عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 21-09-2020, 03:56 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,317
الدولة : Egypt
افتراضي رد: ومن يشكر فإنما يشكر لنفسه





وقد وقف الله سبحانه كثيراً من الجزاء على المشيئة كقوله تعالى: ﴿ فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ إِن شَاء ﴾ [التوبة:28].



وقال في المغفرة: ﴿ وَيَغْفِرُ لِمَن يَشَاءُ ﴾ [المائدة:40].



وقال في التوبة: ﴿ وَيَتُوبُ اللّهُ عَلَى مَن يَشَاء ﴾ [التوبة:15].



وأطلق جزاء الشاكرين فلم يقيده بشيء، كقوله تعالى: ﴿ وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ ﴾ [آل عمران: 145][15].







4-رضا الله عن الشاكر:



ومن آثار الشكر رضا الله تعالى عن عبده، ومغفرته له، وهو رضا حقيقي يليق بالله تعالى، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن الله ليرضى عن العبد أن يأكل الأكلة فيحمده عليها أو يشرب الشربة فيحمده عليها)). أحمد و مسلم[16].







عن معاذِ بن أنسٍ - رضي الله عنه -، قَالَ: قَالَ رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: ((مَنْ أكَلَ طَعَامَاً، فَقال: الحَمْدُ للهِ الَّذِي أطْعَمَنِي هَذَا، وَرَزَقنِيهِ مِنْ غَيْرِ حَوْلٍ مِنِّي وَلاَ قُوَّةٍ، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ))[17] رواه أَبُو داود والترمذي.







والرضا أعظم وأجل من كل نعيم، قال تعالى: ﴿ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللّهِ أَكْبَرُ ﴾ [التوبة:72].







فمن أراد أن يكون ممن رضي الله عنهم فليحمد الله تعالى ويشكره شكراً يظهر على جوارحه وتصرفاته، ليحظى بالمزيد من فضل الله وعطائه ومغفرته ورضاه، وهذه سعادة الدنيا والآخرة.







أقول هذا القول، وأستغفر الله العظيم الكريم لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب؛ فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.







الخطبة الثانية



الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين.



وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما.



أما بعد:



العنصر السادس: مجالات الشكر:



إخوة العقيدة: وللشكر مجالات متعددة ينبغي على المسلم والمسلمة أن يقوم بها وألا يفرط فيها.







المجال الأول شكر الله تعالى:



الشكر نصف الإيمان، ففي الحديث: (الإيمان نصفان؛ نصف شكر ونصف صبر) فمن زاد شكره زاد إيمانه، ومن نقص شكره نقص إيمانه).



الشكر طريق العبودية لله جل وعلا، يقول سبحانه: ﴿ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ ﴾ [البقرة: 172].



الشكر طريق لنيل محبة الله ورضوانه، يقول تعالى: ﴿ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ ﴾ [الزمر: 7].







وللشكر مستويات عديدة من أهمها بطبيعة الحال:



أولا: الشكر اللساني:



إن يشكر الفرد الله جل جلاله باللسان ومن مراتب هذا المستوى التحدث بنعمة الله تعالى بلسان الشكر كما قال تعالى: ﴿ وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ ﴾ [الضحى/ 11].







المستوى الثاني: الشكر الفعلي:



وهو الشكر الظاهر على أفعال الفرد الشاكر قال تعالى: ﴿ اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ ﴾ [سبأ: 13].



ومثلا يرزقه الله علمًا فيعلمه للناس وينشره بينهم.



عن محمد بن كعب قوله (اعْمَلُوا آلَ دَاودَ شُكْرًا) قال: الشكر تقوى الله والعمل بطاعته.



قال ابن زيد في قوله: (اعْمَلُوا آلَ دَاودَ شُكْرًا) قال: أعطاكم وعلمكم وسخر لكم ما لم يسخر لغيركم، وعلمكم منطق الطير، اشكروا له يا آل داود قال: الحمد طرف من الشكر.







وقوله ﴿ وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ ﴾ [سبأ: 13] يقول تعالى ذكره: وقليل من عبادي المخلصو توحيدي والمفردو طاعتي وشكري على نعمتي عليهم[18].







المستوى الثالث: الشكر القلبي:



أن تعتقد أن هذه النعمة التي حصلت لك إنما هي من فضل الله عليك، كما قال تعالى: ﴿ وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ﴾ [النحل: 53].







