عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 19-10-2020, 10:56 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 152,188
الدولة : Egypt
افتراضي إذا كانت الفطرة تهدي للحق فلماذا إرسال الرسل؟ جواب العلَّامة عبد الرَّحمن البرَّاك

إذا كانت الفطرة تهدي للحق فلماذا إرسال الرسل؟ جواب العلَّامة عبد الرَّحمن البرَّاك



سلمان أبو زيد

بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ


سُئلَ صَاحِبُ الفَضِيلَةِ العلَّامَة عَبد الرَّحمن بن ناصِرٍ البَرَّاك ـ سَلَّمَهُ اللَّـهُ تَعالَى ـ :

بما أنَّ الله أنعم على الإنسان بالعقل والفطرة فلماذا أرسل إليهم الرسل؟ ولماذا الرسل من البشر؟


فأجاب ـ رفعَ اللَّـهُ قدره ـ :
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد :
الفطرة هي ما يُطبع عليه الإنسان من إيثار الحق على الباطل وحب الخير وبغض الشر، وأصل ذلك أنه يطبع على إيثار عبادة الله على عبادة ما سواه، كما قال : قال الله تعالى: « خلقت عبادي حنفاء فاجتالتهم الشياطين عن دينهم، وحرمت عليهم ما أحللت لهم » ولكن هذه الفطرة لا يتحقق أثرها إلا إذا سلمت من أسباب التغيير. قال : « كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه »
وأكثر الخلق لا يسلم من عوامل التغيير، والعقل هو القوة المدركة التي ركبها الله فيمن شاء من عباده، ويدركون بها القضايا الكلية، ويميزون بينها وبين القضايا الجزئية، ويحكمون بها على ما تدركه حواسهم ومالها من دلالات، ومع ذلك فالعقول قاصرة عن معرفة الله وماله من الأسماء والصفات وما يجب له وما لا يجوز عليه أو يمتنع عليه، عاجزة عن معرفة ذلك تفصيلاً كما هي عاجزة عن معرفة ما يحبه الله ويرضاه أو يسخطه ويبغضه على التفصيل، وعاجزة عن معرفة مبدأ المعاد وما يصير إليه الناس بعد الممات، بل العقول عاجزة عن رسم منهج للحياة يتحقق به العدل، وتُعرف به الحقوق؛ لأن العقول كثيراً ما تعرض لها الأهواء، لذلك كان بعث الرسل ضرورياً لا يستغني عنه الخلق، فمن رحمة الله أن أرسل الرسل به معرفين، وإليه داعين، فعرفوا العباد بربهم، وبالطريق الموصل إليه، والمصير الذي ينتهي إليه أمر المكلفين، وقد بين سبحانه وتعالى أنه أرسل الرسل ﴿ رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا ﴾[النساء:165].
فأخرج بهم من شاء من الظلمات إلى النور. قال تعالى: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ﴾ [الأنبياء:107].
وقال: ﴿ الـر كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ ﴾ [إبراهيم:1].
وأما أن الرسل من البشر، فلا يناسب الخلق إلا أن يكون الرسل الذين يخاطبونهم ويعلمونهم من جنسهم، وقد اقترح الكفار أن يكون الرسل من الملائكة، فردَّ الله عليهم، فقال: ﴿ قُلْ لَوْ كَانَ فِي الْأَرْضِ مَلَائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ مَلَكًا رَسُولًا ﴾ [الإسراء:95]. وقال تعالى: ﴿ وَقَالُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنْزَلْنَا مَلَكًا لَقُضِيَ الْأَمْرُ ثُمَّ لَا يُنْظَرُونَ ﴾ [الأنعام:8].
والواجب على المسلم أن يؤمن بعدل الله وحكمته ورحمته، ولا يسأل مثل هذه الأسئلة التي تشعر بالاعتراض على الله، ولعل السائل لا يريد الاعتراض، بل يسترشد لمعرفة حكمة الله من إرسال الرسل وجعلهم من البشر. والله تعالى أعلم وأحكم ﴿ أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ ﴾ .



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 16.61 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 15.98 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.78%)]