عرض مشاركة واحدة
  #609  
قديم 02-09-2020, 05:38 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 162,345
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير السعدى ___متجدد إن شاء الله

الحلقة (608)
تفسير السعدى
(سورة المعارج)
من (19)الى (44)
عبد الرحمن بن ناصر السعدى
تفسير سورة المعارج
{ إِنَّ ٱلإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً } 19 { إِذَا مَسَّهُ ٱلشَّرُّ جَزُوعاً } 20 { وَإِذَا مَسَّهُ ٱلْخَيْرُ مَنُوعاً } 21 { إِلاَّ ٱلْمُصَلِّينَ } 22 { ٱلَّذِينَ هُمْ عَلَىٰ صَلاَتِهِمْ دَآئِمُونَ } 23 { وَٱلَّذِينَ فِيۤ أَمْوَٰلِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ } 24 { لِّلسَّآئِلِ وَٱلْمَحْرُومِ } 25 { وَٱلَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ ٱلدِّينِ } 26 { وَٱلَّذِينَ هُم مِّنْ عَذَابِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ } 27 { إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ } 28 { وَٱلَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ } 29 { إِلاَّ عَلَىٰ أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ } 30 { فَمَنِ ٱبْتَغَىٰ وَرَآءَ ذَلِكَ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْعَادُونَ } 31 { وَٱلَّذِينَ هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ } 32 { وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَاتِهِم قَائِمُونَ } 33 { وَالَّذِينَ هُمْ عَلَىٰ صَلاَتِهِمْ يُحَافِظُونَ } 34 { أُوْلَـٰئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُّكْرَمُونَ }35


