عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 12-10-2020, 06:16 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 165,110
الدولة : Egypt
افتراضي رد: اللغة عند الإمام الشافعي ممثلة للغة الأصوليين



وقد لاحظ (بيرل Breal ) أنَّ التطور من الاتساع إلى التضييق هو التطوُّر الطبيعي لتاريخ اللُّغة، وهو ما ذهب إليه الأصوليُّون من قبل، عندما قالوا قولتهم الشهيرة: "ما من عام إلا ويتخيل فيه التَّخصيص"، أمَّا توسيع الدلالة، فيوجد بدرجة أقل.


- ولا يقتصر تناوُل الأصوليين واللغويين العرب لقضية العام والخاص على التَّشابُه بينه وبين توسيع الدلالة أو تضييق الدلالة، كما يقول السيد أحمد عبدالغفار[44]، ولكنَّ العام والخاص من منظور الأصوليين واللغويين العرب يتشابه في تفريعاته المختلفة مع ما عرفه علماءُ اللغة المحدثون بارتقاء الدلالة، أو انحطاط الدلالة، أو انتقال الدلالة من الحقيقة إلى المجاز، ثم من المجاز إلى الحقيقة مرَّة أخرى[45]، ونستطيع أنْ نستدلَّ على ذلك من خلال الرجوع إلى أمثلة الشافعي.


ففي استشهاده بالآية الكريمة: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا} [هود: 6] على أنَّها عام لا خاصَّ فيه، نلمح في لفظ "دابة" ارتقاء الدلالة، عندما دلَّت على عموم مخلوقات الله التي تدب على الأرض، وتسعى إلى رزق الله، وكان اللفظ قد استقرَّت دلالته في اللغة على الحيوانات التي تدب على أربعة دون بقيَّة المخلوقات.


- واللفظ الواحد يأتي في سياق يدُلُّ على ارتقائه، ويأتي في سياق آخر يدُلُّ على انحطاطه مقترنًا بمواصفات مُعيَّنة؛ فلفظ الناس في قوله - تعالى -: {وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} [البقرة: 24]، [التحريم: 6]، دَلَّ على فئة انحدرت إلى أدنى الصفات، واستحقَّت النار عقوبةً، بينما دلَّ لفظ الناس في قوله - تعالى -: {ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ} [البقرة: 199] على طائفة المؤمنين الذين يؤدُّون فريضة الحج، وفي ذلك ارتقاءٌ في درجات البشر.
ومما سبق يتضح أنَّ مدار ارتقاء الدلالة أو انحدارها في آيِ القرآن الكريم يكون حول أحكام إلهية.


- وفي الأمثلة التي ساقها الشافعي تحت عنوان: "الصِّنْف الذي يُبيِّن سياقه معناه"[46] دَلَّ استخدام لفظ القرية في الآيات الممثلة على أهل القرية، فجاءت انتقالةُ الدلالة هنا انتقالةً مَجازية، ويعرفها البلاغيون بأنها مجازٌ علاقتُه المحلية، وفيها ذَكَر سبحانه وتعالى القريةَ، وأراد أهل القرية.


- وقد عرَّف الأصوليون الذين جاؤوا بعد الشافعي المجازَ على أنه انتقالُ اللَّفظ إلى غير ما وضع له؛ لوجود علاقة بين محل الحقيقة ومحل المجاز، وهو مجاز لغوي أو عُرفي أو شرعي، فالمجاز اللُّغوي كانتِقال الاسم من الحقيقة اللغوية إلى المجاز اللغوي؛ "كإطلاق لفظ الإنسان على الناطق عمومًا عن طريق التجاوز"، والمجاز العرفي كاستِعْمال لفظ الدَّابة لكل ما يَدِبُّ على الأرض، بعد استقرار عُرْفِها بذوات الأربع، والمجاز الشرعي كاستعمال لفظ "الصلاة" الذي استقرَّ في الشرع بدلالة خاصة، تضمُّ أقوالاً وأفعالاً تؤدَّى بصورة معينة، وكان يستعمل للدعاء.


وقد ذهب الشافعيَّة إلى أنَّ اللفظ يكون مجازًا إذا تعذَّر حمله على الحقيقة، فتكون دلالةُ اللَّفظ على معناه المجازي دلالةَ ضرورةٍ في أضيق الحدود، كما ذهبوا أيضًا إلى جواز استعمال اللفظ في المعنى المجازي، ويدخل فيه المعنى الحقيقي فلا يوجد ما يمنع[47].


