الموضوع: محاسبة النفس
عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 19-10-2020, 01:08 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 152,845
الدولة : Egypt
افتراضي رد: محاسبة النفس



يا نفس توبي قبل أن تقولي: ﴿ هَلْ إِلَى مَرَدٍّ مِنْ سَبِيلٍ ﴾ [الشورى: 44].



يا نفس توبي قبل أن تقولي: ﴿ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ ﴾ [الزمر: 56].



يا نفس توبي قبل أن تقولي: ﴿ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ ﴾ [المؤمنون: 99، 100].



يا نفس توبي قبل أن تقولي: ﴿ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [الزمر: 58].



يا نفس توبي قبل أن تقولي: ﴿ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ ﴾ [المنافقون: 10].



يا نفس توبي قبل أن تقولي: ﴿ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي ﴾ [الفجر: 24].





يا نفسُ تُوبي فإنَّ الموتَ قد حانَا

واعصي الهَوى فالهوَى ما زال فتَّانَا



في كلِّ يومٍ لنا مَيتٌ نُشيِّعُه

نَنسى بمَصرعِه آثارَ موتَانَا



يا نَفسُ، ما لي وللأموال أكْنِزُها

خَلفي وأَخرجُ من دُنياي عُريانَا



وما لنا نَتعامى عن مَصارعِنا؟

نَنْسى بغَفلتِنا من لَيس يَنسانَا






فهيا.. هيا أخي الحبيب.. بادر إلى التوبة والأوبة.



يقول يحيى بن أبي كثير: كان أبو بكر - رضي الله عنه - يقول في خطبته: "أين الوجوهُ الحَسنةُ وجوهُهم، المُعجَبون بشبابهم، الذين كانوا لا يُعطون الغلبة في مواطن الحرب؟



أين الذين بنوا المدائن وحصَّنوها بالحيطان؟ قد تضَعضع بهم الدَّهر، وصاروا في ظُلمة القبور، الوحا.. الوحا[1]، النجا.. النجا"





فأينَ اللاَّئِذُ بالجَناب

أينَ المُتَعرِّضُ بالباب



أين الباكِي عَلى ما جَنى

أين المُستَغفِرُ لأمْرٍ قَد دَنا






هلمُّوا.. وأقبِلوا على الله.. فإن الله يُناديكم ويقول لكم: ﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾ [الزمر: 53]، وهو القائل - سبحانه -: ((يا ابنَ آدم، إنك ما دعوتني ورَجَوتني، غفرتُ لك على ما كان منك ولا أبالي، يا ابن آدم، لو بلغَتْ ذنوبُك عنانَ السماء[2] ثم استغفرتني، غفرتُ لك ولا أُبالي، يا ابن آدم، لو أتيتني بقُراب الأرض[3] خطايا ثم لقِيتني لا تشرك بي شيئًا لأتيتك بقُرابها مغفرة))؛ (رواه الترمذي).



فهيا.. هيا.. توبوا إلى الله جميعًا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون.



فمَن تاب وأناب ورجع إلى ربه واستقام، واستكثر من الحسنات، نجا من هذه الأهوال وتلكم الكُربات، ورزقه جنة عرضها الأرض والسموات.



يُروى أن عليَّ بن أبي طالب - رضي الله عنه - دخل على القبور ذات يوم فقال: "يا أهل القبور، حدِّثونا أخبارَكم، نحدثكم أخبارَنا، ثم قال: أمَّا أخبارنا فإن نساءكم قد تزوجت، وإن أموالكم قد قُسمت، وإن أولادكم قد حشروا في زمرة اليتامى والمساكين، وإن ما شيَّدتُموه وبنيتُمُوه قد سكنه غيركم، فما هي أخباركم؟ ثم أطرق ساعة فقال: كأني بكم لو تكلمتم لقلتم: قد تخرَّقت الأكفانُ، وبليت الأجسادُ، وسالت الحِدقُ على الوَجَنَات، وامتلأت الأفواه بالصديد، ورتع الدود والهوام في هذه الأجساد النضرة، وكأني بكم لو تكلمتم لقلتم: ﴿ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى ﴾ [البقرة: 197]".



كان عمر بن ذر يقول في مواعظه: "لو علم أهل العافية ما تضمَّنته القبورُ من الأجساد البالية، لَجدُّوا واجتهدوا في أيامهم الغالية؛ خوفًا ليوم تتقلب فيه القلوب والأبصار".



وأخيرًا أيها الأحِبَّةُ.. لا بد أن نعلم جميعًا: أن العبدَ له ربٌّ هو مُلاقيه، وبيتٌ هو ساكنه، فعليه أن يَسترضي ربَّه قبل أن يلقاه، وعليه أن يُعمِّر بيته قبل أن ينتقل إليه.



وأسألُ الله - عز وجل - أن يُعيذَنا وإيَّاكم من عذاب القبر، ومن عذاب جهنم، وأن يختِمَ لنا بخاتمة السعادة، وأن يرزقنا الجَنَّة والزيادة! آمين.. آمين.. آمين.



وبعدُ:

فهذا آخر ما تيسَّر جمعُه في هذه الرسالة، نسأل الله أن يكتب لها القبولَ، وأن يتقبَّلها منَّا بقبول حسن، كما أسأله - سبحانه وتعالى - أن ينفع بها مؤلفها وقارئها، ومَن أعان على إخراجها ونشرها، إنه ولي ذلك والقادر عليه.



هذا وما كان فيها من صواب فمن الله وحده، وما كان من سهو أو خطأ أو نسيان فمنِّي ومن الشيطان، والله ورسوله منه براء، وهذا بشأن أي عمل بشري يعتريه الخطأ والصواب، فإن كان صوابًا فادعُ لي بالقبول والتوفيق، وإن كان ثَم خطأ فاستغفر لي.





إِنْ تَجد عيبًا فسُدَّ الخَلَلاَ

جَلَّ مَن لا عَيبَ فيهِ وعَلاَ






فاللهم اجعل عملي كله صالحًا، ولوجهك خالصًا، ولا تجعل لأحد فيه نصيبًا، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.



وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلَّى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.



هذا والله تعالى أعلى وأعلم



سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.






[1] الوحا: "البدار"، البدار: هي كلمة تقال في الاستعجال.




[2] العنان: ما عَنَّ منها، أي: ظهر، والمقصود هو: السحاب.




[3] قراب الأرض: أي: ما يعادل ملء الأرض.






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 25.41 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 24.79 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.47%)]