وهذا الوصف للإنسان من حيث هو وصف طبيعته الأصلية، أنه هلوع. وفسر الهلوع بأنه: { إِذَا مَسَّهُ ٱلشَّرُّ جَزُوعاً } فيجزع إن أصابه فقر أو مرض، أو ذهاب محبوب له، من مال أو أهل أو ولد، ولا يستعمل في ذلك الصبر والرضا بما قضى الله، { وَإِذَا مَسَّهُ ٱلْخَيْرُ مَنُوعاً } فلا ينفق مما آتاه الله، ولا يشكر الله على نعمه وبره، فيجزع في الضراء، ويمنع في السراء. { إِلاَّ ٱلْمُصَلِّينَ } الموصوفين بتلك الأوصاف، فإنهم إذا مسهم الخير شكروا الله، وأنفقوا مما خولهم الله، وإذا مسهم الشر صبروا واحتسبوا. وقوله [في وصفهم] { ٱلَّذِينَ هُمْ عَلَىٰ صَلاَتِهِمْ دَآئِمُونَ } أي: مداومون عليها في أوقاتها بشروطها ومكملاتها. وليسوا كمن لا يفعلها، أو يفعلها وقتاً دون وقت، أو يفعلها على وجه ناقص. { وَٱلَّذِينَ فِيۤ أَمْوَٰلِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ } من زكاة وصدقة { لِّلسَّآئِلِ } الذي يتعرض للسؤال، { وَٱلْمَحْرُومِ } وهو المسكين الذي لا يسأل الناس فيعطوه، ولا يفطن له، فيتصدق عليه. { وَٱلَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ ٱلدِّينِ } أي: يؤمنون بما أخبر الله به، وأخبرت به رسله، من الجزاء والبعث، ويتيقنون ذلك، فيستعدون للآخرة، ويسعون لها سعيها. والتصديق بيوم الدين، يلزم منه التصديق بالرسل، وبما جاؤوا به من الكتب. { وَٱلَّذِينَ هُم مِّنْ عَذَابِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ } أي: خائفون وجلون، فيتركون لذلك كل ما يقربهم من عذاب الله. { إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ } أي: هو العذاب الذي يخشى ويحذر. { وَٱلَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ } فلا يطؤون بها وطأً محرماً، من زنى أو لواطٍ، أو وطءٍ في دبر، أو حيض، ونحو ذلك، ويحفظونها أيضاً من النظر إليها ومسها، ممن لا يجوز له ذلك، ويتركون أيضاً، وسائل المحرمات الداعية لفعل الفاحشة. { إِلاَّ عَلَىٰ أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ } أي: سرياتهم { فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ } في وطئهن، في المحل الذي هو محل الحرث، { فَمَنِ ٱبْتَغَىٰ وَرَآءَ ذَلِكَ } أي: غير الزوجة وملك اليمين، { فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْعَادُونَ } أي: المتجاوزون ما أحل الله إلى ما حرم الله، ودلّت هذه الآية على تحريم [نكاح] المتعة، لكونها غير زوجة مقصودة، ولا ملك يمين. { وَٱلَّذِينَ هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ } أي: مراعون لها، حافظون مجتهدون على أدائها والوفاء بها، وهذا شامل لجميع الأمانات التي بين العبد وبين ربه، كالتكاليف السرية، التي لا يطلع عليها إلا الله، والأمانات التي بين العبد وبين الخلق، في الأموال والأسرار، وكذلك العهد، شامل للعهد الذي عاهد عليه الله، والعهد الذي عاهد عليه الخلق، فإن العهد يسأل عنه العبد، هل قام به ووفاه، أم رفضه وخانه فلم يقم به؟ { وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَاتِهِم قَائِمُونَ } أي: لا يشهدون إلا بما يعلمونه، من غير زيادة ولا نقص ولا كتمان، ولا يحابي فيها قريباً ولا صديقاً ونحوه، ويكون القصد بها وجه الله.
قال تعالى:{ وَأَقِيمُواْ ٱلشَّهَادَةَ لِلَّهِ } [الطلاق: 2]{ يَٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّٰمِينَ بِٱلْقِسْطِ شُهَدَآءَ للَّهِ وَلَوْ عَلَىۤ أَنْفُسِكُمْ أَوِ ٱلْوَٰلِدَيْنِ وَٱلأَقْرَبِينَ } [النساء: 135]. { وَالَّذِينَ هُمْ عَلَىٰ صَلاَتِهِمْ يُحَافِظُونَ } بمداومتها على أكمل وجوهها، { أُوْلَـٰئِكَ } أي: الموصوفون بتلك الصفات { فِي جَنَّاتٍ مُّكْرَمُونَ } أي: قد أوصل الله لهم من الكرامة والنعيم المقيم ما تشتهيه الأنفس، وتلذ الأعين، وهم فيها خالدون. وحاصل هذا، أن الله وصف أهل السعادة والخير بهذه الأوصاف الكاملة، والأخلاق الفاضلة، من العبادات البدنية، كالصلاة، والمداومة عليها، والأعمال القلبية، كخشية الله الداعية لكل خير، والعبادات المالية، والعقائد النافعة، والأخلاق الفاضلة، ومعاملة الله، ومعاملة خلقه، أحسن معاملة من إنصافهم، وحفظ عهودهم وأسرارهم، والعفة التامة بحفظ الفروج عما يكره الله تعالى.

{ فَمَالِ الَّذِينَ كَفَرُواْ قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ } 36 { عَنِ ٱلْيَمِينِ وَعَنِ ٱلشِّمَالِ عِزِينَ } 37 { أَيَطْمَعُ كُلُّ ٱمْرِىءٍ مِّنْهُمْ أَن يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ } 38 { كَلاَّ إِنَّا خَلَقْنَاهُم مِّمَّا يَعْلَمُونَ }39


