عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 05-09-2020, 06:39 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,774
الدولة : Egypt
افتراضي رد: القصة والحكاية في أدب الأطفال



3- الموقف الثاني: وهو الموقف الذي اتخذه الشاب الأعرج، وعمل بكل إخلاص وحماسة على تنفيذه لإنقاذ أهله ووطنه، وقد حقق ما أراد.



والقصة أنواع كثيرة؛ منها ما هو إنساني، ومنها ما هو على لسان الحيوان كقصص كليلة ودمنة، ومنها ما هو على لسان الأشياء كقصة رغيف الخبز....



والقصة فنون منها القصة الطويلة، وتسمى الرواية ومنها الأقصوصة، وهي القصة القصيرة، ومنها الحكاية، وهي أساس القصة في أدب الطفولة.



الحكاية في أدب الطفولة:


تعريف الحكاية:


هي أقصوصة بسيطة، يمتزج فيها الواقع بالخيال أهم عناصرها التشويق.




و(الحكاية هي الأساس الأول في تكوين القصة، تستخدم سلاح التشويق لتشد إليها المستمعين أو القراء وتعتمد أساسًا على حب الاستطلاع الذي يجعلهم دائمًا يتساءلون عما حدث بعد ذلك، والحكاية مجموعة من الحوادث مرتبة ترتيبًا زمنيًا. وهي كما يقول فورستر، أدنى وأبسط التراكيب الأدبية ولكنها العامل المشترك الأعظم بين جميع الكائنات المعقدة المعروفة بالروايات[15].



وأصل الحكاية شفهي من التراث الشعبي كان يروى على لسان الجدات للأطفال قبل نومهم ولكن انقرض هذا اللون من الأدب الشعبي أو كاد، وحل التلفاز محله.



وفي مقابلة تلفزيونية على شكل ندوة[16]طرح فيها هذا السؤال: حتوتة ما قبل النوم للأطفال ما صفاتها؟




فكان الجواب الآتي:


حتوتة ما قبل النوم، أو قصة ما قبل النوم، تأتي في المرحلة الثالثة في أدب الطفولة، فلقد سبقتها مرحلتان هما:

المرحلة الجَنينية، والمرحلة السريرية.



المرحلة الجنينية: يذكر ابن كثير في موسوعته العظيمة (البداية والنهاية) في أخبار إياس الذكي، هذا الذي ضرب المثل في ذكائه، قال أبو تمام:




إقدام عمرو في سماحة حاتم

في حلم أحنف في ذكاء إياس




يروي خبرًا يتردد العقل في قَبوله أو تصديقه قال إياس لأمه: ما سبب الضجة التي سمعتها لما كنت في بطنك؟ وراحت أمه تتذكر ثم قالت: لما كنت في بطني قبيل مولدك كنت أحمل على رأسي طبق نحاس فوقع فأحدث تلك الضجة.



وفي العصر الحديث أثبت علم النفس أن الجنين الذي تقرأ أمه بصوت مسموع يستفيد إن كان قراءة قرآن أو شيء مفيد من مطالعة ونحوها، حيث تتفتح عقليته وتنمو بعد الولادة بشكل أفضل، وذلك في المرحلة السريرية، وهذه المرحلة أساس قصص ما قبل النوم، وخميرتها الأولى، فالطفل الذي ينعم بالهدهدة قبل النوم وأمه تهز له السرير، وتغني له بصوتها الرخيم الحنون تلك الأغاني الشعبية ينام نومًا هادئًا هانئًا، وهذه الإيقاعية في الأغنية بهذه الألحان تغذي عاطفة الطفل، ويكون غنى العاطفة لدى الأطفال بحسب تلقِّي هذه الهدهدة، مع اعتبارات أخرى في النشأة، فيتوزع الغنى العاطفي بين الموروث الجميل وبين الكسب من البيئة.



ومع الأسف فقد حرم طفلنا المعاصر هذا الحق الطبيعي الذي كان سلفه يتمتع به، حرم الهدهدة وما فيها من حنان، وحتى المهد أو السرير، فقد تغيرت معالمه، كان يصنعه النجار على هيئة مخصوصة تسهل حركته الاهتزازية، وقد التغى هذا السرير..



