عرض مشاركة واحدة
  #60  
قديم 01-09-2020, 05:20 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,207
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح زاد المستقنع في اختصار المقنع للشيخ محمد الشنقيطي

[حكم قضاء النوافل]q
هل تقضى الفوائت من النوافل؟
a أما قضاء الفوائت من النوافل فإنه سنة، ودل على ذلك حديث حذيفة في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم في قضائه لراتبة الفجر.
وقال العلماء:
إن راتبة الفجر هي آكد الرواتب، وتقضى قولاً واحداً عند العلماء،
وتأكُّد قضائها لقوله عليه الصلاة والسلام:
(لا تدعوها ولو طلبتكم الخيل).ولثبوت الخبر الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم بقضائها مع الصحابة، فإنه لما بات في الوادي الذي ذكرنا أمر بلالاً فأذَّن، ثم صلى ركعتين وهي رغيبة الفجر، ثم أمره فأقام فصلى الصبح.
فدل قضاؤه لها على مسألتين: أما المسألة الأولى فسنِّيَّة قضاء الرواتب،
والمسألة الثانية:
هل يطالب بالقضاء على الفور أم على التراخي؟ ذلك أنه لو كان مطالباً بالفور لصلى الصبح أولاً، ثم صلى بعده الرغيبة، ولَمَا اشتغل بالنافلة قبل الفريضة، فهذا يؤكد ما ذكرناه مِن أن القضاء ليس على الفور؛ إذ لو كان على الفور لما قدَّم النافلة على الفرض.
وبناءً على هذا فإنهم قالوا: إنه يُشرَع قضاء النوافل.
ومن الأدلة حديث عائشة الصحيح: (يا رسول الله! رأيتك تصلي ركعتين لم أرك تصليهما من قبل؟
قال:
أتاني ناس من عبد القيس، فشغلوني عن الركعتين اللتين بعد الظهر، فهما هاتان)
.
وأما حديث أم سلمة أنها لما سألته فقالت: (أفنقضيهما إذا فاتتا؟ قال: لا)، الذي رواه أحمد في مسنده فهو ضعيف، والصحيح أنه يُشرع قضاء الرواتب، وأنه سنة ولا حرج على الإنسان في فعله.
وفي الحديث الصحيح عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا فاته حِزبُه من الليل صلى بالنهار ثنتي عشرة ركعة)، فقضى عليه الصلاة والسلام صلاة الليل مع أنها نافلة، فدل هذا على مشروعية القضاء.
وفي الصحيح أيضاً قوله عليه الصلاة والسلام: (من نام عن حزبه أو عن شيء منه فقرأه فيما بين صلاة الفجر وصلاة الظهر كتب له كأنما قرأه من الليل)، وهذا يدل على سعة رحمة الله عز وجل، وعظيم فضله، خاصةً عند وجود العذر، والله تعالى أعلم.
[وقت صلاة الضحى]q
نرى بعض المصلين يصلون صلاة الضحى قبل الظهر بقرابة ربع ساعة، فهل نبيِّن لهم أن هذا وقت نهي؟ مع رجاء تحديد وقت النهي بالدقائق قبل أذان صلاة الظهر.
a هذا فيه مسألتان: المسألة الأولى: تأخيرهم للضحى إلى هذا الوقت، فلو أن إنساناً أخَّر الضحى إلى ما قبل صلاة الظهر، سواءٌ إلى وقت انتصاف النهار المنهي عنه، أم إلى ما قبل وقت انتصاف النهار، فهل هذا من السنة؟
الجواب: لا؛ لأن الضُّحى شيء، والضَّحَى شيء، فإذا أشرقت الشمس فهناك وقت يسمى الضُّحى، وهو أول النهار إلى اشتداد الشمس بحيث تقرُب من الهاجرة، ثم يأتي وقت قبل انتصاف النهار يُقارب الساعة إلى الساعة والنصف يختلف بحسب طول النهار وقصره صيفاً وشتاءً، ففي الصيف يكون أطول، وفي الشتاء يكون أقصر، فهذا الوقت الذي هو قبل أن تنتصف الشمس في كبد السماء يسمى الضَّحَى،
وهو المراد بحديث البخاري:
(كنا نصلي مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم الجمعة، ثم تكون القائلة).فهذا هو وقت القيلولة قبل الظهر بساعة ونصف إلى ساعة، فغالباً هذا الوقت الذي هو قبل الظهر يعين بإذن الله عز وجل على قيام السحر.