أنواع الدلالة
(دلالة المفرد - دلالة التركيب)
لقد انصرفتْ عناية الأصوليين إلى إدراك لغة النَّصِّ، والتعرُّف على أسرارها في التعبير عن المعاني، ومعرفة ما تشير إليه من قريب أو بعيد، فاللَّفظ والمعنى في تصوُّر الأصوليين هما دليلُ الحكم.


ويقسم الشافعي "دلالة الكلام على المعنى" قسمين:
الأول: دلالة المنظوم، وهي دلالةُ صريحِ اللفظ على تمام معناه الوضعي أو على جزء منه، ويُسمَّى: دلالة المنطوق، والدلالة الصريحة.
الثاني: دلالة غير المنظوم؛ أي: دلالة الكلام بغير صريح اللَّفظ على معنى ما[48].


اللفظ أو التركيب ما وضع إلا للبحث عن الدلالة، وقصد الشارع والتَّمكُّن من ضبط الأحكام؛ مما يتطلب الاهتمام بتحليل اللفظ، وللفظ ظاهر وباطن، فأصحاب الظاهر يعملون بمقتضى اللَّفظ دون النظر للمعاني العامة، ويُبعدون ما يَخصُّ المعاني من الناحية القياسية.
وأصحاب الباطن أو أصحاب الرأي ينظرون إلى المعاني العامة مُجردة عن ألفاظها، ولم يعملوا بخصوصيَّات الألفاظ[49].


وقد تبع التقسيم السابق وجود اتجاهين أمام الشريعة الإسلامية:
أ - اتجاه أصحاب الرأي الذين يضعون أمامهم الهدف التَّشريعي، وهو الحفاظ على مصالح العباد، ويصوِّبون نحوه كُلَّ ما يَعْرِض له من مسائلَ بتوجيه دلالتِها إلى هذا الهدف، وإذا كان هناك أمرٌ مُخالف للهدف التشريعي يجب ردُّه، وإعمال المقتضى الكلي العام، وهو المصلحة الإنسانية.
ب - اتجاه أصحاب الظاهر الذين يلتزمون بمقتضى النَّصِّ، ويذهبون إلى أنَّ الشريعة إنَّما أتت بتلك النُّصوص لابتلاء المكلَّفين أيهم أحسن عملاً، وكلُّ ما خالف النص لا اعتبار له[50]، وقد اتَّضح أنَّ الأصوليين نظروا في تحديد الدلالة اللفظية على أسُس ثلاثة:
أوَّلها: النظر في الدلالة للَّفظة المفردة.
ثانيها: تتبُّع التطور الدلالي لتلك اللفظة، وما يظلُّها من المفاهيم التي تتوارد عليها بعُرْفِ الاستعمال.
ثالثها: مراعاة تحقيق أهداف الشريعة بالتعرُّف على قصد المشرِّع، واتِّجاه المعرفة إلى تلك المقاصد، اتِّجاهًا تناولتْه مُختلف البيئات المعنيَّة بدراسة اللُّغة العربية، من بلاغية أو نَحوية، وكان مدخل علماء الأصول لِهذا البحث هو التأويل في بادئ الأمر، فكان الشافعي يلجأ إلى التأويل؛ للتوفيق بين النصوص التي يبدو في ظاهرها تعارض، ولكنَّه لم يُحدد لنا السبيلَ التي تتَّبع في ذلك؛ لأنَّ علم الأصول آنذاك لم يكن قد وصل إلى كمال نُضْجه كما حدث في المرحلة المتأخرة[51].


دور التأويل في الوصول إلى الدلالة:
لقد ربط الإمام الشافعيُّ التأويلَ بالنص، وبلغته، وبالعقل الذي يتدبر الأمر فيه، ويتَّضح ذلك في ثنايا كلامِه عن البيان، فهو يقول: "إنَّما خاطب الله بكتابه العربَ بلسانها... وأن فِطْرته أنْ يُخاطَب (بظاهرٍ)، يُعرَفُ في سياقه أنه يراد به غير ظاهره، فكُلُّ هذا موجود علمه في أوَّل الكلام أو وسطه أو آخره، وتبتدئ الشيء من كلامها يُبين أوَّلُ لفظها فيه عن آخره، وتبتدئ الشيء يُبين آخرُ لفظها منه عن أوَّله، وتكلم بالشيء تعرفُه بالمعنى دون الإيضاح باللَّفظ، كما تعرف الإشارة، ثُمَّ يكون هذا عندها من أعلى كلامها؛ لانفراد أهل علمها به دون أهل جهالتها"[52].