(حتوتة) ما قبل النوم، كانت تؤدي مهمة عظيمة في أدب الطفولة، كانت الجدة تتولى القيام بهذه المهمة لأطفال تتراوح أعمارهم ما بين السنتين إلى السادسة غالبًا، وهذه القصص كانت بالنسبة إلى الطفل بمثابة الارتقاء من مرحلة إلى مرحلة، في هذه المرحلة كان خيال الطفل يسبح مع الخبر في مسرح الأحداث، كان الطفل يتخيل الحدث، فإذا ذكرت الجدة المغارة، كان خيال الطفل يتصور المغارة، يتصور عمقها، يتصور ليلها الدائم.... وإذا ذكرت الجدة البحر تصور البحر والحوت والجبل الذي طار فوقه العملاق والعفريت..



إن الخيال في قصص ما قبل النوم للأطفال كان في معهد (الخيال) ينمو ويتسع ويتنوع ويتلون بألوان الأزهار...

والثروة اللغوية، كانت في نمو مطرد في هذه القصص

وطبعًا ينمو العنصر العقلي المكمل للعنصر الوجداني

ولا بد أن نذكر؛ أن لهذه القصص رسالة، غالبًا ما تغلب الخير على الشر، كأن ينقذ الأميرُ (الست بدور جوا السبع بحور) ويحملها على حصانه ويعيدها إلى قصر أبيها السلطان..




السؤال الآن: هل التلفاز يؤدي مهمة قصة ما قبل النوم؟


الجواب: لا. بل قد يكون للتلفاز مهمة عكس مهمة تلك القصص، بعض قصص التلفاز تبعثر الجملة العصبية للطفل بل تمزقها، وبدلًا من أن تعمل على هدوء الطفل واستقراره النفسي، فإنها تغذي عنصر القلق إن كان موجودًا، وتوجده إن لم يكن.



والسؤال الأخير: كيف نحيي هذا التراث؟


الجواب: نحيي هذا التراث بأن تخلص الأم لبيتها، لأنها هي التي أسندت إليها مهمة تربية فلذة كبدها، وقد غابت الجدة عن موقعها الذي كان لها في الأسرة أو العائلة، فيجب على الأم أن يكون لديها مكتبة الطفل، فيها القصص المناسبة فتخصص الأم كل يوم عشر دقائق لطفلها وتروي له قصة من الذاكرة في أداء معبر، بالصوت والحركة، حركة اليد أو اليدين، حركة الرأس. وإذا لم تتح الفرص يوميًا لهذه القصص ففي الأسبوع مرة إن لم يكن أكثر.

ومع ذلك، والحق يقال: إن متعة قصص ما قبل النوم



على زمن الجدات من الصعب أن تكرر؛ لأن الأطفال كانوا كثرة، ويتزاحمون على الاقتراب من جداتهم، وكان الجو يشبه السحر متعة وسرورًا، وكانت الجدة توزع على أحفادها الجوز واللوز والملبس والتين المجفف...



إن إحياء هذا التراث الغالي ممكن إذا نظرت بعض الأمهات إلى أطفالهن نظرة هند إلى معاوية حينما قيل لها: إن ابنك هذا سيسود قومه. فكان جوابها:

ثكلته إن لم يسد قومه.



الحكاية الشفهية تناسب سن الطفل من سنتين إلى خمس أو ست سنوات، أما الحكاية المدونة فإنها تناسب الطفل في سن ست سنوات إلى تسع سنوات.



وبعض القصص التربوية تحدد المرحلة العمرية للقصص، وفق منهج نفسي وعقلي ولغوي، وقد اتبع هذا المنهج بعض كتاب القصة المتميزين المتخصصين

كالقاص محمد موفق سليمة في كثير مما كتبه للأطفال

وكأحمد نجيب، الحائز على جائزة الملك فيصل العالمية في أدب الأطفال، والأديب الأستاذ أحمد صوان في قصصه المصورة: عنب لذيذ ولكن. وقصة: أين ولدي؟ وقصة: مكبر الصوت، والقرار الأخير...



والآن إلى هذه القصة.

حكاية الأرنب سوسو

صحت الأرنب سوسو من النوم، وصارت تتمطى وتتثاءب، وبعد أن تناولت فطورها بعض الأعشاب قالت في نفسها: سأذهب لزيارة خالتي فوفو.



سارت سوسو وقالت: ما أجمل صباح الغابة! وفي طريقها رأت شيخ الغابة ديدو يحمل سلة فقال لها: صباح الخير يا سوسو إلى أين أنت ذاهبة هذا الصباح؟



قالت سوسو: صباح الخير يا عم ديدو يا شيخ الغابة، أنا ذاهبة لأزور خالتي فوفو.



