عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 21-09-2020, 04:03 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,520
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الأسرة السعيدة بين الواقع والمأمول

أورد الغزالي في إحياء علوم الدين هذه القصة اللطيفة فقال:

قال سهل بن عبدالله التستري: كنت وأنا ابن ثلاث سنين أقوم بالليل فأنظر إلى صلاة خالي محمد بن سوار فقال لي يوما: ألا تذكر الله الذي خلقك، فقلت: كيف أذكره؟ فقال: قل بقلبك عند تقلبك بثيابك ثلاث مرات من غير أن تحرك به لسانك، الله معي، الله ناظري، الله شاهدي، فقلت ذلك ليالي ثم أعلمته، فقال: قل في كل ليلة سبع مرات، فقلت ذلك ثم أعلمته، فقال: قل ذلك كل ليلة إحدى عشرة مرة، فقلته، فوقع في قلبي حلاوته، فلما كان بعد سنة، قال لي خالي: احفظ ما علمتك، ودم عليه إلى أن تدخل القبر فإنه ينفعك في الدنيا والآخرة، فلم أزل على ذلك سنين، فوجدت لذلك حلاوة في سري، ثم قال لي خالي يوما: يا سهل من كان الله معه وناظرا إليه وشاهده، أيعصيه؟ إياك والمعصية، فكنت أخلوبنفسي فبعثوا بي إلى المكتب، فقلت إني لأخشى أن يتفرق علي همي، ولكن شارطوا المعلم أني أذهب إليه ساعة فأتعلم ثم أرجع، فمضيت إلى الكُتّاب، فتعلمت القرآن وحفظته وأنا ابن ست سنين أوسبع سنين، وكنت أصوم الدهر وقوتي من خبز الشعير اثنتي عشرة سنة.[16].



تربية الابن على الصدق في الحديث:

ومن الأمور التي ينبغي على الآباء أن يربوا أبنائهم الصدق في الحديث فالصدق عباد الله مناجاة وإن ظننت أن فيه الهلكة.

عن عبد الله بن عامر - رضي الله عنه - قال: دعتني أمي يومًا - ورسول الله صلى الله عليه وسلم قاعد في بيتنا - فقالت: تعالَ أعطِك، فقال لها: (ما أردتِ أن تعطيه؟). قالت: أردتُ أن أعطيه تمرًا. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (أما إنك لولم تعطِه شيئًا كُتِبَتْ عليك كذبة)[17] [أبوداود].



عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال من قال لصبي تعال هاك ثم لم يعطه فهي كذبة[18] رواه أحمد.



قصة / قال الشيخ عبد القادر الجيلاني - رحمه الله -: بَنَيْتُ أمري على الصدق، وذلك أني خرجت من مكة إلى بغداد أطلب العلم، فأعطتني أُمِّي أربعين دينارًا، وعاهدتني على الصدق، ولمَّا وصلنا أرض (هَمْدَان) خرج علينا عرب، فأخذوا القافلة، فمرَّ واحد منهم، وقال: ما معك؟ قلت: أربعون دينارًا. فظنَّ أني أهزأ به، فتركني، فرآني رجل آخر، فقال ما معك؟ فأخبرته، فأخذني إلى أميرهم، فسألني فأخبرته، فقال: ما حملك على الصدق؟ قلت: عاهدَتْني أُمِّي على الصدق، فأخاف أن أخون عهدها. فصاح باكيًا، وقال: أنت تخاف أن تخون عهد أُمِّك، وأنا لا أخاف أن أخون عهد الله!! ثم أمر بردِّ ما أخذوه من القافلة، وقال: أنا تائب لله على يديك. فقال مَنْ معه: أنت كبيرنا في قطع الطريق، وأنت اليوم كبيرنا في التوبة، فتابوا جميعًا ببركة الصدق وسببه[19].



قال إسماعيل بن عبيد الله: لما حضرت أبي الوفاة جمع بنيه فقال لهم: يا بَنِي عليكم بتقوى الله، وعليكم بالقرآن فتعاهدوه، وعليكم بالصدق حتى لوقَتَل أحدكم قَتيلاً، ثم سئل عنه أقر به، والله ما كذبت كذبة قط مذ قرأت القرآن[20].

أقول هذا القول، وأستغفر الله العظيم الكريم لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب؛ فاستغفروه، إنه هوالغفور الرحيم.



الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما.



أما بعد:

4 - المسؤولية الاجتماعية:

إنّ الحاجة إلى الغير والتأثّر به تبدأ مع الإنسان منذ أن يكون جنيناً إلى أن يموت. فالإنسان يكتسب الوجود بتأثير من والديه، ثمّ يتأثّر بأخلاقهما وأخلاق أخوته وأقربائه وجيرانه وأصدقائه، ثمّ يدخل في خضم المجتمع؛ فيتأثّر بالمدرسة، والمعلّم، وسائر أعضاء المجتمع؛ بحسب درجة ارتباطه بهم.