فقضية التأويل عند الشافعي ترتبط بالنَّص وبلغته إلى جانب استعمال العقل، فكتاب الله نَزَل بلغة العرب، وينبغي أن يُفهم بحسِّهم، واللغة هي وعاء الفكر، فللعقل هنا موقفٌ له أثره الكبير في التَّمييز، وإدراك الفروق، وإيضاح التأويل إلى وسائل من المعرفة، لا تتاح إلا لمن تمرَّسوا بحياة الشريعة، وباللُّغة التي كتِبَت بها، ولهم إدراكٌ قوي لوجوهِها، والشافعي ينبِّه إلى أثر التأويل في فَهْم النص، كما ينبه إلى ضرورة دراسة لُغة النَّص وطاقاتها وخصائصها وأساليبها في الأداء، حتَّى يُمكن التوصُّل إلى الدلالة بالمنطوق أو بالمفهوم، والتأويل لا يعتمد على اللُّغة وحْدَها في أدائها للمعنى، وإنَّما يضاف إلى ذلك حياة الشريعة وظروف أهلها، وتغيُّر المدلول بتغيُّر ظروف الحياة، والتأويل هو حمل اللَّفظ على غير مدلوله الظاهر منه، مع احتمالٍ له بدليل يُعَضِّدُه[53]؛ أي: إنَّ التأويل هو ترجيح لمعنًى من المعاني الخارجة عن اللَّفظ دون قطع لإحداها.


وقد وضع الأصوليون شروطًا للتأويل منها:
- أن يكون موافقًا لوضع اللغة أو عُرف الاستعمال ومقصد الشارع.
- أن يقوم دليلٌ على أنَّ ما انصرف إليه اللفظ هو المعنى المراد مما يمكن حمله عليه.
- إذا كان التأويل بالقياس فلا بُدَّ أن يكون القياس جليًّا لا خفيًّا.
- أن يكون المتأوِّل أهلاً لذلك[54].


والتأويل عند الأصوليين نوعان:
مقبول منقاد، وغير مقبول مستكره؛ فالأول يتمشَّى مع النص، والثاني يرفع النص أو شيئًا منه، وكان مثار الجدل بين الأصوليين حول هذا النَّوع، وكان الأصوليون أكثر الناس تشدُّدًا في قبول التأويل، لاسيما المستكره منه، ومن هؤلاء الشَّافعي، بينما لجأت الطوائف الأخرى - خاصة اللغويين - للتأويل، بل لجؤوا للتأويل المصنوع، والتكلُّف المفسد، كما فعل نَحْويُّو البصرة، وقبل ذلك عند الكوفيين[55]، والأصوليون يُقوِّمون قضاياهم اللغوية على هدي اللغة نفسها، فتراهم يتناولون التَّأويل بمقدار، وخاصَّة فيما يتعلَّق بالنص التشريعي.


وتنحصر تقسيمات الأصوليين للتأويل في ثلاثة:
- تأويل قريب: وهو ما يُمكن الوصول إليه بأقل مرجع.
- تأويل بعيد: وهو ما يحتاج إلى مرجع قوي، حتَّى يُمكن التَّوازن بين بُعْدِ الاحتمال وقوة الدليل.
- تأويل متعذر: وهو ما لا يحتمله اللفظ ويتعذر ترجيحه، وهذا غير مقبول[56].


ولا يلجأ الأصولي للتأويل إلاَّ عند الضرورة المُلِحَّة؛ أي: عند وجود التَّضاد والتَّعارض بين النصوص، فعندها ينظر الأصولي في مُراد اللفظ لغير مدلوله الأول، وما يَحفُّ به من دلالات تختلف باختلاف البيئة والظروف، فقد لا يرتبط اللَّفظ بمعناه، وإنَّما يفهم من خلاله معنى آخر، ولما كانت المعاني نتاجًا فكريًّا، كانت لا تقفُ عند حدٍّ، بينما تكون الألفاظُ متناهية، رغم كونها أدوات المعاني، وطريقة الوصول إليها[57].


