عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 26-10-2020, 09:33 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 162,495
الدولة : Egypt
افتراضي قل كل يعمل على شاكلته فربكم أعلم بمن هو أهدى سبيلا

قل كل يعمل على شاكلته فربكم أعلم بمن هو أهدى سبيلا
محمد هادفي







﴿ قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدَى سَبِيلًا ﴾ [الإسراء: 84]













آية كريمة تبيِّن لنا كيفية وطريقة نظرنا إلى أعمال الناس؛ حيث تحدِّد وتجلي وتكشف لنا حقيقةَ انبثاق أعمال الناس وصدورها، وتضبط مَدَانَا وحدودنا تجاهها، وكيفية التعامل والتفاعل معها.







فالحق سبحانه ينبِّهنا إلى طبيعة في خلق الإنسان، فعمله على شاكلته بمعنى أن الإنسان قادر بفطرته وطبيعته وبناءِ خلقِه على تقييم ومعرفة ورصد مدى صلاح ورشد وسلامة وخيرية أعماله، وكذلك مدى فساد أعماله وغيها وشرها.



إذًا فهو قادر على الاختيار الإراديِّ بين الاقتراب من سبل الرشاد والخير والاستقامة، أو الابتعاد عنها، بسعيه ورغبته إلى ذلك.







هذا الإخبار يوجه السامع المتلقِّي إلى كيفية وطريقة تعامله وتفاعله ونظره إلى أعمال الناس، المبني والمؤسَّس على ردِّ مطلق العلم بنيَّةِ وأساس ومبدأ أعمال الناس إلى علم الله سبحانه، فهو أعلم بأعمال عباده ونياتهم.







فكل عمل الإنسان هو على شاكلته؛ حيث إن مبدأه وأساسه ومقصد انبثاقه يراه الإنسان ويعرفه ويعيه، ويبلغ إليه فطرة من حيث مدى رشده وصلاحه واستقامته، أو فساده وغيه، وبناءً عليه ينبني سعي الإنسان وإرادته واختياره لأعماله خيرًا كانت أو شرًّا.







من ذلك نستجلي ما يجب أن تكون عليه نظرة الإنسان إلى أعمال الناس، نظرة أساسها حسنُ الظن بهم، فربُّنا أعلم بهم.



وفي ذلك تأطير وإشارة إلى ما يجب أن يفعله الإنسان في سياق ذلك، فبدل المقارعة المباشرة والصريحة والفظة والغليظة للناس من خلال أعمالهم بنقدها وذمِّها حكمًا واستنتاجًا وظنًّا، ربُّنا أعلم وأدرى به منا.







وجب الاتجاه إلى منهج التذكير بسبل الرشاد والصلاح والخير، وسعيًا إلى إبرازها وتجليتها وتبيانها وإبلاغها، فتكون العِبرة والمثل والإشارة والذكرى الحسنة والطيبة والسمحة، فيبلغ ذلك إلى الإنسان الذي يعي بفطرته مدى استقامة أعماله من عدمها، والذي يملك إرادة الاختيار والفعل، فيكون وازعًا له للاستقامة والإصلاح، أو سببًا في مزيد إصراره على الفساد وعدم الصلاح واتباع سبيل الغي والمعصية والمخالفة للمنهج الذي فُطر عليه الإنسان.








إذًا فعلمُ مَن أقربُنا إلى سبل الصلاح والرشد والهداية والاستقامة - أمرٌ موكول إلى ربنا، ومنه يتوجب علينا السعي إلى تبيان وتوضيح وذكر ما أجمع الناس عليه من مكارم الأخلاق وحسن الأعمال، ورصد وإبراز ذميمها ومكروهها؛ حجةً ودليلًا، ومثلًا وعبرة، وللإنسان إرادةُ الاختيار في إصلاح ذات شاكلته أو ذات بينه.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 18.53 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 17.90 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.39%)]