عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 07-09-2020, 03:03 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 152,188
الدولة : Egypt
افتراضي واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله

واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله


السيد مراد سلامة




عناصر الخطبة:

العنصر الأول: حتمية الرجوع إلى الله.

العنصر الثاني: التعريف بيوم القيامة.

العنصر الثالث: الوقاية من أهوال يوم القيامة.



الخطبة الأولى

الحمد لله العفو الكريم، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، جعل الحياة الدنيا داراً للابتلاء والاختبار، ومحلاً للعمل والاعتبار، وجعل الآخرة دارين، داراً لأهل كرامته وقربه من المتقين الأبرار، وداراً لأهل غضبه وسخطه من الكفار والفجار، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الواحد القهار، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله النبي المختار، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الطيبين الأخيار، ومن تبعهم بإحسان ما تعاقب الليل والنهار.



أما بعد:

﴿ يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لَا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئًا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ ﴾ [لقمان: 33]



العنصر الأول: حتمية الرجوع إلى الله:

أمة الإسلام: أخرجنا الله تعالى إلى هذه الدار وجعلها دار ابتلاء وامتحان واخبرنا إننا إليه راجعون وأن الدنيا ممر لا مقر فقال الله تعالى وهو يحدثنا عن حتمية الرجوع إليه - عَزَّ وَجَلَّ - ﴿ وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 281].



يقول الشيخ أبو زهرة: ترقبوا وخافوا يومًا يردكم الله سبحانه وتعالى إليه فلا تملكون من أموركم شيئا فيه؛ فإذا ملكتم المال في الدنيا، ففي هذا اليوم لَا تملكون شيئا، وإذا ملكتم المنح والمنع اليوم ففي اليوم الآخر لَا تملكون شيئا. وفي هذا اليوم ﴿ تُوَفَّى كلُّ نَفْسٍ ما كسَبَتْ ﴾ أي جزاء ما كسبت إن خيرًا فخير، وإن شرا فشر، وكأن ما توفاه عين ما كسبت للمماثلة بين الجزاء والعمل ﴿ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾ أي لَا ينقصون شيئا من ثواب ما عملوا، ولا يعاقبون على ما لم يعملوا)[1].



وقال تعالى ﴿ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا إِنَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ بِالْقِسْطِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ شَرَابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ ﴾ [يونس: 4].



ستاتي ربك وستجرع إليه ولكن على أي حال ترى أنت من السعداء؟ أم أنك من الأشفياء قال الله تعالى ﴿ إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى * وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِنًا قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُولَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَى * جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ مَنْ تَزَكَّى ﴾ [طه: 74 - 76].



العنصر الثاني: التعريف بيوم القيامة:

إخوة الإيمان، في ذلك اليوم الرهيب الشمس كورت، لُفّت وذهب ضوئها.. النجوم انكدرت وتناثرت.. الجبال نسفت وسيّرت فأصبحت كالقطن المنفوش.. العشار عطلت.. الأموال تُركت.. التجارات والعقارات والأسهم نُسيت.. السماء كشطت ومسحت وأزيلت.. البحار سجرت.. وإلى كتل من الجحيم تحولت.. الجحيم سعرت وأوقدت، والجنة أزلفت وقُرِّبت.



﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ ﴾ [الحج: 1، 2].



إنه يوم القيامة، يومُ الصاخةِ والقارعةِ والطامةِ، ويومُ الزلزلةِ والآزفةِ والحاقة، يومَ يقومُ الناس لرب العالمين.. يومٌ عظيم وخَطْبٌ جَسِيم، يوم مقداره خمسون ألف سنة، يجمع الله فيه الخلائق أجمعين، من لدُن آدم عليه السلام إلى قيام الساعة؛ ليفصل بينهم ويحاسبَهم.



وتدنو الشمس من الخلائق مقدارَ مِيل، ويفيضُ العرقُ منهم بحسب أعمالهم، فمنهم من يبلغ عرقه إلى كعبيه، ومنهم من يبلغ إلى ركبتيه، ومنهم من يبلغ إلى حِقْوَيه، ومنهم يبلغ إلى مَنْكِبَيه، ومنهم من يُلْجِمه العرق إلجامًا، وتبقى طائفة في ظل الله جل جلاله، يوم لا ظل إلا ظله.



لقد صور الله تعالى لنا يوم القيامة في كتابه بأبدع تصوير وأبلغ تعبير حتى إن الذي يقرأ تلك الآيات ليرى القيامة كأنها رأى العين وتأمل الحديث الذي أخرجه الترمذي عن ابن عمر رضي الله عنه قال: قال رسـول الله صلى الله عليه وسلم (من سرة أن ينظر إلى يوم القيامة فليقرأ (إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ، إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ، إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ)[2]



مثل لنفسك أيها المغرور

يوم القيامة والسماء تمور



إذ كورت شمس النهار وأدنيت

حتى على رأس العباد تسير



وإذا النجوم تساقطت وتناثرت

وتبدلت بعد الضياء كدور



وإذا البحار تفجرت من خوفها

ورأيتها مثل الجحيم تفور



وإذا الجبال تقلعت بأصولها

فرأيتها مثل السحاب تسير



وإذا العشار تعطلت وتخربت

خلت الديار فما بها معمور



وإذا الوحوش لدى القيامة حشرت

وتقول للأملاك أين تسير



وإذا تقاة المسلمين تزوجت

من حور عين زانهن شعور



وإذا الموؤدة سئلت عن شأنها

وبأي ذنب قتلها ميسور



وإذا الجليل طوى السماء بيمينه

طي السجلِّ كتابه المنشور



وإذا الصحائف نشرت فتطايرت

وتهتكت للمؤمنين ستور



وإذا السماء تكشطت عن أهلها

ورأيت أفلاك السماء تدور



يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 24.95 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 24.32 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.52%)]