وتشمل التربية الاجتماعية على عدة نقاط:

أ - تربية الولد على محبة الخير للغير:

عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه»،[21]



ب - تربية الولد على توقير الكبير:

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَفَعَهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يُوَقِّرِ الْكَبِيرَ وَيَرْحَمِ الصَّغِيرَ وَيَأْمُر بِالْمَعْرُوفِ وينه عَن الْمُنكر"[22].



ج - تربية الولد على صلة الأرحام:

عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: إِنَّ أَبَا الرَّدَّادِ اللَّيْثِيَّ أَخْبَرَهُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: أَنَا الرَّحْمَنُ خَلَقْتُ الرَّحِمَ وَشَقَقْتُ لَهَا اسْمًا مِنِ اسْمِي، فَمَنْ وَصَلَهَا وَصَلْتُهُ وَمَنْ قَطَعَهَا قَطَعْتُهُ "[23].



د - تربية الولد على الإحسان إلى الجيران:

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ لَا يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَائِقَهُ»[24].



5 - المسؤولية الاقتصادية:

وينبغي عليكم أيها الآباء أن تربوا أبناءكم تربية اقتصادية فينشا الولد على تحمل المسؤولية وعلى معرفة الحلال من الحرام.



كيف يربي الوالد ولده تربية اقتصادية؟

الجواب بحول الملك الوهاب: يكمن في عدة نقاط:

1 - التربية على أن الغنى غنى النفس: جاء في حديث أبي ذر رضي الله عنه قول رسول الله صلى الله عليه وسلم له: "أترى كثرة المال هوالغنى؟" قال أبوذر: نعم، قال: "وترى قلة المال هوالفقر؟" قال أبوذر: نعم، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنما الغنى غنى القلب، والفقر فقر القلب"[25]، ومعنى ذلك عدم تقبل المال من كل سبيل، وعدم إنفاقه في كل سبيل وبأي مقدار.



2 - التربية على العمل وكسب العيش: جاء في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: إن ناسًا من الأنصار سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطاهم، ثم سألوه فأعطاهم، حتى نفد ما عنده، فقال: "ما يكون عندي من خير فلن أدخره عنكم، من يستعفف يعفه الله، ومن يستغن يغنه الله، ومن يتصبر يصبره الله"[26].

ومعنى ذلك أن الوسائل النفسية المهمة: التعفف، والاستغناء، والصبر.



أما الوسيلة المادية فهي العمل، وعن أبي عبد الله الزبير بن العوام - رضي الله عنه -، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (( لأن يأخذ أحدكم أحبله ثم يأتي الجبل، فيأتي بحزمة من حطب على ظهره فيبيعها، فيكف الله بها وجهه، خير له من أن يسأل الناس، أعطوه أومنعوه ))[27] رواه البخاري.

ولهذا كان أهل مكة يعملون في التجارة في مكة، وبالزراعة في المدينة.



3 - التربية على الاعتماد الذاتي والاكتفاء بالدخل الشخصي، جاء في حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فراش للرجل، وفراش لامرأته، والثالث للضيف، والرابع للشيطان"[28]رواه مسلم.

ومعنى ذلك تقليل المصروفات، حتى لا يحتاج المرء إلى الاستدانة من الآخرين، وليكتفي ذاتيًا بما عنده.



4 - التربية على العطاء، جاء في حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اليد العليا خير من اليد السفلى، واليد العليا المنفقة، والسفلى السائلة"[29].



ومعنى ذلك رفع المستوى الاقتصادي للمجتمع، بحيث يكثر فيه المعطون، ويقل فيه الآخذون.

هذه أهم معالم التربية الاقتصادية التي نشَّأ رسولُ الله أصحابَه عليها، وربَّاهم على الأخذ بها، ودعاهم إلى سلوكها، فآتت ثمارها على الصحابة رضوان الله عليهم، وعلى المجتمع المسلم، وكان لها صداها في مجال الدعوة إلى الإسلام.



اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمِّر أعداء الدين، واحم حوزة الدين يا رب العالمين. اللهم آمِنَّا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يا رب العالمين. اللهم وفِّق ولي أمرنا لما تحبه وترضاه من سديد الأقوال وصالح الأعمال يا ذا الجلال والإكرام.



اللهم آت نفوسنا تقواها، زكها أنت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها. اللهم يا ربنا يا قوي يا عزيز يا ذا الجلال والإكرام انصر إخواننا المستضعفين في كل مكان، اللهم انصرهم في أرض الشام وفي كل مكان يا ذا الجلال والإكرام، اللهم وعليك بأعداء الدين فإنهم لا يعجزونك، اللهم إنَّا نجعلك في نحورهم ونعوذ بك اللهم من شرورهم.



اللهم أصلح ذات بيننا، وألِّف بين قلوبنا، واهدنا سبل السلام، وأخرجنا من الظلمات إلى النور، وبارك لنا في أسماعنا وأبصارنا وقوتنا ما أحييتنا يا ذا الجلال والإكرام. اللهم إنا نسألك من الخير كله عاجله وآجله ما علِمنا منه وما لم نعلم، ونعوذ بك من الشر كله عاجله وآجله ما علمنا منه وما لم نعلم، وأن تجعل كل قضاءٍ قضيته لنا خيرا يا رب العالمين. اللهم اغفر لنا ولوالدينا وللمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات. ربنا إنَّا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكوننَّ من الخاسرين. ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.