واللفظ العربي يتميَّز بأنَّ له من الطاقة ما يُمكنه حَمْل أكثر من معنى، والتأويل هو الطريق إلى ذلك، وبه توَصَّل الأصوليون إلى إدراك المضامين التي لا تظهَر مع اللفظ، فيما إذا عرض أمر يتحتَّم فيه القول بحكم الله، فقد ساعد التَّأويلُ على إضافة دلالات جديدة للألفاظ، وهو ما لا يقبله أهل الظاهر الذين يتمسَّكون بالمعنى الأوَّل للفظ، مُغفلين عواملَ التطور الدلالي، وهو اتجاه يُجمِّد اللُّغة، ويوقف الشريعة عن مسايرة التطور.
أما الأصوليُّون الذين سايَروا التَّطور، فقد حدَّدوا دائرة التأويل بما يتَّفق ومقصد الشارع، وكان التركيزُ على الاجتهاد والخلاف اللَّذين هما من لوازم التأويل.


قال الشافعي: "فكيْف الاجتهاد؟ فقلت: إنَّ الله - جلَّ ثناؤه - منَّ على عباده بعقول، فدَلَّهم على الفرق بين المختلف، وهداهم السبيل إلى الحق نصًّا ودلالة"[58].


ولذا كان الاجتهاد أصلاً من أصول التشريع؛ قال تعالى: {فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ} [الحشر: 2]، فيُشير القرآن الكريم إلى الحرية الفكريَّة، ويشرع لها فَهْم النصوص، والإفادة منها فيما يواجه مشكلات الحياة، ويشير الشافعي إلى أمرٍ مهمٍّ في عملية الاجتهاد، ومَن يقوم بالاجتهاد، والاجتهاد يُرادف القياس عند الشافعي؛ ولذلك نجده يقول: "ولا يقيس إلا مَن جمع الآلة التي له القياس بها، وهي العلم بأحكام كتاب الله، فرضه وأدبه، وناسخه ومنسوخه، وعامه وخاصه، وإرشاده، ويستدل على ما احتمل التأويل منه بسنن رسول الله، فإذا لم يَجد سنة فبإجماع المسلمين، فإنْ لم يكن إجماعٌ فبالقياس، ولا يكون لأحدٍ أن يقيس حتى يكونَ عالمًا بما نصَّ قبله من السنن وأقاويل السَّلف، وإجماع الناس واختلافهم، ولسان العرب، ولا يكون له أنْ يقيسَ حتَّى يكون صحيح العقل، وحتى يفرِّق بين المشتبه، ولا يعمل بالقول به دون تثبت"[59].


وتختلف وجْهات النَّظر فيما يَحتمل التأويل من الألفاظ، وقد أورد الشافعي صورةً من هذا الخلاف مما له فيه نصُّ حُكْمٍ يَحتمل التأويل، مثال: كلمة "قرء"، في قوله - تعالى -: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: 228][60].


وقد أدرك الشَّافعي - كما أدرك غيْرُه من أهل العلم - أن الولوج إلى باب الاجتهاد يكون بسبَب ما طرأ من أمور، وما استجدَّ من أحداثٍ؛ أي: إنَّ بابه الضرورة، فهو يقرر أنَّ الوقائع لا تَشِتُّ عن حكم الله، وذلك بنصٍّ قرآني أو نبوي أو ما حُمِلَ عليهما، وهذا يعني أنَّ النص أصلٌ، والقياس والاجتهاد فرعٌ، والفرع مؤخَّر عن الأصل ومستند إليه، ومن ثَمَّ وجَب استبدال المجتهد بالبيان.


والبيان - في مفهوم الأصوليِّين - هو مادة الدَّليل الموصل إلى الحكم الشَّرعي، الذي ينهجون في سبيل تحديده منهجًا عقليًّا، ويعرضونه عرضًا علميًّا دقيقًا، ويقول الشافعي في البيان: "البيان اسمٌ جامع لمعانٍ مُجتمعة الأصول متشبعة الفروع"[61].