قال شيخ الغابة: إنك تزورين خالتك، إذًا فأنت تصلين الأرحام، خذي هذه قطعة جبن، اقبليها مني هدية لك يا سوسو.



أخذت سوسو قطعة الجبن وقالت: شكرًا لك يا شيخ الغابة، وتابعت طريقها.



فصاح ديدو: كوني حذرة يا سوسو.



وبينما كانت سوسو في طريقها، رآها الثعلب أبو الحصين فهجم على قطعة الجبن وأمسك بها ليخطفها، فأمسكتها سوسو وقالت: إنها جبنتي.




كان الببغاء واقفًا على غصن من أغصان شجرة قريبة فسمع صياح سوسو والثعلب فصاح فيهما: هيه، ما لكما تتصايحان؟ اذهبا إلى ميمون قاضي الغابة ليحل الخلاف بينكما. ما رأيكما؟. نظر الثعلب إلى سوسو ومال برأسه وقال: هيا. قالت سوسو: هيا.



وصلت سوسو والثعلب إلى قاضي الغابة القرد ميمون، وكان أمامه ميزان، وبعد أن سمع القصة منهما قال لهما: سأقسم قطعة الجبن بينكما بالتساوي هل رضيتما؟ قالت سوسو وقال الثعلب بصوت واحد: نعم رضينا.



قسم القرد قطعة الجبن إلى قطعتين، ووضع القطعتين في كفتي الميزان، فانخفضت كفة وارتفعت كفة، قال القرد: هذه القطعة أكبر وأكل منها، وهكذا كان يأكل من الجبن إلى أن بقيت قطعة صغيرة، قالت سوسو: اترك هذه القطعة لي، وقال الثعلب: اترك هذه القطعة لي.



نظر القرد إلى سوسو وإلى الثعلب، وصار يضحك ويقول: أنتما ليس لكما أي شيء، ووضع في فمه القطعة الأخيرة من الجبن.



سارت سوسو في طريقها وهي تبكي، ورفعت كفيها إلى السماء وقالت: يا رب انتقم لي من الظالم.



رآها شيخ الغابة وهي تبكي، ولما أخبرته بقصتها مد يده إلى السلة وناولها قطعتين من الجبن وقال: خذي يا سوسو لأنك تزورين الأرحام.



سمعت سوسو صوتًا من على غصن الشجرة يناديها قال الببغاء: هجم النمر على القرد ميمون وأكله، ووقع الثعلب في البئر.



وصلت سوسو إلى خالتها، ولما قصت عليها قصتها قالت لها خالتها: إن الله استجاب دعاءك، فأنت مظلومة وقد انتقم لك من الظالم[17].





[1] القصة الشعرية د. أحمد الخاني مخطوط .




[2] في أدب الأطفال د. علي الحديدي ط7 ص 176 .




[3] أدب الأطفال علم وفن أحمد نجيب ط2 ص75 .




[4] في الأدب المقارن د. بدر الدين الرفاعي طبع جامعة دمشق 1976 م .




[5] قصة : بصمات الأصابع أجاثا كريستي ص:5 ط المكتبة الثقافية – بيروت .




[6] قصة قلب الليل .نجيب محفوظ ص3 نشر دار مصر للطباعة .




[7] سيكولوجية الطفل د. فاخر عاقل منشورات جامعة دمشق 1969 .




[8] أدب الطفولة علم وفن .أحمد نجيب ص 64 .




[9] موسى بن نصير اللخمي شيخ المجاهدين . محمد علي قطب نشر بيروت .




[10] مجمع الأمثال للميداني ج1 رقم 658ط3 بتحقيق محمد محي الدين عبد الحميد .




[11] أدب الأطفال علم وفن أحمد نجيب 8 .




[12] صياد السمك . للدكتور أحمد الخاني ط1 نشر دار الوراق سنة 1428 هـ .




[13] نشرت هذه القصة في مجلة الجندي المسلم السعودية عام 1405 هـ .




[14] الشاب الأعرج قصة أحمد الخاني ترجمت إلى اللغة الإنكليزية نشر.دار الوراق 1428هـ .




[15] أدب الأطفال علم وفن ص 75 .




[16] ندوة :في أدب الأطفال التلفزيون السعودي القناة الأولى مع د. أحمد الخاني بتاريخ 14 – 2 – 1431 هـ .





[17] زهرة تروي حكايتها د. أحمد الخاني نشر مدار الوطن 1428هـ .









__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 26.61 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 25.98 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.36%)]