[1] سنن ابن ماجه (1/ 592) انظر صحيح الجامع: 6807، الصحيحة: 2383.




[2] أخرجه أحمد (1/ 378، رقم 3592)، والبخاري (5/ 1950، رقم 4778)، ومسلم (2/ 1018، رقم 1400)، وأبوداود (2/ 219، رقم 2046)، والترمذي (3/ 392، رقم 1081)، والنسائي (4/ 170، رقم 2242).




[3] أخرجه ابن ماجه (2/ 1332، رقم 4019)، وأبونعيم (8/ 333)، والحاكم (4/ 583، رقم 8623) وقال: صحيح الإسناد. والبيهقي في شعب الإيمان (3/ 197، رقم 3315)، وابن عساكر (35/ 260).




[4] المرجع كتاب: جون والإيدز - الدكتور عبدالحميد القضاة.




[5] تفسير الصنعاني (2/ 303).




[6] (تفسير الألوسي - (ج 21 / ص 101)).




[7] (الدر المنثور - (ج 10 / ص 58).




[8] ( البيان والتبيين، ص 249.).




[9] أخرجه البخاري (1/ 456، رقم 1292)، ومسلم (4/ 2047، رقم 2658)، وأبوداود (4/ 229، رقم 4714).




[10] أخرجه أحمد (5/ 228) والبخاري (7/ 218) و(8/ 130. ومسلم (1/ 43).




[11] أخرجه الطبراني (11/ 123، رقم 11243). وأخرجه أيضًا: أحمد (1/ 307، رقم 2804)، والضياء (10/ 23، رقم 13).




[12] أخرجه أحمد (2/ 180، رقم 6689)، وابن أبى شيبة (1/ 304، رقم 3482)، وأبوداود (1/ 133، رقم 495)، وأبونعيم في الحلية (10/ 26)، والحاكم (1/ 311، رقم 708)، والبيهقي (2/ 229، رقم 3052).




[13] أخرجه البخاري في: 30 كتاب الصوم: 47 باب صوم الصبيان.




[14] مسند أحمد (27/ 274) قال الشيخ شعيب الأرناؤوط: إسناده ضعيف. وأخرجه الترمذي (1952)، وابن عدي في "الكامل" 5/ 1740، والبيهقي في الشعب (8652).




[15] تفسير القرطبي (18/ 171).




[16] إحياء علوم الدين ومعه تخريج الحافظ العراقي (4/ 110).




[17] أخرجه أحمد (3/ 447) وأبوداود (4991) وقال الألباني في صحيح أبي داود (4176): حسن.




[18] مسند أحمد (15/ 520)أخرجه ابن المبارك في "الزهد" (375)، وابن أبي الدنيا في "مكارم الأخلاق" (150)، وفي "الصمت" (523)، وابن حزم في "المحلى" 8/ 29.




[19] (الصفوري: نزهة المجالس ومنتخب النفائس 1/ 131، وانظر سيد حسين العفاني: صلاح الأمة في علوالهمة 5/ 45.).




[20] ( سير أعلام النبلاء 5 - 339.).




[21] أخرجه والبخاري (1/ 14، رقم 13)، ومسلم (1/ 67، رقم 45)، والترمذي (4/ 667 رقم 2515) وقال: صحيح. والنسائي (8/ 115، رقم 5016)، وابن ماجه (1/ 26، رقم 66)، والدارمي (2/ 397، رقم 2740).




[22] مسند أحمد ط الرسالة (4/ 170) وأخرجه البزار (1955) وأخرجه ابن حبان (458) وأخرجه عبد بن حميد (586).




[23] وأخرجه عبد الرزاق "20234"، وأحمد 1/ 194، وأبوداود "1695".




[24] مسند أحمد ط الرسالة (3/ 198)وأخرجه أبويعلى (841)، والخرائطي في "مساوئ الأخلاق" (263)، والحاكم 4/ 157.




[25] موارد الظمآن إلى زوائد ابن حبان ت حسين أسد (8/ 203) أخرجه النسائي في الرقائق - ذكره المزي في "تحفة الأشراف" 9/ 157 برقم (11905) - م.




[26] "(رواه البخاري (1469)، ومسلم (1053).).





[27] أخرجه أحمد (1/ 167، رقم 1429)، والبخاري (2/ 535، رقم 1402)، وابن ماجه (1/ 588، رقم 1836).




[28] أخرجه أحمد (3/ 293، رقم 14156)، ومسلم (3/ 1651، رقم 2084)، وأبوداود (4/ 70، رقم 4142)، والنسائي (6/ 135، رقم 3385 ).




[29] رواه البخاري (1429)، ومسلم (1033).





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 37.91 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 37.28 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.66%)]