وقالوا: هو المراد بقوله صلى الله عليه وسلم: (قيلوا فإن الشياطين لا تقيل)، فكانت قيلولتهم قبل منتصف النهار، فهذا الوقت يسمى الضَّحَى بالفتح، والذي قبله ما بين طلوع الشمس قيد رمح إلى اشتداد النهار يسمى الضُّحَى،
وهو الذي أقسم به الله عز وجل:
{وَالضُّحَى * وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى} [الضحى:1 - 2]،
فانظر إلى قوله تعالى:
(والليل إذا سجى) أي: جعل بداية الليل وإرخاء سدوله ما يكون عند وجود الشفق إلى سقوط الشفق بحيث يسجِّي الليل، مثل الشخص الذي تسجِّيه،
أي:
تُغَطِّيه.
فقوله تعالى: (الليل إذا سجى) أي: غَطَّى بظلامه، فجعل الوقتان متقابلان.فصلاة الضُحى بداية وقتها بعد طلوع الشمس بقيد رمح، أما أثناء الطلوع إلى ارتفاع قيد رمح فهو داخل في المنهي عنه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أخَّر صلاة العيد إلى ارتفاع الشمس قيد رمح، فدل على أن ما قبله باقٍ على الأصل من النهي، وبناءً على هذا لا ينبغي تأخير صلاة الضُحى إلى هذا الوقت.وأفضل ما تقع صلاة الضُحى بعد ارتفاع النهار، فإذا ارتفعت الشمس قيد رمح بدأ وقت الجواز، فإذا اشتد النهار قليلاً بعد إشراق الشمس بقدر ساعة فهو أفضل؛ لأن الغفلة من الناس تكون في مثل هذا الوقت، وهو وقت طلب التجارة والكسب، فكون الإنسان يترك التجارة والكسب ويُقبِل على الله في مثل هذا الوقت فهذا فضل عظيم.
وقد أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى هذا المعنى بقوله: (صلاة الأوابين حين ترمض الفصال)،
والفصيل:
ولد الناقة، و (ترمض الفصال) أي: يدركها حر الرمضاء، وهذا يدل على أن الشمس قد ارتفعت،
وأن صلاة الأوابين هي الضُحى التي وعد الله أهلها بالمغفرة: {َإِنَّهُ كَانَ لِلأَوَّابِينَ غَفُورًا} [الإسراء:25]، فالإضافة المراد بها مثل هؤلاء الذين أثني عليهم بالآية، قالوا: فلا تكون إلا بعد ارتفاع النهار بساعة إلى ساعة ونصف، وما قبل الظهر بساعة إلى ساعة ونصف، فهو أشبه ما يكون بقضاء الضُّحى، وليس بالضُّحى أداءً، وينبني على قضاء النوافل من حيث إنه سائغ أو غير سائغ.فإذا بدأ وقت الضَّحى إلى أن تنتصف الشمس في كبد السماء، فهذا وقت جواز يجوز للإنسان أن يُصلي فيه،
وحملوا عليه قوله عليه الصلاة والسلام:
(رحم الله امرأً صلى قبل الظهر أربعاً)، على أن المراد بقبل الظهر قبل وقتها، وليس المراد به الراتبة.