ومعنى تأذن: يعني أعلم عباده بذلك وأخبرهم أنهم إن شكروا زادهم وإن كفروا فعذابه شديد، ومن عذابه أن يسلبهم النعمة، ويعاجلهم بالعقوبة فيجعل بعد الصحة المرض وبعد الخصب الجدب وبعد الأمن الخوف وبعد الإسلام الكفر بالله عز وجل وبعد الطاعة المعصية.







الواقع التطبيقي لهذا المجال:



عن الأوزاعي قال: حدثني بعض الحكماء قال: خرجت وأنا أريد الرباط، حتى إذا كنت بعريش مصر، أو دون عريش مصر، إذا أنا بمظلة وإذا فيها رجل قد ذهبت يداه ورجلاه وبصره، وإذا هو يقول: اللهم إني أحمدك حمدا يوافي محامد خلقك، كفضلك على سائر خلقك، إذ فضلتني على كثير ممن خلقت تفضيلا، فقلت: والله لأسألنه أعلمه أم ألهمه إلهاما؟ قال: فدنوت منه، فسلمت عليه، فرد علي السلام، فقلت: إني سائلك عن شيء أتخبرني به؟ قال: إن كان عندي منه علم أخبرتك به، فقلت: على أي نعمة من نعمه تحمده عليها؟



أم على أي فضيلة من فضائله تشكره عليها؟



قال: أليس ترى ما قد صنع بي؟







قال: قلت: بلى قال: فوالله لو أن الله سبحانه صب علي السماء نارا فأحرقتني، وأمر الجبال فدمرتني، وأمر البحار فغرقتني، وأمر الأرض فخسفت بي، ما ازددت له إلا حبا، ولا ازددت له إلا شكرا. وإن لي إليك حاجة، بني لي كان يتعاهدني لوقت صلاتي، ويطعمني عند إفطاري، وقد فقدته منذ أمس، انظر هل تحسه لي؟







فقلت: إن في قضاء حاجة هذا العبد لقربة إلى الله. قال: فخرجت في طلبه، حتى إذا كنت بين كثبان من رمال، إذا أنا بسبع قد افترس الغلام يأكله قال: قلت: إنا لله وإنا إليه راجعون، كيف آتي هذا العبد الصالح من وجه رفيق فأخبره الخبر لا يموت؟



قال: فأتيته، فسلمت عليه، فرد علي السلام، فقلت: إني سائلك عن شيء أتخبرني به؟







قال: إن كان عندي منه علم أخبرتك به قال: قلت: أنت أكرم على الله منزلة أم أيوب عليه السلام؟ قال: بل أيوب صلى الله عليه وسلم كان أكرم على الله مني، وأعظم منزلة عند الله مني. قال: قلت: أليس ابتلاه الله فصبر، حتى استوحش منه من كان يأنس به وصار غرضا لمرار الطريق؟ قال: بلى. قلت: فإن ابنك الذي أخبرتني من قصته ما أخبرتني، خرجت في طلبه، حتى إذا كنت بين كثبان من رمال، إذا أنا بسبع قد افترس الغلام يأكله.







فقال: الحمد لله الذي لم يجعل في قلبي حسرة من الدنيا ثم شهق شهقة فمات رحمه الله.



قال: قلت: إنا لله وإنا إليه راجعون من يعينني على غسله وكفنه ودفنه؟



قال: فبينما أنا كذلك، إذا أنا بركب قد بعثوا رواحلهم يرويدون الرباط. قال: فأشرت إليهم، فأقبلوا إلي. فقالوا: ما أنت وهذا؟







فأخبرتهم بالذي كان من أمره قال: فثنوا أرجلهم، فغسلناه بماء البحر، وكفناه، بأثواب كانت معهم، ووليت الصلاة عليه من بينهم، ودفناه في مظلته تلك ومضى القوم إلى رباطهم، وبت في مظلته تلك الليلة أنسا به فلما مضى من الليل مثل ما بقي منه، إذا أنا بصاحبي في روضة خضراء، عليه ثياب خضر، قائما يتلو الوحي، فقلت: ألست أنت صاحبي؟







قال: بلى. قلت: فما الذي صيرك إلى ما أرى؟ قال: وردت من الصابرين على درجة لم ينالوها إلا بالصبر عند البلاء، والشكر عند الرخاء.



يتبع



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 31.74 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 31.11 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.98%)]