
07-09-2020, 03:03 AM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 165,510
الدولة :
|
|
رد: الرجولة معاني وصفات
الرجولة معاني وصفات (2)
حسين بن علي بن محفوظ
إخوة الإسلام والإيمان:
تكلمتُ في خطبة مضت عن الرجولة، وعن ميادينها من علمٍ جامع، وورعٍ تام، وحلمٍ كاملٍ وحسنِ تدبير، وكرمٍ وجودٍ ونفعٍ للناس وشجاعة، وأن الرسولَ - صلى الله عليه وسلم - قد جمع كمالَ الرجولة وأحاط بصفاتها - بأبي هو وأمي عليه الصلاة والسلام - وكيف كان آباؤنا وأجدادُنا الحضارمُ متصفين بالرجولة الحقة، فكانوا يُعرفون بالكرمِ والشجاعةِ والعلمِ والحلمِ وحسنِ التدبيرِ وغيرها من صفات الرجولة.
ولاشك أن الرجولةَ - إخوتي الكرام - مطلبٌ يسعى للتجملِ بخصائصِها أصحابُ الهمم، ويسمو بمعانيها الرجالُ الجادون، وهي صفةٌ أساسية، فالناسُ إذا فقدوا أخلاقَ الرجولةِ صاروا أشباهَ الرجال، غثاءً كغثاء السيل.
وهناك مجالاتٌ للرجولة منها: الشهامةُ والنخوةُ والإباء، ومنها الغَيرة، ومنها الوفاءُ والصدقُ والعفةُ والأمانة، ومنها الثباتُ على المبادئ.
فالغَيرةُ مثلاً ركنٌ أساسيٌ من أركان الرجولة، فالرجالُ يغارون على الحرمات، الأعراضُ عندهم أسمى من المال، أسمى من كل ما يملكون، وقد كان العربُ الأوائلُ أمةَ غَيرةٍ وحمية، فمع ما هم فيه من شركٍ وضلال، ومع جُرأتهم على الفواحش، فللأعراض لديهم منزلة، وللحرمات مكانة، يقول عروة:
وإنْ جارتي ألوت رياحٌ ببيتها
تغافلتُ حتى يستُرَ البيتَ جانبُه 
ويقول عنترة :
وأغضُّ طرفي ما بدت لي جارتي
حتى يواري جارتي مأواها 
ويقول الآخر وهو حاتم الطائي:
أعمى إذا ما جارتي برزت
حتى يواري جارتي الخدرُ 
فليت شعري، ماذا يفعل كثيرٌ من أشباهِ الرجال اليوم إن بدت له جارتُه؟! هل ترى يكونُ عربياً أصيلاً، أو سافلاً حقيراً؟؟.
أيها الناس: إن الرجلَ يغارُ على محارمه، ويأبى أن تبدوَ أمامَ الناسٍ بلباسٍ فاضحٍ أو غيرِ لائق، يأبى أن تنساقَ وراءَ دعوةِ الموضةِ والتطورِ على حساب السترِ والعفاف، وغَيرتُه تدعوه إلى تربيتها على العفةِ والفضيلة والإيمان والتقوى، وغَيرته لا تقفُ عند محارمه، بل تمتدُّ إلى بنات المسلمين، فيكفُّ بصرَه عن الحرام، وعن تتبعِ الفتن فضلاً عن أن يهِمَّ بالمضايقةِ والبحثِ عن العلاقة المحرمة، وهو يغارُ على حرماتِ الأمة؛ فيُنكرُ المنكرَ ويقفُ في وجهِ من يريدونَ تغريبَ الأمةِ وجرَّها إلى مهاوي الرذيلةِ ومستنقعات الغفلة.
فليس من الرجولة في شيءٍ أن يُسلمَ الرجلُ قيادَه للمرأةِ فتتصرفُ كما تشاء، تلبسُ ما تشاء، وتختلطُ بمن تشاءُ من الرجال، وتخرجُ وتدخلُ كما تشاء، وتمشي مع من تشاء، وبما يُمليه عليه هواها،ويبقى ذلك الذَّكرُ - ولا أقولُ الرجل - يتفرج ويسكت.
عباد الله:
ومن شيمِ الرجال التي يُمدحون بها الوفاء، كيف لا، وقد كان أهلُ الشرك يفتخرونَ به قبل أن يستضيئوا بنور الإسلام، يقول أحدهم:
أسميَّ ويحكَ هل سمعتَ بغَدرةٍ
رُفع اللواءُ لنا بها في المجمعِ 
إنا نَعِفُّ فلا نَريبُ حليفَنا
ونكفُّ شُحَّ نفوسِنا في المصنعِ 
ويعدُّون الغدر مسبةً ومذمة، قال امرؤ القيس:
إذا قلتُ هذا صاحبٌ قد رضيتُه
وقرَّت به العينانُ بدلتُ آخرا 
كذلك جَدي ما أصاحبُ صاحباً
من الناس إلا خانني وتغيرا 
وانظروا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي أنسى بخلقه ووفائه مكارم أهل الجاهلية، كيف صنع عندما مكة فاتحاً عزيزاً منتصراً؟ فعندما طلب منه عليٌ رضي الله عنه ومفتاحُ الكعبةِ في يده أن يجمعَ لبني هاشمٍ الحجابةَ مع السقاية، فقال صلى الله عليه وسلم: ( أين عثمان؟ - أي عثمان بن طلحة الحجبي - فدُعيَ له فقال: هاكَ مفتاحَكَ يا عثمان، اليومُ يومُ برٍّ ووفاء).
وقد وصف الله عباده المؤمنين بقوله جل ذكره: ﴿ الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلَا يَنْقُضُونَ الْمِيثَاقَ ﴾ [الرعد: 20] وقال تعالى: ﴿ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 177].
يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|