قالوا: لقوله: (إنها ساعة رحمة تفتح فيها أبواب السماء)،
ولما سئل عنها قال: (إنها ساعة تفتح فيها أبواب السماء، وأحب أن يصعد لي فيها عمل صالح)، فهذا قبل انتصاف النهار.وبعض المؤذنين يحتاطون بقدر ربع ساعة ما بين زوال الشمس وصلاة الظهر،
فيقولون:
الوقت في الظهر داخل بقدر ربع ساعة.وبناءً على هذا فإذا أذن للظهر في الساعة الثانية عشر والنصف، فمعناه أن الزوال ابتدأ في الثانية عشر والربع، وبناءً على هذا فمن جاء يصلي في مثل هذا الوقت الذي تنتصف فيه الشمس في كبد السماء فإنه حينئذ لا يجوز له،
لما ثبت في الحديث:
(ثلاث ساعات كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهانا أن نصلي فيهن،
أو أن نقبر فيهن موتانا:
حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع، وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تميل الشمس، وحين تضيف الشمس للغروب حتى تغرب)
.
وقال عليه الصلاة والسلام في حديث مسلم: (فإذا طلعت الشمس فصل، فإن الصلاة حاضرةٌ مشهودة، فإذا انتصفت -في كبد السماء- فأمسك، فإنها ساعةٌ تسجر فيها نار جهنم)(تسجر) أي: يشتد لهيبها، فهي ساعة عذاب وليست بساعة رحمة، ولذلك نُهِي فيها عن دفن الموتى، وعن صلاة النافلة، فمثل هذا الوقت لا تصلى فيه صلاة الضُحى،
ولذلك قالوا:
إن إيقاع النافلة في الأوقات المنهي عنها وجوده وعدمه على حدٍ سواء، إلا عند من يستثني ذوات الأسباب، والله تعالى أعلم.فينبغي تنبيه هؤلاء -الذين يصلون في هذه الأوقات المنهي عنها- على أمرين: أولاً: أن وقت الضُحى من بعد طلوع الشمس قيد رمح،
أي:
بما يقارب -احتياطاً- اثنتي عشرة دقيقة، فبعدها يغلب على الظن دخول وقت جواز صلاة النافلة، ووقت الفضيلة يبتدئ إذا كان طلوعها السادسة والربع إلى ما يقارب السابعة والنصف إلى الثامنة، وكلما تأخر قليلاً كان أفضل؛ لأنه تكون غفلة الناس باشتغالهم بالدنيا أكثر، والله تعالى أعلم.
[حكم من لا يعرف عدد ما فاته من الصلوات]
q فاتتني كثيرٌ من الصلوات بعد بلوغي، وصليت بعضها جنباً خجلا، وكل ذلك لجهل والدي عن تعليمي ما يجب عليَّ، وهي كثيرةٌ جداً ولا أحصي عددها، ولا أستطيع الاجتهاد في معرفتها، فماذا يلزمني تجاه ذلك؟
a هذا السؤال فيه مسائل: أولاً: إذا تركت الصلاة في أمدٍ من بعد بلوغك ولم تكن تصلي -والعياذ بالله- بعد البلوغ إلى أن التزمت بطاعة الله وشريعة الله فلا يلزمك القضاء؛ لأن تركك على هذا الوجه آخذٌ حكم الترك الموجب للكفر،
فمن ترك الصلاة والعياذ بالله ولم يصل ولم يركع فإنه يصدق عليه قول النبي صلى الله عليه وسلم:
(العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر).وإذا حكم بكفر تارك الصلاة على هذا الوجه فلا يُلزَم بقضاء،
بقوله صلى الله عليه وسلم: (أسلمت على ما أسلفت من خير)،
وقال في الحديث الصحيح:
(الإسلام يجُبُ ما قبله)، فتكون بالتزامك بالصلاة كأنك قد دخلت في حظيرة الإسلام بأدائها، وبناءً على ذلك لا تُطالب بقضاء ما مضى.
ثانياً:
أما لو كنت تصلي أحياناً وتترك أحياناً،
فحديث عبادة في قوله عليه الصلاة والسلام:
(ومن لم يحافظ عليهن لم يكن له عند الله عهد، إن شاء عذبه، وإن شاء غفر له) يدل على عدم الكفر، وبناءً على ذلك تجتهد، وتبني على غلبة الظن،
وقولك:
لا أستطيع الاجتهاد.غير وارد، فلو قدرت السنة التي التزمت فيها بشرع الله، وأصبحت محافظاً فيها على الصلاة بثلاث سنوات من الآن مثلاً ومن بلوغك إلى الآن لك قرابة سبع سنوات مثلاً،
فحينئذٍ تقول:
هي أربع سنوات.فأكثر في الصلوات، وصلِ مع كل صلاةٍ حتى تحتاط بقضاء هذا الأمد كاملاً.
