عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 05-09-2020, 04:33 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 164,423
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير السعدى ___متجدد إن شاء الله

الحلقة (617)
تفسير السعدى
(سورة المرسلات)
من (1)الى (24)
عبد الرحمن بن ناصر السعدى
تفسير سورةالمرسلات
{ نَّحْنُ خَلَقْنَاهُمْ وَشَدَدْنَآ أَسْرَهُمْ وَإِذَا شِئْنَا بَدَّلْنَآ أَمْثَالَهُمْ تَبْدِيلاً } 28 { إِنَّ هَـٰذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَن شَآءَ ٱتَّخَذَ إِلَىٰ رَبِّهِ سَبِيلاً } 29 { وَمَا تَشَآءُونَ إِلاَّ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً } 30 { يُدْخِلُ مَن يَشَآءُ فِي رَحْمَتِهِ وَٱلظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً }31


ثم استدل عليهم وعلى بعثهم بدليل عقلي، وهو دليل الابتداء، فقال: { نَّحْنُ خَلَقْنَاهُمْ } أي: أوجدناهم من العدم، { وَشَدَدْنَآ أَسْرَهُمْ } أي: أحكمنا خلقتهم بالأعصاب، والعروق، والأوتار، والقوى الظاهرة والباطنة، حتى تم الجسم واستكمل، وتمكن من كل ما يريده، فالذي أوجدهم على هذه الحالة، قادر على أن يعيدهم بعد موتهم لجزائهم، والذي نقلهم في هذه الدار إلى هذه الأطوار، لا يليق به أن يتركهم سدى، لا يؤمرون، ولا ينهون، ولا يثابون، ولا يعاقبون، ولهذا قال: { بَدَّلْنَآ أَمْثَالَهُمْ تَبْدِيلاً } أي: أنشأناكم للبعث نشأة أخرى، وأعدناكم بأعيانكم، وهم بأنفسهم أمثالهم. { إِنَّ هَـٰذِهِ تَذْكِرَةٌ } أي: يتذكر بها المؤمن، فينتفع بما فيها من التخويف والترغيب. { فَمَن شَآءَ ٱتَّخَذَ إِلَىٰ رَبِّهِ سَبِيلاً } أي: طريقاً موصلاً إليه، فالله يبين الحق والهدى، ثم يخير الناس بين الاهتداء بها أو النفور عنها، مع قيام الحجة عليهم، { وَمَا تَشَآءُونَ إِلاَّ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ } فإن مشيئة الله نافذة، { إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً } فله الحكمة في هداية المهتدي، وإضلال الضال. { يُدْخِلُ مَن يَشَآءُ فِي رَحْمَتِهِ } فيختصه بعنايته، ويوفقه لأسباب السعادة ويهديه لطرقها. { وَٱلظَّالِمِينَ } الذين اختاروا الشقاء على الهدى { أَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً } [بظلمهم وعدوانهم].

سورة المرسلات

{ وَٱلْمُرْسَلاَت ِ عُرْفاً } 1 { فَٱلْعَاصِفَاتِ عَصْفاً } 2 { وٱلنَّاشِرَاتِ نَشْراً } 3 { فَٱلْفَارِقَاتِ فَرْقاً } 4 { فَٱلْمُلْقِيَٰت ِ ذِكْراً } 5 { عُذْراً أَوْ نُذْراً } 6 { إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَوَٰقِعٌ } 7 { فَإِذَا ٱلنُّجُومُ طُمِسَتْ } 8 { وَإِذَا ٱلسَّمَآءُ فُرِجَتْ } 9 { وَإِذَا ٱلْجِبَالُ نُسِفَتْ } 10 { وَإِذَا ٱلرُّسُلُ أُقِّتَتْ } 11 { لأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ } 12 { لِيَوْمِ ٱلْفَصْلِ } 13 { وَمَآ أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ ٱلْفَصْلِ } 14 { وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِي نَ }15