يقول تعالى، مبيناً اغترار الكافرين: { فَمَالِ الَّذِينَ كَفَرُواْ قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ } أي: مسرعين. { عَنِ ٱلْيَمِينِ وَعَنِ ٱلشِّمَالِ عِزِينَ } أي: قطعاً متفرقة وجماعات متوزعة، كل منهم بما لديه فرح. { أَيَطْمَعُ كُلُّ ٱمْرِىءٍ مِّنْهُمْ أَن يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ } بأي: سببٍ أطمعهم، وهم لم يقدموا سوى الكفر، والجحود برب العالمين، ولهذا قال: { كَلاَّ } [أي:] ليس الأمر بأمانيهم ولا إدراك ما يشتهون بقوتهم. { إِنَّا خَلَقْنَاهُم مِّمَّا يَعْلَمُونَ } أي: من ماء دافق، يخرج من بين الصلب والترائب، فهم ضعفاء، لا يملكون لأنفسهم نفعاً ولا ضراً، ولا موتاً ولا حياةً ولا نشوراً.
{ فَلآ أُقْسِمُ بِرَبِّ ٱلْمَشَٰرِقِ وَٱلْمَغَٰرِبِ إِنَّا لَقَٰدِرُونَ } 40 { عَلَىٰ أَن نُّبَدِّلَ خَيْراً مِّنْهُمْ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ } 41 { فَذَرْهُمْ يَخُوضُواْ وَيَلْعَبُواْ حَتَّىٰ يُلَٰقُواْ يَوْمَهُمُ ٱلَّذِي يُوعَدُونَ } 42 { يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ ٱلأَجْدَاثِ سِرَاعاً كَأَنَّهُمْ إِلَىٰ نُصُبٍ يُوفِضُونَ } 43 { خَٰشِعَةً أَبْصَٰرُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ذَلِكَ ٱلْيَوْمُ ٱلَّذِي كَانُواْ يُوعَدُونَ }44


هذا إقسام منه تعالى بالمشارق والمغارب، للشمس والقمر والكواكب، لما فيها من الآيات الباهرات على البعث، وقدرته على تبديل أمثالهم، وهم بأعيانهم، كما قال تعالى:{ وَنُنشِئَكُمْ فِي مَا لاَ تَعْلَمُونَ } [الواقعة: 61]. { وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ } أي: ما أحد يسبقنا ويفوتنا ويعجزنا إذا أردنا أن نعيده. فإذا تقرر البعث والجزاء، واستمروا على تكذيبهم، وعدم انقيادهم لآيات الله { فَذَرْهُمْ يَخُوضُواْ وَيَلْعَبُواْ } أي: يخوضوا بالأقوال الباطلة، والعقائد الفاسدة، ويلعبوا بدينهم، ويأكلوا ويشربوا، ويتمتعوا { حَتَّىٰ يُلَٰقُواْ يَوْمَهُمُ ٱلَّذِي يُوعَدُونَ } فإن الله قد أعد لهم فيه من النكال والوبال ما هو عاقبة خوضهم ولعبهم. ثم ذكر حال الخلق حين يلاقون يومهم الذي يوعدون، فقال: { يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ ٱلأَجْدَاثِ } أي: القبور، { سِرَاعاً } مجيبين لدعوة الداعي، مهطعين إليها { كَأَنَّهُمْ إِلَىٰ نُصُبٍ يُوفِضُونَ } أي: [كأنهم إلى عَلَم] يؤمون ويسرعون أي: فلا يتمكنون من الاستعصاء للداعي، والالتواء لنداء المنادي، بل يأتون أذلاء مقهورين للقيام، بين يدي رب العالمين. { خَٰشِعَةً أَبْصَٰرُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ } وذلك أن الذلة والقلق قد ملك قلوبهم، واستولى على أفئدتهم، فخشعت منهم الأبصار، وسكنت منهم الحركات، وانقطعت الأصوات. فهذه الحال والمآل، هو يومهم { ٱلَّذِي كَانُواْ يُوعَدُونَ } ولا بد من الوفاء بوعد الله [تمت والحمد لله].



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 25.91 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 25.28 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.42%)]