وأما الأمر الثالث في سؤالك فهو قولك: إنك كنت تصلي وأنت جنب.فلا يجوز هذا،
ولذلك قال بعض العلماء:
من صلى وهو على غير طهارته عالماً بحرمة ذلك مستخفاً بهذا التحريم فإنه يكفر -والعياذ بالله- وإن كان الصحيح أنه لا يكفر إلا إذا قصد الاستهزاء، ولكن انظر إلى تشدد العلماء رحمة الله عليهم من شدة تعظيمهم لأمر الصلاة، فينبغي حينئذٍ للإنسان أن يحتاط.ولو أن إنساناً دخل في صلاة الظهر، ثم تذكر أنه أجنب،
وقال:
لو خرجت الآن فإن الناس تراني أو صلى بهم وهو إمام،
فقال: كيف أخرج من الصلاة؟! فينبغي أن تكون خشية الله في قلبك أعظم من خشية الناس، وأن تعلم أنه لا يغني عنك أحدٌ من الله شيئاً، وأنه لا يُجيرك من الله ومن سطوته ومن غضبه أحد، فقد يكون استخفافك بعظمة الله وهيبتك للناس أكثر من هيبتك لله سبباً في غضب الله عليك، فاتق الله عز وجل، فبمجرد ما تشعر أنك غير متوضئ فاخرج من الصلاة، ولتنعم عينك بطاعة الله عز وجل، ولك من هدي النبي صلى الله عليه وسلم الرخصة والتوسعة أن تمسك بأنفك وتخرج، فإن الذي أمرك بدخول المسجد أمرك أن تخرج من المسجد، ولا تبالِ بالصغير ولا بالكبير، ولا بالجليل ولا بالحقير، فلتتق الله عز وجل، ولتكن هيبة الله في قلبك أعظم وأجل وأكبر من أن تهاب غيره فتستخف بعظمة الله فتصلي بين يديه على غير طهارة.ولا يجوز للمسلم أن يصلي على غير طهارة، ولا يجوز له أن يستبيح الصلاة وهو جنُب، لما فيه من الاستخفاف بعظمة الله، ولو كان إماماً فإنه يَسحب من وراءه ويستخلف ويخرج، ولتنعم عينه بطاعة الله، فإن الله يثيبه، والله يبتلي، وقد مر هذا علينا، ومر على بعض العلماء من قبلنا، فالله يبتلي إيمان العبد؛ لأنه لا يمكن أن تخرج من هذه الدنيا حتى يظهر كمال إيمانك من نقصه، ومن الإيمان خشية الله، ولن تخرج من هذه الدنيا حتى تظهر خشيتك لله كاملةً أو ناقصة.فإذا جاءتك مثل هذه المواقف فاعلم أن الله يمتحنك، وأن الله يريد أن يبتليك بخشيته بالغيب، فإن الناس لا يعلمون أنك جُنُب، ولا يعلمون أنك على غير طهارة، ولكن الله وحده هو الذي يعلم، فهو علام الغيوب، فإذا جئت بإيمانٍ منك وصدق وخوف ويقين من الله سبحانه وتعالى تخرج أمام الناس لا تستحيي منهم ولا تهابهم ولا تخشاهم كان ذلك أصدق ما يكون في خشيتك لله سبحانه وتعالى، وهذا أمر شائع ذائع،
فإن كثيراً من الناس يقول:
صليت وأنا على غير طهارة، أو كنت على غير طهارة وأنا جالس في المسجد فاستحيت أن أخرج؛ وهذا لا يجوز، فينبغي أن تكون عظمة الله فوق كل شيء، قال تعالى: {أَتَخْشَوْنَهُ� �ْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ} [التوبة:13]، فالله أحق أن يُخشى ويهاب، وأحق أن تكون له الرغبة والرهبة، فنسأل الله العظيم أن لا ينزع من قلوبنا خشيته، وأن يرزقنا الخوف منه وإجلاله وإعظامه على الوجه الذي يرضيه عنا، والله تعالى أعلم.