ويقسم البيان الأصولي إلى أربعةَ أقسام:
1 - ما أبانه الله لخلقه في كتابه العزيز، وأتى الكتاب على غاية البيان فيه.
2 - ما أحكم فرضه بكتابه، وبَيَّن كيف هو على لسان نبيه.
3 - ما سنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مما ليس فيه نصُّ حكم.
4 - ما فرض الله على خلقه وكلَّفهم الاجتهادَ في طلبه[62].


وكان المتأخِّرُون قد أضافوا "بيان ضرورة"، وهو الحاصلُ عند سكوت الشارع عنه، وهو دلالةٌ غير لفظية، كما في قوله - تعالى -: {فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ} [النساء: 11]، لكنَّ الشافعي يرى أنَّ السكوت الخالص لا يُعَد بيانًا، فبيانُ نصيب الأب مفهوم من سياق الكلام، لا بمحض السكوت، وهو اتِّجاه عقلي مقبولٌ، لاسِيَّما والشافعي يشير دائمًا إلى دور العقل ووظيفته في التمييز والإدراك[63].


وقد حدَّد الشافعي أطرافَ البيان الأربعة التالية:
المبين: "اسم فاعل"، وهو الذي يقوم بعمليَّة الإبانة، كالشارع في النَّص الديني من قرآن وسنة، أو المجتهد الذي تَمرَّس بحياة الشريعة وبلغتها.
البيان: وهو الدليل الموصِّل إلى معرفة الحُكم المطلوب، ويتناول الكشف عن المقاصد.
المبيَّن: "اسم المفعول"، وهو عبارة عن اللَّفظ الذي تتضح دلالته، بحيث يعرف المراد منه.
المبين إليه: وهو المتلقي للأحكام والسامع لها، وقد أشار الشَّافعي إلى ذلك بأنَّ "تلك المعاني المتشعبة بيانٌ لمن خُوطب بها، ممَّن نزل القرآن بلسان مُتقارب الاستواء عنده، ومُختلفة عند مَن يجهل لسان العرب"[64]، وهو يقصد أهل اللغة المدركين لأسْرارِها.


وقد ذكر (فيرث) صاحب النظرية السياقية أنَّ أركان "سياق الحال" أو "سياق الموقف" تضُمُّ:
- السمات المتعلقة بالمشاركين (الأشخاص).
- الحدث اللغوي للمشاركين (مرسلين ومستقبلين).
- الحدث غير اللغوي للمشاركين.
- الأشياء الوثيقة الصلة بالموضوع.
- تأثير الحدث اللغوي[65].