أقسم تعالى على البعث والجزاء بالأعمال، بالمرسلات عرفاً، وهي الملائكة التي يرسلها الله تعالى بشؤونه القدرية وتدبير العالم، وبشئونه الشرعية ووحيه إلى رسله. و { عُرْفاً } حال من المرسلات أي: أرسلت بالعرف والحكمة والمصلحة، لا بالنكر والعبث. { فَٱلْعَاصِفَاتِ عَصْفاً } وهي [أيضاً] الملائكة التي يرسلها الله تعالى، وصفها بالمبادرة لأمره، وسرعة تنفيذ أوامره، كالريح العاصف، أو: أن العاصفات، الرياح الشديدة، التي يسرع هبوبها. { وٱلنَّاشِرَاتِ نَشْراً } يحتمل أنها الملائكة، تنشر ما دبرت على نشره، أو أنها السحاب التي يُنشِر بها الله الأرض، فيحييها بعد موتها. { فَٱلْمُلْقِيَٰت ِ ذِكْراً } هي الملائكة، تلقي أشرف الأوامر، وهو الذكر الذي يرحم الله به عباده، ويذكرهم فيه منافعهم ومصالحهم، تلقيه إلى الرسل، { عُذْراً أَوْ نُذْراً } أي: إعذاراً وإنذاراً للناس، تنذر الناس ما أمامهم من المخاوف، وتقطع معذرتهم، فلا يكون لهم حجة على الله. { إِنَّمَا تُوعَدُونَ } من البعث والجزاء على الأعمال { لَوَٰقِعٌ } أي: متحتم وقوعه، من غير شك ولا ارتياب. فإذا وقع حصل من التغير للعالم والأهوال الشديدة ما يزعج القلوب، وتشتد له الكروب، فتنطمس النجوم أي: تتناثر وتزول عن أماكنها وتنسف الجبال، فتكون كالهباء المنثور، وتكون هي والأرض قاعاً صفصفاً، لا ترى فيها عوجاً ولا أمتاً، وذلك اليوم هو اليوم الذي أقتت فيه الرسل، وأجلت للحكم بينها وبين أممها، ولهذا قال: { لأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ } استفهام للتعظيم والتفخيم والتهويل. ثم أجاب بقوله: { لِيَوْمِ ٱلْفَصْلِ } [أي:] بين الخلائق، بعضهم لبعض، وحساب كل منهم منفرداً، ثم توعد المكذب بهذا اليوم، فقال: { وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِي نَ } أي: يا حسرتهم، وشدة عذابهم، وسوء منقلبهم، أخبرهم الله، وأقسم لهم، فلم يصدقوه، فاستحقوا العقوبة البليغة.
{ أَلَمْ نُهْلِكِ ٱلأَوَّلِينَ } 16 { ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ ٱلآخِرِينَ } 17 { كَذَلِكَ نَفْعَلُ بِٱلْمُجْرِمِين َ } 18 { وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِي نَ }19


أي: أما أهلكنا المكذبين السابقين، ثم نتبعهم بإهلاك من كذب من الآخرين، وهذه سنته السابقة واللاحقة في كل مجرم لا بد من عذابه، فلم لا تعتبرون بما ترون وتسمعون؟ { وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِي نَ } بعدما شاهدوا من الآيات البينات، والعقوبات والمثلات.
{ أَلَمْ نَخْلُقكُّم مِّن مَّآءٍ مَّهِينٍ } 20 { فَجَعَلْنَاهُ فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ } 21 { إِلَىٰ قَدَرٍ مَّعْلُومٍ } 22 { فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ ٱلْقَادِرُونَ } 23 { وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِي نَ }24


أي: أما خلقناكم أيها الآدميون { مِّن مَّآءٍ مَّهِينٍ } أي: في غاية الحقارة، خرج من بين الصلب والترائب، حتى جعله الله { فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ } وهو الرحم، به يستقر وينمو. { إِلَىٰ قَدَرٍ مَّعْلُومٍ } ووقت مقدر. { فَقَدَرْنَا } أي: قدرنا ودبرنا ذلك الجنين، في تلك الظلمات، ونقلناه من النطفة إلى العلقة، إلى المضغة، إلى أن جعله الله جسداً، ثم نفخ فيه الروح، ومنهم من يموت قبل ذلك. { فَنِعْمَ ٱلْقَادِرُونَ } [يعني بذلك نفسه المقدسة] حيث كان قدراً تابعاً للحكمة، موافقاً للحمد. { وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِي نَ } بعدما بيّن الله لهم الآيات، وأراهم العبر والبيّنات.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 33.43 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 32.80 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.88%)]