[تذكر صلاة الظهر في آخر وقت العصر]
q إذا فاتت المسلم صلاة الظهر ولم يتذكرها إلا في آخر وقت العصر، والوقت لا يكفي إلا لصلاة العصر فحسب، فهل يلزمه الترتيب أم لا؟
a هذه المسألة فيها خلاف، فبعض العلماء -رحمة الله عليهم-
يقول:
إذا أدركت آخر وقت الثانية، بحيث لا يسع إلا بقدر أن تصلي الثانية حاضرة وأنت لم تصلِ الأولى، فعليك أن تراعي ترتيب الشرع، وتصلي الأُولى ولو خرج الوقت؛ لأن وقت الثانية ساقط عنك بانشغالك بفرض وهذا هو الأصل، وهو قولٌ مبني على اعتبار دليل الترتيب، وقال به جمع من العلماء رحمة الله عليهم.وقال بعضهم: يقدم الحاضرة على الفائتة، وذلك لأنه إذا صلَّى الفائتة كان قاضياً، فاستوى أن يؤديها في وقت الأولى، أو يؤديها في وقت الثانية وهذا القول محل نظر؛
أولاً: لثبوت السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح من حديث عمر: (أنه جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم يوم الخندق،
وقال:
يا رسول الله ما كدت أن أصلي حتى كادت الشمس أن تغرب.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: والله ما صليتها).
فانظر رحمك الله إلى قوله: (ما كدت أصلي العصر حتى كادت الشمس أن تغرب) بمعنى: صليتها فغربت الشمس مباشرة، حتى إنه لا يدري هل الصلاة سبقت أو الغروب، فمعنى ذلك أنه قد غابت الشمس، ثم احسب وقتاً لذكره لله عز وجل بعد أدائه للصلاة، ثم قيامه إلى النبي صلى الله عليه وسلم يشتكى، فيحتمل أن الوقت إلى دخول وقت المغرب بقدر لمكان هذا الذي ذكرناه، فاحسب حساب كون عمر يخاطب النبي صلى الله عليه وسلم،
ثم قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم له:
(والله ما صليتها)،
ثم قال:
(قوموا بنا إلى بطحان قال: فنزل فتوضأ فصلى العصر ثم المغرب والعشاء)،
ووجه الدلالة أنهم قالوا:
وقت المغرب ضيق وهذا الحديث يرده؛ لأنك لو حسبت تجد أن النبي ذهب إلى وادي بطحان، ثم نزل به ومعه الجيش، ثم توضأ، ثم صلى العصر، وهذا كله يأخذ وقتاً ليس بالقليل مع أن عمر قد جاءه بعد مغيب الشمس، فاحسب كلامه له بعد ذهابه إلى النبي صلى الله عليه وسلم بعد المغيب، ثم شكواه إلى النبي صلى الله عليه وسلم وجوابه، ثم أمره عليه الصلاة والسلام بالذهاب إلى بطحان، ثم وقت الوضوء، ثم القيام إلى الصلاة، فهذا وقت ليس باليسير، خاصة وأن عدد الناس معه لا يقلون عن ألف، فهؤلاء الصحابة رضوان الله عليهم يصلون معه عليه الصلاة والسلام.فالغالب أن وقت المغرب خرج أو كاد يخرج، قالوا: فصلى العصر أولاً، ثم أتبعها بالمغرب، ثم صلى العشاء،
ولذلك ما ورد في الحديث أنه انتظر إلى دخول العِشاء قالوا:
هذا يؤكد على أنه صلى الله عليه وسلم كان حريصاً على التقديم حتى على الأقل مع خوف خروج الوقت، وهذا يؤكد ما ذكرناه أنه يبدأ بالفائتة قبل الحاضرة.