[1] تاج الدين السبكي، "طبقات الشافعية"، ج1، ص100 وما بعدها، ويذكر أ. د/ محمد نبيل غنايم في كتابه "تقريب التراث" في الجزء الخاص بـ"الرسالة"، للإمام الشافعي، ص42 أن "المؤرخين قد أجمعوا على أن الشافعي هو الإمام في علم أصول الفقه في كتابة الرسالة، وشذَّ عنهم ابن النديم في "الفهرست"؛ لأنَّه اعتبر أبا يوسف صاحب أبي حنيفة أسبق من الشافعي في وضع هذا العلم"، وقد ورد ذلك عند طاش كبرى زاده في "مفتاح السعادة"، ص102، تحقيق كامل بكري وآخرين.
[2] "الرسالة"، ص13.
[3] "الرسالة"، ص42.
[4] "الرسالة"، ص43.
[5] "الرسالة"، ص44.
[6] "الرسالة"، ص44.
[7] "الرسالة"، ص45.
[8] جلال الدين السيوطي، "صون الكلام عن فن المنطق والكلام"، ص45.
[9] د. حلمي خليل، "الغموض والدلالة"، ص71، 79.
[10] "الرسالة"، ص48.
[11] "الرسالة"، هامش ص48.
[12] "الرسالة"، ص52.
[13] د. السيد أحمد عبدالغفار، "التصور اللغوي عند علماء أصول الفقه"، ط1، ص77، ومقال الأستاذ أنور الجندي "خصائص اللغة العربية في الفكر الإسلامي"، ص48، مجلة "الرسالة الإسلامية العراقية"، العدد 21 السنة الثانية.
[14] "التصور اللُّغوي عند علماء أصول الفقه"، ص78، وورد في "كشَّاف اصطلاحات الفنون"، للتهانوي، ج 3، ص124: "الزكاة كالصلاة وزنًا وكتابةً اسمٌ من التزكية، وكلاهما مستعملان"، وفي "المفردات": "إنَّها في اللغة: النُّمو الحاصل من بركة الله تعالى، وفي الشريعة: قدر مُعين من النصاب الحولي يخرجه الحُرُّ المسلم المكلَّف لله - تعالى - إلى الفقير المسلم غير الهاشمي، ولا مولاه من قطع المنفعة عنه".
[15] "الرسالة"، ص52، 53.
[16] "الرسالة"، ص53، 54.
[17] التهانوي، "كشَّاف اصطلاحات الفنون"، ج1، ص423.
[18] "التصور اللغوي"، ص81.
[19] د. أحمد مختار عمر، "علم الدلالة"، ص96 - 97.
[20] "الرسالة"، ص348.
[21] "التصور اللغوي"، ص83، و"شرح الكافية"، للرضي، ج1، ص304 - 335، و"التسهيل"، لابن مالك، ص158، 164، 166، و"إرشاد الفحول"، ص112.
[22] السيوطي، "المزهر"، ج1، ص426.
[23] الشيخ عبدالوهاب خلاف، "علم أصول الفقه"، ص181.
[24] "إرشاد الفحول"، ص142.
[25] "الرسالة"، ص57.
[26] "الرسالة"، هامش ص3، ص56.
[27] نتصور أنَّ الشافعي قد وضع هذا النَّوع بين "عام الظاهر الذي يُراد به كله الخاص"، وما نزل عامًّا دَلَّت به السنة خاصة على أنه يراد به الخاص؛ ليثبت أنه نوع من أنواع تخصيص الدلالة، والذي يستخدم السياق فيه مساعدًا على معرفة هذا النوع.
[28] الشوكاني، "إرشاد الفحول"، ص142 وما بعدها.
[29] "الرسالة"، ص62، 63.
[30] وهذا مجاز من باب إطلاق المحل على الحال، وقد تَعَوَّد العرب استخدامَ هذا الأسلوب.
[31] "الرسالة"، ص65.
[32] "الرسالة"، ص65، 66.
[33] "الرسالة"، ص66 - 67.
[34] "الرسالة"، ص76.
[35] "الرسالة"، ص79.
[36] الآمدي، "الأحكام في أصول الأحكام"، ص54.
[37] السابق، ج2 ص57.
[38] الإمام الغزالي، "المستصفى"، ج1، ص 419.
[39] "التصور اللغوي عند علماء أصول الفقه"، ص92 - 96، و"مباحث في أصول الفقه"، ص99.
[40] "المستصفى"، ج1، ص147، وابن قيم الجوزية، "إعلام الموقعين"، ج4، ص1.
[41] "الرسالة"، ص62.
[42] "التصور اللغوي"، ص96، "المستصفى"، ج2، ص185.
[43] د. إبراهيم أنيس، "دلالة الألفاظ"، ص123.
[44] "التصور اللغوي"، ص96.
[45] د. إبراهيم أنيس، "دلالة الألفاظ"، ص123، وما بعدها.
[46] "الرسالة"، ص62.
[47] الشوكاني، "إرشاد الفحول"، ص20، وما بعدها.
[48] الآمدي، "الأحكام"، 2/ 188، 3/90.
[49] "التصور اللغوي"، ص116.
[50] المرجع السابق، ص117.
[51] "التصور اللغوي عند علماء أصول الفقه"، ص117.
[52] "الرسالة"، ص52.
[53] الآمدي، "الأحكام"، 2/ 199، وهو ما يتفق مع ما يذهب إليه السِّياقيُّون في "سياق الحل".
[54] الآمدي، 2/ 199.
[55] عباس حسن، "اللغة والنحو بين القديم والحديث"، ص90، دار المعارف - القاهرة، 1966.
[56] "التصور اللغوي عند علماء الفقه"، د. السيد أحمد عبدالغفار، ص122.
[57] السيوطي، "المزهر"، 1/ 41، والفخر الرازي، مقدمة "التفسير الكبير"، ص14.
[58] "الرسالة"، 501.
[59] "الرسالة"، ص509.
[60] انظر: مادة: "قرأ".

[61] "الرسالة"، ص21.
[62] "الرسالة"، ص21 وما بعدها.
[63] ابن الملك، شارح المنار، ص706.
[64] "التصور اللغوي"، ص1.
[65] Firth s theory of meaning, 288.





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 37.50 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 36.87 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.67%)]