله كفر"، وهذه عامة وهم أولى بها.

قوله " تعيب وتجرح ": سب الصحابة على ثلاثة أقسام:
الأول: أن يرمي عامتهم أو أكثرهم بالكفر أو الفسق؛ فهذا كفرٌ؛ لأنه مكذبٌ للنصوص، متهمٌ لنقلة الشريعة.
الثاني: أن يلعن بعضهم أو يسبهم، وهذا على قسمين:
1- إن كان تغيظاً منهم فهو كفر.
2- وإن كان تنقصًا لهم أو تأولاً فهو فسق.

الثالث: أن يسب أمهات المؤمنين، وهو على قسمين:
1- إن قذفهن بالزنا فهو كافر؛ لأنه ساب للنبي صلى الله عليه وسلم.
2- وإن سبهن دون قذف؛ فهو كسب باقي الصحابة رضي الله عنهم جميعاً.
فقد نطق الوحي المبين بفضلهم ♦♦♦ وفي الفتح آيٌ للصحابة تمدحُ

قوله " فقد نطق الوحي ": الوحي هو الإعلام السريع الخفي، وله مراتب وصفات، وقوله: (نطق الوحي) مأخوذٌ من قوله تعالى: ﴿ هَذَا كِتَابُنَا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [الجاثية: 29].

قوله " المبين ": كقوله تعالى: ﴿ حم * وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ ﴾ [الزخرف: 1، 2]؛ أي الواضح، وفي نسخة: "المتين".
قوله " بفضلهم ": عموماً وخصوصاً.
قوله " وفي الفتح ": أي في سورة الفتح، وقد نزلت بعد بيعة الرضوان في السنة السادسة في صلح الحديبية.
قوله " آيٌ ": الآية في اللغة العلامة المميزة، وقيل: الجماعة، وهكذا هي في الاصطلاح.
قوله " للصحابة ": في نسخة " في الصحابة ".
قوله " تمدح ": المدح هو الثناء باللسان على الجميل مطلقاً، وفي سورة الفتح قوله تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ ﴾ [الفتح: 10]، وقوله تعالى ﴿ هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ ﴾ [الفتح: 4]، وقوله تعالى: ﴿ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ ... ﴾ [الفتح: 29].

والأصل في هذا الباب:
أن من طعن في الصحابة رضي الله عنه إنما أراد أن يطعن في اتباع الكتاب والسنة، ويصرف الناس عنهما، ومن هؤلاء الرافضة الذين غلوا في آل البيت وأبغضوا باقي الصحابة، والنواصب الذين أبغضوا آل البيت وأثنوا على باقي الصحابة، والخوارج والمعتزلة الذين تبرؤوا من الطائفتين.






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 19.97 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 19.35 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.14%)]