والذين قالوا:
إنه يبدأ بالحاضرة قبل الفائتة اضطرب قولهم، فهم يقولون بوجوب الترتيب،
ثم يأتون في هذه المسألة ويقولون:
لا يجب الترتيب، وإنما يلزم بفعل الحاضرة قبل الفائتة؛ لأنه إذا صلى الحاضرة أدَّى، وإذا صلى الفائتة قضى في كلتا الصلاتين.والذي تطمئن إليه النفس أنه يبدأ بالفائتة، ثم يتبعها بالحاضرة ولو خرج الوقت؛ لأن التأخير لعذرٍ شرعي، وهو أمر الشرع بفعل الصلاة،
ألا ترى أنهم يقولون: إنه لا يصح أن يوقع صلاة العصر حتى يصلي الظهر،
فكونه يقول:
فائتة أو حاضرة لا تأثير له في الوصف الشرعي،
أي:
لا يقوى على الاستثناء من الأدلة التي دلت على وجوب الترتيب من التأقيت الذي ذكرناه من دليل الكتاب والسنة، وعلى هذا يقوى القول الذي يقول إنه يبدأ بالفائتة قبل الحاضرة.لكن بعض العلماء ذكر مَخرجاً لطيفاً،
فقال:
الأفضل أن الإنسان يخرج من الخلاف، فيصلي الحاضرة في وقتها، ثم يقيم فيصلي الفائتة، ويصلي بعدها الحاضرة، قالوا لأنه إذا كان معذوراً بعدم مراعاة الترتيب فقد أوقع الصلاة في وقتها، فإن كانت معتبرة فقد أدرك الإجزاء والاعتبار، وإن كانت غير معتبرة فقد احتاط لدينه بإعادتها بعد الوقت، وهذا أفضل المخارج، والذي تميل إليه النفس أنه يحتاط، لكن الأصل والأرجح أنه يطالب بفعل الفائتة قبل الحاضرة.

[آخر وقت سنة العشاء]
Q ما هو آخر وقت سنة العشاء؟
A تتأقت الراتبة البعدية بآخر وقت الفريضة نفسها التي رُتِّبت عليها، فإن كنت في الظهر فآخر وقت الظهر، وإن كنت في المغرب فآخر وقت المغرب، وإن كنت في العشاء فآخر وقت العشاء، فعلى القول بأن وقت العشاء إلى نصف الليل تتأقَّت الراتبة إلى نصف الليل، فتصلي الراتبة إلى منتصف الليل، وعلى القول بأنه إلى الفجر فلك أن تصلي راتبة العشاء ما لم يتبين الفجر الصادق.
[حكم صلاة العاري إذا وجد الساتر قبل خروج الوقت]
Q لو أن إنساناً صلى وهو عارٍ لانعدام السترة، ثم جاءت السترة قبل خروج الوقت، فهل يجب عليه الإعادة؟
A إن صلى عارياً فقد مضت صلاته وصحَّت، لكن إذا غلب على ظنه أنه يجد السترة قبل خروج الوقت ينتظر، ومذهب طائفة من العلماء أنه يُستحب له أن يُعيد ولا يجب عليه وهذا أفضل.
[حكم تشمير الثوب عند الهوي للسجود في الصلاة]
Q هل من كف الثياب ما يفعله بعض المسلمين من رفع ثوبه عند الهوي للسجود؛ لأن ذلك يمكّن الإنسان من السجود بكماله؟
A نعم.هذا يدخل فيه، فذكر بعض العلماء رحمهم الله أن هذا يعتبر من كف الثوب؛ لأنه إذا سجد يكون في حكم من كف طرف الثوب من أجل أن لا يتَّسخ،
فيكون تشميره للثوب فيه إخلال من وجهين:
أولاً: لأنه حركة زائدة في الصلاة؛ لأن رفعه للثوب ينافي خشوعه، فهذه الحركة في الصلاة زائدة عما قصده الشرع من الخشوع والسكون؛
لقوله تعالى:
{وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة:238] فقالوا: هذا لا يناسب القنوت.
والأمر الثاني: كونه يأنف عن سجوده بهذا الثوب لله عز وجل، فأن يترك الثوب على حالته أبلغ لقربته لله عز وجل وطاعته، والله تعالى أعلم.وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 31.04 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 30.41 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.02%)]