عرض مشاركة واحدة
  #604  
قديم 02-09-2020, 06:34 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 164,320
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير السعدى ___متجدد إن شاء الله

الحلقة (603)
تفسير السعدى
(سورة القلم)
من (17)الى (41)
عبد الرحمن بن ناصر السعدى
تفسير سورة القلم
{ إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَآ أَصْحَابَ ٱلْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُواْ لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ } 17 { وَلاَ يَسْتَثْنُونَ } 18 { فَطَافَ عَلَيْهَا طَآئِفٌ مِّن رَّبِّكَ وَهُمْ نَآئِمُونَ } 19 { فَأَصْبَحَتْ كَٱلصَّرِيمِ } 20 { فَتَنَادَوْاْ مُصْبِحِينَ } 21 { أَنِ ٱغْدُواْ عَلَىٰ حَرْثِكُمْ إِن كُنتُمْ صَارِمِينَ } 22 { فَٱنطَلَقُواْ وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ } 23 { أَن لاَّ يَدْخُلَنَّهَا ٱلْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِّسْكِينٌ } 24 { وَغَدَوْاْ عَلَىٰ حَرْدٍ قَادِرِينَ } 25 { فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوۤاْ إِنَّا لَضَآلُّونَ } 26 { بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ } 27 { قَالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُلْ لَّكُمْ لَوْلاَ تُسَبِّحُونَ } 28 { قَالُواْ سُبْحَانَ رَبِّنَآ إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ } 29 { فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ يَتَلاَوَمُونَ } 30 { قَالُواْ يٰوَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا طَاغِينَ } 31 { عَسَىٰ رَبُّنَآ أَن يُبْدِلَنَا خَيْراً مِّنْهَآ إِنَّآ إِلَىٰ رَبِّنَا رَاغِبُونَ } 32 { كَذَلِكَ ٱلْعَذَابُ وَلَعَذَابُ ٱلآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ }33


{ إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَآ أَصْحَابَ ٱلْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُواْ لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ * وَلاَ يَسْتَثْنُونَ * فَطَافَ عَلَيْهَا طَآئِفٌ مِّن رَّبِّكَ وَهُمْ نَآئِمُونَ } إلى آخر القصة يقول تعال: إنا بلونا هؤلاء المكذبين بالخير وأمهلناهم، وأمددناهم بما شئنا من مال وولد، وطول عمر، ونحو ذلك، مما يوافق أهواءهم، لا لكرامتهم علينا، بل ربما يكون استدراجاً لهم من حيث لا يشعرون، فاغترارهم بذلك نظير اغترار أصحاب الجنة، الذين هم فيها شركاء، حين زهت ثمارها أينعت أشجارها، وآن وقت صرامها، وجزموا أنها في أيديهم، وطوع أمرهم، [وأنه] ليس ثَمَّ مانع يمنعهم منها، ولهذا أقسموا وحلفوا من غير استثناء، أنهم سيصرمونها أي: يجذونها مصبحين، ولم يدروا أن الله بالمرصاد، وأن العذاب سيخلفهم عليها، ويبادرهم إليها. { فَطَافَ عَلَيْهَا طَآئِفٌ مِّن رَّبِّكَ } أي: عذاب نزل عليها ليلاً { وَهُمْ نَآئِمُونَ } فأبادها وأتلفها { فَأَصْبَحَتْ كَٱلصَّرِيمِ } أي: كالليل المظلم، ذهبت الأشجار والثمار، هذا وهم لا يشعرون بهذا الواقع الملم، ولهذا تنادوا فيما بينهم لما أصبحوا يقول بعضهم لبعض: { أَنِ ٱغْدُواْ عَلَىٰ حَرْثِكُمْ إِن كُنتُمْ صَارِمِينَ فَٱنطَلَقُواْ } قاصدين له { وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ } فيما بينهم، ولكن بمنع حق الله، ويقولون: { لاَّ يَدْخُلَنَّهَا ٱلْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِّسْكِينٌ } أي: بكروا قبل انتشار الناس، وتواصوا مع ذلك، بمنع الفقراء والمساكين، ومن شدة حرصهم وبخلهم، أنهم يتخافتون بهذا الكلام مخافتة، خوفاً أن يسمعهم أحد، فيخبر الفقراء. { وَغَدَوْاْ } في هذه الحالة الشنيعة، والقسوة، وعدم الرحمة { عَلَىٰ حَرْدٍ قَادِرِينَ } أي: على إمساك ومنع لحق الله، جازمين بقدرتهم عليها، { فَلَمَّا رَأَوْهَا } على الوصف الذي ذكر الله كالصريم، { قَالُوۤاْ } من الحيرة والانزعاج. { إِنَّا لَضَآلُّونَ } [أي: تائهون] عنها، لعلها غيرها، فلما تحققوها، ورجعت إليهم عقولهم قالوا: { بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ } منها، فعرفوا حينئذ أنه عقوبة، فـ { قَالَ أَوْسَطُهُمْ } أي: أعدلهم وأحسنهم طريقة { أَلَمْ أَقُلْ لَّكُمْ لَوْلاَ تُسَبِّحُونَ } أي: تنزهون الله عما لا يليق به، ومن ذلك، ظنكم أن قدرتكم مستقلة، فلولا استثنيتم فقلتم: " إِنْ شَاءَ اللَّهُ " وجعلتم مشيئتكم تابعة لمشيئتة الله، لما جرى عليكم ما جرى، فقالوا { سُبْحَانَ رَبِّنَآ إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ } أي: استدركوا بعد ذلك، ولكن بعد ما وقع العذاب على جنتهم، الذي لا يرفع، ولكن لعل تسبيحهم هذا، وإقرارهم على أنفسهم بالظلم، ينفعهم في تخفيف الإثم ويكون توبة، ولهذا ندموا ندامة عظيمة، { فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ يَتَلاَوَمُونَ } فيما أجروه وفعلوه، { قَالُواْ يٰوَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا طَاغِينَ } أي: متجاوزين للحد في حق الله وحق عباده، { عَسَىٰ رَبُّنَآ أَن يُبْدِلَنَا خَيْراً مِّنْهَآ إِنَّآ إِلَىٰ رَبِّنَا رَاغِبُونَ } فهم رجوا الله أن يبدلهم خيراً منها، ووعدوا أنهم سيرغبون إلى الله، ويلحون عليه في الدنيا، فإن كانوا كما قالوا، فالظاهر أن الله أبدلهم في الدنيا خيراً منها، لأن من دعا الله صادقاً، ورغب إليه ورجاه، أعطاه سُؤْلَه. قال تعالى مبيناً ما وقع: { كَذَلِكَ ٱلْعَذَابُ } [أي:] الدنيوي لمن أتى بأسباب العذاب أن يسلب الله العبد الشيء الذي طغى به وبغى، وآثر الحياة الدنيا، وأن يزيله عنه، أحوج ما يكون إليه. { وَلَعَذَابُ ٱلآخِرَةِ أَكْبَرُ } من عذاب الدنيا { لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ } فإن من علم ذلك، أوجب له الانزجار عن كل سبب يوجب العذاب ويحل العقاب.
{ إِنَّ لِّلْمُتَّقِينَ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتِ ٱلنَّعِيمِ } 34 { أَفَنَجْعَلُ ٱلْمُسْلِمِينَ كَٱلْمُجْرِمِينَ } 35 { مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ } 36 { أَمْ لَكُمْ كِتَابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ } 37 { إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَمَا تَخَيَّرُونَ } 38 { أَمْ لَكُمْ أَيْمَانٌ عَلَيْنَا بَالِغَةٌ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ إِنَّ لَكُمْ لَمَا تَحْكُمُونَ } 39 { سَلْهُمْ أَيُّهُم بِذَلِكَ زَعِيمٌ } 40 { أَمْ لَهُمْ شُرَكَآءُ فَلْيَأتُواْ بِشُرَكَآئِهِمْ إِن كَانُواْ صَادِقِينَ }41


يخبر تعالى بما أعده للمتقين للكفر والمعاصي، من أنواع النعيم والعيش السليم في جوار أكرم الأكرمين، وأن حكمته تعالى لا تقتضي أن يجعل المسلمين القانتين لربهم، المنقادين لأوامره، المتبعين لمراضيه كالمجرمين الذين أوضعوا في معاصيه، والكفر بآياته، ومعاندة رسله، ومحاربة أوليائه، وأن من ظن أنه يسويهم في الثواب، فإنه قد أساء الحكم، وأن حكمه حكمٌ باطل، ورأيه فاسد، وأن المجرمين إذا ادعوا ذلك، فليس لهم مستند، لا كتاب فيه يدرسون [ويتلون] أنهم من أهل الجنة، وأن لهم ما طلبوا وتخيروا. وليس لهم عند الله عهد ويمين بالغة إلى يوم القيامة أن لهم ما يحكمون، وليس لهم شركاء وأعوان على إدراك ما طلبوا، فإن كان لهم شركاء وأعوان فليأتوا بهم إن كانوا صادقين، ومن المعلوم أن جميع ذلك منتفٍ، فليس لهم كتاب، ولا لهم عهد عند الله في النجاة، ولا لهم شركاء يعينونهم، فعلم أن دعواهم باطلة فاسدة، وقوله: { سَلْهُمْ أَيُّهُم بِذَلِكَ زَعِيمٌ } أي: أيهم الكفيل بهذه الدعوى الفاسدة، فإنه لا يمكن التصدر بها، ولا الزعامة فيها.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 23.76 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 23.13 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.64%)]