عرض مشاركة واحدة
  #77  
قديم 28-09-2020, 04:00 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 162,491
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح زاد المستقنع في اختصار المقنع للشيخ محمد الشنقيطي

شرح زاد المستقنع في اختصار المقنع
(كتاب الصلاة)
شرح فضيلة الشيخ الدكتور
محمد بن محمد المختار بن محمد الجكني الشنقيطي
الحلقة (74)

صـــــ(7) إلى صــ(12)

بعض مسائل دعاء الاستفتاح
[تفاوت أدعية الاستفتاح في الفضل]
يقول المؤلف عليه رحمة الله:
[ثم يقول: سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك].تقدم معنا أن هذا الدعاء يسميه العلماء رحمهم الله دعاء الاستفتاح، والمراد بذلك أنه تستفتح به الصلاة،
وفاتحة الشيء:
ما يكون في أوله، وقد يسمى بدعاء الثناء.وتقدم معنا أن استفتاح النبي صلى الله عليه وسلم الذي ورد من هديه القولي والتقريري منه ما هو دعاء محض، ومنه ما هو ثناء محض، ومنه ما هو مشتمل على الدعاء والثناء، فكان صلى الله عليه سلم يستفتح صلاته بالثناء على الله عز وجل، ويستفتح صلاته بالدعاء وسؤال الله، ويستفتح صلاته جامعا بين الثناء والدعاء.وقد ذكرنا الأحاديث الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك، من قوله وإقراره عليه الصلاة والسلام.وأما المفاضلة بين هذه الاستفتاحات من عدمها فقد ذهب بعض العلماء رحمهم الله إلى تفضيل الثناء على الدعاء،
وقال:
الاستفتاح بالثناء على الله عز وجل أفضل من الاستفتاح بالدعاء، وذلك لحديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، وكذلك حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه،
وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم استفتح صلاته بهذا الثناء فقال:
(سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك)، فأثنى على الله عز وجل،
وثبت في الحديث أيضا: (أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع رجلا قال: الله أكبر كبيرا، والحمد لله كثيرا، وسبحان الله بكرة وأصيلا،
قال:
والذي نفسي بيده لقد فتحت لها أبواب السماء،
وقال:
لقد رأيت اثني عشر ملكا يبتدرونها أيهم يصعد بها)
، فهذا يدل على فضل الثناء على الله عز وجل في دعاء الاستفتاح.وذهب بعض العلماء إلى تفضيل الدعاء،
وأخذ بحديث دعاء النبي صلى الله عليه وسلم:
(اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسلني من خطاياي بالماء والثلج والبرد)، وهو حديث أبي هريرة في صحيح مسلم، قالوا: فالأفضل للمكلف أن يفتتح صلاته بالدعاء والمسألة.
وقال بعض العلماء:
الأفضل حديث علي: (وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض)،
وقالوا:
لأنه يجمع بين الدعاء والثناء.
والذي يظهر والله أعلم أن حديث أبي هريرة رضي الله عنه في قول أبي هريرة للنبي صلى الله عليه وسلم:
(أرأيت سكوتك بين التكبير والقراءة ما تقول بأبي أنت وأمي يا رسول الله؟
قال:
أقول: اللهم باعد بيني وبين خطاياي)
هو هديه الذي فعله عليه الصلاة والسلام واختاره الله له.وأما حديث: (سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك) فهو نوع من أنواع الثناء على الله عز وجل لا يخالف ما ورد عن أبي هريرة فإنه قد روته أم المؤمنين عائشة، والأشبه بـ عائشة رضي الله عنها أن تعلم صلاته بالنوافل، وأما بالنسبة لـ أبي هريرة فقد صرح أنه يسمعه من النبي صلى الله عليه وسلم، أو اطلع على سكوته بين التكبير والقراءة، وهذا إنما يكون في الصلاة المفروضة، فيجمع بين هاتين،
فيقال:
الدعاء أفضل لفضل الفريضة، ثم التمجيد والثناء وما ورد في الأحاديث الأخر فيكون في النوافل، جمعا بين هذه النصوص الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
[مشروعية دعاء الاستفتاح في الصلاة]
دلت الأحاديث الصحيحة، كحديث أم المؤمنين عائشة، وحديث أبي سعيد، وحديث أبي هريرة، وغيرها من الأحاديث التي اشتملت على دعاء النبي صلى الله عليه وسلم في الاستفتاح على أن دعاء الاستفتاح من الأمور المسنونة والمشروعة في الصلاة،
وقد اختلف العلماء في هذه المسألة على قولين:
فذهب جمهور العلماء إلى أن دعاء الاستفتاح سنة، كما هو مذهب الحنفية والشافعية والحنابلة والظاهرية رحمة الله على الجميع، وذلك لثبوت الأحاديث والأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه استفتح صلاته الفريضة والنافلة.وذهب الإمام مالك رحمه الله في المشهور عنه إلى أن دعاء الاستفتاح لا يشرع، وجاءت عنه رواية إلى أنه يشرع في النافلة دون الفريضة،
والسبب الذي جعل المالكية يقولون بعدم مشروعية دعاء الاستفتاح أدلة:
منها: حديث أنس في الصحيح أنه قال: (صليت وراء رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان كلهم كانوا يستفتحون القراءة بـ {الحمد لله رب العالمين} [الفاتحة:2]) قالوا: فلم يذكر أنهم استفتحوا بدعاء الاستفتاح.
وقالوا أيضا:
إنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه علم المسيء صلاته وقال له: (إذا قمت إلى الصلاة فكبر، ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن) قالوا: فلم يذكر صلوات الله وسلامه عليه دعاء بين التكبير والقراءة.والذي يترجح والعلم عند الله القول بمشروعية دعاء الاستفتاح، وذلك لثبوت الأحاديث الصحيحة فيه.وأما الاستدلال بحديث أنس رضي الله عنه فإنه محله القراءة،
أي:
أنهم كانوا يستفتحون قراءتهم بـ {الحمد لله رب العالمين} [الفاتحة:2]، ولا يستفتحونها بسورة أخرى، فهو يتكلم عن الابتداء بالقراءة، ونحن نتكلم عن ابتداء الصلاة، وفرق بين الابتداء العام وهو ابتداء الصلاة، وبين الابتداء الخاص وهو ابتداء القراءة، ولذلك لا معارضة بين حديث أنس وبين حديث الاستفتاح.
ثم إننا نقول: لو أن أنسا قال: لم أسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يستفتح لكان حديث أبي هريرة حجة عليه؛ لأن القاعدة أن من حفظ حجة على من لم يحفظ، فكيف وحديث أنس لم يصرح بنفي دعاء الاستفتاح؟! فلذلك يقوى اعتبار الأحاديث التي دلت على مشروعية دعاء الاستفتاح.
[دعاء الاستفتاح مشروع في كل صلاة]
ظاهر النصوص الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم أن دعاء الاستفتاح مشروع في الصلوات كلها، نافلة كانت أو فريضة، والمالكية يفرقون بين النفل والفرض كما قدمنا، والصحيح أنه سنة مطلقة.
واختلف في صلاة الجنائز: هل يستفتح المصلي إذا صلى صلاة الجنازة؟
فللعلماء في هذه المسألة قولان مشهوران:

القول الأول: صلاة الجنازة لا يشرع لها دعاء الاستفتاح، وإنما تكبر وتبتدئ بقراءة الفاتحة، وذلك لثبوت السنة من حديث أبي أمامة، وكذلك حديث ابن عباس رضي الله عن الجميع في صفة صلاته عليه الصلاة والسلام على الجنائز، فذكرا أنه استفتح بالفاتحة، وأنه لم يقرأ غير الفاتحة، ولم يفصل بين الفاتحة والتكبير بدعاء.
القول الثاني: يسن أن يقرأ دعاء الاستفتاح في صلاة الجنازة في التكبيرة الأولى، وهذا هو مذهب الحنفية رحمة الله عليهم، وأخذوا بعموم الأحاديث.والذي جعل الحنفية رحمة الله عليهم يذهبون إلى هذا هو أنهم لا يرون في الصلاة على الجنائز قراءة الفاتحة، وإنما يرون أنها دعاء، ولذلك قالوا بمشروعية هذا الدعاء؛ لأنه داخل في جنس ما قرروه من أن صلاة الجنازة تقوم على الدعاء والشفاعة للميت.والذي يترجح والعلم عند الله القول بعدم مشروعية دعاء الاستفتاح في صلاة الجنازة؛ لأن العموم الوارد هنا مخصص هناك، فإن حديثي ابن عباس وأبي أمامة في السنن رضي الله عن الجميع يدلان دلالة واضحة على أن هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم الاقتصار على الفاتحة في التكبيرة الأولى.
[موضع دعاء الاستفتاح]
دعاء الاستفتاح يقع بين تكبيرة الإحرام والقراءة، سواء أكان في فريضة أم نافلة.
وهناq فلو أن إنسانا صلى صلاة العيد، فهل يستفتح بين التكبيرة الأولى والتكبيرة الثانية، أو يستفتح عقيب التكبيرات؟
و a مذهب الجماهير أنه يستفتح عقيب التكبيرات، وذلك لأن الفصل بين تكبيرة الإحرام وبين دعاء الاستفتاح بعد الانتهاء من التكبيرات إنما هو فصل بشيء من جنس التكبير، ولذلك لا يؤثر، وبناء على هذا يشرع أن يستفتح بعد التكبيرة الأخيرة من تكبيرات العيدين في الركعة الأولى من الصلاة.
[نسيان دعاء الاستفتاح وسجود السهو له]
للعلماء في نسيان دعاء الاستفتاح وسجود السهو له وجهان: أصحهما أن دعاء الاستفتاح سنة وليس بواجب، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم علم المسيء صلاته الأركان والواجبات، ولم يرد في دعاء الاستفتاح دليل يأمر به ويلزم به، فبقي على السنة والتخيير، ويؤكد هذا أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا بالاستفتاح،
ولم يطلع عليه أبو هريرة إلا بعد أن قال له: (أرأيت سكوتك بين التكبير والقراءة)، فلو كان دعاء الاستفتاح واجبا لبينه صلوات الله وسلامه عليه، ولما جعل الصحابة ينتظرون أن يعلمهم بعد سؤالهم.
وهنا مسألة وهي: لو أن إنسانا نسي دعاء الاستفتاح فكبر تكبيرة الإحرام في فريضة أو نافلة، ثم شرع بالاستعاذة، خاصة في الصلوات السرية، وتذكر قبل أن يبدأ بالبسملة والسورة، فهل يرجع أو لا؟
فيه وجهان للعلماء:
أقواهما أنك إذا شرعت في الاستعاذة أو البسملة أو الفاتحة لا ترجع للفوات، فإن محل دعاء الاستفتاح ما بين التكبير والاستعاذة، وبناء على ذلك إذا فات فإنه يشرع في الاستعاذة، ويسقط الاستفتاح.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 27.71 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 27.08 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.27%)]